تحقق روسيا فوائد عدة من الحرب الإسرائيلية الراهنة على قطاع غزة، لكن احتمال توسع الصراع في منطقة الشرق الأوسط ينذر بمخاطر ربما تهدد موسكو، بحسب نيكيتا سماجين في تحليل بمؤسسة "كارنيجي" البحثية في واشنطن (Carnegie) ترجمه "الخليج الجديد".

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على خلّفت حتى مساء الاثنين 18 ألفا و205 شهداء و49 ألفا و645 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية.

وقال سماجين إن "الصراع في الشرق الأوسط هو الأزمة المثالية بالنسبة لروسيا، التي تجني مجموعة كاملة من الفوائد السياسية، فالمواجهة بين إسرائيل و(حركة) حماس، لم تعزز آمال الكرملين في تغيير المزاج السائد حول الحرب في أوكرانيا فحسب، بل عززت أيضا اعتقاده بأن نظام العلاقات الدولية الذي يركز على الغرب في حالة انهيار".

ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022، تشن روسيا حربا في أوكرانيا، المدعومة من الغرب، تبررها بأن خطط جارتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) تهدد الأمن القومي الروسي.

واعتبر سماجين أن "الغزو الشامل لأوكرانيا وضع حدا لمعظم الخلافات الغربية الداخلية عندما يتعلق الأمر بروسيا؛ مما أدى إلى توحيد البلدان على جانبي المحيط الأطلسي".

واستدرك: "لكن الحرب بين إسرائيل وحماس شهدت عودة الانقسامات إلى السطح، فبينما تصر الولايات المتحدة على حق (حليفتها) إسرائيل في الدفاع عن نفسها، توجد خلافات مريرة بين الدول الأوروبية حول الموقف الذي ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يتخذه".

وتابع: "توجد أيضا انقسامات مجتمعية، فمن واشنطن إلى ستوكهولم يتم تنظيم احتجاجات لمعارضين ومؤيدين لإسرائيل. كما تشير تقارير إعلامية إلى استياء واسع النطاق بين المسؤولين الأمريكيين من موقف البيت الأبيض المؤيد لإسرائيل".

اقرأ أيضاً

معادلة روسيا وإسرائيل.. غزة توتِّر علاقتهما وإيران تمنع انهيارها

ازدواجية أمريكية

وعلى هذه الخلفية، بحسب سماجين، "تراجعت الحرب في أوكرانيا على جدول الأعمال. وقالت واشنطن إنها ستقدم المساعدة لإسرائيل وأوكرانيا. ولكن إلى متى يمكن أن تظل منخرطة بشكل كامل في صراعين كبيرين؟".

وأضاف أن "موقف واشنطن المؤيد لإسرائيل يقوض شرعية الأسباب الأوسع للغرب لدعم أوكرانيا في نظر الكثيرين في الجنوب العالمي، فالحجة الأخلاقية ضد الغزو الروسي لأوكرانيا تبدو الآن وكأنها كلمات فارغة، وخاصة في دول الشرق الأوسط".

وشدد على أن "صور الدمار في غزة، والتقارير عن آلاف القتلى من الأطفال، وغضب المنظمات الإنسانية، خلق انطباعا عميقا لدى الناس في العالم النامي".

وزاد بأنه "يمكن للناس أن يتجادلوا حول أسباب الحرب في أوكرانيا أو العملية الإسرائيلية في غزة، ولكن بالنسبة للكثيرين فإن الاستنتاج واضح: لقد انتقدت الولايات المتحدة روسيا عندما قتلت مدنيين أبرياء في أوكرانيا، والآن تلتزم الصمت عندما تفعل حليفتها إسرائيل الشيء نفسه في غزة".

سماجين قال إنه "لفترة طويلة كانت الرؤية المهيمنة في الكرملين هي أنه لا أهمية للأخلاق والإيديولوجيات، والشيء الوحيد الذي يهم هو مصالح الدولة".

وتابع أن "هذا المنطق يفرض أنه لن تكون هناك نتيجة أفضل بالنسبة لموسكو من استمرار الصراع في الشرق الأوسط، الذي يدمر استراتيجية الغرب في التعامل مع روسيا".

ورأى أنه "ليس على موسكو أن تفعل شيئا؛ فمن غير المرجح أن تنتهي العملية البرية الإسرائيلية في غزة (مستمرة منذ 27 أكتوبر الماضي) في أي وقت قريب. وعندما يحدث ذلك، ستظل القضايا المستعصية قائمة".

اقرأ أيضاً

في حرب إسرائيل وحماس.. هكذا يتآكل نفوذ روسيا بالشرق الأوسط

تدخل إيراني

لكن التصعيد في غزة، وفقا لسماجين، لا يخلو من مخاطر بالنسبة لروسيا، "فإذا انخرطت فيه القوات الموالية لإيران، فقد يصبح بمثابة صداع كبير للكرملين".

وترتبط طهران وموسكو بعلاقات شراكة في مجالات عديدة، بينما تعتبر كل من إيران وإسرائيل الدولة الأخرى العدو الأول لها. وتضامنا مع غزة، شنت جماعات إقليمية موالية لطهران هجمات على أهداف إسرائيلية و/ أو أمريكية.

وقال سماجين إن "علاقات موسكو مع إيران تعني أنها كانت تنجرف نحو موقف مؤيد لطهران في الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين".

واستدرك: "لكن هذا لا يعني أنها مستعدة لدعم إيران في حرب مع إسرائيل؛ فمثل هذا التطور من شأنه أن يجبر روسيا على اختيار أحد الجانبين، وسيكون له عواقب على تدخل روسيا في سوريا"، حيث تقدم منذ عام 2015 دعما عسكريا لنظام بشار الأسد.

واستبعد أن "يندلع في الوقت الراهن صراع عسكري أوسع نطاقا في الشرق الأوسط"، واعتبر أنه "سيكون كافيا لموسكو تخفيف حدة الخطاب المناهض لإسرائيل مع الحفاظ على بعض الانتقادات المعتدلة لتصرفاتها".

و"يبدو أن رهان العالم على تفكك النظام الدولي الموجه نحو الغرب بدأ يؤتي ثماره. اليوم إسرائيل وفلسطين، وغدا يمكن أن يكون تايوان والصين. وعلى هذا النحو، يؤكد الصراع في الشرق الأوسط أنه لا يمكن عزل روسيا. ولم يعد الجنوب العالمي يثق في الغرب، ما يعني فرصا جديدة لموسكو"، كما زاد سماجين.

اقرأ أيضاً

دعاية وذخيرة وجزيرة.. حرب إسرائيل وحماس نعمة لروسيا والصين

المصدر | نيكيتا سماجين/ كارنيجي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فوائد مخاطر روسيا إسرائيل حرب غزة الغرب فی الشرق الأوسط فی أوکرانیا الصراع فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

خلال لقائه برئيس وزراء المجر.. بوتين يضع شرطا لإنهاء الحرب الأوكرانية

وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شرطا لإنهاء "النزاع" مع أوكرانيا بشكل نهائي، وذلك خلال لقائه مع رئيس وزراء المجري فيكتور أوربان، بعد أيام فقط من تولي المجر الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر.

واشترط بوتين، وقف الحرب نائيا بضرورة إخراج جميع القوات الأوكرانية من "جمهورية دونيتسك ولوجانسك ومحافظتي خيرسون زاباروجيا"، لافتا إلى أن تحقيق مبادرة السلام الروسية التي طرحت منذ فترة قصيرة، من شأنه أن يوقف "الأعمال القتالية"، وتبدأ المفاوضات التي لا يجب أن تكون مجرد هدنة ووقف لإطلاق النار.

وقال بوتين - خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء المجري، عقب مباحثاتهما بموسكو، بثته قناة "روسيا اليوم" الإخبارية - إنه تم تبادل الأراء حول الموضوعات المهمة بكل صراحة بما في ذلك حول النزاع في أوكرانيا، "كما تحدثنا عن السبل المحتملة لتسوية هذا النزاع، ونحن مستعدون دائما لمناقشة تسوية سياسية دبلوماسية في أوكرانيا".

وأكد أنه ناقش مع رئيس الوزراء المجري، العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي، "وهي في أسوأ درجة الآن"، مشيرا إلى أوربان طرح وجهة النظر الغربية المعروفة، ومصالح أوكرانيا، معربا عن امتنانه لزيارته إلى موسكو وأنها محاولة لإعادة الحوار.

وقال بوتين إن روسيا والمجر مستمران في التعاون في شتى المجالات، وبالدرجة الأولى في مجال الطاقة، مضيفا "أن العمل على المشروع المشترك لتوسيع محطة (باكش) النووية في المجر مستمر"، مشيرا إلى أن تشغيل المفاعلين الخامس والسادس سيسمح بزيادة طاقة هذه المحطة إلى أكثر من ضعفين وبذلك سيتحسن تأمين الاقتصاد المجري ومنشآتها الصناعية وسيتم تزويدها بالطاقة الرخيصة والنظيفة.

وأضاف أنه تم خلال إنشاء المفاعلات الجديدة استخدام الحلول الهندسية والتكنولوجية الحديثة، وذلك لضمان السلامة الفعلية وسلامة البيئة، داعيا إلى الاستمرار في العمل على التعاون في المجالات ذات الأولوية.

من جانبه، أكد رئيس الوزراء المجري أن ما يميز لقائه مع الرئيس الروسي أنه تم خلال الحرب وفي الوقت الذي تحتاج فيه أوروبا للسلام.

وقال أوربان إن "أوروبا بحاجة الآن إلى السلام، وإن مهمته الأساسية خلال ترأسه الاتحاد الأوروبي هي إحلال السلام إلى الدول الأوروبية بعد معاناة من حرب استمرت عامين ونصف".

وأضاف أن هذه الحرب الروسية الأوكرانية، تؤثر على النمو الاقتصادي وتجعلنا في تهديد دائم ودون أي شكل من أشكال الأمان، مشيرا إلى أنه "دون الحلول الدبلوماسية وقنواتها لن نصل إلى سلام، ويجب علينا القيام بخطوات لذلك"، لافتا إلى أنه تحدث مع الرئيس بوتين عن طرق إحلال السلام ومعرفة الطريق الأقصر لنهاية هذه الحرب.

ولفت إلى أنه بعد محادثاته مع الرئيس بوتين علم أن الموقفين بين روسيا وأوروبا بعيدا جدا عن بعضهما البعض، ولابد من القيام بالكثير من الخطوات لتقريب وجهات النظر وإنهاء الحرب.

مقالات مشابهة

  • عمرو موسى: حماة إسرائيل يحاولون فرض حل إسرائيلي على النزاع في الشرق الأوسط
  • خلال لقائه برئيس وزراء المجر.. بوتين يضع شرطا لإنهاء الحرب الأوكرانية
  • روسيا تعلن تعهدات جديدة لتفادي إطالة أمد الحرب في السودان
  • روسيا تواجه تحديات غير مسبوقة في مجال الدفاع الجوي
  • استطلاع رأي: التفاؤل الأوكرانى بالنجاح فى الحرب يتعارض مع الشكوك الأوروبية
  • سبب رفض روسيا وأوكرانيا تدخل تركيا كوسيط لإنهاء الحرب
  • جوتيريش يدعو لإحلال السلام في الشرق الأوسط بدءًا من وقف الحرب على غزة
  • مذكرات وزير بريطاني سابق تسلط الضوء على حجم النفوذ الإسرائيلي في بريطانيا
  • باحث: الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل حال دخولها في جبهة صراع جديدة (فيديو)
  • دراسة: أغلب الأوربيين يساورهم الشك في قدرة أوكرانيا على هزيمة روسيا في الحرب