لجريدة عمان:
2025-02-06@12:48:23 GMT

نوافذ :اللغة الإعلامية والتلاعب بالكلمات

تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT

ashuily.com

بدأ الإنسان الأول استخدام اللغة المنطوقة بعد أن طور مهاراته في التواصل مع المجتمع من حوله من خلال فهم الأشياء المحيطة به واستخداماتها وطرق الاستفادة منها ثم محاولة وصف كل ذلك باستخدام لغة الإشارة للدلالة على الشيء في محاولة لإيصال فكرة ما يريد، ثم تطورت وسيلته في إيصال أفكاره إلى استدعاء مخيلته في رسم ونقش ما يحيط به أو ما يتخيله من الواقع المحيط به وعلاقته بمن حوله حتى قاده ذلك إلى الكلمة الواصفة والدالة على ما توافق عليه هو ومن معه من البشر المحيطين به، ويحيل اللغويون كلمة «اللغة الأم» إلى أن اللغة في الأصل بدأت مع همهمات الأمهات لأطفالهن تطورت بعد ذلك إلى حروف وعبارات تم تدوينها وكتابتها، ويرجع علماء الآثار أولى صور الكتابات السومرية الموضوعة في ٣٥٠٠ سنة قبل الميلاد تلتها اللغة الهيروغليفية المصرية التي تعود إلى ٣٠٠٠ قبل الميلاد، تناسلت بعدها اللغات إلى ألسن متعددة وكتابات متفرقة حتى وصلت في يومنا هذا إلى أكثر من ٧٠٠٠ لغة مختلفة حول العالم لا يزال البشر يستخدمونها بمثابة طريقة للتواصل والتفاهم وفقا لأطلس العالم للغات الذي قامت اليونسكو بإطلاقه لحماية التنوع اللغوي في العالم، ووفقًا لترتيب المتحدثين بتلك اللغات فان لغة المندارين الصينية هي أكثر اللغات تحدثا في العالم تليها الإسبانية فالانجليزية فالهندية فالعربية في المرتبة الخامسة.

قد أكون أطلت في الحديث عن جذر اللغة واشتقاقها لكنها كما يقول الشعراء هي مقدمة طللية لا بد منها في الوقوف على الأطلال أولا ثم الوصول إلى الغاية التي تسبر غور اللغة وطرق استخداماتها في لغة أحاديث التواصل اليومية «لغة الشارع» كما يصنفها البعض واللغة العلمية الصرفة «لغة العلوم» ولغة الآداب المكتوبة واللغة الإعلامية التي يسميها البعض باللغة البيضاء أو اللغة الثالثة والتي هي تمازج وتلاقح بين اللغة الرصينة والعامية تمتاز بالبساطة وسهولة الفهم فيمكن لعالم اللغويات الصرفة أن يقرأها ويتلذذ بجزالة ألفاظها وفي الوقت ذاته يمكن للإنسان البسيط غير المتمكن من نواصي اللغة من فهمها واستيعاب معناها، وهذا ما يحسب للغة الإعلامية كونها لغة استطاعت مخاطبة الجميع قراء ومستمعين ومشاهدين دون الحاجة إلى التقعر أو التشدد في الألفاظ والمصطلحات.

في أديباتنا الإعلامية نتعلم عن استخدامات اللغة إعلاميا وكيف تؤثر في السياسة الإعلامية للوسيلة كونها نسقا وأداة رئيسة في تمرير الخطابات وجذب الجمهور المتلقي للرسالة وتسهيل إيصال الأفكار والمعلومات والأخبار بسهولة ويسر، فضلا عن الامتياز الذي تضفيه اللغة إلى الوسيلة الإعلامية وتحدد هويتها وشخصيتها ومكانتها مقارنة بوسائل إعلامية أخرى فيمكن من خلال لغة محددة المصطلحات والتعريفات والاستخدامات من تمييز وسيلة عن أخرى، ويمكن ببساطة القول: إن هذا هو أسلوب الصحيفة في تقديم الأخبار وكتابتها وهذا أسلوب مذيعي ومقدمي النشرات الإخبارية في القناة التلفزيونية دون الحاجة إلى التعرض ورؤية هوية وشعار الوسيلة الإعلامية فاللغة المستخدمة في تلك الوسيلة هي بمثابة الهوية لها.

اللغة هي الهوية سواء أكانت بالإيجاب أم بالسلب، بالمدح أم بالذم فمن خلال اللغة المستخدمة في وسيلة ما يمكن تصنيفها في خانة الصديق أو العدو أو المحايد أو المداهن أو الباهت وكل تلك الأوصاف يمكن تمييزها من اللغة المستخدمة في عناوين وتفاصيل ومصطلحات تلك الوسيلة وهو ما يسمى في الشرع الإعلامي بالسياسة التحريرية التي تتحدد وفق اتجاهات الوسيلة الإعلامية من موضوع ما، فعلى سبيل المثال وتسهيلا على القارئ في إيصال هذه الفكرة فإن مصطلح «إرهابي» و«فدائي» و«قتيل» و«شهيد» هي أمثلة ونماذج يمكن من خلالها التعرف على اتجاهات وسياسة الوسيلة الإعلامية تجاه قضية معينة. فمثلا في القضية الفلسطينية تستخدم وسائل الإعلام المتعاطفة والمتضامنة مع الفلسطينيين مصطلحات «فدائي - شهيد» في حين أن الوسائل المعادية والتي تقف في صف الجانب الإسرائيلي تصف الفلسطيني بأنه: «إرهابي- قاتل» وهكذا يستمر مسلسل استخدامات اللغة في الإعلام حتى يصل إلى ذروته في الكذب والتدليس ودس السم في العسل كما يقال ومحاولة تطويع اللغة وليها كي تطاوع فلسفة وهوية ورسالة الوسيلة الإعلامية.

الحديث طويل جدا عن استخدامات اللغة في وسائل الإعلام وهو ليس بالموضوع الجديد على المتلقي ولا على الرأي العام لكنه يتجدد كل فترة ما بين وقوع كارثة أو فاجعة أو حرب حين تنبري بعض المؤسسات الإعلامية التي لا تحترم المواثيق والأعراف والأخلاقيات الإعلامية ولا تحترم عقلية المتلقي قارئا كان أو مستمعا أو مشاهدا، غير أن مناط ذلك كله ومرده إلى المتلقي ذاته الذي يمكنه في لحظة من لحظات التضليل الإعلامي من اكتشاف أنه قد وقع تحت احتيال إعلامي ممنهج.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

السجن عام لخادمة الإعلامية بسمة وهبة لسرقتها

خاص

أصدرت المحكمة المختصة في مصر، حكمًا بحبس خادمة تعمل لدى الإعلامية بسمة وهبة سنة مع النفاذ بتهمة سرقة مجوهرات من الفيلا ملكها بالسادس من أكتوبر.

وألقت الأجهزة الأمنية بالجيزة، القبض على خادمة بتهمة سرقة الإعلامية بسمة وهبة بأكتوبر، وجرى اتخاذ الإجراءات القانونية ضدها.

وأفادت تحقيقات النيابة أن الإعلامية بسمة وهبة فوجئت باختفاء خاتمين من الماس كانا داخل غرفة نومها، ولم تتوقع أنهما قد سرقا، لافتة إلى أن الشك تسرب داخلها تجاه خادمتها خاصة أنها الوحيدة التي تدخل تلك الغرفة من أجل تنظيفها وترتيبها.

مقالات مشابهة

  • إدارة تعليم الجوف تنظم ملتقى نوافذ حوارية للموجهين الطلابيين
  • يمكن للتكنولوجيا تغيير العالم.. إن عَمِلَتْ لصالح الأطفال
  • العالم ينتفض: نؤمن بـ«حل الدولتين».. ولا يمكن الاستيلاء على غزة.. ونرفض التطهير العرقي
  • خطابات أبي عبيدة وكسب المعركة الإعلامية
  • العالم ينتفض في وجه المقترح الأمريكي الإسرائيلي: لا يمكن الاستيلاء على غزة
  • باحث: جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلم أن المقاومة الفلسطينية لا يمكن نزعها
  • ترامب في تصريح صادم: يمكن للعالم كله أن يعيش في غزة
  • استمرار الحملات المكثفة لملاحقة الجرائم التموينية والتلاعب بالدعم
  • السجن عام لخادمة الإعلامية بسمة وهبة لسرقتها
  • هذه أبرز النزاعات التي تواجه العالم في عام 2025.. حروب ترامب من بينها