الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس: الذكرى الـ 50 لعملية الاغتيال الأكثر فشلاً وإخفاقًا في تاريخ (الموساد) الإسرائيليّ: يُجمع الخبراء والمُحللون والمؤرّخون في كيان الاحتلال أنّ عملية (ليلهامر) بالنرويج، والتي تمّ خلالها اغتيال النادل المغربيّ أحمد بوشخي، من قبل (الموساد) اعتقادًا منه أنّه القائد العسكريّ الفلسطينيّ، أبو حسن سلامة، هي أكبر فشل وخفاق في تاريخ جهاز الموساد.

ومؤخرًا عُرِضَ فيلمٌ إسرائيليٌّ جديدٌ عن “سقطة الموساد التاريخيّة” كُشِف فيه النقاب عن أنّ عملاء (الموساد) أخبروا القيادة أنّ بوشيخي هو ليس أبو حسن سلامة، وعلى الرغم من ذلك، أمر قائد العملية بتصفيته، رغم أنّه كان على علمٍ بأنّه بريء، ولا تربطه أيّ صلةٍ بالمطلوب أبو حسن سلامة. اغتالوا النادل المغربيّ لأنّه عربيّ الملامح ووسيمًا مساء 21 تموز (يوليو) 1973 ببلدة ليلهامر النرويجية الهادئة، لم يكد الشاب المغربي أحمد بوشيخي يترجل من الحافلة باتجاه المنزل مع زوجته النرويجية الحامل، حتى اخترقت جسده فجأة 13 رصاصة من كواتم صوت، كان عملاء في جهاز الموساد الإسرائيليّ بانتظاره لفترة طويلة داخل سيارة (مازدا) بيضاء قرب محطة الحافلات لاغتياله. لم يكن المغدور سوى نادل مغربي، يقيم ويعمل في هذه البلدة النرويجية الصغيرة التي لا يميزها شيء، ولم تكن جريرته، سوى أنّه كان عربي الملامح، طويلاً ووسيمًا، ويشبه إلى حد ما المسؤول الفلسطيني علي حسن سلامة (1941-1979)، المطلوب الأول للموساد، والمسجل على رأس لائحة فرقة (كيدون) للاغتيالات في ذلك الوقت. باتت تلك الحادثة التي عرفت بـ “قضية ليلهامر”، فضيحة مدوية لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي، في وقت كانت السرديات الإسرائيلية والغربية تكرسه أسطورة لا تقهر، وسجلت كواحدة من أكثر عمليات الموساد المعلنة فشلاً. قضى الشاب المغربي جراء تشابه قاتل وسقطة كبرى من الاستخبارات الإسرائيلية، وجن جنون رجال الموساد لهذا الفشل، وتتالت المحاولات المحمومة لاغتيال (الأمير الأحمر)، أبو حسن سلامة، وقيادات فلسطينية أخرى. غولدا مائير أطلقت على سلامة لقب (الأمير الأحمر) تشكلت فرقة (كيدون) (الرمح) للاغتيالات هذه، بأمر مباشر من رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك غولدا مائير (1969-1974) لتنفيذ سلسلة عمليات استخباراتية أطلق عليها اسم (غضب الرب)، وجاءت كرد فعل على مقتل 11 رياضيًا إسرائيليًا خلال عملية ميونخ يومي 5 و6 أيلول (سبتمبر) 1972 التي نفذتها منظمة (أيلول الأسود) الفلسطينية خلال الأولمبياد. وكان علي حسن سلامة الذي أطلقت عليه مائير نفسها لقب (الأمير الأحمر)، هو المطلوب الأول. ضمّت (اللائحة إكس) أيضًا 12 مطلوبًا فلسطينيًا وعربيًا للتصفية، بينهم وديع حداد، ومحمود الهمشري ومحمد بودية، وسعيد حمامي وغيرهم. كانت (حرب الأشباح) بين المنظمات الفلسطينية التي انتهجت أسلوب العمليات الفدائية والعنف الثوري في مواجهة إسرائيل في ساحات مختلفة من العالم على أشدها، وتمكن الموساد من اغتيال 6 ممن ضمتهم اللائحة في الفترة بين 1972 و1973، وتمت العمليات كلها تحت إشراف ومتابعة من غولدا مائير. فرقة الموت (كيدون)-اغتيالات بالجملة لم تكن الاغتيالات بالنسبة لإسرائيل مجرد رد فعل على عملية ميونخ أو مقتصرة على هذه اللائحة، بل عقيدة أمنية أساسية، ففي الثامن من يوليو (تموز) 1972 -أي قبل شهرين من عملية ميونخ- اغتال الموساد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الروائي والصحفي غسان كنفاني وابنة أخته لميس (17 عاما) في بيروت بزرع عبوة ناسفة تحت مقعد سيارته.  نجحت فرقة “كيدون” في 28 يونيو (حزيران) 1973، باغتيال أحد أبرز المطلوبين، الجزائري محمد بودية، بمشاركة فعالة من جهات أمنية فرنسية بتفجير سيارته في باريس. اشتهر بودية كعقل مدبر للعديد من العمليات الخلاقة التي نفذتها منظمة “أيلول الأسود” في أوروبا، وقد حير الموساد لسنوات وبات من أشد المطلوبين لعدة أجهزة استخبارات أوروبية أيضًا. علي حسن سلامة-المطلوب رقم واحد لدى (الموساد) قبل ذلك، شاركت الفرقة بقيادة العميل المخضرم مايكل هراري يوم العاشر من نيسان (أبريل) 1973 في اغتيال 3 من كبار قادة منظمة التحرير الفلسطينية، وهم كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار في بيروت، ضمن ما عرفت بعملية (فردان)، كان المطلوب في هذه العملية كذلك رأس علي حسن سلامة، الذي نجا هذه المرة أيضًا، وشارك في العملية إيهود باراك، الذي بات لاحقا رئيسًا للوزراء.  كان علي حسن سلامة ضابطًا مقتدرًا، متعدد المواهب، شديد الوسامة والذكاء والحركية، تلقى أواخر الستينيات تدريبات ودورات تكوينية في كل من مصر وموسكو، وأصبح منذ يوليو (تموز) 1968 مرافقًا لياسر عرفات ومسؤولا عن أمنه، كما قاد جهاز الرصد الثوري لحركة فتح، وهو فرع المخابرات التابع للحركة في الأردن.

 

جيمس بوند الإسرائيليّ كان أشد ما يقلق إسرائيل في شخصية علي حسن سلامة، بالإضافة إلى قدراته الأمنية والعسكرية، علاقاته المتميزة مع الجميع ومرونة حركته في مختلف المجالات والعلاقات التي ربطها مع قوى وأطراف سياسية واستخباراتية أوروبية وأميركية، بما كان سيؤثر على السرديات الإسرائيلية المغلوطة التي كانت تروج عند الأميركيين والغرب. قبل تنفيذ عملية ليلهامر، تأكّد 7 من عملاء الموساد أنّ بوشيخي هو نفسه علي حسن سلامة، المشتبه بمسؤوليته، وفق الرواية الإسرائيلية، عن عملية ميونخ، وجاءت الأوامر بالتنفيذ من تل أبيب، وأيدها مايكل هراري قائد مجموعة (كيدون)، وكان هراري واحدًا من رجال الموساد الضليعين في التخطيط والاغتيالات والعمل الاستخباراتي. وأطلق عليه لقب (جيمس بوند الإسرائيليّ)، نظرًا لخبرته الطويلة في العمل السري. أزمة في العلاقات بين النرويج وإسرائيل في ذلك الوقت، كان المسؤول الفلسطيني الشاب علي حسن سلامة في بيروت، وكانت جاسوسة إسرائيلية أخرى تسمى “أمينة المفتي” أو “آني موشيه بيراد” قد اقتربت إلى حد كبير من معرفته وتحديد مكانه، حتى أنها بدت شديدة الاستغراب والارتباك حين علمت بفضيحة محاولة الاغتيال الفاشلة في النرويج لرجل كانت تعرف أنه في بيروت.  أحدثت عملية الاغتيال الفاشلة أزمة في العلاقات بين إسرائيل والنرويج، نفت إسرائيل دائمًا ورسميًا تورط عملائها، مدعية أنّ القتلة ربما تصرفوا من تلقاء أنفسهم كأفراد. لكن في عام 1996، اعترفت وزيرة التعليم الإسرائيلية آنذاك شولميت ألوني لأول مرة في صحيفة (أربيدربلاديت) النرويجية بأن الموساد كان وراء جريمة الاغتيال. حرب الأشباح بين المقاومة الفلسطينيّة والكيان تشير تفاصيل العملية إلى أخطاء جوهرية في تخطيط وتنفيذ عملية ليلهامر، بدءًا من عملية التعقب وتحديد الهدف بدقة، إلى تكليف 14 عنصرًا بتصفية شخص واحد، إلى إطلاق 13 رصاصة على هدف سهل، وضعف طريقة التخفي أو الساتر، وفشل تغطية عملية الانسحاب حيث عاد عناصر التنفيذ بأرجلهم إلى وكالة تأجير السيارات حيث كانت تنتظرهم الشرطة. استمرت (حرب الأشباح) هذه في عدة جولات، نجا علي حسن سلامة من عدة محاولات اغتيال، كانت تجربته ومؤهلاته الأمنية وذكاؤه تمكنه من الإفلات من العديد من الفخاخ الاستخباراتية، وكشف عدة مخططات لاغتياله، لكن الموساد كان بدوره يزرع عشرات الجواسيس والعملاء في كل مكان بحثا عن معلومة أو ثغرة ينفذون منها إلى (الأمير الأحمر)، واغتالوه في 22 كانون الثاني (يناير) 1979. الموساد-عصابة قتل وفي الخلاصة، تعودنا أنّ اسم الموساد يعيد إلى ذاكرتنا جرائم قتلة لا يخجلون، ويتباهون بالقتل بأيديهم ويتلذذون لمرأى الضحية وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، صورة الموساد عندنا نحن الفلسطينيين والعرب، هي صورة سيارة مفخخة قتلت طفلاً وأباه البطل، وصورة السائح الذي يأتي لبلاد العرب فيستقبل على الرحب والسعة ثم يغادر تحت جنح الظلام مخلفاً وراءه ضحايا من دمنا ولحمنا علماء، وقادة، ومفكرين، وقبل فترةٍ وجيزةٍ اعترف رئيس (الموساد) الأسبق تامير باردو في لقاءٍ تلفزيونيٍّ مع القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ أنّ الجهاز هو بمثابة عصابة قتل مدعومة من دولة الاحتلال.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: فی بیروت

إقرأ أيضاً:

(عودة وحيد القرن) كانت من أنجح العمليات التي قام بها قوات الجيش السوداني

(عودة وحيد القرن)
مر أسبوعان والقيادة العامة للقوات المسلحةمحاصرة حصارا رهيبا . بداخل القيادة العامة قوة لا تتجاوز 500 فردا وعدد من الضباط وضباط الصف وذلك في بداية شهر مايو وهو من الشهور شديدة الحرارة يمثل منتصف الصيف تماماً
الجنود معهم القائد العام ومعنوياتهم مرتفعة عالياً في عنان السماء ولكن الجوع والعطش هما السلاح المميت لهذة القوة فإنتهي كل ما يؤكل ويشرب فاصوات الذخيرة والمفرقعات والمتفجرات لا تعني بالنسبة لهم شيئا ، ولكن الجوع والعطش هو العدو الأول الذي لا يرحم ولا يحتاج إلى تكتيك أو خطة للهجوم عليهم هبط عليهم فجاة فصارت القوة بين ليلة وضحاها تضج جوعاً وعطشا فوقعت القوة بين مطرقة الجوع والعطش وسندان قوة التمرد التي ضربت حصاراً عنيفاً علي القيادة العامة
بذلت وحدة سلاح الإشارة مجهودا مضني لإرسال رسائل مشفرة الي قاعدة وادي سيدنا لأن خطة إسقاط الطعام من الجو فشلت تماماً لوجود المضادات الأرضية الشرسة حول القيادة العامة…!
اجتمع القائد مع قواته في قاعدة وادي سيدنا فقرروا ادخال الكساء والدواء والطعام الي القيادة العامة عن طريق النهر فجلبوا قاربين من القوارب النهرية البخارية بالاشتراك مع الشرطة النهرية وبعض جنود البحرية فكانت عملية في غاية من السرية وكعادة الجيش السوداني لابد من عمل بروفة أو تمثيلية او تجربة لهذه العملية لتأكيد نحاجها فظهرت لهم ملاحيظ (ملحوظات)
إن خط السير من وادي سيدنا الي القيادة العامة عبر النهر سيكون ملفتاً للعدو بسبب صوت مكنات القارب ولون القارب الأبيض..! فقرروا طلاء القوارب باللون الاسود كما صوت الماكينات وصوت تيار المياه سيكون عالياً لأنهم يبحرون عكس التيار الشديد فى شهر مايو
فكان القرار أن تنقل القوارب برا الي قرية أم دوم بعد طلائها باللون الاسود فنقلت ليلاً إلي نهاية أم دوم بواسطة شاحنات ضخمة ووضعت بالقوارب صناديق ضخمة بها ايطارات لسهولة السحب والجر فيمكن سحبها بواسطه جنديين فقط وهي تحمل أكثر من طن من المواد المختلفة ومن داخل الصناديق صندوق سري رقم بالرقم (صفر ) وشددت الحراسة عليه لأن به طائرات صغيرة مسيرة وطائرات درون مفككة أجزاء وضعت بعناية داخل الصندوق كما وضعت آليات حفر لحفر بئر مياه بالقيادة العامة وهو اهم بند لتجنب العطش نهائيا
تحركت القوارب بعد أن قرأ المقدم محمد الفاتح (سورة يس وختمها بالفاتحة) ثم تحرك الركب الميمون( 10 ضباط 15 جندي)
تحركت القوارب دون أن تشغل محركاتها فإنسابت القوارب انسايبا سهلاً جميلاً موفقاً فى النيل الخالد كان ذلك ( في يوم 2 شهر مايو) حتي وصلت كبري المنشية في وقت قياسي في منتصف النهر تحت الكبري تماما انزل الهلب فتوقفت القوارب تماما حتى منتصف الليل ثم سارت فكان برج الاتصالات شمالها ثم وصلت بري الفلل الرئاسية ثم توقفت تماماً تحت كبري النيل الازرق (كبري الحديد)
فسحبت الصناديق بسهولة_ لوجود الاطارات بها_ من القوارب ثم دخلت سحبا الي مستشفي العيون ومنها إلى مستشفى البشير الجديد
فكانت الإشارة المتفق عليها( سر الليل)) عدد اثنين قذيفة مضاءة عند هذه النقطة (مستشفى البشير)
فأطلقت القذائف فجأة من داخل القيادة العامة تحركت قوة وقوامها (400 فرد) فاطلقوا وابلا من النيران في كل الاتجاهات
فتحركت الصناديق تحت تغطية النيران حتي دخلت القيادة العامة عند دخولها القيادة العامة هلل الجميع وسجدوا شكرا لله حيث كان الخير وفيرا من مياه وغذاء وكساء ودواء وادوات حفر
تحركت القوارب بعد سماع صوت الذخيرة تاركة جزيرة توتي شمالها مروراً بكبري شمبات وكبري الحلفايا
فوصلت النقطة المعنيةقبال قاعدة وادي سيدنا فكان الاحتفال في وادي سيدنا إطلاق صواريخ مكثيفة بادلتها المدفعية بوابل من النيران الراجمات تحية للقائد العام للجيش السوداني
تحية رغم حصاره في القيادة العامةفكسر الحصار عنوة واقتدارا ( رجالة وعين حمراء)
سميت العملية (عودة وحيد القرن)
فكانت من أنجح العمليات التي قامت بها قوات الجيش السوداني
التحية لقوات الشعب المسلحة
والتحية لكل القوات النظامية وكل من يحمل السلاح ضد المتمردين الخونة
و الله المستعان
عبد الشكور حسن احمد
المحامي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • عطوان: الهجوم الصاروخي اليمني على “تل أبيب” تاريخي
  • ايقاف بوكواسة ومساعده وفتح تحقيق في فضيحة “حملاوي”
  • ما هو مكتب “لوتش” الأوكراني الذي تم تدميره بضربة روسية؟
  • إعلام الاحتلال: أضرار كبيرة خلفها الصاروخ اليمني الذي استهدف قلب “تل أبيب” فجرًا
  • (عودة وحيد القرن) كانت من أنجح العمليات التي قام بها قوات الجيش السوداني
  • بالفيديو.. ضابطة أمريكية سابقة تفجّر فضيحة.. “الكيان الصهيوني يحرق أطفال غزة أحياء”
  • سوريا.. “القيادة العامة” تكشف ما دار في اجتماع الشرع مع وفد الخارجية الأمريكي
  • عميل للموساد الإسرائيلي يكشف تفصيل عملية تفجيرات البيجر في لبنان
  • القيادة الأمريكية تعلن قتل زعيم “داعش” في سوريا
  • فتح الانتفاضة: نبارك العملية النوعية والجريئة التي نفذها أبطال اليمن في قلب “يافا”