حكاية عاملة نظافة أمام لجان الانتخابات بمصر القديمة: جيت عشان ولادي ومصر
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
داخل شوارع منطقة مصر القديمة في محافظة القاهرة، تخرج «حنان محمد» عاملة النظافة، من الساعة السادسة صباحًا حتى الرابعة عصرًا، مصطحبة طفلتها في يديها، مرتدية ملابس عملها، لتبدأ رحلتها اليومية في تنظيف الشوارع، ومنذ بدء عملية التصويت الانتخابات الرئاسية، وهي أكثر دأبًا على تنظيف الشوارع أولا بأول، حتى يدلي الناخبون بأصواتهم في أجواء خالية من أي شيء يعكر صفوهما.
منذ 5 سنوات مضت، فكرت السيدة الخمسينية في جمع قوت يومها، حتى تقدمت للعمل بهذه المهنة، فمنذ 21 عامًا وهي متزوجة، من «مجدي» يكبرها بأعوام، ويعمل سائقا، لكنه منعته الظروف من مواصلة عمله، لتفكر في مساعدته بالعمل، تحكي لـ«الوطن»: «كلنا على باب الله، أنا من دار السلام، واشتغلت هنا حسب شركة النضافة، وبجيب شمس تساعدني».
اشترت لابنتها علم مصر.. بكرة تكبر وتنتخبجاءت حنان، اليوم لتواصل عملها المعتاد، وتشهد أجواء الانتخابات الرئاسية في سعادة بالغة، فإنها سرعان ما تنتهي من جمع القمامة بالصناديق، تعود مسرعه لللاستماع رفقة ابنتها بمظاهر بهجة تصويت الناخبين: «أحلى حاجة وأنا شايفة كل أعلام مصر، وجبت لشمس علم عشان تفرح، عقبال ما يجي دورها وتبقى دكتورة وتنتخب».
تقضي السيدة، ساعات يومها رفقة طفلتها بالشوارع، تمر بها عديد من الحكايات، وتمر حكايتها معها، لم تيأس في جمع قوت يومها، تسير على قدميها لتنظيف الشوارع من القمامة، وبعد الانتهاء، تعود لمنزلها وتبدأ رحلة جديدة رفقة زوجها وأعمال منزلها: «بفضل في الشارع 10 ساعات، الحمد لله مرتبي كويس».
دائما ما تعبر حنان عن شعورها بالحب والامتنان لزوجها ولأبنائها وتسعى لإسعادهم، لديه ابنة كبيرة تعمل في مصنع، فيما منعت الظروف أحد أبنائها من استكمال الدراسة، لكن ما تزال شمس، في الصف الثاني الابتدائي: «نفسي كل ولادي يتعلموا وأحلامهم تتحقق، عشان كده جيت انتخابات الرئاسة، أنا نفسي كلهم يتستروا ويتعلموا، ويكونوا حتى بيفكوا الخط، عشان كده جيت النهاردة وبقول يا رب نختار رئيس مصر الأصلح ليما، ونكون كلنا بخير».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسية عبدالفتاح السيسي عبدالسند يمامة حازم عمر فريد زهران
إقرأ أيضاً:
الحي العتيق في هانوي.. ألف حكاية وحكاية
هانوي- في فيتنام، يقول المثل "إن شربت الماء، لا تنس النبع". وهنا في الحي العتيق والقلب النابض للعاصمة هانوي، بالليل كما في النهار، ستجد نفسك في رحاب أكثر من نبع يرسخ في الذاكرة، وأمام مهرجان عظيم من التقاليد والثقافات.
وبين حارات "أولد تاون" وأزقته، يتزاحم المشاة مع جحافل دراجات هوائية وأخرى نارية (موتوسيكل) لا يهدأ أزيز محركاتها، لكن الجميع يسير بانتظام شديد واحترام لأدق إشارات المرور وحركة المترجلين.
نساء ورجال، شيب وشباب، كل يمتطي ما تيسّر من ذات العجلتين أو الثلاث، فمن كان متجها نحو عمله تراه يسابق الجميع، ومن كان باحثا عن حريف بين آلاف السياح الذين يملؤون أرجاء الحي، فتراه مبتسما مرحّبا داعيا بود لركوب دراجته الهوائية ثلاثية العجلات أو "السيكلو" كما يسمونها محليا.
ولا يحتاج الأمر كبير عناء لتدرك أن هؤلاء السائقين مهرة ومتمرسون، حتى أنك في لحظة ما تظنهم قادمين من كوكب آخر لفطنتهم وسرعة بديهتهم المرورية، والغريب أنه لا أثر لأي شرطي قد تعتقد أنه يقف وراء تنظيم مهرجان الذاهبين والعائدين على مسرح شوارع حي لا ينام.
ويبدو جليا أن التقيد بمعايير السلامة "في بلد الـ100 مليون موتوسيكل" -على حد تشبيه أحد الرحالة في مقارنة مجازية منه مع عدد سكان البلاد- مسألة لا يختلف حولها اثنان في فيتنام، لذلك قد يصعب أو يستحيل أن ترى سائقا أو راكبا لا يعتمر خوذة حماية على سبيل الذكر لا الحصر.
إعلانوتلك الخوذات قصة أخرى قد يتطلب تفكيك رموز أشكالها وألوانها وما وضعوا فوقها من "إكسسوارات" عجيبة، بحوثا ومجلدات، ويبقى الأهم أنه لا صلة لها بالقبعة المقدسة "نون لا" التقليدية ذات الشكل المثلث والمصنوعة بأياد ماهرة من سعف القصب، وتمثل هوية فيتنام وطبقته الكادحة في حقول الأرز، وهي الزراعة التي تحتل فيتنام المرتبة الخامسة عالميا في إنتاجها.
يغمر تسونامي العجلات والقبعات بأنواعها المكان وتتلاقح أصوات مزامير الدرجات وأجراسها مع نداءات الباعة وصرخات الطهاة، بينما تواصل الأرصفة البهيجة استقبال عشاق المطبخ الفيتنامي الحافل بالأطباق والمذاقات.
ومع اقتراب ربيع شمال فيتنام من نهايته، حيث تقع هانوي، يحاول الجميع الاستمتاع بما تبقى من دفء أبريل/نيسان قبل حلول موسم الأمطار. وحول الموائد والكراسي "قزمية" الحجم، لا صوت يعلو فوق صوت حساء "فو".
وفي دردشة مع موفد الجزيرة نت، تقول شامشاو وهي تحرك بمهارة قدرا ضخما إن "فو" أيقونة المطبخ الفيتنامي بلا منازع، وقد اكتسب سمعته وشهرته من بساطة مكوناته المؤلفة من مرق غني بنودلز الأرز ولحم البقر أو الدجاج مع إضافات سخية من براعم الصويا والبصل والأعشاب الطازجة.
وبينما تتصاعد سحب البخار من قدر الحساء العملاق، تضيف شامشاو بنبرة فخر واعتزاز، أن الجميع يقف احتراما وتقديرا أمام هذا الحساء الاقتصادي والشعبي الذي يمكن تناوله في أي وقت، وفي أي مكان من بلاد "الفيتكونغ" وهي تسمية المحاربين والثوار القدامى الذين هزموا أعتى جيوش العالم.
وبابتسامة خبيرة واثقة، وترجمة أمّنها لنا الذكاء الاصطناعي، تهمس المرأة ممازحة "لا تنس الانغماس ما استطعت في الوعاء!" وهي نصيحة مهمة قد تنقذك من "بقع تذكارية" من نوع آخر قد "تزيّن" قميصك في حال لم تتمكن من تفادي رذاذ المرق الساخن أثناء احتسائه.
وفي انعكاس واضح لحضور أحفاد موليير في الثقافة الفيتنامية، يمكن العثور أيضا على مطاعم مختصة في سندويتش "البان مي" المستوحى من المطبخ الفرنسي ويُحَضَّر من خبز "الباغيت" لكن بنسخة محلية.
إعلان المشروب السحريوفي طقوس أخرى لا تقل قداسة عن أكل الشوارع (ستريت فود) تتجاوز الساحرة السوداء هنا حدود المشروب الصباحي أو الفنجان المعدل للمزاج، إلى مسألة أعمق تمسّ هوية الفيتناميين وثقافتهم.
ويجتاح هوس القهوة هنا كل ركن بالمدينة ذات الـ8 ملايين نسمة، لا سيما على ضفاف بحيرة "هو هوان كيام" مركز العاصمة، وما من شك أن خوض تجربة "قهوة البيض" ستلخّص كل الحكاية.
وكما تشير تسميتها، تُحضّر "كا في ترونغ" من قهوة الروبوستا الفيتنامية الأصلية، ممزوجة مع الحليب المكثف والجبن والزبدة والسكر، يضاف لها صفار البيض، ويخفق الكل نحو 5 دقائق ثم يضاف كوب من "الإسبرسو" والنتيجة مذاق فريد يحتسى على مهل في ثاني أكبر بلد منتج للقهوة عالميا.
وعلى إيقاع فعاليات تركزت أساسا بمحيط البحيرة، حيث مقر الحزب الشيوعي الحاكم لجمهورية فيتنام الاشتراكية، يواصل الفيتناميون الاحتفال بهدوء -يبدو أنه يطبع شخصيتهم المتمرسة- بذكرى خمسينية الاتحاد بين شطري فيتنام الشمالي والجنوبي الذي يوافق الثلاثين من الشهر الحالي.
وستكون الاحتفالات استثنائية هذا العام، إذ خصصت السلطات تظاهرات كبرى في أرجاء البلاد ينتظر ان تختتم باستعراض ضخم في مدينة "هو تشي منه" العاصمة السابقة للشطر الجنوبي قبل دخول قوات "العم هو" وطرد آخر فلول الأميركيين منها في يوم تاريخي عام 1975.