الزبونية تمثل شكلًا من أشكال الفساد السياسي الذي ينخر في النظم الديمقراطية؛ هي ليست غريبة على المجتمعات العربية غيرها من المجتمعات. إن طبيعة الزبونية في الدول العربية ذات علاقة قوية بالدولة ببعدها السياسي تقوم على تبادل المغانم والمكاسب بين موقعين غير متكافئيين؛ نجد دائما الرعاة في قمة الهرم والزبناء في أسفله؛ يتلقون مصادر معلوماتهم من الرعاة من الدرجة العالية مما يعني انهم عملاء وليسوا وسطاء.
في ظل غياب البرامج السياسية الوطنية نمت الزبونية في سياق التنافسية الانتخابية والتعددية الحزبية. حشدت النخب إلى تعبئة أنصارها انطلاقًا من أسس ريعية زبائنية من أجل التصدي للمرشحين المستقلين. فتلك النخب قد تخشى من فقدان مكانتها ومصالحها الذاتية، فتصبح تابعة للسلطة. وقد تتعمد النخب أيضًا؛ استغلال حاجات الناس وتقدم لهم وعودًا بمنافع في حال امتثالهم لإرادتها. وأحيانً تلجأ النخب وأتباعهم، بصورة متزايدة، إلى الترهيب والمضايقات الجسدية لمن هم خارج مؤسسة السلطة الذين لا يمتلكون الوسائل اللازمة لمواجهة الأحزاب الأكبر حجمًا. كل ذلك من أجل الإمساك والسيطرة على مصادر الريع والاستحواذ عليها من قبل الزبناء، لضمان آليات إعادة إنتاج الهيمنة والسيطرة والنفوذ من قبل الراعي.
إن الاستراتيجية التي تتبعها الزبائنية السياسية؛ إذ تستهدف فئة صغيرة من المواطنين أو الأحزاب السياسية، تملك حضورًا ونفوذًا كبيرين داخل الدولة بدلًا من مشاركة كافة مواطنيها. إن أهداف هذه الاستراتيجية غالبا ما تعطي الأولوية لمصالح سياسية معينة على حساب المصلحة العامة للدولة وتلبية الاحتياجات الجماعية للمجتمع، وهذا ما يثير القلق بشأن حيادية عملية صنع القرار وفعاليته داخل أى بلد. ونتيجة لذلك فإن الوصول الى الحقوق والخدمات والموارد يتحدد على أساس الانتماء السياسي أو العلاقات الشخصية، وليس على أساس الجدارة أو الحاجة. وهذا يخلق ضعفًا كبيرًا للدور الوجودي للمواطن في العملية السياسية الديمقراطية، ومما يحبط أيضًا التطلعات إلى تكافؤ في الفرص والمحددات التنافسية، ويعوق طموحات التنمية الاجتماعية، فيصبح المواطن أداة اقتصادية خاضعة لسيطرة الطبقة الحاكمة؛ وليس له دور حقيقي في الدولة الديمقراطية.
د. دعاء حسن: حاصلة على دكتوراه فى الفلسفة السياسية
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: دعاء حسن
إقرأ أيضاً:
قوات سوريا الديمقراطية تعلن إسقاط مسيرة تركية
اسقطت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" طائرة مسيّرة تركية من طراز بيرقدار في أجواء جسر قره قوزاق جنوب مدينة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتشهد مناطق ريف حلب الشرقي تصعيدا عسكريا بشكل مستمر، تزامنا مع اندلاع اشتباكات دامية بين فصائل الجيش الوطني السوري المدعومة من تركيا وقوات قسد.
واندلعت، فجر أمس الثلاثاء، اشتباكات عنيفة على محور أبو قلقل بريف حلب الشرقي، إثر عملية تسلل نفذتها قوات سوريا الديمقراطية "قسد" إلى مواقع الفصائل الموالية لتركيا، حيث تمكنت من السيطرة مؤقتًا على قرية شاش البوبنا.
وفي أعقاب ذلك، شنت القواعد التركية قصفًا مدفعيا مكثفا استهدف مواقع في قرية بير حسو ومنطقة المجبل قرب جسر قرقوزاق، ما أدى إلى أضرار مادية كبيرة وأثار حالة من الذعر بين السكان المحليين.