البوابة نيوز:
2025-03-29@07:30:42 GMT

براثن الزبونية السياسية

تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT

الزبونية تمثل شكلًا من أشكال الفساد السياسي الذي ينخر في النظم الديمقراطية؛ هي ليست غريبة على المجتمعات العربية غيرها من المجتمعات. إن طبيعة الزبونية في الدول العربية ذات علاقة قوية بالدولة ببعدها السياسي تقوم على تبادل المغانم والمكاسب بين موقعين غير متكافئيين؛ نجد دائما الرعاة في قمة الهرم والزبناء في أسفله؛ يتلقون مصادر معلوماتهم من الرعاة من الدرجة العالية مما يعني انهم عملاء وليسوا وسطاء.

مع استخدام السياسيين لشبكات المحسوبية والممارسات الزبونية للحفاظ على سلطتهم ونفوذهم، أدى ذلك الى نشوء ساحة سياسية منقسمة، تحولت الحقوق فيها إلى خدمات يؤمنها الراعي السياسي فيمنح الوظائف والرواتب الخيالية لأتباعه ليحصل في المقابل على ولائهم الأبدي له. وهذا ما اشار إليه الكواكبي "إن الناس وضعوا الحكومات لأجل خدمتهم، والاستبداد قلب الموضوع، فجعل الرعية خادمة الرعاة فقبلوا وقنعوا".
في ظل غياب البرامج السياسية الوطنية نمت الزبونية في سياق التنافسية الانتخابية والتعددية الحزبية. حشدت النخب إلى تعبئة أنصارها انطلاقًا من أسس ريعية زبائنية من أجل التصدي للمرشحين المستقلين. فتلك النخب قد تخشى من فقدان مكانتها ومصالحها الذاتية، فتصبح تابعة للسلطة. وقد تتعمد النخب أيضًا؛ استغلال حاجات الناس وتقدم لهم وعودًا بمنافع في حال امتثالهم لإرادتها. وأحيانً تلجأ النخب وأتباعهم، بصورة متزايدة، إلى الترهيب والمضايقات الجسدية لمن هم خارج مؤسسة السلطة الذين لا يمتلكون الوسائل اللازمة لمواجهة الأحزاب الأكبر حجمًا. كل ذلك من أجل الإمساك والسيطرة على مصادر الريع والاستحواذ عليها من قبل الزبناء، لضمان آليات إعادة إنتاج الهيمنة والسيطرة والنفوذ من قبل الراعي.
إن الاستراتيجية التي تتبعها الزبائنية السياسية؛ إذ تستهدف فئة صغيرة من المواطنين أو الأحزاب السياسية، تملك حضورًا ونفوذًا كبيرين داخل الدولة بدلًا من مشاركة كافة مواطنيها. إن أهداف هذه الاستراتيجية غالبا ما تعطي الأولوية لمصالح سياسية معينة على حساب المصلحة العامة للدولة وتلبية الاحتياجات الجماعية للمجتمع، وهذا ما يثير القلق بشأن حيادية عملية صنع القرار وفعاليته داخل أى بلد. ونتيجة لذلك فإن الوصول الى الحقوق والخدمات والموارد يتحدد على أساس الانتماء السياسي أو العلاقات الشخصية، وليس على أساس الجدارة أو الحاجة. وهذا يخلق ضعفًا كبيرًا للدور الوجودي للمواطن في العملية السياسية الديمقراطية، ومما يحبط أيضًا التطلعات إلى تكافؤ في الفرص والمحددات التنافسية، ويعوق طموحات التنمية الاجتماعية، فيصبح المواطن أداة اقتصادية خاضعة لسيطرة الطبقة الحاكمة؛ وليس له دور حقيقي في الدولة الديمقراطية.
د. دعاء حسن: حاصلة على دكتوراه فى الفلسفة السياسية

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: دعاء حسن

إقرأ أيضاً:

توجه العراق نحو الليبرالية الجديدة.. 8 أمثلة لاستغلال الديمقراطية

كتب د. بلال الخليفة

أولا:- 

من الأمثلة الشائعة هو ما حدث في هاييتي حيث حدث فيه ما حدث في نيكاراكوا وهو تطبيق عقيدة الصدمة من جعل الشعب يعاني معاناة شديدة من ازمة اقتصادية (تضخم كبير) مع فقدان الامن بوجود طبقة سياسية دكتاتورية فاسدة ، لكن شاءت الاقدار ان جرت فيها انتخابات ووصل بصندوق الاقتراع اشخاص جيدين ولكن هذا الامر لم يروق للإدارة الامريكية ومن خلفها (أصحاب الشركات) حتى عملوا على إقامة انقلاب بدعمهم واشرافهم ضد الشرعية وبعد ذلك ان الانقلابيين جاءوا بأجندات تخص التحول الى السوق الحر من خلال مجموعة قرارات إصلاحية للاقتصاد (من وجهة نظر المنظمات لكنها في الواقع لا تصب في مصلحة هاييتي) ومن تلك القرارات الإصلاحية هو خفض رواتب الموظفين بنسبة 65 % وحجب المساعدات التي كانت تقدمها الحكومة للفلاح وهذا أدى الى انخفاض الإنتاجية للفلاح من ان ناتجة من الرز الذي كان يكفي لهاييتي بشكل تام الى ناتج من الرز فيه عجز بنسبة 50 % .

هذا العجز كان في صالح أمريكا حيث انه يتم تعويض العجز بشرائه من أمريكا وبالتالي كان قرار الإصلاح الاقتصادي ضد مواطني هاييتي وفي صالح أمريكا.

 

ثانيا: -

الامثلة كثيرة، لكن لنأتي بمثال من التاريخ، وهو الخلاف الحاصل بين الحكومة السورية وشركة النفط البريطانية (بي بي). في 12-7-1966 , اعلن رئيس الوزراء السوري آنذاك الدكتور يوسف زعين للصحفيين ان مجموعة الشركات البريطانية قد ابلغت بقرار فسخ العقد المبرم معها، للعلم ان قيمة العقد كانت 20 مليون جنية استرليني لمد انبوب نفطي بين حقول قرتشو في الجزيرة ومرفأ طرطوس على البحر الابيض المتوسط.

بالمقابل تم التوصل الى اتفاق مع شركة سنام بروجيتل الايطالية لتنفيذ المشروع بمبلغ اقل بكثير عن البريطانية وهو 2.5 مليون جنية استرليني.

البريطانيون لم يسكتوا عن فسخ العقد لشركتهم، فوجهوا تهديد الى الحكومة السورية بأسقاطها، وعن طريق مقال نشرته في يوم 31-8-1966 جريدة (فاينانشيال تايمس) اللندنية في تعليقها، (لاحظ جيدا) ان شركة نفط العراق (شركة النفط الوطنية-سابقا) سوف توجه من الان اما اختيار:

1- مقاومة اي مطلب بزيادة حصة سوريا من عوائد النفط، والتوقع بتوجيه ضربة من الحكومة السورية بمنع تصدير النفط عن طريق اراضيهم.

2- محاولة التساهل بقدر ما، وبذلك تقدم سابقة خطيرة. وربما تطلب من لبنان ايضا ان تحذو حذو سوريا وموقف الدكتور يوسف زعين، للعلم ان لبنان يمر في اراضيها ايضا انبوب نفطي تابع لشركة النفط العراقية.

3- سقوط الحكومة السورية، وهو امر لا يقل احتمالا عما سبق ذكرة.

الغريب ان الشركة كانت تماطل وتماطل لتبطئ سير المفاوضات وبالتالي كسب الوقت، لانها كانت تمتلك معلومات اكيدة عن نجاح محاولة انقلاب ستحدث في سوريا، والتي حدثت بالفعل وقام فيها سليم حاطوم وزمرته اليمينية للإطاحة بالحكم السوري وبالتالي بحكومة زعين والنتيجة الغاء قرار استبعاد الشركة البريطانية.


خلاصة ما تم ذكرة 

هو ان الديمقراطية الجديدة هي وجدت لحماية الأقلية الثرية من الأغلبية الفقيرة. وكما يحدث في كل أزمات العالم حيث ان الحكومات تقدم حزم من المساعدات الاقتصادية والمالية الى الشركات الكبرى ولكن في نفس الوقت يتم تسريح الاف او ملايين الموظفين، هذا يعني حماية الثري وعدم اكتراث بالفقير .

اما فيما يخص العراق. نلاحظ وجود قرارات ومشاريع لا تخدم المواطن بشيء بل انها جاءت في خدمة بعض ( لاحظ) الأثرياء وعلى سبيل المثال القانون الاخير وهو العفو ، حيث شمل كبار (ان لم يكن الاكبر) أثرياء العراق الذين عليهم احكام قضائية  وخرجوا من السجن وكانما فصل لهم.


مقالات مشابهة

  • الكونغو الديمقراطية تعلن مضاعفة رواتب القوات المسلحة
  • وزير الشئون النيابية: النخب السياسية والأحزاب عليها دور فى توعية الرأى العام
  • توجه العراق نحو الليبرالية الجديدة.. 8 أمثلة لاستغلال الديمقراطية
  • لماذا يكره الحداثيون التونسيون تركيا؟
  • أمريكا.. الديمقراطية المتناقضة
  • الشيخوخة السياسية والانقلاب الداخلي.. مرحلة جديدة نحو تغيير النظام السياسي
  • محاكمة إمام أوغلو قانونية أم انقلاب على الديمقراطية؟
  • وسطاء جدد لإنهاء حرب الكونغو الديمقراطية
  • رسم خريطة الخسائر البشرية للصراع في الكونغو الديمقراطية
  • مدرسة الحوليات الفرنسية و فكرة كسر حلقات الدوائر الخبيثة في السودان و الشب عن طوقها