أشجار السدر اليمنية.. ثروة مهددة بفعل التحطيب الجائر والتقلبات المناخية
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
((عدن الغد )) عبداللاه سُميح
رغم تمكن أشجار السدر العريقة، من تخطي جملة التحديات التي تفرضها الصدمات المناخية على بقية النباتات حول العالم، فإنها تعجز عن مواصلة صمودها في اليمن، غير قادرة على مواجهة الحطابين، الذين تخلى الكثير منهم عن أدواته القديمة، وبات يفضّل المنشار الكهربائي، لإزالة أكبر قدر ممكن من الغطاء النباتي، خلال أوقات قياسية.
وتمتاز أشجار السدر، التي تنمو طبيعيًا على نحو واسع في المناطق اليمنية المختلفة، بقدرتها الكبيرة على الصمود في مختلف الظروف القاسية والجافة، متمتعة بكونها من أهم النباتات مقاومة للتصحّر، ومن أفضلها في تثبيت التربة الزراعية من الانجراف، إلى جانب استخدامها كأهم المصادر الرعوية لإنتاج أجود أنواع العسل اليمني.
وفي ظل استمرار الأزمة اليمنية، على مدى قرابة 9 أعوام، وتفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية إلى مستويات غير مسبوقة، واتساع رقعة المعاناة الإنسانية، لجأ الكثير من اليمنيين إلى استخدام جذوع الأشجار العملاقة والكبيرة، كوقود خشبي، بدلًا من غاز الطبخ الذي أصبح غير متوفّر في بعض الأوقات، وغير متاح للكثيرين في معظم الفترات، بسبب ارتفاع أسعاره، وتراجع القدرة الشرائية لدى اليمنيين إلى أسوأ درجاتها، بل تحولت هذه المهنة إلى مصدر دخل للكثير من المعدمين، الذين يقومون ببيع الحطب للمواطنين ومستهلكيه الأكبر من التجار، كملاك المخابز والحمّامات البخارية الكبيرة.
*تزايد التصحر*
يقول المدير العام للغابات ومكافحة التصحر، بوزارة الزراعة والريّ والثروة السمكية، لدى الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، المهندس فاروق طالب، إن نسبة التصحر في اليمن، وفق تقارير العام 2023، وصلت إلى 17.5% بزيادة تصل إلى ضعف إنتاجية الأرض، بعد أن كانت نسبة التصحر بلغت 8.87%، خلال العام 2015، وذلك يعود إلى ظروف الحرب وارتفاع المدخلات الزراعية.
وذكر طالب، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن نسبة الغطاء النباتي تبلغ 26 مليون هكتار، تتراوح من 37% إلى 57% حسب موسم الأمطار، مشيرًا إلى تعرّض اليمن لثمانية أعاصير خلال الفترة 2015 – 2023.
وعن مواجهة وزارة الزراعة لمشكلة الاحتطاب الجائر، يؤكد طالب أنها تمنع الاحتطاب باستثناء ما يكون في المجاري والقنوات المائية، وفقًا للمادة العاشرة من القانون اليمني رقم (26) للعام 1995، التي تمنع تحويل استخدام الأراضي الزراعية إلى استخدامات أخرى.
وقال إن إحصاءات العام 2014 تشير إلى أن مساحة الاحتطاب تجاوزت أكثر من 750 طنا متريا من الحطب، حيث تأتي محافظة حضرموت في صدارة المحافظات اليمنية المتضررة، وتليها كل من صنعاء والضالع وحجة.
وحول الإجراءات المطلوبة لمعالجة هذه المشكلة، يشير المدير العام للغابات ومكافحة التصحر، إلى أن "تطبيق القانون في الوقت الحالي ضعيف، ولكن مثلا في حضرموت، فإن للسلطة المحلية دورا مهما في مكافحة ذلك، بعكس المحافظات الأخرى القابعة خارج سلطة الدولة".
*اعتداءات منظّمة*
ويعتقد الخبير والباحث الزراعي، المهندس عبدالقادر السميطي، أن ما يشهده اليمن من اعتداءات على الغطاء النباتي، يتجاوز الاحتطاب الجائر؛ إذ بدأت تظهر فئة كبيرة من الناس بمناشير كهربائية، تجتث الأشجار الأثرية التي تتجاوز أعمار بعضها 150 عامًا، والأشجار الرحيقية، مثل أشجار السدر، والسمر، والنيم، على نحو لا يبدو عفويًا مطلقًا، بل متعمدًا، يتخطى معنى الاحتطاب، ويشكّل تحديًا بيئيًا لليمن، بدعوى مكافحة الفقر.
وقال السميطي، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن عمليات تدمير الغطاء النباتي، تجري على مرأى ومسمع من السلطات المعنية، وأصبحت هذه الأشجار تباع بكميات هائلة في أسواق المدن، مثل عدن، لاستخدامها من قبل ملاك المخابز والأفران، "وقد قمنا بإبلاغ الجهات المسؤولة أكثر من مرة، لكن دون أدنى استجابة".
وأشار إلى أن هناك مخاطر وعواقب لهذه الاعتداءات لن تستثني أحدا؛ لأن للأشجار وظائف متعددة في حياة الإنسان والكوكب؛ إذ يعني انحسارها انعدام الحياة البيئية، ولها أدوار مساعدة مناخيًا من حيث سقوط الأمطار وانخفاض درجات الحرارة، فضلًا عن مهمتها في تنقية الأرض من ثاني أكسيد الكاربون، وتثبيت الأراضي الزراعية من الانجرافات والسيول، وغيرها من الوظائف المهمة.
*العسل في مأزق*
وتنعكس عمليات الاحتطاب الجائر، التي تجتث أنواعا مختلفة من الأشجار خاصة أشجار السدر، على حياة النحالين اليمنيين، الذين باتوا يواجهون صعوبات في إنتاج مناحلهم لأنواع العسل اليمني المتعددة، الشهيرة على مستوى الإقليم والعالم.
ويرى الخبير في مجال تربية النحل، عايش الأهدل، أن الكثير من الناس اتجهوا إلى تحطيم الأشجار، وأصبح التحطيب ممنهجًا يقضي على الأشجار ذات السمعة العالية، مثل أشجار السدر، التي أصبحت الآن منهارة تمامًا، في عدد كبير من المناطق اليمنية، خاصة محافظات عمران وصعدة وحجة، وغيرها.
وقال الأهدل، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن التوجه للاحتطاب بهذه الأعداد الكبيرة، وتزايد الطلب على أشجار السدر والسلم والسمر، وضعا النحالين اليمنيين في مأزق، بعد اجتثاث الكثير من مراعيهم النحلية؛ ما أدى إلى تضاؤل إنتاجهم من العسل الأصيل؛ إذ تحولت المراعي الغنية بمثل هذه الأشجار، إلى مناطق نادرة، تشهد حمولة رعوية مرتفعة في الوديان والشعاب، التي يدخلها الكثير من النحالين في وقت واحد، وتصبح غير كافية للنحل، وذلك ما يهدد أفضل أنواع العسل اليمني، ويدفع الكثير من النحالين إلى ترك مهنتهم.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: الغطاء النباتی الکثیر من
إقرأ أيضاً:
والي بنك المغرب حول ارتفاع معدل البطالة: الحل في رفع نسبة النمو وزيادة ثروة البلاد وتوزيعها
قال والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، إن الحل لمشكل تفاقم معدلات البطالة في المغرب، يتمثل في رفع نسبة النمو وزيادة ثروة البلاد وتوزيعها.
وأوضح الجواهري اليوم الثلاثاء، في جوابه عن سؤال لـ »اليوم 24″، حول ارتفاع معدل البطالة إلى 21.3 في المائة خلال سنة 2024 مقابل 16.2 في المائة قبل 10 سنوات، وفق ما أعلنت عنه مندوبية التخطيط صباح اليوم، -أوضح- أن « بنك المغرب يعتمد أرقام المندوبية السامية للتخطيط »، مضيفا، « الحل لمشكل التشغيل بطريقة إيجابية لن يكون إلا عن طريق رفع نسبة النمو وزيادة ثروة البلاد وتوزيعها ».
وقال الجواهري أيضا، « أما الحلول الأخرى التي تنتهجها بعض الدول ونحن أيضا اعتمدناها سابقا، تكون أحيانا إدارية أو عبارة عن إجراءات متواضعة، وبالتالي القطاعين العام والخاص يجب أن يركزا على ما يتعلق بالتنمية ».
وقال الجواهري أيضا، « في الفصل الثالث من 2024 لدينا أرقام إيجابية ولأول مرة، تتعلق بخلق فرص الشغل، والخدمات وفرت نحو 257 ألف فرصة شغل ».
ويرى والي بنك المغرب، أن « بطالة الشباب بين 16 و25 سنة تصل نسبتها إلى 50 في المائة، والوتيرة في ارتفاع »، مشيرا إلى أن ارتفاع معدل البطالة من 16 إلى 21 في المائة في 10 سنوات يعني أن هناك تراجعا، بينما نتطلع إلى خفض معدل البطالة في المغرب.