لماذا يصعب تحقيق الاستقرار الاقتصادي في تركيا؟
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
نشرت صحيفة "دنيا" التركية مقال رأي للكاتبة بورجو كوسام تناولت فيه التحديات التي تواجه جهود تحقيق التوازن في الاقتصاد التركي.
وقالت الكاتبة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في ظل الظروف الحالية علينا أن نتحمل جميعًا مرارة ارتفاع أسعار الفائدة من أجل خفض التضخم. فمنذ شهر حزيران/ يونيو، يبحث الاقتصاد التركي عن التوازن مع العودة إلى السياسات التقليدية.
تم رفع معدل الفائدة من 8.5 بالمئة إلى 40 بالمئة. وقد أعقب هذه الخطوة تطبيع السياسة النقدية بما في ذلك "الودائع المحمية بسعر الصرف". في هذه الأثناء، تم رفع تصنيف تركيا الائتماني بدرجتين من قبل مؤسسة واحدة، وبدرجة واحدة من قبل مؤسسة أخرى، وانخفضت درجة مقايضة العجز الائتماني (CDS) الخاصة بها تدريجيًا من 700 إلى 300. كل هذا ساهم في المقام الأوّل إلى تحسين ظروف التمويل الخارجية.
قد تم قبول هذه الخطوات على أنها خطوات صحيحة نحو استعادة الثقة في المؤسسات الاقتصادية، بما في ذلك البنك المركزي. ومن ناحية أخرى، فإن كل فرد في المجتمع يفهم بوضوح شديد ما يعنيه ارتفاع أسعار الفائدة خلال العامين الماضيين.
وأشارت الكاتبة إلى أن ارتفاع تكلفة التمويل الداخلي الناجم عن ارتفاع سعر الفائدة يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع التضخم بشكل كبير إذا تم إدارته بشكل غير صحيح، كما أن تكلفة التضخم باهظة الثمن بشكل خاص للأشخاص ذوي الدخل الثابت. في الوضع الحالي، نحن مضطرون إلى تحمل تكلفة الوصفة المؤلمة لارتفاع أسعار الفائدة من أجل خفض التضخم. هذه المرة، تريد الادارة الاقتصادية مشاركة هذه التكلفة على قدم المساواة مع جميع أصحاب المصلحة في المجتمع. لكن هل سيكون هذا ممكنًا؟ بالطبع، سنرى ونحلل بعد أن نعيش ذلك لأنه أمامنا فترة تراجع التضخم لم تبدأ بعد وستبدأ في النصف الثاني من 2024.
إذن، هل يمكننا قول إن هذه أيامنا الجيدة حتى يبدأ الانكماش ويتراجع التضخم؟ هل ينبغي مناقشة سياسات الإدارة الاقتصادية؟ متى سنحصل على النتائج؟
تتفق الكاتبة مع السياسات التي تنفذها الإدارة الاقتصادية حاليًا ... لكن الأيام القادمة ستكون صعبة للغاية. ورؤية ذلك لا تتطلب التشاؤم، بل الواقعية. وكما هو واضح على الصعيد العالمي، لا يوجد لدى أي بنك مركزي في العالم عصا سحرية ولكن مسؤولية خفض التضخم ليست على عاتق البنوك المركزية وحدها.
أمام تركيا بعض العقبات في طريقها لخفض التضخم في عام 2024، أحدها مقدار الضرر الذي سيستمر في تكبده أصحاب الدخل الثابت، مثل الحد الأدنى للأجور والوظائف التي تقاربها.
وحسب الكاتبة، إذا بدأت أولاً بالتفكير في التعويضات التي تم تقديمها، فإليك أبسط إجابة يمكن تقديمها: أولاً، يمكن إلقاء نظرة على النسبة المئوية لزيادة الرواتب بين عامي 2020 والآن، ثم عدد المرات التي زادت فيها النفقات التي يمكن تحملها بذاك الراتب مقارنة بما هي عليه الآن. بعبارة أبسط، ما هي النسبة المئوية لما كنت قادرًا على شرائه أو تحمله في عام 2020، مثل الإيجار والنفقات الأخرى، التي يمكنك تحملها اليوم براتبك الحالي؟
على الرغم من أن زيادة الراتب ظلت إيجابية من حيث النسبة المئوية، فقد انخفضت نسبة المعيشة إلى الجانب السلبي. هذا ما يسمى بـ "غلاء المعيشة". ومرة أخرى، من الواضح أن التضحيات تقع على عاتق ذوي الدخل الثابت بشكل كبير!
لنأتي الآن إلى الوضع المتوقع، هناك موضوع زيادة الحد الأدنى للأجور، الذي بدأ هذا الأسبوع وسيتم اتخاذ قرار بشأنه في أربع جلسات خلال هذا الشهر. كما أن هناك المناقشات حول القيام بذلك مرة واحدة في السنة لأن الزيادة المخطط لها مرة واحدة في السنة يبدو أنها قد أفسدت حسابات الزيادة التي تم إجراؤها مسبقًا إلى حد كبير.
في النقطة التي تم الوصول إليها مؤخرًا، قالت الكاتبة إن الزيادة ستكون أعلى من 50 بالمئة في الكواليس. من ناحية أخرى، فإن الزيادة في الأجور للعاملين الذين اقتربوا من الحد الأدنى للأجور بنسبة 60 بالمئة هي أيضًا أحد الموضوعات المتداولة.
وذكرت الكاتبة أن الرغبة العامة هي أن يحصل العمال ذوو الدخل المنخفض الذين يعانون من ضائقة مالية ويكافحون حتى نهاية الشهر على أكبر زيادة ممكنة في الأجور، إلا أن هناك أيضًا نقاشًا حول هذا الموضوع على المستوى العالمي. وهو أن الزيادة كلما ارتفعت زادت تحفيز التضخم.
وأضافت الكاتبة أن نسبة كبيرة من شركات القطاع الحقيقي في تركيا تنتج منتجات متوسطة ومنخفضة التكنولوجيا لكنها كثيفة العمالة. وبالتالي، فإن أهم منافسي صادرات المنتجات من هذا النوع في الأسواق الخارجية هي بلدان مثل بنغلاديش وفيتنام حيث يكون الحد الأدنى للأجور منخفضًا للغاية، أي أنهم يتمتعون بميزة تنافسية من حيث التكلفة. وبطبيعة الحال، فإن مسألة كيفية مساهمة الزيادة في الصادرات ومنه في الاحتياطات ورصيد الحساب الجاري هي قضية إشكالية أخرى. أما المشكلة الأخرى هي زيادة تكاليف الائتمان للقطاعات التي تعاني من عجز في رأس المال العامل.
وأوردت الكاتبة أن الشركات التي لا تستفيد من المزايا التي توفرها لها الدولة من خلال القروض الانتقائية للتصدير والاستثمار، ستقع تحت عبء كبير بسبب ارتفاع تكاليف المدخلات والتمويل. وإذا كنا صادقين، كما ذكرنا أعلاه، لا توجد صيغة يمكن أن تجعل كلا القطاعين، أي العمال وأرباب العمل، سعداء في نفس الوقت أو بشكل منفصل في هذه الفترة الصعبة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي منوعات تركية الاقتصاد التضخم تركيا اقتصاد تركيا العدالة والتنمية تضخم سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحد الأدنى للأجور
إقرأ أيضاً:
الديون الأميركية أكبر خطر على الاستقرار المالي.. هذا ما توصل إليه الفدرالي
الاقتصاد نيوز - متابعة
فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب أسهم في حملة قوية ضد التضخم المرتفع، ولكن بعد الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تجاهل الخبراء الماليون والاقتصاديون ارتفاع الأسعار وبدأ القلق يسري بشأن ارتفاع الديون الأميركية، والركود المحتمل، والمخاطر التي تهدد التجارة العالمية.
عبء الديون قد يكون من أهم التهديدات لاستقرار القطاع المالي، وفقاً لمسح جديد أجراه الفدرالي الأميركي ونشر في وقت متأخر من ليل الجمعة بتوقيت الولايات المتحدة.
وخلص مسح الفدرالي الأميركي إلى أن "المخاوف بشأن القدرة على تحمل الديون المالية الأميركية كانت من بين المخاطر الأكثر ذكراً. ولوحظ أن زيادة إصدارات سندات الخزانة يمكن أن تبدأ في مزاحمة الاستثمار الخاص أو تقييد استجابات السياسات في حالة الانكماش الاقتصادي"، في حين أن الضعف المحتمل في الدين العام الأميركي قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.
وبتلك التوجهات، ارتفع همّ الاقتصاد الكلي واحتمال نشوب حرب تجارية عالمية إلى أعلى قائمة المخاوف.
ارتفعت أعباء تكاليف الفائدة على الديون الأميركية إلى أعلى مستوياتها منذ تسعينيات القرن العشرين في السنة المالية المنتهية في سبتمبر، مما أدى إلى تصعيد خطر أن تحد المخاوف المالية من خيارات السياسة للإدارة المقبلة في واشنطن.
وانعكست هذه المخاوف أيضاً في سلوك سوق السندات في الآونة الأخيرة، مع ارتفاع العائدات على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات، على سبيل المثال، بشكل حاد خلال الشهرين الماضيين على الرغم من قيام الفدرالي الأميركيبتخفيض سعر الإقراض القياسي مرتين بما مجموعه 75 نقطة أساس.
وإلى جانب ذلك، كان تقدير علاوات سندات الخزانة، وهو مقياس التعويض الذي يحتاجه المستثمرون للاحتفاظ بأوراق مالية الخزانة الأطول أجلاً بدلاً من الأوراق المالية القصيرة الأجل، قريباً من أعلى نطاقه منذ عام 2010.
وعلاوة على ذلك، كانت مقاييس تقلب أسعار الفائدة فوق المعايير التاريخية، ويرجع ذلك جزئياً إلى "ارتفاع حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية والمسار المرتبط بالسياسة النقدية بالإضافة إلى الحساسية المتزايدة للأخبار المتعلقة بنمو الإنتاج والتضخم والمعروض من سندات الخزانة".
مخاطر الحروب التجارية
وفي الوقت نفسه، ارتفع الضعف المحتمل في الاقتصاد واحتمال نشوب حرب تجارية عالمية على قائمة المخاوف.
ووجد الاستطلاع أن "المخاطر التي تتعرض لها التجارة العالمية تم ذكرها على وجه التحديد في هذا الاستطلاع، حيث أشار بعض المشاركين إلى احتمال أن تؤدي الحواجز الجمركية إلى سياسات حمائية انتقامية من شأنها أن تؤثر سلباً على تدفقات التجارة العالمية وتفرض ضغوطاً تصاعدية متجددة على التضخم". وأشار آخرون إلى أن تدهور التجارة العالمية يمكن أن يؤدي إلى ركود النشاط الاقتصادي وزيادة خطر الانكماش.
اقرأ أيضاً: راي داليو: الديون الأميركية وقرارات الفيدرالي في مقدمة القوى المحركة للاقتصاد العالمي
وكان "التضخم المستمر" إلى جانب السياسة النقدية المتشددة للفدرالي الأميركي قد تم الاستشهاد به على أنه الخطر الأكبر في استطلاع سابق صدر في الربيع، لكنه انخفض إلى المركز السادس، إلى جانب التجارة العالمية، في الاستطلاع الحالي.
سياسات ترامب
ورغم أن هذا التضخم سبق فوز ترامب في الانتخابات، إلا أن الاستطلاع يسلط الضوء على القضايا التي من المرجح أن تكون محورية في المناقشات المقبلة بشأن الضرائب والرسوم الجمركية والقضايا الاقتصادية الأخرى.
ويرى بعض الاقتصاديين أن حزمة الإجراءات التي يخطط لها ترامب من التخفيضات الضريبية والرسوم الجمركية على الواردات من المحتمل أن يؤدي إلى زيادة التضخم والعجز الفيدرالي الكبير بالفعل في وقت تحافظ فيه أسواق السندات على ارتفاع العائدات على سندات الخزانة الأميركية.
وتستشهد قائمة المخاطر على المدى القريب التي تهدد الاستقرار والتي نُشرت يوم الجمعة بتقريري الاستقرار المالي لعام 2019، عندما كانت "الاحتكاكات التجارية" هي مصدر القلق الأكبر بعد أن أطلق ترامب حرباً تجارية مع الصين وأجبر المكسيك وكندا على إعادة التفاوض بشأن كوريا الشمالية والجدل حول اتفاقية التجارة الحرة الأميركية.
وتظهر الوثيقة أيضاً أن ترامب يرث نظاماً مالياً يبدو متيناً إلى حد كبير من وجهات نظر عديدة، ولكن مع ظهور بعض الضغوط الملحوظة.
وخلص التقرير إلى أن قيم الأصول "ظلت مرتفعة"، وهو ما يشكل مصدر قلق لأن التسعير المرتفع يمكن أن يعني انعكاسات أكثر حدة إذا تغيرت المشاعر أو الظروف، مع انخفاض السيولة وتعرض أسعار العقارات التجارية للضغوط.
وكان اقتراض الأسر "متواضعاً"، لكن التأخر في السداد كان في ارتفاع بالنسبة لبعض أنواع القروض، واقترضت الشركات بكثافة.
وظلت البنوك، التي يخضع الكثير منها لإشراف الفدرالي الأميركي مع مراقبة مستويات رأس المال عن كثب، سليمة ومرنة.
تم وصف إحدى فئات الأصول المحددة، وهي "العملات المستقرة" المستخدمة كجزء من نظام العملة المشفرة، بأنها متنامية.