تجريد الفلسطينيين في قطاع غزة من إنسانيتهم يتشابك بشكل معقد مع معاملة عنصرية للمسلمين واللاجئين والملونين في جميع أنحاء أوروبا، وهو ما يتجسد في صعود السياسي الهولندي اليميني المتطرف خيرت فيلدرز، وفقا لسنان تشانكايا في مقال بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني (MEE).

ويشن جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى مساء الاثنين 18 ألفا و205 شهداء و49 ألفا و645 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية.

وأضاف تشانكايا، في المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد": "اليوم أصبحت دولة أوروبية أخرى مفلسة أخلاقيا، مع فوز حزب الحرية، بقيادة الشعبوي الهولندي خيرت فيلدرز، في الانتخابات البرلمانية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي".

وتابع أن "حزب الحرية مناهض للإسلام ويعد بحظر الجنسية المزدوجة والحجاب والقرآن، ويريد رفض جميع طلبات اللجوء الجديدة، وقد فاز بـ37 مقعدا من أصل 150 مقعدا في البرلمان، وهو انتصار ساحق (الحزب صاحب أكبر عدد من المقاعد)".

واعتبر أن "شخصية فيلدرز أشبه بالزومبي الذي يظهر ويطارد "الآخر" مع اضمحلال القارة الأوروبية، التي بالكاد تستطيع أن تدعم نفسها من خلال سياسات الموت التي تنتهجها في البحر الأبيض المتوسط وفلسطين وغيرهما".

اقرأ أيضاً

هولندا.. هل ينفذ فيلدرز وعوده بإغلاق المساجد وحظر القرآن؟

عنصرية عميقة

و"من الممكن أن نفهم نجاح فيلدرز باعتباره تصويتا احتجاجيا، فالمواطنون يشعرون بأنه لا أحد ينصت إليهم ويصارعون عدم الاستقرار وتطاردهم الاضطرابات الاقتصادية. هذه مخاوف سياسية مشروعة، لكن القليل من التحليلات في هولندا اعترفت بالعنصرية العميقة الجذور التي يتم حشدها الآن"، بحسب تشانكايا.

وأردف: "في هولندا، يتم تجاهل هذا التفسير السياسي إلى حد كبير. إننا نشهد مرة أخرى على إنكار العنصرية، حتى مع فوز حزب يميني متطرف متأصل في العنصرية بالانتخابات.. إنه أمر جنوني".

وشدد على أن "فيلدرز يعمل على تعبئة "الشعب" على أسس عرقية وعنصرية.. لقد حلت بنا الأوقات الصعبة، فأوروبا تموت".

وفي 25 نوفمبر الماضي، أدانت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) تصريحات لفيلدرز أنكر فيها حق الفلسطينيين في إقامة دولة، ودعا إلى تهجيرهم إلى الأردن.

وشددت "حماس" على أن موقف فيلدرز "فاشي متماهي مع مخططات الاحتلال الصهيوني النازي (إسرائيل)، في محاولة واهمة لتهجير شعبنا عن أرضه ومقدساته الإسلامية والمسيحية".

اقرأ أيضاً

بفوز فيلدرز الصادم في هولندا.. اليمين المتطرف أصبح تيار أوروبا الرئيسي

معاناة الفلسطينيين

وفي ظل هذه العنصرية، كما زاد تشانكايا، فإن "تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم يتشابك بشكل معقد مع معاملة المسلمين واللاجئين والملونين في جميع أنحاء أوروبا".

واستطرد: "ولهذا السبب أيضا فإن ما يحدث "هناك" (فلسطين) يؤثر علينا "هنا" (أوروبا). ويظل العديد من الأوروبيين غير مبالين بمعاناة الفلسطينيين، تماما كما يغضون الطرف عن تجريدهم من إنسانيتهم "هنا".

تشانكايا تساءل: "لماذا لا يفهم "الشعب" قلقنا إزاء ما يجري في فلسطين؟ هل يمكن أن يكون لدى شريحة كبيرة من السكان الأوروبيين ذاكرة جماعية مختلفة؟ هل نشأوا على قصص مختلفة وينظرون إلى التاريخ من منظور مختلف؟".

ومضى قائلا: "لقد سقطت الأقنعة، وانكشفت كل الأكاذيب والتشتيتات والمكائد السياسية. وكان العنف البنيوي والعنصرية واضحين بالفعل في فضيحة إعانات الأطفال الهولندية وغرق المهاجرين في البحر والمتوسط".

وفي يناير/ كانون الثاني 2021، استقالت الحكومة الهولندية برئاسة مارك روته؛ بعد اتهامها آلاف الأسر، تنتمي في الغالب لجذور من الأقليات والمهاجرين، بإساءة استخدام أموال رعاية الأطفال التي تقدمها الحكومة، ومطالبتهم بإعادتها؛ ما عرض بعض الأسر لأزمات مالية.

اقرأ أيضاً

وصفتها بالفاشية.. حماس تدين تصريحات للبرلماني الهولندي خيرت فيلدرز

 

المصدر | سنان تشانكايا/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الزومبي فيلدرز الفلسطينيون إنسانية من إنسانیتهم

إقرأ أيضاً:

كلاب إسرائيل وجثث الفلسطينيين!

هل هناك حدود للإجرام والوحشية الإسرائيلية ضد العرب عموما والفلسطينيين خصوصا؟
كنت أعتقد أن هناك حدودا يصعب حتى على أى مجرم مهما كان عتيا أن يتجاوزها، لكن ما تفعله إسرائيل فى قطاع غزة فاق كل خيال.

صدعت إسرائيل رءوسنا ورءوس العالم  بخرافة أنها واحة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان فى غابة من الاستبداد العربى الإسلامى، إلى أن جاء عدوانها المستمر على قطاع غزة منذ ٧ أكتوبر من العام الماضى، ليكشف أنها منبع وأصل الوحشية والعنصرية.

ما هو الجديد الذى يدفعنى للكتابة عن هذا الموضوع اليوم؟

صحيفة هاآرتس العبرية ذات الاتجاه اليسارى نشرت.

يوم الأربعاء الماضى عن قائد بالفرقة ٢٥٢ بجيش الاحتلال أن هناك خطا شمال محور الشهداء «نتساريم» فى قطاع غزة يسمى بخط الجثث ويعرفه أهالى المنطقة جيدا. يضيف أى شخص يتجاوز هذا الخط نطلق عليه الرصاص فورا، ولا يجرؤ الأهالى على سحب الجثث، بل نتركها لتأكلها الكلاب.
المئات من جثامين الشهداء ما تزال موجودة فى شوارع مخيم جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، وكلما حاول الأهالى نقل الجثث تستهدفهم المسيرات مما يؤدى لسقوط شهداء جدد، والعشرات من المصابين ظلوا ينزفون لأيام طويلة حتى استشهادهم دون أن يتمكن أحد من إسعافهم.

«صور الكلاب وهى تنهش جثامين الشهداء أمام أعين جنود وضباط الاحتلال تكشف - حسب بيان لحركة حماس - عن مستوى الوحشية وحجم السادية والإجرام واللاإنسانية فى سلوك جيش الاحتلال وقيادته الفاشية».

صحيفة هاآرتس أيضا التقت بمجموعة من قادة وضباط وجنود الجيش الإسرائيلى فى شمال قطاع غزة وجاءت أهم تصريحاتهم كالتالى:

محور نتساريم مصنف بأنه منطقة قتل، وكل من يدخل نطلق عليه النار فورا، وهناك سباق بين الوحدات لقتل أكبر عدد من الفلسطينيين. نحن نقتل مواطنين ثم نعدمهم على أساس أنهم مسلحون. ولدينا أوامر بإرسال صور الجثث، وقد أرسلنا صورا لـ٢٠٠ قتيل، وتبين أن عشرة فقط منهم ينتمون لحماس. وأحيانا يتصرف الجيش فى غزة وكأنهم ميليشيا مسلحة مستقلة لا تلتزم بأى قوانين، ولدينا سلطات غير محدودة، وهناك عمليات تجرى من دون أوامر. وبعض القادة الذين خدموا فى المنطقة كانوا يبحثون عن صورة نصر شخصى، وأحد القادة قال لجنوده أن صورة النصر لفرقته سوف تتحقق بعد إفراغ شمال غزة من سكانه.

وأظن أن العبارة الأخيرة هى أحد الأهداف الأساسية للعدوان الإسرائيلى ضمن أهداف أخرى كثيرة. لكن هناك جيوشا كثيرة تحتل مناطق فى دول أخرى من دون أن تفعل ما فعلته وتفعله إسرائيل فى غزة من إجرام غير مسبوق.

فى نفس اليوم، لتقارير هاآرتس كانت منظمة «هيومان رايتس ووتش» تتهم إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية. المنظمة قالت إن السلطات الإسرائيلية فرضت عمدا على سكان غزة ظروفا معيشية مصممة لتدمير جزء من السكان من خلال تعمد حرمان المدنيين من الوصول إلى المياه بشكل كاف. مما أدى إلى آلاف الوفيات، إضافة إلى الحرمان من الصرف الصحى، وتعطيل البنية التحتية، خصوصا قطع الكهرباء وكلها أعمال تشكل جريمة حرب متمثلة بالإبادة.

المنظمة استشهدت بما قاله يوآف جالانت وزير الدفاع الإسرائيلى السابق بعد بدء العدوان مباشرة فى ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ «لن تكون هناك كهرباء ولا طعام ولا ماء، ولا وقود. كل شىء مغلق». يومها وصف جالانت الفلسطينيين بأنهم «حيوانات بشرية!!!».

تقرير هومان رايتش ووتش استغرق إعداده عاما كاملا، ومن المستحيل اتهام أصحابه بأنهم مغرضون أو عرب معادون للسامية. هو اعتمد على مقابلات سكان مدنيين وصور بالأقمار الصناعية وبيانات وتحليل صور وفيديوهات. وبالطبع فإن وزراء الخارجية الإسرائيلية قال إن التقرير ملىء بالأكاذيب، وافتراء دموى لتعزيز الدعاية المناهضة لإسرائيل!!!

ولا أعلم كيف يمكن أن يكون هذا التقرير ملىء بالأكاذيب فى حين أن أهم دليل على صحته هو سقوط ١٥٢ ألف شهيد وجريح فلسطينى وعشرة آلاف مفقود ودمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الآلاف من الأطفال والمسنين والنساء وتدمير أكثر من ٧٠٪ من قطاع غزة ونزوح أكثر من ٨٠٪ من السكان، مما شكّل واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية فى العالم.

أما ما يحدث فى شمال قطاع غزة من تدمير منظم لكل شىء وتسوية المبانى والمنشآت بالأرض خير دليل على الجريمة العظمى التى ترتكبها إسرائيل.

ختاما يقول ضابط إسرائيلى: «نحن فى مكان بلا قوانين وحياة البشر فيه بلا قيمة!!!».

(الشروق المصرية)

مقالات مشابهة

  • حصيلة جديدة لعدد الشهداء الفلسطينيين في غزة
  • بعد الهجوم على سوق عيد الميلاد في ألمانيا: هولندا: خطر حقيقي للإرهاب
  • كلاب إسرائيل وجثث الفلسطينيين!
  • انقلابات في السياسة وانقلاب في الطبيعة أيضا.. ماذا تعرف عن أطول ليلة في نصف الكرة الشمالي؟
  • اكتشاف أرضية مصنوعة من عظام الحيوانات في مبني قديم بـ هولندا
  • روسيا في سوريا... انتكاسة ومرونة استراتيجية أيضاً
  • لا أحد يريد حسم اللقب في الدوريات الأوروبية الكُبرى!
  • بوتين عن موقف كييف من عقد ترانزيت الغاز الروسي إلى أوروبا: تعض اليد التي تطعمها
  • هولندا تتخلّى عن النمط التقليدي لمسابقات ملكة الجمال.. امرأة متحولة جنسياً تفوز باللقب لأول مرة
  • منظمة حقوقية: إسرائيل قتلت آلاف الفلسطينيين بقطع الماء عن غزة