دبي- وام

أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، أن الاقتصاد شكّل دائماً الأساس للاستقرار والتنمية والمحفز للابتكار والتطوير اللذين ينفعا الأفراد والمجتمعات، وأن الإبداع الاقتصادي مسار للتقدم الفكري والرفاه المجتمعي والتعاون الدولي، لأن الرؤى الاقتصادية الطموحة كانت على مر العصور ركيزة لتحقيق التنمية وبناء مستقبل الأوطان والتبادل الثقافي المثمر و الحضاري المؤثر.

جاء ذلك فيما أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عبر تدوينة على موقع «إكس»؛ عن منح لقب «نوابغ العرب» عن فئة الاقتصاد للدكتور محمد العريان، الخبير الاقتصادي الدولي ورئيس كلية كوينز بجامعة كامبريدج، والذي قدم إسهامات استثنائية في مسارات التنمية الاقتصادية العالمية، وطوّر نظريات اقتصادية فاعلة عززت المرونة والقدرة على التكيّف وتحويل التحديات إلى فرص للعديد من اقتصادات الدول النامية والمتقدمة.

وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «نعلن اليوم عن الفائز بلقب (نوابغ العرب) عن فئة الاقتصاد.. الدكتور محمد العريان.. الخبير الاقتصادي الدولي الذي ساهم باستشاراته وأفكاره ونظرياته المهمة في تصميم استراتيجيات اقتصادية وسياسات تنموية استفادت منها عشرات الدول وملايين الأفراد في أنحاء العالم».

وأكد سموه أن العالم العربي كان منذ القدم مركزاً للاقتصاد والتجارة، وأهدى العالم العلوم والأبحاث والاستراتيجيات للتنمية، مشدداً سموه على أن الاقتصاد يحمل معه أيضاً علوم وأبحاث وأفكار الشعوب المختلفة.

- مستشار اقتصادي عالمي

وحاز الدكتور محمد العريان على جائزة «نوابغ العرب» عن فئة الاقتصاد تقديراً لإنجازاته ومساهماته البارزة وأبحاثه ومؤلفاته في مجال الاقتصاد عربياً وعالمياً، ويعتبر الدكتور العريان أحد أكبر المستشارين الاقتصاديين اليوم، وتشكل نظرياته الاقتصادية ورؤاه الاستراتيجية أساساً مؤثراً في العديد من السياسات التنموية على المستويين المحلي والدولي.

وقد عمل الدكتور محمد العريان في صندوق النقد الدولي، وكان رئيساً لمجلس التنمية العالمية، ومن موقعه كرئيس تنفيذي لمؤسسة هارفرد للوقف التعليمي، حقق لها عوائد استثنائية هي الأعلى في تاريخها لتزيد قيمتها السوقية بأكثر من 10 مليارات دولار في السنة المالية 2021، وتبلغ أكثر من 53 مليار دولار وهو الرقم الأعلى في تاريخ الصناديق الوقفية الجامعية، وعمل العريان رئيساً تنفيذياً لعدد من كبريات المؤسسات العالمية التي تدير أصولاً تزيد قيمتها الإجمالية عن 1.1 تريليون دولار.

- أبرز 100 شخصية مؤثرة

وتم اختيار الدكتور العريان لأربع مرات على التوالي ضمن قائمة أبرز 100 شخصية مؤثرة، نظراً لدوره في المساهمة بتشكيل ملامح الاقتصاد العالمي، وتوسيع آفاق التقدم التنموي الاقتصادي الاجتماعي في العديد من القطاعات المستقبلية الحيوية.

ويعتبر خبراء أن لأفكار الدكتور العريان والرؤى التي يعلن عنها تأثير ملموس على الاقتصاد العالمي، وهو مرجع لعدد كبير من المؤسسات المالية والصحف العالمية والنشرات الاقتصادية المرموقة، وله كتابان ضمن قائمة «نيويورك تايمز» للكتب الأكثر مبيعاً، إضافةً لمؤلفاته ومقالاته التي ينشرها شهرياً في المجلات الاقتصادية والصحف العالمية.

وساهم الدكتور العريان في تعزيز الحضور الاقتصادي والدولي لبلده الأم مصر وللعالم العربي ككل، من خلال مساهماته الأكاديمية والبحثية ومشاركاته في المؤتمرات والندوات الاقتصادية وتقديمه الاستشارات الاقتصادية التخصصية.

وتضيء جائزة نوابغ العرب، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، على إبداعات العقول العربية المتميزة وتحتفي بإنجازاتها ودورها الإيجابي لمجتمعاتها والإنسانية، وتترجم الجائزة مساندة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للابتكار والإبداع والتقدم العلمي والمعرفي والثقافي والفكري في الوطن العربي؛ إلى دعم ملموس يحتفي بهذه الفئة الفذة المؤثرة إيجاباً في محيطها والعالم.

وهنّأ محمد عبدالله القرقاوي، رئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»، الدكتور محمد العريان لفوزه بلقب «نوابغ العرب» عن فئة الاقتصاد، مؤكداً أن مساهمات الدكتور العريان في تطوير هيكليات الاقتصاد العالمي وتسريع مسارات النمو الاقتصادي، الذي يجعل من مصلحة الناس أولوية هي نموذج يفخر به الشباب ويطمحون إلى الاقتداء به في التحصيل المعرفي والبحث العلمي والتخطيط الاستراتيجي.

وأكد القرقاوي أن «نوابغ العرب» تكرّم المبدعين وتجسد فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، في تمكين المتميزين والاحتفاء بإنجازاتهم ليكونوا قدوةً ملهمة لأفراد مجتمعهم وعالمهم.

وقال خلال اتصاله بالدكتور محمد العريان لإعلامه بفوزه: «نوابغ العرب قدوة وقامات ملهمة لأجيال المستقبل الحريصة على المساهمة في مسارات التنمية كافة ومن ضمنها الاقتصاد».

- لجنة خبراء

وترأس عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد، لجنة الاقتصاد في جائزة «نوابغ العرب»، والتي ضمت في عضويتها كلاً من.. عيسى كاظم محافظ مركز دبي المالي العالمي، ومحمد ماضي عميد كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة الإمارات العربية المتحدة، ورباح أرزقي زميل أول في كلية جون إف كينيدي للإدارة الحكومية بجامعة هارفارد، وفريد بلحاج نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

-توسيع آفاق النظرية الاقتصادية

وكرّمت «نوابغ العرب»، التي يعرفها جمهورها من الأفراد والمؤسسات في العالم العربي بجائزة «نوبل العرب»، الدكتور محمد العريان عن فئة الاقتصاد تقديراً لإنجازاته الاستثنائية في توسيع حدود المعرفة الاقتصادية العالمية، وتقديم تصورات عملية مفيدة لكيفية تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية في الاقتصادات الناشئة والنامية والكبرى حسب معطيات وظروف كلٍ منها.

وكان لأعماله ونظرياته بالغ الأثر الإيجابي في إعادة تعريف ركائز الاقتصاد الكلّي، وطرح سيناريوهات اقتصادية جديدة مرنة تمكّن الدول والمجتمعات من التكيف مع التحولات والمتغيرات، وتحويل التحديات إلى فرص، ودمج الأفراد والمؤسسات والشركات وقطاعات الأعمال في تحقيق الاستراتيجيات التنموية للدول.

- مؤلفات مرجعية

وللدكتور العريان مؤلفات تعد اليوم مرجعية في تحليل الاقتصاد العالمي، ومن أبرز الأعمال التي ألفها وشارك في محتواها كتاب «النمو والاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»؛ الذي يطرح فيه الدكتور العريان المجالات المستقبلية والفرص الاقتصادية الواعدة للمنطقة، وكتاب «حين تتصادم الأسواق» الذي حل ضمن قائمة «نيويورك تايمز»، وقائمة «وول ستريت جورنال» للكتب الأكثر مبيعاً، وحلل فيه التغييرات التي طرأت على النظام المالي العالمي عام 2008، بالإضافة إلى كتب أخرى مثل «اللعبة المتاحة»، و«خطة لإصلاح عالم مفكك»، و«دروس من تجربة حديثة».

- آلاف الترشيحات

وتم الإعلان عن فوز الدكتور محمد العريان بجائزة «نوابغ العرب» عن فئة الاقتصاد، بعد تسمية كلٍ من الدكتور هاني نجم من المملكة العربية السعودية فائزاً عن فئة الطب، والبروفيسور فاضل أديب من لبنان فائزاً بالجائزة عن فئة الهندسة والتكنولوجيا.

وتلقت «نوابغ العرب» آلاف الترشيحات ضمن فئاتها الست وهي.. الهندسة والتكنولوجيا، والطب، والاقتصاد، والعمارة والتصميم، والعلوم الطبيعية، والأدب والفنون.

- «نوبل العرب» لتوسيع الأثر

وتهدف مبادرة «نوابغ العرب» إلى تكريم المتميزين في العالم العربي وتسليط الضوء على أدوارهم الداعمة لاستئناف مساهمة المنطقة العربية في الحضارة الإنسانية، إلى جانب تقديم دعم ملموس بمختلف أشكاله للفائزين في فئاتها، وتوسيع أثر إنجازاتهم محلياً وعربياً وعالمياً.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الاقتصاد العالمی نوابغ العرب نائب رئیس

إقرأ أيضاً:

قراءة في كتاب "القواسم في عُمان" للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي

د. صالح بن ناصر القاسمي

منذ القدم، أولى العرب عناية خاصة بعلم الأنساب وتوثيقها، لما لها من أهمية في حفظ الروابط الاجتماعية ومعرفة الأصول والانتماءات. وقد أتى الإسلام مؤكدًا هذه الأهمية، كما في قوله تعالى: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ) (الأحزاب: 5). وقال عليه الصلاة والسلام: (من ادعى ‌إلى ‌غير ‌أبيه، وهو يعلم أنه غير أبيه، فالجنة عليه حرام)، صحيح البخاري ومسلم.

وقد ارتبط علم الأنساب بتاريخ القبائل العربية، مما يجعل من الضروري لمن يتولى مهمة كتابة هذا التاريخ أن يتحلى بالموضوعية والحيادية، وأن يُعنى بالتدقيق والتمحيص، حتى يتمكن من الوصول إلى حقائق تاريخية تستند إلى دلائل راسخة ومعطيات موثوقة.

ومن القبائل التي حظيت باهتمام واسع في الدراسات التاريخية الحديثة، قبيلة القواسم، لما لها من علاقة وطيدة بأرض عُمان، ولما شكّله حضورها من تأثير على السواحل العُمانية.

وقد تناولت العديد من المصادر العربية والأجنبية نسب هذه القبيلة، ومواضع استقرارها، ودورها في تاريخ عُمان.

وفي هذا الصدد صدر في عام 2014م عن الدار العربية للموسوعات كتاب بعنوان (الفيصل القاسم في أصل القواسم) لمؤلفه الفاضل خلفان بن علي بن خلفان القاسمي، تناول فيه -بأسلوب علمي موثق- مختلف الآراء التي تناولت أصل قواسم عُمان ونسبهم، بالإضافة إلى تاريخ هجرتهم إلى عُمان ومواطن استقرارهم. ويُعد هذا الكتاب مرجعًا مهمًا في بابه، لما تضمنه من عرض شامل وموضوعي لكافة الآراء المتداولة حول قواسم عُمان. ولمن يرغب في التوسع والاطلاع على التفاصيل، يُنصح بالرجوع إليه.

وقد أُهديت نسخة من الكتاب إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم إمارة الشارقة، باعتباره باحثًا تاريخيا، وقد تفضل سموه بالإشادة بالكتاب، موجّهًا رسالة شخصية إلى مؤلفه عبّر فيها عن شكره وتقديره لمؤلفه، وهي رسالة أطلعنا عليها المؤلف قبل عدة سنوات، ما يُعدّ ضمنيًا بمثابة إقرار بمحتوى الكتاب ومضمونه.

وفي الآونة الأخيرة، طالعتنا الساحة الثقافية مؤلَّفًا جديدًا لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بعنوان "القواسم في عُمان"، ويقع في نحو ثلاثين صفحة، ونرغب هنا في تقديم قراءة أو تعليق موجز على هذا الإصدار.

بدايةً، لا يمكن حصر تاريخ القواسم في عُمان في هذه السطور القليلة، فهو تاريخ عريق وممتد، يزخر بالوقائع والشواهد التي تؤكد عمقه وأثره. وقد انتشر القواسم في معظم ولايات سلطنة عمان، ولا سيما في الولايات الساحلية، من ولاية شناص شمالًا حتى ولاية صور جنوبًا، فضلًا عن وجودهم الملحوظ في عدد من ولايات المنطقة الشرقية والداخلية، مثل بدبد وسمائل.

وقد تناول الشيخ الدكتور سلطان- حفظه الله- في حديثه جوانب من تاريخ القواسم، إلا أن تركيزه اقتصر على وجود القواسم في  الجصة وسمائل دون التطرق إلى وجودهم في الولايات الأخرى، وهو ما يستدعي منا وقفة سريعة للتعليق والتوضيح.

ففيما يتعلق بوجود القواسم في الجصة، فإنه أقدم بكثير مما ورد في حديث الشيخ الدكتور سلطان، الذي أشار فيه إلى عام 1811م، بينما تثبت عدد من الأدلة والقرائن أن وجودهم في هذه المنطقة سابق لهذا التاريخ بكثير، وسنذكر فيما يلي بعض الدلائل التي تؤكد ذلك:

من بين ما يُستدل به على متانة العلاقة بين القواسم في عُمان -وأعني هنا القواسم القاطنين أرض عُمان الأم- والأسرة الحاكمة، أنهم ظلوا على الدوام تحت راية السادة البوسعيديين، بل وحتى من قبلهم في عهد اليعاربة. فلم يُعرف عنهم الدخول في أي صراع مع الحكام، بل كانوا في صفهم وشاركوا في معاركهم جنبًا إلى جنب. وقد أورد المؤرخ ابن رزيق في كتابه الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين (ص:416) موقفًا مشرفًا للقواسم خلال وقوفهم إلى جانب السيد سعيد بن سلطان في حربه ضد عمه قيس، حيث قال:

(وكان يومئذ القابض للسد سالم بن سلطان، ومعه رجال من جعلان من بني راسب والقواسم، وبعض رجال من بني جابر أهل طيوي، وبعض رجال من نخل من أصحاب مالك بن سيف اليعربي. أما سعيد بن سلطان فكان حينها في حصن بركاء. فلما اقترب قيس وقومه من السد، بادره بني راسب والقواسم بالهجوم، فاندلعت المعركة بينهم في وادي العدي، وقد قُتل فيها محمد بن ماجد، أمير بني راسب، وأمير القواسم، ولم يبق من قومهم إلا القليل، بعد أن أبلوا بلاءً حسنًا في القتال وأعطوا السيوف حقها. وبعد استشهاد القواسم وبني راسب، رجع سالم بن سلطان إلى مسقط).

هذا النص يؤكد بجلاء أن القواسم لم يكونوا خصوما أو خصما للسلطة في عُمان، بل كانوا من أوفى مناصريها، وخاضوا المعارك دفاعا عن شرعيتها وولاءً لحكامها.

الشاهد أن القواسم كان وجودهم في الجصة سابقا لذلك التاريخ، بل تشير المصادر إلى أن قواسم الجصة كانوا يشكلون إمارة يُوصَف شيخها بصفة "الأمير"، وقد أورد الشيخ سالم بن حمود السيابي في كتابه إسعاف الأعيان في أنساب أهل عمان (ص ٧٦) ما نصه: (ناهيك بقواسم الجصة، فقد كادوا يكونون حكومة مستقلة، وتقع الجصة شرقي مسقط، ولهم فيها آثار مهمة شاهدة على مجدهم).

والشاهد أيضا أن القواسم الذين سكنوا الجصة قد دوّنوا تاريخهم فيها، وهو تاريخ يسبق عهد السلطان سعيد بن سلطان -رحمه الله- الذي بدأ حكمه في عام ١٨٠٦م واستمر حتى عام ١٨٥٦م، إذ نجد أن أحد علماء الشافعية من قبيلة القواسم، الذي سكن هو وأجداده الجصة، قد وُلد في مطلع القرن الثالث عشر الهجري، أي في حدود عام 1790م، مما يؤكد أن أجداده استوطنوا الجصة قبل التاريخ الذي أورده الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، وهو عام ١٨١١م.

ومن جانب آخر فإن المؤرخ ابن رزيق والذي دون سيرة السادة البوسعيديين لم يذكر أن السلطان سعيد بن سلطان -رحمه الله- حارب القواسم في مدينة صور، والثابت أن القواسم في صور دارت بينهم وبين قبيلة الجنبة حرب وصادف أن عاد الشيخ سلطان بن صقر القاسمي من الدرعية بعد أن احتجزه أمير الدرعية عن طريق ميناء صور، حيث ذكر عبدالله بن صالح المطوع، في كتابه الجواهر واللآلي في تاريخ عُمان الشمالي صفحة 76-78 في معرض الكلام عن خروج الشيخ سلطان بن صقر القاسمي وفراره من الدرعية عن آل سعود قال: (وقد تعرف أثناء قضاء مناسك الحج على رجال من قبيلة الجنبة من بلدة صور وكانت بينهم وبين القواسم عداوة وحروب ودماء فأحبوا أن تكون لهم عند القواسم يد إحسان فعرضوا على الشيخ سلطان أن يسافر معهم وضمنوا له الوصول)، إلى أن قال: (وعندما وصل الشيخ سلطان إلى صور التف حوله من بقي فيها من القواسم والجنبة وبالغوا في إكرامه ورجوه جميعا أن يتوسط بينهما ويعقد بينهما معاهدة صلح ويزيل الأحقاد فتعهد بذلك ووفى بما تعهد به).

 

ومما لا شك فيه أن التاريخ حينما يذكر قبيلة، فإنه يذكرها بمجموعها الكبير، لا بأسرة واحدة فقط. وعليه، فإن ما أورده الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي من أن جميع سكان الجصة هم من نسل صالح بن محمد بن صالح بن علي المالودي القاسمي، بعيد عن الواقع. فالثابت أن قبيلة القواسم التي سكنت الجصة تضم أسرًا عديدة معروفة ببيوتها وأفخاذها، وهم أدرى بأنسابهم.

وقد أشار الشيخ الدكتور سلطان كذلك إلى الشيخ مبارك بن عبدالله، وذكر أنه أعقب ولده محمد الذي انتقل إلى الشارقة، دون أن يتطرق إلى ابنيه الآخرين: علي بن مبارك، الذي لا يزال على قيد الحياة في سلطنة عُمان، وأحمد بن مبارك، الذي توفي دون أن يُعقب.

أما نسب الشيخ مبارك بن عبدالله، فهو: مبارك بن عبدالله بن علي بن راشد بن حميد بن سلطان بن خالد بن صقر بن عبد الله بن غانم بن غازي القاسمي.

وهو آخر شيخ في الجصة، وينتمي إلى فخذ أولاد غازي، ولا تربطه صلة نسب بصالح بن محمد بن صالح بن علي المالودي القاسمي الذي أشار إليه الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي.

أما فيما يخص القواسم في سمائل، فقد ذكر الشيخ الدكتور سلطان القاسمي أنهم من نسل ناصر بن سلطان بن صقر القاسمي من ابنه هلال. غير أن ناصرًا، وبحسب المصادر، لم يكن له من الذكور سوى ثلاثة أبناء فقط، وهم: إبراهيم، ومحمد، وماجد، وهم الذين وردت أسماؤهم في المشجرة القاسمية في دولة الإمارات، كما ذكرهم الشيخ سلطان القاسمي في كتابه التذكرة بالأرحام في الصفحة ٧١. وقد أشار إليهم أيضًا لوريمر في كتابه دليل الخليج، حيث ذكر أن ناصر بن سلطان بن صقر القاسمي توفي في رأس الخيمة. وبناءً على ذلك، لا يوجد ما يثبت وجود نسل لهلال بن ناصر بن سلطان القاسمي بين قواسم سمائل.

وبناءً على ما سبق، يتبيّن جليًّا أن قبيلة القواسم في عُمان تُعدّ من القبائل العريقة والمنتشرة في مختلف ولايات السلطنة، وليس من المنطقي حصر وجودها في الجصة وسمائل أو نسبتها إلى شخص واحد فقط، فذلك لا يطابق الواقع ولا ينسجم مع حقائق التاريخ ولا يُقبله العقل.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يبحث مع نائب رئيس الوزراء اللبناني دعم الاستقرار ببيروت وغزة
  • وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار: سوريا الجديدة هي المنتجة التي تعيد تشكيل معاملها وبناء إنتاجها
  • مركز محمد بن راشد لاستشارات الوقف يطلق «وقف التمور»
  • «محمد بن راشد للإسكان» تستأنف منصاتها التسويقية
  • قراءة في كتاب "القواسم في عُمان" للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي
  • رئيس الوزراء يتابع استعدادات إطلاق السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية
  • رئيس الوزراء يتابع إطلاق السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية لتعزيز النمو والتشغيل
  • مشاهد فاخرة وزعماء قبائل.. زفاف رئيس شباب العدالة والتنمية يلفت الأنظار
  • رئيس المنطقة الاقتصادية للقناة: نتائج الجولة الخارجية تعكس ثقة متزايدة في بيئة الاستثمار
  • اليمن نموذج فريد للمقاومة الاقتصادية.. لا بضائع أمريكية ولا (إسرائيلية) في الأسواق