منذ أن تولى مولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ مقاليد الحُكم في البلاد وهو يحرص على دعم العلاقات الثنائيَّة الَّتي تربط سلطنة عُمان بالدوَل الشَّقيقة والصَّديقة بما يفتح مجالات رحبة للتعاون الَّذي يُحقِّق المصالح المشتركة للشَّعبَيْنَ على حدٍّ سواء.
والزيارتان السَّاميتان اللَّتان يقوم بهما جلالته ـ رعاه الله في حلِّه وترحاله ـ لكُلٍّ من سنغافورة والهند لا تُشكِّلان دعمًا للعلاقات القائمة بَيْنَ السَّلطنة، وهاتان الدَّولتان في مختلف المجالات فقط، بل العمل على تحقيق الازدهار والخير والاستقرار للشعوب الثلاثة الصديقة وتقريب الرؤى وتوحيد المواقف تجاه القضايا المختلفة بما يُحقِّق الأمن والأمان للعالَم أجمع.


إنَّ العلاقات الثنائيَّة بَيْنَ السَّلطنة وكلا البَلدَيْنِ شهدت نُموًّا مُطَّردًا خلال السنوات الأخيرة، خصوصًا على المستوى التجاري، ولكن السِّياسة الحكيمة لمولانا جلالة السُّلطان ـ أيَّده الله بنصره ـ تسعى لتحقيق المزيد من الانفتاح الاقتصادي على منطقتَي جنوب شرق آسيا وشِبه القارَّة الهنديَّة عَبْرَ شراكات اقتصاديَّة ضخمة تَعودُ بالخير والنَّفع والنُّمو للوضع المالي العُماني، وتُحقِّق الاستدامة الماليَّة في ظلِّ سياسة التنويع الاقتصادي ومضاعفة معدَّل استقطاب الاستثمارات الأجنبيَّة الَّتي تنتهجها الدَّولة.. إلى جانب تعزيز التعاون في مجالات أخرى.
إنَّ سلطنة عُمان تُعدُّ نموذجًا يُحتذى في توطيد العلاقات القائمة على التعاون المُثمر في جميع المجالات بما يُحقِّق المصالح المشتركة والرَّخاء للشَّعبَيْنِ.. من هنا وُصفت بالاستمراريَّة والقوَّة، وشهدت الكثير من التطوُّر والنُّمو والتقارب على كافَّة المستويات الشَّعبيَّة والرسميَّة استنادًا إلى الاحترام المتبادل.
لا شكَّ أنَّ الزيارات السَّامية تجسِّد النظرة بعيدة المدى لحضرة صاحب الجلالة ـ أبقاه الله ـ الَّذي يقوم بفتْح آفاقٍ أرحب للتعاون مع الدوَل الصَّديقة في منطقة صاعدة بما يُحقِّق مصالح الشَّعب الوفي.. فما يمرُّ به العالَم من تحدِّيات اقتصاديَّة تتطلب العمل على توفير الأمن والأمان والاستقرار للشعوب.. من هنا تأتي أهمِّية توقيت الزيارتَيْنِ المباركتَيْنِ الَّذي تسعى فيه الدَّولة لتحقيقِ نهضة مُتجدِّدة عظيمة تواكب المستجدَّات، وتوفِّر التقدُّم والتطوُّر والازدهار للبلاد والعباد في ظلِّ رؤية طموحة مُشرِقة تتجلَّى ملامحها يومًا بعد يوم.
حفظ الله مولانا المُفدَّى حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم وأحاطَه بعنايته ورعايته، وسدَّد على طريق الخير والتوفيق خطاه، وكَلَّل مساعيَه الحميدة بالنَّجاح والفلاح بما يَعودُ بالخير والسَّلام والرَّخاء للشَّعب الوفي ولكُلِّ شعوب العالَم، وجعله ذخرًا لأُمَّته.. إنَّه نِعمَ المولى ونِعمَ المُجيب.
**********
للأسف لَمْ يتَّفق الأعضاء في مجلس الأمن الدولي على اتِّخاذ قرار يُطالب بوقف إطلاق نار إنساني فوري في قِطاع غزَّة.. وهو ما يُعدُّ وصمة عارِ على جبين الإنسانيَّة حين تعترض دوَل على حقِّ الإنسان في العيش بكرامة بعيدًا عن أغلال المحتلِّ ونيرانه الَّتي لا ترحم.
لا شكَّ أنَّ استخدام أميركا لحقِّ النَّقض (الفيتو) لإبطال هذا القرار بعد موافقة (13) دَولة من أصْلِ (15)، وبعد امتناع بريطانيا، يُعدُّ فشلًا للديمقراطيَّة والرحمة والعدالة الَّتي تُناشد بها تلك الدوَل العظمى الجائرة.. فما يحدُث في الأرض المحتلَّة من إبادة شاملة وحرب عصابات ودمار شامل، واستهداف للمنازل المأهولة بالسكَّان، وقتلٍ للمَدنيِّين الأبرياء، يُعدُّ إرهابًا بمعنى الكلمة، ودليلًا قاطعًا على ازدواجيَّة المعايير الَّتي تتعامل بها الدوَل العظمى مع القضايا المختلفة.
معروف عن الفلسطينيِّين أنَّ عزيمتهم لا تفتُر، وأنَّها أقوى من أعتى الأسلحة الإسرائيليَّة.. فعلى الرغم من الاعتداءات المتصاعدة لقوَّات الاحتلال ضدَّ الشَّعب الأعزل وإقدامها على ممارسة كافَّة أشكال العذاب وصنوف الإرهاب، إلَّا أنَّ الفلسطينيِّين ظلوا صامدين شامخين كالجبال؛ لأنَّهم أصحاب الحقِّ والمالك الحقيقي للأرض.. بَيْنَما «إسرائيل» عدوٌّ لا يعرف حقوقًا ولا يحترم حرمة البيوت، وكُلُّ ما يسعى إليه هو احتلال عسكري كامل بمعنى الكلمة، وتاريخه الأسود حافل بمواقفه المخزية، ومجازره البشعة الَّتي تُدلِّل على وحشيَّته وانعدام إنسانيَّته.
إنَّ موقف سلطنة عُمان ثابت من هذه القضيَّة وإدانتها الشديدة في مقرِّ منظَّمة الصحَّة العالَميَّة لِمَا يحدُث في قِطاع غزَّة موقف مُشرِّف؛ لأنَّها دائمًا تأخذ صفَّ الشرعيَّة الدوليَّة، وضرورة الالتزام بالقوانين الإنسانيَّة، وتؤكِّد دائمًا على حقِّ الشَّعب الفلسطيني في الحياة الكريمة والسَّلام والأمان والاستقرار، والحصول على دَولة مستقلَّة ذات حدود وسيادة.

ناصر بن سالم اليحمدي
كاتب عماني

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

جلالة الملك: هناك من يستغل قضية الصحراء ليغطي على مشاكله الداخلية ويعيش في عالم متجمد بعيد عن الواقع

زنقة 20 | الرباط

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مساء اليوم الأربعاء، خطابا ساميا إلى شعبه الوفي بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة.

في ما يلي النص الكامل للخطاب الملكي السامي :

“الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

شعبي العزيز،

نخلد اليوم، ببالغ الاعتزاز، الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء.

وهي مسيرة سلمية وشعبية، مكنت من استرجاع الصحراء المغربية، وعززت ارتباط سكانها، بالوطن الأم.

ومنذ ذلك الوقت، تمكن المغرب من ترسيخ واقع ملموس، وحقيقة لا رجعة فيها، قائمة على الحق والشرعية، والالتزام والمسؤولية. ويتجلى ذلك من خلال :

– أولا : تشبث أبنائنا في الصحراء بمغربيتهم، وتعلقهم بمقدسات الوطن، في إطار روابط البيعة، القائمة عبر التاريخ، بين سكان الصحراء وملوك المغرب.

– ثانيا : النهضة التنموية، والأمن والاستقرار، الذي تنعم به الصحراء المغربية.

– ثالثا : الاعتراف الدولي المتزايد بمغربية الصحراء، والدعم الواسع لمبادرة الحكم الذاتي.

وبموازاة مع هذا الوضع الشرعي والطبيعي، هناك مع الأسف، عالم آخر، منفصل عن الحقيقة، ما زال يعيش على أوهام الماضي، ويتشبث بأطروحات تجاوزها الزمن :

– فهناك من يطالب بالاستفتاء، رغم تخلي الأمم المتحدة عنه، واستحالة تطبيقه، وفي نفس الوقت، يرفض السماح بإحصاء المحتجزين بمخيمات تندوف، ويأخذهم كرهائن، في ظروف يرثى لها، من الذل والإهانة، والحرمان من أبسط الحقوق.

وهناك من يستغل قضية الصحراء، للحصول على منفذ على المحيط الأطلسي.

لهؤلاء نقول : نحن لا نرفض ذلك؛ والمغرب كما يعرف الجميع، اقترح مبادرة دولية، لتسهيل ولوج دول الساحل للمحيط الأطلسي، في إطار الشراكة والتعاون، وتحقيق التقدم المشترك، لكل شعوب المنطقة.

– وهناك من يستغل قضية الصحراء، ليغطي على مشاكله الداخلية الكثيرة.

مقالات مشابهة

  • جلالة الملك: هناك من يستغل قضية الصحراء ليغطي على مشاكله الداخلية ويعيش في عالم متجمد بعيد عن الواقع
  • جلالة الملك : ثمار التقدم والتنمية يجب أن تشمل كل المواطنين من الريف إلى الصحراء ومن الشرق إلى المحيط
  • جلالة الملك يبرز الاعتراف الدولي المتزايد بمغربية الصحراء
  • جلالة الملك: من يطالب بالإستفتاء يرفض إحصاء المحتجزين في تندوف ويأخذهم كرهائن
  • جلالة السلطان يهنئ ترامب بانتخابه رئيسا للولايات المتحدة
  • أهلاً وسهلًا نوفمبر المجيد
  • جلالة السلطان يصدر مرسومًا سلطانيًّا ساميًا
  • جلالة السلطان يهنئ دونالد ترامب بمناسبة انتخابه رئيسا جديدا للولايات المتحدة الأمريكية
  • جلالة السلطان يهنئ دونالد ترامب بمناسبة انتخابه رئيسا جديدا للولايات المتحدة الأمريكية.. عاجل
  • بالفيديو..ضباب كثيف في العاصمة وضواحيها