فظائع مزعومة وأكاذيب.. هكذا حشدت إسرائيل الدعم لأعمالها الانتقامية في غزة
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
قالت صحيفة ليبيراسيون الفرنسية إن التقييم شبه النهائي، بعد شهرين من الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، يؤكد أن بعض "الفظائع" المزعومة التي تم نقلها أحيانا على عجل ووصلت أعلى المستويات للحصول على الدعم الدولي لتل أبيب لم تحدث مطلقا.
واستعادت الصحيفة -في تحقيق مشترك بين سيدريك ماثيو وفلوريان غوتيير وجاك بيزيه- تفاصيل الأعمال التي تم تصوير معظمها يوم طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد أن أصبحت النتائج النهائية لما حدث معروفة تقريبا.
ولاحظ قسم التحقق من الأخبار بالصحيفة وجود العديد من القصص والشهادات غير المؤكدة أو غير المتسقة، وقد أكدت البيانات المتاحة أن بعض "الفظائع" الموصوفة في البداية لم تحدث، ويتعلق معظم هذه الشهادات الكاذبة بمزاعم إساءة معاملة الأطفال، التي كانت في قلب حملة العلاقات العامة التي بدأتها إسرائيل قبل شهرين.
وقد روج هذه الأكاذيب لأسابيع رجال الإنقاذ المتطوعون والجنود أو مسؤولو الجيش الإسرائيلي، ولكن أيضا رأس الدولة والدبلوماسية الإسرائيلية، وضجت بها الصحافة العالمية، وكذلك تصريحات القادة السياسيين الغربيين.
وتساءلت الصحيفة هل قام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أو وزارة الخارجية أو زوجة الرئيس يتسحاق هرتسوغ، بنشر الأكاذيب عن عمد في أحاديث دبلوماسية على أعلى المستويات، بهدف حشد الدعم للرأي العام الدولي؟
أشخاص ينظرون إلى جثث 7 أطفال فلسطينيين من عائلة البكري استشهدوا في غارة إسرائيلية على منزلهم بخان يونس (رويترز) كذبة الـ40 طفلابعد 3 أيام من هجوم حماس (معركة طوفان الأقصى)، سمح الجيش الإسرائيلي لصحفيين أجانب بالدخول إلى كيبوتس كفار عزة الواقع على بعد أقل من كيلومتر من قطاع غزة، وهناك ذكرت نيكول زيديك مراسلة القناة الإسرائيلية 24 أن "أحد القادة هنا قال إن ما لا يقل عن 40 طفلا قتلوا"، وأضافت أن "بعضهم قطعت رؤوسهم. وقال إنه لم ير مثل هذه الأعمال الوحشية من قبل".
وتكرر هذا البيان في وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، ومن قبل السلطات الإسرائيلية، لعدة أسابيع. وفي اليوم التالي، نشر "الحساب الرسمي لدولة إسرائيل" على تويتر مقطع فيديو من القناة نفسها يستحضر "مذبحة كفار عزة"، مصحوبا بعبارة "40 طفلا قتلوا"، ثم انتشر البيان بشكل بارز بين أشرطة الفيديو التي غمرت بها إسرائيل الإنترنت في أكتوبر/تشرين الأول للتنديد بما تصفها "بجرائم" حماس.
تم العثور على طفل واحد فقط بين المدنيين الذين قتلوا يوم 7 أكتوبر
غير أن هذه المعلومات تتعارض الآن مع الأرقام، لأن الشرطة الإسرائيلية أبلغت معهد التأمين الوطني الإسرائيلي الذي تعتبر إحصاءاته بمثابة مرجع اليوم، بأسماء أصحاب 789 جثة لمدنيين تم التعرف عليها عدا قوات الأمن، وتم العثور على طفل واحد فقط بين المدنيين الذين قتلوا يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفي ضوء المعلومات المتوفرة لدى الصحيفة، بدا أن العديد من التصريحات التي أعقبت الهجوم، بالإضافة إلى كذبة الأطفال الـ40 "غير دقيقة أو كاذبة".
ويمكن تفسير بعض ذلك بالفوضى التي أعقبت الهجوم وحجم الدمار والجثث التي لم يتم التعرف عليها، ولكن بعضها الآخر كان مجرد "اختراعات محضة"، لا علاقة لها بالحقائق المثبتة ولا ترتبط بها على الإطلاق، وفق التقرير.
كفار عزة.. بؤرة الأكاذيبوبحسب الصحيفة، ترجع جذور أغلب التصريحات الكاذبة المتعلقة بالرضع أو الأطفال الصغار إلى كيبوتس كفار عزة حيث ولدت كذبة الـ40 طفلا وقد جاء بعضها من مصادر عسكرية، حيث روى العقيد غولان فاخ، قائد وحدة الإنقاذ الوطني التابعة للجيش الإسرائيلي، لوفد من البرلمانيين الفرنسيين إنه "نقل بنفسه جثث الأطفال المقطوعة الرأس"، وهذه القصة تتناقض اليوم مع التقييمات.
العقيد غولان فاخ، قائد وحدة الإنقاذ التابعة للجيش الإسرائيلي إنه "نقل بنفسه جثث الأطفال المقطوعة الرأس"، وهذه القصة تتناقض اليوم مع التقييمات
ومن ناحيته، قال المقدم المتقاعد يارون بوسكيلا لصحيفة إيبوك تايمز إنه تحدث إلى حاخام قيل إنه زار كيبوتس كفار عزة، وقال "إنني نادم على لقاء الحاخام. كان وصفه للأشياء التي رآها صادما للغاية، لدرجة أنني تقيأت"، وبحسب بوسكيلا، فقد رأى الحاخام "أطفالا معلقين في صف واحد على حبل الغسيل، بحمالات صدور لأمهاتهم".
وكرر يارون بوسكيلا، وهو من منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي الذي يدافع عن فكرة أن السلام في إسرائيل لا يمكن الحصول عليه إلا بالقوة، الرواية نفسها في مقابلة مع موقع كيكار هاشابات الإخباري، مدعيا هذه المرة أنه رأى بأم عينيه "أطفالا رضعا معلقين على حبل الغسيل"، وقد حذف الموقع المقابلة بسبب إبلاغه بعدم وجود أطفال ماتوا في كفار عزة.
وأشارت الصحيفة إلى وجود قصص أخرى غير متسقة أو لم يتم التحقق منها أتى بعضها من وكالات الإغاثة، ومن المنظمة الخيرية "زكا" على وجه الخصوص، المسؤولة عن جمع الجثث، وقد ظهر مديرها يوسي لانداو، وشهد أمام العالم أجمع، في مقابلات متعددة، على العديد من "الفظائع" التي ارتكبت، لكن بعض عناصر قصصه بدت مشوهة إن لم تكن مخترعة.
نتنياهو ينقل الكذبة لبايدنوروى يوسي لانداو اكتشاف جثث 20 طفلا محروقا في مستوطنة بئيري، وقال "رأيت 20 طفلا معا، وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم"، وقد ردد هذا التصريح عدد كبير من وسائل الإعلام.
وقد تم تصوير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وهو يتحدث عبر الهاتف مع الرئيس الأميركي جو بايدن، ويقول "أخذوا عشرات الأطفال وقيدوهم وأحرقوهم وأعدموهم"، وهذه القصة تتناقض مع ما نعرفه اليوم، حيث قُتل 10 من عمال المناجم في بئيري.
وروى يوسي لانداو، فيما يتعلق ببئيري، اكتشاف جثث عائلة تضم طفلين يبلغان من العمر 6 و11 عاما (أو 6 و7 سنوات، وفقا لمقابلة أخرى)، تعرضوا للتعذيب بينما كان من وصفهم "بالإرهابيين" يأكلون بقايا وجبة السبت.
وتختلف التصريحات التي قدمها لانداو حسب وسائل الإعلام التي تحدث إليها، فقد تحدث أحيانا عن أطفال يحرقون أحياء أمام أهاليهم، لكنه في أغلب الأحيان كان يتحدث بالتفصيل عن عمليات التشويه التي لحقت بكل فرد من أفراد الأسرة.
بلينكن ردد أمام الكونغرس روايات إسرائيلية عن "فضائع" ارتكبت بحق أطفال في بئيري لكن التقارير أثبتت أنها لم تحصل
وهذه "الفظائع" -كما تقول الصحيفة- أبلغ عنها حرفيا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أمام مجلس الشيوخ الأميركي "صبي صغير وفتاة صغيرة، عمرهما 6 و8 سنوات، ووالداهما على مائدة الإفطار. اقتلعت عين الأب أمام أبنائه وقطع ثدي الأم، وبتر قدم الفتاة، وقطعت أصابع الصبي قبل إعدامهم"، علما أنه لم يمت أي طفل عمره بين 6 و11 سنة في بئيري، بحسب التقارير المتوفرة.
وقدم إيلي بير، وهو مدير منظمة "يناتد هاتزلاه" غير الحكومية هذه الشهادة (وهي كاذبة كما هو مبين وفق الصحيفة) وقال "رأيت بعيني امرأة حاملا في الشهر الرابع، وكانت في كيبوتس صغير. دخلوا منزلها أمام أطفالها وفتحوا بطنها وأخرجوا الطفلة الصغيرة وطعنوها ثم أطلقوا النار عليها أمام عائلتها. ثم قتلوا بقية الأطفال".
وأضاف "رأيت أطفالا صغارا مقطوعي الرأس، ولم نعرف أي رأس لأي طفل (…) رأينا طفلا صغيرا في الفرن. لقد وضع هؤلاء الأوغاد الطفل في الفرن وأشعلوا الفرن. لقد عثرنا على الطفل بعد بضع ساعات"، بحسب ما يروي.
وفي الوقت الذي أدلى إيلي بير بشهادته أمام زعماء الجمهوريين الأميركيين، كانت لينور أتياس من المنظمة نفسها تجري مقابلة مع قناة سي إن إن الأميركية في الأول نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وصفت فيها هذا المشهد "المرعب" الذي قالت إنها شاهدته في بئيري "كانت هناك فتاة صغيرة، تبلغ من العمر 8 أو 9 سنوات، لقد قطعوا يدها وكانت لا تزال تتنفس، وكانت تلك أنفاسها الأخيرة. لقد فقدت الكثير من الدماء لساعات"، ولم يعثر على أي معلومات مطابقة لمثل هذه الحالة، كما تقول الصحيفة.
وخلصت الصحيفة إلى أن هذه الحملة التي همست في آذان القادة السياسيين، وتمت صياغتها على شبكات التواصل الاجتماعي وفي أوساط الصحفيين، كانت تهدف إلى حشد ثم تعزيز دعم الرأي العام الإسرائيلي والدولي للأعمال الانتقامية العنيفة في غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أکتوبر تشرین الأول فی بئیری کفار عزة
إقرأ أيضاً:
مركز الملك سلمان للإغاثة يقدم 965 مشروعًا لتحسين ظروف الأطفال وأسرهم حول العالم
يحتفي العالم باليوم العالمي للطفل في 20 نوفمبر من كل عام؛ وهو يوم يهدف إلى تعزيز حقوق الأطفال من خلال مجموعة من الأنشطة والفعاليات التي تضمن لهم بيئة آمنة وصحية، وتشمل حقوق الطفل في التعليم، والمساواة، والعناية، والحماية من العنف والإهمال، كما نصت على ذلك المواثيق والأعراف الدولية.
وفي هذا الإطار تسعى المملكة العربية السعودية من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لتقديم الدعم للأطفال في مختلف أنحاء العالم، حيث نفَّذ المركز منذ تأسيسه وحتى الآن 3.117 مشروعًا في 105 دول بتكلفة تتجاوز 7 مليارات و113 مليون دولار أمريكي، من بينها 965 مشروعًا بقيمة 924 مليونًا و961 ألف دولار أمريكي؛ تهدف إلى تحسين ظروف الأطفال وأسرهم، مما يسهم في رفع معاناتهم، وضمان حصولهم على التعليم في بيئة آمنة وصحية.
ومن المشاريع النوعية التي ينفذها المركز، مشروع “إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين في النزاع المسلح باليمن”، الذي يهدف إلى تأهيل الأطفال المجندين وإعادتهم إلى حياتهم الطبيعية، حيث استفاد منه حتى الآن 530 طفلًا و60.560 فردًا من عوائلهم، يشمل المشروع إدماج الأطفال في المجتمع وإلحاقهم بالمدارس، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم ولأسرهم من خلال دورات تدريبية تهدف إلى مساعدتهم على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
ويعد مركز الملك سلمان للإغاثة من الداعمين الرئيسين لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”، حيث يسهم هذا الدعم في توفير الخدمات الصحية والمشاريع التغذوية للأطفال حديثي الولادة وأمهاتهم، إلى جانب دعم العملية التعليمية، مما يضمن استمرارية التعليم في مناطق الأزمات والكوارث.
ويشارك المركز العالم في الاحتفاء باليوم العالمي للطفل، مما يجسد التزامه ببناء مستقبل أفضل للأطفال في جميع أنحاء العالم، ويعزز الوعي بأهمية حقوقهم واحتياجاتهم الأساسية.