شفافية :التكتلات الاقتصادية العربية.. إلى أين؟
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
هناك الكثير من التساؤلات التي تُطرح من حينٍ إلى آخر عن أهمية الوصول إلى تكامل اقتصادي عربي وتقليل الفجوات الاقتصادية في الدول العربية وتحقيق العيش الكريم للشعوب العربية وجعل المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج واحة استثمارية يشترك جميع العرب في بنائها والمساهمة فيها، إلا أنه من الملاحظ أنه لا يوجد إجماع عربي على تحقيق ذلك على الرغم من عقد الكثير من المؤتمرات والندوات واللقاءات التي ناقشت هذه الموضوعات على مدى العقود الماضية.
عندما نفكّر في وضعنا العربي لا نجد أسبابا مقنعة تسوّغ ما نشهده من اختلافات، وقد كشف العدوان الإسرائيلي على غزة حجم هذه الاختلافات وتباين وجهات النظر بين الدول العربية حتى في قضية مصيرية لكل العرب والمسلمين وهي قضية فلسطين، ففي الوقت الذي قامت فيه الدول الغربية بمساندة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتقديم الدعم المباشر بكل أنواعه بما في ذلك السلاح الذي تُقتل به الأنفس الطاهرة البريئة وتقصف به المستشفيات والمساجد ظلت الدول العربية بعيدة عن هذا المشهد واكتفت بمشاهدة ما يحدث دون أن تتخذ أي إجراء (ولو كان دبلوماسيا) من شأنه إيقاف المجازر المستمرة ضد الشعب الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر الماضي وكأن الأمر لا يعنيها أبدا.
غير أنه رغم هذه الحقيقة المُرّة وجدنا التفافا شعبيا عربيا كبيرا حول القضية الفلسطينية واتجهت هذه الشعوب إلى مقاطعة منتجات الشركات الداعمة للكيان الصهيوني، وينطلق هذا الاهتمام من الإيمان الراسخ بأن الدول العربية هي كتلة واحدة وأي اعتداء على دولة ما يعدّ اعتداء على جميع الدول الأخرى، وهذا يقودنا للحديث عن أهمية تجسيد هذا الاهتمام اقتصاديا، بحيث ينعكس التعاون الاقتصادي العربي على الشعوب العربية ويكون مصدر ثراء لها، وكما يعلم الجميع تمتلك الدول العربية ثروات هائلة ينبغي استثمارها بشكل يقود إلى انتعاش الدول العربية التي -إن اهتمت بتعزيز قدراتها الاقتصادية- ستكون من بين أقوى التكتلات الاقتصادية العالمية.
ترتبط الدول العربية بعدد من التكتلات الاقتصادية، من أبرزها منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي بدأ تنفيذها في عام 1998، ويكمن الهدف من إنشائها في تحقيق تكامل اقتصادي عربي واسع النطاق، غير أن هذا الهدف لم يتحقق، وعلى سبيل المثال فإن منتجات الدول العربية تواجه تحديات عديدة في دخول الأسواق العربية، فضلا عن أن تدفقات الاستثمارات العربية بين الدول العربية محدودة وتواجه تحديات عديدة سواء في مجال التشريعات أو في مجال التنفيذ، وفي المقابل نجد ارتفاعا في التبادل التجاري بين الدول العربية والتكتلات الاقتصادية الأخرى خارج المنطقة العربية، كما أن معدل تشغيل القوى العاملة العربية في الدول العربية محدود، وفي المقابل نجد أن العقول العربية تهاجر إلى الخارج ويتم استقبالها بكل حفاوة واهتمام نظرا لكفاءتها وانضباطها في العمل واشتغالها عليه بكل أمانة وثقة.
ولعل من الأهمية الإشارة إلى أن أبرز التحديات التي تواجه تدفقات الاستثمار وانسيابية حركة البضائع والمسافرين بين الدول العربية هو فقدان الثقة في الطرف الآخر من جهة والمشاكل الاقتصادية الأخرى من جهة ثانية كارتفاع الديون وازدياد أعداد الباحثين عن العمل ومحدودية القطاعات الاستثمارية وبطء إجراءات الاستثمار وغيرها من المشاكل الأخرى التي ينبغي التغلب عليها من خلال برنامج عمل واضح يبدأ من رفع مكانة التعليم والبحث العلمي والتطوير والتحول الإلكتروني وقبل هذا كله وجود إرادة سياسية في مختلف الدول العربية تؤمن بأهمية إزالة العقبات والتحديات التي تواجه تدفق الاستثمارات والبضائع والقوى العاملة العربية، وإذا تمكنت الدول العربية من تحقيق ذلك فإنها تستطيع أن تكون قوة اقتصادية كبرى تنافس أكبر الاقتصادات العالمية نظرا للإمكانيات الهائلة والمقومات الاقتصادية المتوفرة فيها وتوفر الثروات الطبيعية المتنوعة والمتوزعة في مختلف الدول العربية، كما أن الرغبة التي نجدها اليوم في الشعوب العربية التي أصبحت قريبة أكثر مما مضى من بعضها البعض هي مقومات حقيقية من شأنها دفع الدول العربية لتشكل قوة اقتصادية كبرى وهو ما يحتاج -كما أشرتُ سابقا- إلى الإرادة السياسية المؤمنة بالتكامل الاقتصادي العربي والداعمة له.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: بین الدول العربیة
إقرأ أيضاً:
التكتلات الحزبية: ندعم خطة “خوري” للخروج من حالة الجمود السياسي
أعلنت التكتلات الحزبية في ليبيا دعم خطة البعثة الأممية، والجهود التي تقودها ستيفاني خوري، للخروج من حالة الجمود السياسي الحالي.
وذكرت التكتلات الحزبية، في بيان مرئي، أنهم يقدرون “اهتمام البعثة بالأحزاب والتكتلات السياسية، التي تمثل أساسًا للمسار الديمقراطي”.
وختم البيان، موضحًا أنه “يجب إشراك هذه الأحزاب في الرؤى والأفكار التي تقودها البعثة، من أجل الخروج من حالة الانسداد السياسي التي تعيشها بلادنا”.
الوسومالتكتلات الحزبية