تهديدات وضغوط وراء استقالة رئيسة جامعة بنسلفانيا
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
تعرضت رئيسة جامعة بنسلفانيا ليز ماجيل المستقيلة لانتقادات وتهديدات بسبب دفاعها عن حرية التعبير في تصريحات تتعلق بمزاعم معاداة السامية في الحرم الجامعي.
وكانت جامعة بنسلفانيا واحدة من الأماكن التي أثيرت فيها ردود أفعال داخل الولايات المتحدة الأمريكية على الهجمات الإسرائيلية التي تستهدف قطاع غزة، والتي قتل فيها آلاف الفلسطينيين.
وتفاعل طلاب الجامعة على مدى أسابيع، مطالبين بوقف المذبحة ضد المدنيين في غزة.
وذكر مراسل الأناضول أن ردود الأفعال من بعض الجهات الداعمة لإسرائيل دفعت إلى استدعاء رئيسة الجامعة إلى الكونغرس الأمريكي، ما دفع ماجيل إلى الاستقالة من رئاسة الجامعة لتثير هذه الحادثة جدلاً عالمياً.
وفي 5 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أدلى رؤساء 3 جامعات أمريكية رائدة - كلودين جاي من جامعة هارفارد، وسالي كورنبلوث من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وماجيل بشهادتهن في جلسة استماع في الكونغرس الأمريكي حول تزايد معاداة السامية في حرم الجامعات، بعد اندلاع حرب إسرائيل على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وصرحت جاي وماجيل وكورنبلوث، اللاتي بدأن مزاولة عملهن في رئاسة الجامعة العام الماضي، أنهن سيكافحن جميع أشكال المشاعر والكراهية المعادية للمسلمين.
وسأل عضو الكونغرس الجمهوري بوب جود ماجيل عما إذا كان هناك احتجاج في الحرم الجامعي لدعم "ذبح المسلمين، أو تدمير العرب، أو تدمير دولة ذات أغلبية مسلمة".
فردت قائلةً: "على حد علمي لا يوجد شيء من هذا القبيل، وأشعر بالاشمئزاز من كل أنشطة الكراهية".
وأوضحت أن العديد من الخطابات المتعارضة تجري سنوياً في الحرم الجامعي في نطاق المنهج الأكاديمي وحرية التعبير، لكن الجامعة لا تستطيع منعها أو فرض رقابة عليها.
وردا على سؤال من عضوة الكونغرس الجمهورية إليز ستيفانيك حول ما إذا كانت "الدعوة إلى إبادة اليهود" تنتهك قواعد الجامعة، أجابت ماجيل: "إذا تحول الخطاب إلى سلوك، فيمكن أن يكون ذلك مضايقة، نعم".
وقالت ماجيل في بيان نشرته على موقع الجامعة قبل جلسة الاستماع: "نحن نعترف بحق الاحتجاج السلمي والتجمع ونوفر حماية واسعة لحرية التعبير، بما في ذلك التعبيرات المسيئة. وفي الوقت نفسه، لا نتسامح مطلقا مع العنف أو الخطاب الذي يهدف إلى التحريض على العنف".
وفي معرض تذكيرها بأن الجامعة أدانت هجمات حماس في 7 أكتوبر، قالت ماجيل: "إن الخسائر في الأرواح والمعاناة في إسرائيل وغزة خلال الحرب المستمرة أمر مفجع. ويمتد هذا الألم إلى حرمنا الجامعي".
وأشارت ماجيل إلى أن الاحتجاجات التي نظمت في مناطق جغرافية مختلفة من العالم أقيمت أيضا في حرم الجامعة، مشيرا إلى أن "الاحتجاج وكل ما يجلبه معه كان منذ فترة طويلة سمة من سمات الحياة الجامعية".
وفي إشارة إلى تزايد المشاعر المعادية للمسلمين، قالت ماجيل: "أعلم أن هذه الجلسة تركز على معاداة السامية، لكن كجامعة ومجتمع، نواجه حاليا مشكلة مهمة أخرى. نحن نشهد زيادة في المضايقات والترهيب والتهديد ضد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين بسبب هوياتهم الإسلامية أو الفلسطينية أو العربية أو التي ينظر إليها على هذا النحو".
وأردفت: " بعض الأشخاص فقدوا أفراد أسرهم خلال الهجمات الإسرائيلية على غزة وهم قلقون بشأن سلامة أقاربهم في المنطقة، والعديد منهم يخشون أيضا على سلامتهم. وقد أدى إطلاق النار المروع على 3 طلاب فلسطينيين في فيرمونت إلى تعميق هذه المخاوف أكثر".
وفي معرض الإشارة إلى زيادة إجراءات السلامة والأمن للأفراد وأماكن العبادة في الحرم الجامعي، أكدت ماجيل أنه تم اتخاذ خطوات لمكافحة "جميع أنواع الكراهية"، وخاصة معاداة السامية وكراهية الإسلام.
ولم تقتصر ردود الفعل ضد ماجيل على وسائل التواصل الاجتماعي، بل وصل الضغط إلى حد تهديد المانحين الجامعيين بـ "سحب تبرعاتهم".
روز ستيفنز، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة ستون ريدج القابضة، وأحد المتبرعين للجامعة، أرسل خطابا إلى الجامعة يهدد الإدارة بضرورة فصل ماجيل وإلا سيتم سحب أسهم ستون ريدج التي تصل قيمتها إلى 100 مليون دولار من الجامعة.
ومنذ 7 أكتوبر، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى مساء الأحد 17 ألفا و997 قتيلا، و49 ألفا و229 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: فی الحرم الجامعی معاداة السامیة
إقرأ أيضاً:
الانتخابات العراقية بين تعقيدات الخريطة وضغوط المال والسلاح
البلاد – بغداد
تستعد الساحة السياسية العراقية لخوض واحدة من أكثر الانتخابات تعقيدًا في تاريخها المعاصر، مع عودة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان السابق بقوة بعد تبرئته من جميع التهم الموجهة إليه، في وقت يواصل فيه التيار الصدري مقاطعته للعملية الانتخابية، مما يفتح الباب أمام تحولات كبيرة في خارطة القوى. فيما يظل غياب تطبيق بنود قانون الأحزاب السياسية، ولا سيما المتعلقة بحظر التمويل الخارجي وامتلاك الأحزاب لتشكيلات مسلحة، عائقًا رئيسيًا أمام بناء عملية سياسية عادلة وشفافة في العراق.
أحدث فصول المشهد العراقي تمثل في إعلان حزب “تقدم”، عن تبرئة القضاء العراقي لزعيمه محمد الحلبوسي من كافة التهم، مما يتيح له قانونيًا العودة إلى رئاسة مجلس النواب، رغم أن القرار النهائي بهذا الشأن لا يزال رهنًا بإرادته. وأكد القيادي في الحزب عمار الجميلي، أمس الاثنين، أن الحلبوسي سيكون المرشح الأول عن كتلة تقدم في بغداد خلال الانتخابات المقبلة، مشيرًا إلى أن منصب رئاسة المجلس سيُحسم لصالحه في الدورة البرلمانية القادمة. الحلبوسي نفسه علّق على القرار بتغريدة عبر منصة (اكس) قال فيها: “حين سكت أهل الحق عن الباطل توهّم أهل الباطل أنهم على حق”، مؤكدًا أن “الحق يعلو ولا يُعلى عليه”.
يأتي هذا بعدما حدد مجلس الوزراء العراقي موعد الانتخابات التشريعية في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، بعد تحديث سجلات الناخبين، حيث بات نحو 30 مليون عراقي مؤهلين للإدلاء بأصواتهم. ويرى مراقبون أن غياب التيار الصدري، الذي يشكل ثقلاً نوعيًا داخل البرلمان وله حضور شعبي واسع، سيعيد تشكيل المشهد السياسي بشكل جذري، مع منح الإطار التنسيقي وقوى أخرى الفرصة لسد الفراغ الذي سيخلفه الصدر.
ورغم تعهد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بالالتزام بالمعايير القانونية، إلا أن المخاوف تتزايد حيال جدية الرقابة على تمويل الأحزاب وعلاقاتها بالفصائل المسلحة. إذ تؤكد المادة التاسعة من الدستور العراقي على حصر السلاح بيد الدولة، وتمنع المادة السابعة مشاركة الكيانات التي تتبنى العنف أو الطائفية. ومع ذلك، يشير خبراء إلى أن ضعف تطبيق هذه النصوص أفسح المجال أمام بعض الأحزاب ذات الأذرع المسلحة لخوض الانتخابات عبر واجهات مدنية.
ويرى مراقبون أن الخلل الهيكلي في النظام السياسي العراقي يتمثل بغياب التطبيق الصارم لقانون الأحزاب، مما يمنح الفرصة لأطراف غير مؤهلة دستوريًا بالمشاركة. حتى أن بعض الفصائل المسلحة أنشأت واجهات سياسية ظاهرها مدني، لكنها في جوهرها امتداد لتلك التنظيمات، في ظل محدودية تأثير النواب المستقلين وضعف قدرتهم على فرض الرقابة الفاعلة، معتمدين بذلك على مفوضية الانتخابات لضبط مسار الانتخابات.
وبالإضافة إلى تحدي السلاح، يبرز التمويل السياسي كإحدى أخطر مظاهر الخلل الانتخابي، حيث تثير الشبهات المتكررة بشأن استغلال بعض الأحزاب لموارد الدولة أو تلقي دعم مالي غير معلن، واستمرار ظاهرة سوء استخدام المال السياسي مع ضعف الرقابة يفتح الباب أمام تحايلات متعددة، ما يضعف من عدالة ونزاهة المنافسة الانتخابية، ويهدد بإفراغ العملية الديمقراطية من مضمونها الحقيقي.
رغم هذه التحديات، تبدو الاستعدادات جارية على قدم وساق لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، إلا أن كثيرين يحذرون من أن غياب معايير الشفافية وتطبيق القانون سيجعل من النتائج القادمة محل نزاع سياسي حاد.