نشر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، دراسة مهمة للمفكر والكاتب المصري الدكتور هاني نسيرة تحت عنوان "الإرهاب والفقر.. معضلة جدلية" والتي بحث فيها مسألة ومعضلة الفقر كأحد الإشكاليات والدوافع غير المباشرة للإرهاب، الديني وغير الديني، ورصد محاولات توظيف جماعات التطرف له، كما سعى لدراسة وتحليل علاقة الفقر ودوره في الدفع نحو العنف والإرهاب، من خلال ضبط مفهومه وتحليل تلك العلاقة من خلال المنظورات السياسية والاجتماعية المختلفة، وكذلك من خلال العديد من النماذج والأمثلة، الأيديولوجية والدينية من الشرق أو الغرب.

تنقسم الدراسة إلى محاور ثلاثة رئيسية: أولها حول مفهوم الفقر من القديم للحديث، والثاني العلاقة المباشرة وغير المباشرة بين الفقر والإرهاب، والثالث العلاقة بين الفقر والإرهاب: نماذج وأمثلة.

في المحور الأول تناول الباحث مفهوم الفقر من المنظور القديم في اللغة والتراث العربي، ثم تطرق إلى تطوراته حديثا، وكيفية تحوله إلى مفهوم مركب ونسبي، وأشار إلى تعدد أبعاده وملامحه واختلاف قياساته ومؤشراته من مجتمع لآخر وفي أدبيات المنظمات والمؤسسات الدولية كذلك. 

أما في المحور الثاني فقد تطرق إلى اتجاهين بارزين ضمن العلاقة المباشرة وغير المباشرة بين الفقر والإرهاب، فتناول الاتجاه الأول تصورات الفقر دافعا غير مباشرا للإرهاب، حيث شمل مراحل تفعيل الفقر كدافع للإرهاب وفيها أهم الفرضيات النظرية التي وضعها الباحثون المختصون التي تبحث مدى الارتباط بين الفقر والميل إلى الانخراط في الجماعات والأنشطة الإرهابية، وتشمل تلك الفرضيات مجموعة من العناصر الرئيسة، مثل بيئة الشعور بالفقر وصوغ مظلوميته، وتسييس الفقر، ومرحلة التعبئة والتجنيد، وكلها عناصر محفزة بشكل كبير لتشكيل دافع قوي للإرهاب.

ضمن الاتجاه الأول كذلك، تناول الكاتب نقطة محورية، وهي عوامل تمكين العلاقة بين الفقر والإرهاب، وناقش فيها عدة عوامل حيوية، كضرورة وجود قائد قوي وموارد مالية كافية، وعوامل ضاغطة كالبطالة بين الشباب وانعدام فرص العمل، وعوامل مسببة مثل الاختلافات الاجتماعية والاستغلال الاقتصادي وتفاقم الفقر، وأخرى دائمة كالتضاريس الجغرافية المناسبة للجماعات المتطرفة. 

وبالانتقال إلى الاتجاه الثاني نجد الكاتب يؤكد على وجود علاقة إيجابية وطردية مباشرة بين الفقر والإرهاب، ودلل على تلك العلاقة بأمرين أساسيين: تماهي مؤشر الإرهاب ومؤشر الفقر، وقد أورد هاني نسيره عدد من الاحصائيات لمؤشرات الفقر خلال الأعوام الأخيرة ومعها مؤشرات العمليات الإرهابية كذلك، والتي أظهرت وجود علاقة واضحة بين ترابط المؤشرين بالارتفاع والانخفاض معا في عدد من البلدان التي شملتها الاحصائيات. الأمر الثاني الدال على وجود العلاقة الطردية والمباشرة بين الفقر والإرهاب هو أهمية الدور المادي في برامج مكافحة الإرهاب والتطرف، وأشار الباحث من خلاله إلى أن جعل الحوافز المادية في عمليات المراجعات والتصحيح الفكري للعناصر المتطرفة عنصر رئيسي في مساعدة تلك العناصر الفقيرة والمعدمة التي تنضم للجماعات المتطرفة في الحصول على مصدر رزق مستديم سيمثل ذلك نموذج على تعاضد رؤية العلاقة بين الفقر، كبيئة وحالة عامة وكذلك كحالة فردية، من جهة ومع الإرهاب من جهة أخرى.

ويستعرض الباحث في المحور الثالث العديد من الأمثلة والنماذج عن العلاقة بين الفقر والإرهاب، وتوظيف جماعات الإرهاب والتطرف اليساري لها في عدد من البلدان توظيفا مباشرا أحيانا وغير مباشرا أحيانا أخرى، وبذلك يتجاوز الباحث المنظور التقليدي للإرهاب على أنه ذو صبغة دينية إسلامية فقط مثلما تركز وتروج بعض الأدبيات السياسية والاجتماعية الغربية. 

فأشار إلى جماعات التطرف اليساري وتوظيفها للفقر، مثل الجماعات التي تشترك في مرجعيتها الاشتراكية الثورية، مثل بعض أشكال اللينينية، والتروتسكية، والبروليتارية الأممية، والستالينية.. وغيرهم من ذات التوجه. كما أشار إلى المتطرفين الانفصاليتن والأناركيين وأيديولوجيتهم الرافضة لجميع أشكال حكم الدولة بما في ذلك الموجودة داخل الديموقراطيات الليبرالية. كما أن الانفصاليون اليساريون يتحملون المسئولية عن عدد كبير من جرائم العنف الخطيرة ضد المعارضين السياسيين، وكلك مع الشرطة، وهو ما بينه الباحث بالإحصائيات والأرقام الرسمية لعدد من الدول الأوروبية التي تنشط فيها تلك العناصر.  

وأخيرا، ينتقل الكاتب في معرض حديثه عن العلاقة بين الفقر والإرهاب إلى محدد حيوي وخطير، وهو التوظيف الديني للفقر، بعد أن عرض لموقف الإسلام من قضية الفقر والتوسط الديني فيها، وكيف انحرفت بها بعض جماعات التطرف توظيفا ورافدا للسخط العام، وتأليب الجماعات من الفقراء والمحتاجين على الأنظمة السياسية والمؤسسات التي يستعدونها ويختصمونها أمام المجتمع كله، كوسيلة لكسب المزيد من المؤيدين والمنضمين لهم، ولتدعيم أيديولوجيتهم الفكرية والسياسية عن النظم السياسية في المجتمعات التي ينشطون فيها، شرقا وغربا.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: التحالف الإسلامي العسكري الارهاب من خلال عدد من

إقرأ أيضاً:

الجيش الأمريكي ينشر فيديو وصورا لعملياته في اليمن والحوثيون يعلنون وقوع غارات جديدة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أعلنت جماعة الحوثي في اليمن، الخميس، عن وقوع عدة غارات أمريكية جديدة على محافظة الحديدة الساحلية، بعدما تحدثت عن هجمات طالت العديد من مناطقهم في البلاد، مساء الأربعاء، في حين نشر الجيش الأمريكي صورا ومقاطع فيديو لعملياته المتواصلة ضد الحوثيين.

وقال مصدر يمني محلي لوكالة "سبأ" اليمنية للأنباء التي يديرها الحوثيون، إن المقاتلات الأمريكية استهدفت مديرية التحيتا في محافظة الحديدة بأربع غارات جوية.

وكان مصدر أمني يمني أفاد، مساء الأربعاء، بأن 3 غارات أمريكية استهدفت مديرية بني حشيش، ووقعت غارات أخرى على مديرية مناخة، ومدينة نقيل الفرضة في مديرية نهم بصنعاء، ومديرية الحزم بمحافظة الجوف.

في حين زعمت وزارة الصحة التي يديرها الحوثيون، أن مواطنا قتل جراء إحدى الغارات الأمريكية، مساء الأربعاء، على العاصمة صنعاء.

ومن جانبها، نشرت القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم" عبر حسابها الرسمي على منصة "إكس"، تويتر سابقا، مساء الأربعاء، صورا ومقاطع فيديو على "إكس"، لعملياتها العسكرية المتواصلة ضد جماعة الحوثي في اليمن. 

ونقلت القيادة المركزية الأمريكية عن سفير الولايات المتحدة لدى اليمن، ستيفن فاجن قوله إن "الحملة الحالية ضد الحوثيين تهدف إلى استهداف الحوثيين وقدراتهم العسكرية فقط، وليس المدنيين الواقعين في مناطق سيطرة حكمهم الاستبدادي".

مقالات مشابهة

  • الجيش الأمريكي ينشر فيديو وصورا لعملياته في اليمن والحوثيون يعلنون وقوع غارات جديدة
  • هاني الداود: الفتح يستطيع الفوز على الاتحاد
  • جيروم باول: الفيدرالي الأمريكي قد يواجه معضلة بين كبح التضخم ودعم النمو الاقتصادي
  • بين الانقسامات والإرهاب.. الإيكواس تطلق خطتها الأمنية الجديدة
  • الأمن ينشر أرقام وحسابات 4 أشخاص يوهمون ضحاياهم بتقديمهم قروضا لاقتناء الأجهزة الكهرومنزلية
  • تريندز يعقد مؤتمر محاربة الإرهاب في حقبة الذكاء الاصطناعي
  • وفاة الكاتب ماريو فارغاس يوسا الحائز جائزة نوبل للآداب
  • العدو ينشر الياته العسكرية في طولكرم وسط مداهمات وتهجير قسري
  • الموت يُغيب الكاتب البيروفي ماريو فارغاس يوسا
  • «ينافس إش إش».. الكاتب محمد صلاح عزب يسخر من إطلالة محمد رمضان