القلب الفلسطيني لا يموت ولا يُكسر
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
أثير – مكتب أثير في دمشق
كالهائم ِعلى وجههِ، المتعطشِ لقطرةِ ماءٍ في عُمقِ الصحراء، يركض لاهثاً وعيناه تقلّب الوجوه، تتفحصها، تنظرُ للجثامين المسجّاةِ على الأرضِ الباردة، يُبعد طرف الكفن، ويداهُ ترتعدانِ خَشية أن يرى من يبحث عنهم، يتنفس الصُعداء قليلاً وهو يحدّثُ نفسه قائلاً: “لا ليسوا هم”
يُغمضُ عينيهِ المُتعبتينِ ثمَّ يعود ليبحثَ من جديد وهو يركضُ في متاهات المشفى وإحساسُهُ يُخبرهُ أنّه لن يجدهم أحياء.
قلبهُ يسبقهُ ويعتلي الدرج قبله وينتظره ليعود إلى صدره من جديد، دقات قلبه تصمُّ أذنيه، يقف مقطوعَ النفس، ينحني ليتكىء على ركبتيه قليلاً، رِجلاه عاجزتانِ عن حمله، تقاومان الانهيارَ المؤكدَ بعد قليل، وعقلهُ يُدركُ قدْرَ المصيبةِ التي تنتظره، الانهيار قدرهُ لكن ليس الآن، لا يصرخ، لا يبكي مع أنَّ طاقة العالمِ كلّها في داخلهِ للانفجار ببكاءٍ يمتدّ لنهايةِ الحياة. رجلٌ يبحثُ عن أسرةٍ كاملةٍ كان يتوقع أنها بين جثامينَ منتشرةً في متاهاتِ ما يشبه المشفى بعد قصفِ الطيران.
يقفُ من جديد، وعلى غير هدىً يعود للانغماسِ بين الباحثين عن أحبائهم وأصدقائهم وأهلهم، لكنه لا ينتبه ولا يسمع ما يدور حوله أو ما يقال، وكأمواجِ البحر المتلاطمةِ يندفع بينهم، ولا أمل بشاطئ نجاةٍ من غرقٍ محتّم في حزنٍ هو بحجم وطن.
عيناه تستنطقانِ الجدران والفراغ والهواء ..
أين هم؟
هل ما زالوا أحياءً أم زالو؟
وفي زاويةٍ قصيّةٍ تجمّع فيها كلُّ وجعِ الدنيا وألمه، سُجّيت أجسادٌ كُفّنت بالأبيض الذي أحالتهُ الدماءُ الزكيةُ إلى لونِ شقائقِ النعمان الحمراء، تحلّق حولها باحثونَ عن أحبتهم، والعويل يزلزل الأرضَ حزناً وقهراً، رأى (بعضاً) من ولده، توقفَ كلّ شيء لهُ صِلة ٌ بالحياة، إلاّ التصميم على حَضن هذا البعض.
مدّ يديهِ الاثنتين دفعةً واحدةً، وفي هذه اللحظة بدأ قلبهُ يضعف ..ينتحر.. يرفضُ الاستمرارَ بالحياة، رفعَ بقايا ولدهِ راجياً الآخرين وهم مِثلُهُ يضمونَ بقايا من أحبائهم ليسمعوه.. “شوفوا شوفوا هذا ابني.. إيه هذا ابني.. ويخاطبُ القطعَ المتفحمةَ التي كانت ابناً “يابا وين أمك وأخواتك وينهم”
فجأةً وضعَ بقايا ابنه بكلّ هدوء، كمن يضعُ وليدهُ في مهدهِ لينامَ آمناً هانئاً.
ثمّ ضمَّ قبضةَ يده، وضربَ بها على مكمن قلبه، على صدره قائلاً: “لا..لا تضعف ياقلب لا تمت الآن فثأر أولادي بعنقي.. الفلسطيني ما بينكسر.. وما بيموت من الحزن، الفلسطيني بيستشهد بالمعركة وبس”.
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
نجمة بيت لحم وعلاقتها بالزي الفلسطيني التراثي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يظن الكثيرون أن الرمز الشهير والذي يستخدم بكثرة في احتفالات عيد الميلاد وتزيين الشجرة وأدوات الزينة والملابس مقتبس من شكل الثلج لكنه في الحقيقة رمزا فلسطيني أصيل يعود لمدينة بيت لحم.
اسمها نجمة بيت لحم وهي جزء من التطريز الفلسطيني .
تعتبر احدى أقدم الغرزات أو القطبات في التطريز التلحمي يقول البعض ان اصلها هو نجمة كنعنان والتي كانت رمزا للخصوبة والخير عند القدماء، تعرف شعبيا حاليا بإسم عرق القمر.
تحولت لرمز مسيحي حيث استلهمتها سيدات بيت لحم لتطريزها على أثوابهن من القصة الشهيرة عن النجمة التي أضاءت السماء للحكماء الثلاثة يوم ميلاد المسيح في بيت لحم وأصبحت جزءا من تاريخ المدينة وحتى الآن لا تزال جزءا من رمزها.
انتقلت الغرزة أو القطبة للغرب بعد دخول الصليبيين المدينة وأعيد استخدامها وأصبحت الآن رمزا من رموز الاحتفال بعيد الميلاد في كل العالم رغم عدم معرفة الكثيرين لمصدرها.
هذا العام لن تحتفل بيت لحم بالعيد حيث أعلنت كل كنائس المدينة إلغاء احتفالات عيد الميلاد حدادًا على أرواح الشهداء.