رحلة البحث عن سد الرمق في مدينة تحولت إلى كومة ركام
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
"تعبتُ وأنا أبحث تحت القصف وبين ركام البيوت المدمرة وخاطرت بنفسي من أجل أن أجد أي شيء قد يسد جوع أهل البيت وخاصة ابنتي الصغيرة، وفي النهاية لم أجد إلا 3 حبات من البسكويت".
بهذه الكلمات، وصف الشاب حسونة إسكافي رحلة البحث عن الطعام في غزة، حيث يكافح المدنيون للحصول على المياه والطعام في مهمة باتت شبه مستحيلة مع استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع.
وحتى الحين، أدى العدوان على غزة إلى سقوط نحو 19 ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال.
ويتزامن العدوان مع تشديد الحصار على القطاع حيث يمنع إدخال المساعدات عبر معبر رفح الحدودي مع مصر.
ويقول إسكافي إن رحلة البحث عن الطعام والمياه في غزة أصبحت مهمة شبه مستحيلة، بعدما قطعت إسرائيل كافة إمدادات الغذاء والماء والكهرباء والوقود عن القطاع مع بداية العدوان في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكان هذا الشاب يقطن في حي الشجاعية شرق مدينة غزة مع عائلته المكونة من زوجته وابنته الرضيعة ووالدته وشقيقيه وعمته وعمه المقعد.
رحلة شاقة
وفي البداية، رفض إسكافي وعائلته النزوح من حي الشجاعية وفضّلوا البقاء في منزلهم، حتى أُجبروا على المغادرة.
ويقول "خرجنا من المنزل تحت وابل من القصف الجوي العنيف سيرًا على الأقدام، حتى وصلنا إلى إحدى المدارس التي تؤوي آلاف النازحين من غزة والشمال".
ويتابع بصوت حزين "جلسنا في الشارع على باب المدرسة لنلتقط أنفاسنا بعد رحلة عذاب شاقة، قبل أن ننتقل إلى منزل لأحد الأصدقاء في حي الصبرة جنوب المدينة".
ويقضي إسكافي وشقيقاه وقتا طويلا بحثا عن الطعام والمياه في المدينة المحاصرة التي عزلها جيش الاحتلال عن باقي مدن القطاع، واستهدف أسواقها الشعبية ومراكزها التجارية وآبار المياه فيها والمصانع ومخازن البضائع، لتضييق الخناق على ساكنيها ودفعهم إلى النزوح.
ويشير إلى أنه يضطر إلى السير لمسافات طويلة وصولا إلى بئر مياه تستطيع البلدية تشغيلها لساعات محدودة، حتى يتمكن من تعبئة 20 لترا، ويشاركه في هذه المعاناة الكثير من المواطنين الذين لا يزالون في غزة والشمال.
أما رائد النجار من سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة، فيقول "لم نعد نبحث عن الطحين، فالمهمة أصبحت مستحيلة وإن توفر الطحين فلا غاز ولا حطب لطهيه أو خبزه".
ويوضح الشاب الثلاثيني أن الجيش الإسرائيلي يحاصر مدرسة عوني الحرثاني التي نزح إليها مع عائلته المكونة من 7 أفراد.
ويضيف "الوضع خطير جدا، ونحن محاصرون داخل المدرسة منذ عدة أيام ولا نتمكن من الدخول أو الخروج بسبب كثافة النيران".
ويؤكد وجود نقص في المياه والطعام داخل المدرسة وخارجها بسبب العزلة التي فرضها الجيش الإسرائيلي على شمال غزة ومنعه وصول المساعدات إليها إلا بكميات محدودة جدا، محذرا من ارتقاء شهداء في شمال غزة جوعا وعطشا.
ويبين النجار أن مهمة الحصول على المياه شاقة وكانت تتطلب السير لمسافة طويلة للتعبئة، وقد تتكرر أكثر من مرة يوميا لجمع أكبر كمية ممكنة للاستخدامات المختلفة للعائلة.
قصف الأسواق الشعبية
المتحدث اسم بلدية غزة حسني مهنا، يقول إن تعداد سكان المدينة الأصليين والنازحين إليها من شمال القطاع، يقدر بـ500 ألف نسمة يعيشون في ظروف إنسانية وصحية وبيئية كارثية، نظرا لعدم توفر أبسط مقومات الحياة، وسط غارات متواصلة على مدار الساعة تمنع المواطنين من الحركة.
ويؤكد أن المدينة تعاني من نقص حاد في المواد الغذائية، خاصة أن المساعدات التي وصلت إلى غزة والشمال لا تلبي الاحتياجات الدنيا للمواطنين والنازحين في المدينة وغالبيتها تفتقر إلى الاحتياجات الأساسية من الدقيق والأرز والمعلبات.
ويوضح أن الاحتلال استهدف الأسواق الشعبية والمراكز التجارية الكبرى في المدينة، حتى أصبح كل شيء في غزة كومة ركام، والشلل أصاب كل مفاصل الحياة بسبب العدوان والحصار.
وفيما يتعلق بأزمة نقص المياه، يؤكد أن البلدية لم تستلم منذ مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أي لتر من الوقود، الأمر الذي فاقم الأزمات الإنسانية، ما اضطرها إلى وقف خدمات جمع النفايات وتشغيل محطات الصرف الصحي، وذلك لتوفير كمية الوقود المحدودة لضمان استمرار عمل آبار المياه.
ويشير إلى تدمير الجيش الإسرائيلي عددا من آبار المياه في مدينة غزة، وتوقف عدد آخر منها نتيجة نفاد الوقود، ولم يتبق حاليا سوى 3 آبار فقط تعمل لـ3 ساعات يوميا لضمان وصول المياه لسكان المدينة والنازحين إليها من شمال القطاع.
ويحذر المسؤول الفلسطيني من تفاقم أزمة العطش والغذاء في غزة حال إصرار الجيش الإسرائيلي على عدم إدخال المساعدات الإغاثية والمواد الغذائية إلى غزة والشمال، وعدم تزويد البلديات بالوقود اللازم لتشغيل آبار المياه ومحطات الصرف الصحي وتشغيل الآليات لفتح الشوارع المغلقة بفعل القصف الإسرائيلي.
ويقول إن "المواطنين في غزة يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة وسط المخاطر المحدقة من نقص المياه والغذاء، ودخول فصل الشتاء والمنخفضات الجوية، وحاجة المواطنين إلى أغطية وملابس ووسائل تدفئة وغيرها الكثير".
ويختم مهنّا حديثه مطالبا بتدفق المساعدات ومحذرا من أن "المساعدات التي وصلت نقطة في بحر احتياجات المواطنين".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی غزة والشمال آبار المیاه المیاه فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
4 شهداء بالضفة الغربية مع استمرار العدوان الإسرائيلي
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية -في وقت متأخر الجمعة- استشهاد 4 شبان برصاص الاحتلال الإسرائيلي في نابلس وطولكرم، شمال الضفة الغربية.
وقالت الوزارة إنه تم إبلاغها من هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية (جهة الاتصال مع الجانب الإسرائيلي)، "باستشهاد 3 شبان برصاص الاحتلال في مخيم نور شمس الأربعاء".
وأضافت أن "الشهداء هم جهاد محمود حسن مشارقة، خالد مصطفى شريف عامر، محمد غسان أبو عابد" مشيرة إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي "مازال يحتجز جثامينهم".
وباستشهاد الشبان الثلاثة، يرتفع عدد شهداء طولكرم خلال العدوان المتواصل على المدينة ومخيميها إلى 11 شهيدا، بينهم سيدتان إحداهما حامل في الشهر الثامن، وطفل (7 أعوام) من بلدة كفر اللبد.
وفي نابلس، استشهد شاب برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامها المنطقة الشرقية من المدينة.
وأفادت وزارة الصحة، باستشهاد الشاب عادل بشكار (19 عاما) برصاص الاحتلال في مخيم عسكر للاجئين شرق نابلس.
وذكرت مصادر طبية أن الشهيد "بشكار أصيب برصاص الاحتلال بالصدر قرب مخيم عسكر، وجرى نقله للمستشفى، حيث وصفت إصابته بالخطيرة، قبل أن يرتقي متأثرا بإصابته.
في الأثناء، عزز جيش الاحتلال قواته بمدينة طولكرم ومخيميها شمال الضفة الغربية المحتلة، الجمعة، تزامنا مع عدوانه المستمر هناك منذ 27 يناير/كانون الثاني الماضي.
إعلانوذكر شهود عيان أن عدة جرافات عسكرية إسرائيلية شوهدت وهي تقتحم المدينة من جهة حاجز "تسنعوز" العسكري، المقام على مدخلها الغربي، واتجهت نحو مخيمي طولكرم ونور شمس.
ويواصل الاحتلال عدوانه في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس شمال الضفة الغربية، وسط سماع أصوات تبادل لإطلاق النار، وتفجيرات بين الحين والآخر.
وخلّف العدوان الإسرائيلي دمارا واسعا في الممتلكات والبنية التحتية والشوارع والمنازل، في حين حول الجيش عشرات المباني إلى ثكنات عسكرية بعد طرد أهلها منها.
كما أدى العدوان المتواصل إلى نزوح آلاف الفلسطينيين من جنين وطولكرم وطوباس شمالي الضفة الغربية المحتلة.
في 21 يناير/كانون الأول الماضي، بدأ جيش الاحتلال عدوانا عسكريا على شمال الضفة، شمل مدن ومخيمات جنين وطوباس وطولكرم، وقتل 55 فلسطينيا حتى مساء الجمعة، وفق معطيات فلسطينية رسمية.
ومنذ بدء الإبادة في قطاع غزة، وسّع الاحتلال والمستوطنون عدوانهم على الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، مما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 916 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال 14 ألفا و500 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.
وبدعم أميركي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025، إبادة جماعية بغزة خلفت نحو 160 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.