((عدن الغد )) عبداللاه سُميح

رغم تمكن أشجار السدر العريقة، من تخطي جملة التحديات التي تفرضها الصدمات المناخية على بقية النباتات حول العالم، فإنها تعجز عن مواصلة صمودها في اليمن، غير قادرة على مواجهة الحطابين، الذين تخلى الكثير منهم عن أدواته القديمة، وبات يفضّل المنشار الكهربائي، لإزالة أكبر قدر ممكن من الغطاء النباتي، خلال أوقات قياسية.

وتمتاز أشجار السدر، التي تنمو طبيعيًا على نحو واسع في المناطق اليمنية المختلفة، بقدرتها الكبيرة على الصمود في مختلف الظروف القاسية والجافة، متمتعة بكونها من أهم النباتات مقاومة للتصحّر، ومن أفضلها في تثبيت التربة الزراعية من الانجراف، إلى جانب استخدامها كأهم المصادر الرعوية لإنتاج أجود أنواع العسل اليمني.

وفي ظل استمرار الأزمة اليمنية، على مدى قرابة 9 أعوام، وتفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية إلى مستويات غير مسبوقة، واتساع رقعة المعاناة الإنسانية، لجأ الكثير من اليمنيين إلى استخدام جذوع الأشجار العملاقة والكبيرة، كوقود خشبي، بدلًا من غاز الطبخ الذي أصبح غير متوفّر في بعض الأوقات، وغير متاح للكثيرين في معظم الفترات، بسبب ارتفاع أسعاره، وتراجع القدرة الشرائية لدى اليمنيين إلى أسوأ درجاتها، بل تحولت هذه المهنة إلى مصدر دخل للكثير من المعدمين، الذين يقومون ببيع الحطب للمواطنين ومستهلكيه الأكبر من التجار، كملاك المخابز والحمّامات البخارية الكبيرة.

*تزايد التصحر*
يقول المدير العام للغابات ومكافحة التصحر، بوزارة الزراعة والريّ والثروة السمكية، لدى الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، المهندس فاروق طالب، إن نسبة التصحر في اليمن، وفق تقارير العام 2023، وصلت إلى 17.5% بزيادة تصل إلى ضعف إنتاجية الأرض، بعد أن كانت نسبة التصحر بلغت 8.87%، خلال العام 2015، وذلك يعود إلى ظروف الحرب وارتفاع المدخلات الزراعية.

وذكر طالب، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن نسبة الغطاء النباتي تبلغ 26 مليون هكتار، تتراوح من 37% إلى 57% حسب موسم الأمطار، مشيرًا إلى تعرّض اليمن لثمانية أعاصير خلال الفترة 2015 – 2023.

وعن مواجهة وزارة الزراعة لمشكلة الاحتطاب الجائر، يؤكد طالب أنها تمنع الاحتطاب باستثناء ما يكون في المجاري والقنوات المائية، وفقًا للمادة العاشرة من القانون اليمني رقم (26) للعام 1995، التي تمنع تحويل استخدام الأراضي الزراعية إلى استخدامات أخرى.

وقال إن إحصاءات العام 2014 تشير إلى أن مساحة الاحتطاب تجاوزت أكثر من 750 طنا متريا من الحطب، حيث تأتي محافظة حضرموت في صدارة المحافظات اليمنية المتضررة، وتليها كل من صنعاء والضالع وحجة.

وحول الإجراءات المطلوبة لمعالجة هذه المشكلة، يشير المدير العام للغابات ومكافحة التصحر، إلى أن "تطبيق القانون في الوقت الحالي ضعيف، ولكن مثلا في حضرموت، فإن للسلطة المحلية دورا مهما في مكافحة ذلك، بعكس المحافظات الأخرى القابعة خارج سلطة الدولة".

*اعتداءات منظّمة*
ويعتقد الخبير والباحث الزراعي، المهندس عبدالقادر السميطي، أن ما يشهده اليمن من اعتداءات على الغطاء النباتي، يتجاوز الاحتطاب الجائر؛ إذ بدأت تظهر فئة كبيرة من الناس بمناشير كهربائية، تجتث الأشجار الأثرية التي تتجاوز أعمار بعضها 150 عامًا، والأشجار الرحيقية، مثل أشجار السدر، والسمر، والنيم، على نحو لا يبدو عفويًا مطلقًا، بل متعمدًا، يتخطى معنى الاحتطاب، ويشكّل تحديًا بيئيًا لليمن، بدعوى مكافحة الفقر.


وقال السميطي، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن عمليات تدمير الغطاء النباتي، تجري على مرأى ومسمع من السلطات المعنية، وأصبحت هذه الأشجار تباع بكميات هائلة في أسواق المدن، مثل عدن، لاستخدامها من قبل ملاك المخابز والأفران، "وقد قمنا بإبلاغ الجهات المسؤولة أكثر من مرة، لكن دون أدنى استجابة".

وأشار إلى أن هناك مخاطر وعواقب لهذه الاعتداءات لن تستثني أحدا؛ لأن للأشجار وظائف متعددة في حياة الإنسان والكوكب؛ إذ يعني انحسارها انعدام الحياة البيئية، ولها أدوار مساعدة مناخيًا من حيث سقوط الأمطار وانخفاض درجات الحرارة، فضلًا عن مهمتها في تنقية الأرض من ثاني أكسيد الكاربون، وتثبيت الأراضي الزراعية من الانجرافات والسيول، وغيرها من الوظائف المهمة.

*العسل في مأزق*
وتنعكس عمليات الاحتطاب الجائر، التي تجتث أنواعا مختلفة من الأشجار خاصة أشجار السدر، على حياة النحالين اليمنيين، الذين باتوا يواجهون صعوبات في إنتاج مناحلهم لأنواع العسل اليمني المتعددة، الشهيرة على مستوى الإقليم والعالم.

ويرى الخبير في مجال تربية النحل، عايش الأهدل، أن الكثير من الناس اتجهوا إلى تحطيم الأشجار، وأصبح التحطيب ممنهجًا يقضي على الأشجار ذات السمعة العالية، مثل أشجار السدر، التي أصبحت الآن منهارة تمامًا، في عدد كبير من المناطق اليمنية، خاصة محافظات عمران وصعدة وحجة، وغيرها.


وقال الأهدل، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن التوجه للاحتطاب بهذه الأعداد الكبيرة، وتزايد الطلب على أشجار السدر والسلم والسمر، وضعا النحالين اليمنيين في مأزق، بعد اجتثاث الكثير من مراعيهم النحلية؛ ما أدى إلى تضاؤل إنتاجهم من العسل الأصيل؛ إذ تحولت المراعي الغنية بمثل هذه الأشجار، إلى مناطق نادرة، تشهد حمولة رعوية مرتفعة في الوديان والشعاب، التي يدخلها الكثير من النحالين في وقت واحد، وتصبح غير كافية للنحل، وذلك ما يهدد أفضل أنواع العسل اليمني، ويدفع الكثير من النحالين إلى ترك مهنتهم.

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: الغطاء النباتی الکثیر من

إقرأ أيضاً:

السعودية في صناعة قرار الأرصاد العالمي.. رئاسة دولية تعكس ريادتها المناخية

انتُخبت السعودية ممثلة في الدكتور أيمن غلام، لرئاسة إقليم آسيا في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، وذلك خلال اجتماعات الدورة الثامنة عشرة للاتحاد الإقليمي الثاني، التي تضم أكثر من 30 دولة من آسيا والمحيط الهادئ.
ويُعد هذا المنصب أحد أبرز المواقع القيادية في النظام العالمي للأرصاد، ويعكس المكانة العلمية والفنية التي بلغتها المملكة في هذا المجال الحيوي.منصب دولي للمملكةيُنظر إلى انتخاب المملكة لهذا المنصب بوصفه تتويجًا لمسيرة ممتدة من التطوير والتحديث في قطاع الأرصاد، الذي أصبح اليوم جزءًا لا يتجزأ من منظومة الأمن البيئي الوطني، ومنصة فاعلة للمشاركة في صياغة التوجهات المناخية العالمية، في ظل تصاعد الحاجة إلى استجابات علمية دقيقة لمواجهة الظواهر المناخية المتسارعة.تحول نوعي في الأرصادشهدت منظومة الأرصاد في السعودية تحولًا لافتًا في الأعوام الأخيرة، مستندة إلى رؤية استراتيجية يقودها المركز الوطني للأرصاد، هدفت إلى تحويل المركز من جهة خدماتية إلى مؤسسة علمية مرجعية تُسهم في رسم السياسات البيئية والمناخية.
أخبار متعلقة انتخاب المملكة رئيسًا لإقليم "آسيا" بالمنظمة العالمية للأرصاد الجويةالمملكة تعلن استعدادها لتعزيز قدرة الدول على التصدي للمخاطر المناخيةالمملكة تدعو إلى تكثيف الجهود تعزيز مبادئ إدارة الموارد المائيةوخلال هذه المرحلة، تم تعزيز البنية التحتية بزيادة عدد محطات الرصد، وتوسيع نطاق الرادارات، وإنشاء مراكز تخصصية في التغير المناخي والعواصف الغبارية وبرنامج الاستمطار الصناعي، بما يواكب مستهدفات رؤية المملكة 2030.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } د. أيمن غلاممسيرة علمية وميدانية متكاملةيُعد الدكتور أيمن غلام من الكفاءات الوطنية التي واكبت هذا التحول، وبرز اسمه في المشهد المناخي بصفته أحد المتخصصين الذين جمعوا بين العمل الميداني والبحث الأكاديمي والإدارة المؤسسية.
وُلد غلام في مكة المكرمة عام 1968، وبدأ مسيرته المهنية راصدًا جويًا، قبل أن يتدرج في عدة مناصب داخل المركز، منها كبير المتنبئين الجويين، ثم مدير لإدارة التنبؤات، حتى عُيّن رئيسًا تنفيذيًا للمركز الوطني للأرصاد، كما نال درجة الدكتوراه في علوم الأرصاد الجوية، ليضيف إلى رصيده المهني بُعدًا علميًا متقدمًا.مشروعات بحثية ومناخية نوعيةلم يقتصر دور غلام على التوسعة التقنية، بل امتد بإسهاماته مع فرق العمل إلى تطوير المحتوى العلمي والبحثي، حيث أطلق عددًا من المشاريع النوعية في مجال الرصد الجوي والبحري، وواكب التقدم التقني بإدخال أدوات تحليل حديثة، ورفع كفاءة التوقعات الجوية، وفتح المركز أمام الشراكات البحثية والتقنية مع الجامعات والجهات ذات العلاقة محليًا ودوليًا.
كما أولى اهتمامًا بتأهيل الكوادر الوطنية، وإطلاق برامج تدريب متخصصة تسهم في توطين المعرفة المناخية ورفع مستوى الجاهزية لدى الجيل القادم من المتخصصين.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } د. أيمن غلامأدوار إقليمية ودولية مؤثرةيحمل غلام في رصيده عددًا من المهام الإقليمية والدولية، منها رئاسة اللجنة الدائمة للأرصاد والمناخ في جامعة الدول العربية، ورئاسة لجنة العناصر المدارية المشتركة بين المنظمة العالمية للأرصاد الجوية والأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ.
ويُشرف من خلال المركز الوطني على مبادرات نوعية مثل المركز الإقليمي للعواصف الغبارية والرملية، ومركز التغير المناخي، وبرنامج الاستمطار الصناعي، وكلها تمثل أذرعًا تنفيذية ضمن مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي تتبناها المملكة.فرص استراتيجية للريادة المناخيةويُنظر إلى انتخابه لرئاسة إقليم آسيا كخطوة تعزز من حضور المملكة في المشهد المناخي العالمي، وتمنحها دورًا أوسع في تشكيل السياسات والتنسيق الإقليمي بشأن الظواهر الجوية، خاصة في منطقة آسيا التي تواجه تحديات بيئية متسارعة وتفاوتات مناخية حادة.
ويمثل هذا المنصب فرصة استراتيجية لتوسيع تأثير المملكة داخل المنظومة المناخية الدولية، من خلال توجيه الجهود البحثية نحو مناطق التأثير المشترك، وتفعيل المبادرات الإقليمية الخاصة بالإنذار المبكر والتأهب للكوارث، وتطوير قاعدة بيانات مناخية تشاركية بين الدول، ما يسهم في تعزيز أمن المجتمعات والتقليل من أثر الكوارث الطبيعية.
وعلى المستوى المحلي، يُتوقع أن ينعكس هذا الدور القيادي على تسريع تنفيذ عدد من المشروعات ذات الطابع الاستراتيجي في الداخل، منها التوسع في برامج الرصد الذكي، وتكامل خدمات الإنذار المبكر، وربط شبكات الرصد بجهات الدفاع المدني والنقل والطيران بشكل أكثر كفاءة.
كما سيعزز ذلك من مكانة المملكة كمركز إقليمي للخبرة المناخية، ووجهة للابتكار في مجال إدارة المناخ والطقس، بما يخدم خطط التنمية المستدامة ويحمي الإنسان والبيئة على حد سواء.

مقالات مشابهة

  • وزير الحرس الوطني: رؤية 2030 أحدثت الكثير من التحولات الكبرى
  • السعودية في صناعة قرار الأرصاد العالمي.. رئاسة دولية تعكس ريادتها المناخية
  • تدشين توزيع وزراعة شتلات السدر في القطاع الشرقي لمحافظة صنعاء
  • صنعاء.. تدشين زراعة 11 ألف شتلة من أشجار السدر في الحيمة الداخلية
  • تدشين زراعة 11 ألف شتلة من أشجار السدر في الحيمة الداخلية
  • وزير الزراعة: مكافحة التصحر والتغيرات المناخية أولويات استراتيجية
  • السيب يلامس لقبه الرابع في دوري عمانتل .. و 8 أندية مهددة بالهبوط !
  • مرقص: شابات وشباب لبنان ينتظرون منا الكثير لأنهم فعلاً يستحقون التميّز
  • تعرف على فوائد القرفة مع العسل لجسمك
  • المغرب يتخذ إجراءات مشددة لحماية الثروة البحرية ضد الصيد الجائر