دشنت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي؛ مبادرة: "دِينًا قِيمًا"؛ والتي تهدف إلى ترسيخ التوحيد، وإبانة مظاهره ومعالمه، وتصحيح مضاده ومناقضه، لقاصدي وزائري الحرمين الشريفين؛ انطلاقًا من قوله تعالى: ﴿...دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبراهيمَ حَنيفًا وَما كانَ مِنَ المُشرِكينَ۝ قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ۝ لا شَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنا أَوَّلُ المُسلِمينَ﴾ [الأنعام: ١٦١-١٦٣].

وقال رئيس الشؤون الدينية الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس ، خلال تدشينه مبادرة: "دِينًا قِيمًا"، بحضور القيادات الدينية، في مكتبه بالمسجد الحرام: إن هذه المبادرة تُعد أساس المبادرات؛ كونها تمسُّ العقيدة الإسلامية؛ والتي قام عليها هذا البيت العتيق؛ إذ أُمر خليل الله إبراهيم -عليه السلام-؛ ببنائه وتطهيره من الكفر والبدع، وتهيئته للطائفين والقائمين، قال سبحانه: ﴿وَإِذ بَوَّأنا لِإِبراهيمَ مَكانَ البَيتِ أَن لا تُشرِك بي شَيئًا وَطَهِّر بَيتِيَ لِلطّائِفينَ وَالقائِمينَ وَالرُّكَّعِ السُّجودِ﴾ [الحج:٢٦].

وأردف بالقول: إن توحيد الله -تعالى-؛ هو مدار الشعائر والمناسك، وما أمَّ هذا البيت الحرام أو قصده زائرٌ أومعتمرٌ أوحاجٌ إلا لرفع لوائه وشعاره، وجاءت هذه المبادرة -السنية في الاسم والمضمون-؛ لتعزيز هذا التوحيد في قلوب قاصدي الحرمين الشريفين وزائريهما، وإرواء أرواحهم، وإثراء رحلتهم الإيمانية، وكذلك بلاغًا به إلى العالَمِين، فلا عجب أن تنطلق هذه المبادرة من هذا المكان الطاهر، من جوار الكعبة المشرفة؛ التي بُنيت على التوحيد والتقوى، وشعَّ من جنباتها السَّناء والهدى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذي بِبَكَّةَ مُبارَكًا وَهُدًى لِلعالَمينَ﴾ [آل عمران: ٩٦].

وثمَّن رئيس الشؤون الدينية، حرص القيادة الرشيدة -حفظها الله-؛ على نشر العقيدة الإسلامية الأصيلة؛ بمنهجها الوسطي المعتدل، من الحرمين الشريفين، وإيصالها إلى العالم، وتعليم قاصدي وزائري المسجد الحرام والمسجد النبوي أمور ومسائل الدين، وأحكام الشعائر والمناسك، ولا أدلَّ عليه من: صدور أمر ملكي بإنشاء جهاز مستقل، يرتبط تنظيميًا بخادم الحرمين الشريفين -أيده الله-؛ يعنى بالشؤون الدينية في المسجد الحرام والمسجد النبوي.
‏  

وأكد رئيس الشؤون الدينية على القيادات الدينية بالرئاسة؛ سرعة تفعيل مبادرة: "دِينًا قِيمًا"، ومساراتها المتنوعة؛ وابتكار أساليب طرح دينية وسطية نوعية؛ تتلاءم مع جنسيات وثقافات ولغات الأعداد المليونية؛ من القاصدين والزائرين، وتيسير سبيل الإفادة منها؛ داخل الحرمين الشريفين وخارجهما؛ باستثمار التقانة، والرقمنة، والإعلام الحديث، واللغات والترجمة؛ حتى تصل رسالة الحرمين الشريفين الدينية الوسطية إلى أنحاء المعمورة، سائلًا الله العلي القدير؛ أن يجعلها مبادرة ميمونة مباركة، محققة الأهداف والرؤى، ويثقِّل بها موازين خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، ويؤيد بهما الإسلام وأهله.

جانب من التدشينجانب من تدشين المبادرة

المصدر: صحيفة عاجل

كلمات دلالية: السديس الحرمین الشریفین الشؤون الدینیة د ین ا ق

إقرأ أيضاً:

خطبة الجمعة من المسجد الحرام

مكة المكرمة

أوصى إمام وخطيب الحرم المكي الشريف فضيلة الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل وذكره وعدم الاغترار بالحياة الدنيا.

وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام : إن من دأب المخلصين من عباد الله، ذوي البصائر النيرة، والعقول الراجحة، دوام الأخذ بأسباب السعادة، وكمال الحرص على سلوك مسالك الفوز وسبل النجاة، رغبةً منهم في حسن العاقبة وكرم المآل، وكثيرًا ما يعرض القرآن للمدح لهم، والثناء عليهم، بكريم خصالهم، وجميل صفاتهم، كما قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ﴾.

وبين فضيلته بعض أوصاف أولي الألباب ، وفي الطليعة منها: الوفاء بالعهد الذي قطعه المرء على نفسه، والالتزام بالأوامر والنواهي التي أمر الله بها أو نهى عنها، والوفاء بالعهد الذي بينه وبين الناس، من عقود ومعاملات، وأداء للأمانات، لا يخل به ولا ينكص عنه، وكذلك عدم النقض للميثاق الذي وثقه بالله، وأشهد على المضي فيه والاستمرار عليه، لا يحمله على عدم الوفاء أو على النكث به، إغراء المادة وبريقها، أو تلويح بالسراب الخادع؛ فعهد الله تعالى واجب الوفاء حتمًا، ونقض الميثاق خطيئة كبرى، تنذر بالهلكة وسوء المصير.

وأضاف أن من صفات أولي الألباب الحميدة، صلة الأرحام، والإحسان إليهم، والصبر على ما يصدر منهم من أذى، وما يبدر منهم من جفوة وملام، كما جاء في الحديث القدسي الذي يرويه النبي صل الله عليه وسلم عن ربه: “قال اللهُ عزَّ وجلَّ: أنا اللهُ، وأنا الرَّحْمَنُ، خَلَقْتُ الرَّحِمَ، وشَقَقْتُ لها اسْمًا مِنَ اسْمِي، فمَنْ وصَلَها وصَلْتُهُ ، ومَنْ قَطَعَها قَطَعْتُهُ”. أخرجه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود والترمذي في سننهما بإسناد صحيح، كذلك من صفات أولي الألباب الجليلة، الخشية من الله، ومخافة مقامه، والخوف من عذابه، ومن مناقشة الحساب يوم القيامة فإن “مَن نُوقِشَ الحِسابَ عُذِّبَ”. كما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا، وحري بمن كان على هذه الحال، أن يستمسك بالحق والهدى، ولا يميل عنهما، اتباعًا لهواه، فيكون ممن أثنى الله عليهم بقوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ﴾.

وواصل قائلا : من صفات أولي الألباب التي ينبغي أن يحرص المرء على التحلي بها، الصبر في مختلف دروبه، صبر على طاعة الله، وما يقتضيه من إخلاص وبذل جهد، وصبر عن معصيته سبحانه، وما يوجبه من لجم للنفس، وكبح لجماحها، وحجزها عن النزوات والهفوات، وصبر على أقدار الله المؤلمة، وما يستلزمه من رضا واحتساب وتسليم، والعباد يتفاوتون في ذلك؛ فمن كان أعظم صبرًا واحتسابًا، كان أجزل أجرًا وأكثر ثوابًا ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.

وأفاد فضيلة الشيخ الدكتور أسامة خياط أن من صفات أولي الألباب أيضًا، إقامة الصلاة المكتوبة، بحدودها ومواقيتها، وركوعها وسجودها وخشوعها، على الوجه الشرعي المرضي، الذي أمر به وبينه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، دون إخلال بها، أو تشاغل عنها بصوارف الحياة ، وكذا الإنفاق مما آتاهم الله من رزق، على من يجب الإنفاق عليه، من أهل وولد وقرابات، وعلى من يندب الإنفاق فيه من أوجه البر، كالصدقة على البؤساء والمحرومين، أو والإسهام في مشروعات تنتفع بها الأمة، من بناء للمدراس، وإنشاء للمستشفيات، ودور للأيتام، وحفر للآبار، وتمهيد للطرق، وكافة الأعمال التطوعية، مما تنهض بها البلاد، وينتفع بها العباد، مع صدق النية وإخلاص القصد، ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا، علاوة على درء السيئة بالحسنة، مقابلة للقبيح بالجميل، ومدافعة للشر بالخير، وللأذى بالإحسان، امتثالاً للأدب القرآني، الذي أدب الله به عباده في قوله عز اسمه: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾.

وأكد فضيلته أن المرء إذا ملك نفسه، وألزمها سلوك الجادة، وسار بها في سبيل النجاة وطريق السعادة، ونأى بها عن أسباب التهلكة، وجنبها مسالك البوار والخسران، فإنه يكون بهذا من أولي الألباب، الذين رفع الله قدرهم، وأعلى منزلتهم، وبين ما أعدَّ لهم في دار كرامته، ومستقر رحمته، من الجزاء الضافي والأجر الكريم، فقال عز من قائل: ﴿ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ .

وأفاد الشيخ الخياط أن على العكس من ذلك الفريق الصالح، والطائفة الراشدة، والفئة الفائزة، من كان على النقيض منهم في جميل صفاتهم، وكريم خلالهم، وهم الذين لا يوفون بعهد الله من بعد تأكيده وتغليظه وتوثيقه عليهم، بل يقابلونه بالنقض والإعراض، ويقطعون ما أمر سبحانه وتعالى بوصله من الإيمان والعمل الصالح وصلة الأرحام، ويفسدون في الأرض بالكفر والإثم والصد عن سبيل الله، فهؤلاء الذين توعدهم الله بالطرد والإبعاد من رحمته، مع ما أعدَّ لهم في نار جهنم يوم القيامة من سوء المصير، فقال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾. عياذًا بالله من ذلك ، حاثًا المسلمين على تقوى الله عز وجل والعمل على الأخذ بصفات أولي الألباب الأخيار، والحذر من صفات الفجار الأشرار، لتطب حياتهم، وتستقم أحوالهم، ونيل رضوان الله عز وجل.

مقالات مشابهة

  • خطبة الجمعة من المسجد الحرام
  •  الشؤون الدينية التركية توجه تحذير للمرشحين للحجاج
  • بث مباشر.. نقل شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين
  • المال والكليات الست
  • مفتي عام المملكة يستقبل وكيلي الشؤون الدينية بالمسجد النبوي والمسجد الحرام
  • أول رسالة من خادم الحرمين الشريفين إلى ترامب
  • خادم الحرمين الشريفين و ولي العهد يهنئان ترمب
  • رئاسة الشؤون الدينية تطلق برنامج حفظ السنة والمتون الشرعية
  • رئيس مجلس السيادة الإنتقالي يتسلم دعوة من خادم الحرمين الشريفين لزيارة المملكة العربية السعودية
  • البرهان يتسلم دعوة من خادم الحرمين الشريفين لزيارة المملكة العربية السعودية