أفادت تقديرات اقتصادية بأن "الأصعب لم يأت بعد" في الأزمة الطاحنة التي تمر بها مصر، إذ تشير تقارير مؤسسات مالية عالمية إلى أنه في حال أخفقت القاهرة في تدبير مزيد من العملة الصعبة، فقد تتعرض لخطر التخلف عن سداد ديون خارجية بقيمة 165 مليار دولار.

وذكرت وكالة بلومبيرغ في تقرير لها، أن مصر قبل شهرين بدت وكأنها على شفا انهيار مالي لكن الحرب على قطاع غزة سلط الضوء على دورها الدبلوماسي والإنساني باعتبارها البوابة الوحيدة لقطاع غزة وضرورة تقديم المساعدة لها.



لم تكن مصر بحاجة إلى المساعدة المالية، بحسب التقرير، في أي وقت مضى بقدر ما هي الآن بعد تعرضها لضغوط مالية كبيرة جعلتها ثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي، وأكثر دول العالم في ارتفاع نسب تضخم الغذاء، وضمن قائمة الدول المعرضة للتخلف عن السداد.

منذ الحرب الروسية الأوكرانية في شباط/ فبراير 2022 وخروج أكثر من 20 مليار دولار من أموال المستثمرين في أدوات الدين بدأ الاقتصاد المصري يتكشف ماليا ويخسر كل ما حققه طوال 8 سنوات بما فيه خطوة تحرير سعر الصرف في تشرين الثاني/ الأول 2016.

كما تعرض برنامج مصر للإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي الذي أبرم في ذلك الوقت إلى انتكاسة وتلاشت آثار خفض الدعم وتوفير عشرات مليارات الجنيهات سنويا، نتيجة زيادة الضغوط على الجنيه وانهياره منذ 2016 بأكثر من 200% وبالتالي ظلت فاتورة الدعم متضخمة، وزادت معدلات التضخم إلى مستويات قياسية أكثر من 40%.

يهدد الوضوع الحالي للاقتصاد المصري بخروجها من خريطة الاستثمار الدولية، بانتظار أن تعلن عدة إجراءات مؤلمة بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الحالية التي تنتهي في 12 كانون الأول/ ديسمبر والتي تضمن إعادة انتخاب رئيس النظام الحالي لفترة رئاسية أخير حتى 2030.

شبح الإفلاس سوء إدارة
اعتبر خبير أسواق المال، الدكتور وائل النحاس، أن "مصر تواجه بالفعل خطر التخلف عن سداد الديون ولكن ليس لأنها تعاني من شح الدولار، ولكن بسبب أنها تعاني من أزمة في إدارة السياسة النقدية داخل الدولة المصرية، والدليل على ذلك أن الدولار متوفر في السوق السوداء لكن الدولة غير قادرة على السيطرة على تلك السيولة وإدخالها القطاع المصرفي".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "أن خطورة الوضع الراهن للاقتصاد المصري تتمثل في عدم القدرة على إدارة سياسة نقدية سليمة وبالتالي عدم القدرة على إدارة سياسة مالية صحيحة، اليوم إذا قامت الدولة برفع سعر الدولار وخفض الجنيه سوف ينتج عنه زيادة في الأسعار، وارتفاع في تكلفة الاقتراض، وزيادة أعباء وفوائد الديون".

وانتقد النحاس "إجراءات الحكومة في بيع أفضل الأصول لديها التي تدر عوائد دولارية وبالعملة المحلية من أجل سد قروض أو دعم الموازنة، وهو أحد مظاهر غياب السياسة المالية والنقدية السليمة بالتالي فالحكومة تسير أمورها يوم بيوم دون خطة واضحة المعالم، وهناك تخبط حتى في السلع الأساسية التي تحقق مصر منها اكتفاء ذاتي مثل السكر والأرز .. إذا كانت الحكومة غير قادرة على السيطرة على أزمة محلية بهذا الحجم فكيف نتوقع منها معالجة الأزمات الأكبر.. يجب أن تذهب الحكومة بسياساتها الفاشلة".

رهانات الحكومة لمواجهة الأزمة
تراهن الحكومة المصرية – التي تنفق نحو نصف إيراداتها على مدفوعات الفائدة- على الحصول على زيادة الدعم المالي من صندوق النقد الدولي وزيادته من 3 مليارات دولار إلى 5 مليارات واستئناف المحادثات وصرف الدفعات، وعلى دور الداعمين لها في المنطقة عربيا وأوروبيا وإقراضها والتساهل في شروط الإقراض.

تعاني مصر من فجوة تمويلية وتشير تقديرات، بلومبيرغ، إلى أنه مع ترحيل نحو 28 مليار دولار من الديون الخارجية القصيرة الأجل إلى العام المقبل، و21 ملياراً أخرى لإطفاء ديون في الأمدين المتوسط والطويل، باتت هناك حاجة ماسة لمصادر سيولة نقدية إضافية.

تترقب الأسواق العالمية 3 إجراءات جوهرية من مصر خلال مطلع العام الجاري:
-خفض جديد لقيمة الجنيه المصري أمام الدولار بنحو 40%، يبلغ الآن نحو 32 جنيها في البنوك.
-رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر من أجل امتصاص صدمة التضخم و السيولة من الأسواق.
-تسريع وتيرة بيع الأصول الخاصة بالدولة للحصول على أكبر موارد دولارية ممكنة.


الاقتراض .. أسرع الطرق للانهيار
حذرت عميد الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق، عالية المهدي، من استمرار مسلسل القرارات غير الإيجابية على الاقتصاد المصري، قائلة: "على الحكومة أن تجنب المزيد من السياسات النقدية الخاطئة التي خلقت سوقا موازيا للعملة أكبر بكثير من الواقع، هي من تعمل على تضخيم الأزمة، فضلا عن السياسات المالية الخاطئة أيضا والمبالغة في طباعة المزيد من النقود".

مضيفة في حديثها لـ"عربي21": أن التلاعب بقيمة الجنيه المصري منذ مارس 2022 وما قبله لم يأت بنتائج إيجابية بل بالعكس جاء بنتائج سلبية دفعت الأسعار إلى الارتفاع بشكل غير مسبوق، وفي تاريخ مصر المعاصر لم نصل إلى تلك الطفرة الكبيرة في الأسعار ".

وأوضحت المهدي أن "مصر تسير باتجاه خاطئ لذلك لم تستطع حل الأزمات الاقتصادية المتراكمة، واختيار الاقتراض كأسرع الطرق للتمويل هو الخطأ الأكبر في الأزمة، وعلى الدولة إعادة التفكير في إصلاح الخلل في الهيكل الاقتصادي وتنمية موارد البلاد من الدولار من خلال الصناعة والتصدير والسياحة والصناعات الاستراتيجية وغيرها من مقومات الاقتصاد الحقيقي".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر الانتخابات الرئاسية الدولار مصر السيسي الدولار الانتخابات الرئاسية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

صور| ماذا حدث لعملة كوريا الجنوبية أمام الدولار بعد اعتقال رئيسها؟

ألقت هيئة التحقيق في الفساد في كوريا الجنوبية القبض على الرئيس يون سوك يول، اليوم الأربعاء، وهي المرة الأولى التي يتم فيها القبض على رئيس كوري جنوبي في السلطة، وفق ما ذكرت صحف دولية.

تعد هذه هي المحاولة الثانية لاعتقال الرئيس المعزول، بعد محاولة فاشلة في 3 يناير عندما منع عملاء من جهاز الأمن الرئاسي في كوريا الجنوبية المحققين من دخول مقر إقامة يون.

وقال مكتب التحقيق في الفساد  إنه على عكس المحاولة الأولى، ”هذه المرة، لم يكن هناك أفراد أو موظفو أمن يعرقلون بشكل نشط عملية الاعتقال ولم تكن هناك اشتباكات جسدية كبيرة”.

وذكرت وكالة يونهاب للأنباء أن نحو 3 آلاف ضابط شرطة شاركوا في المحاولة الثانية لتأمين الوصول إلى مجمع يون.

كما ذكرت وسائل إعلام كورية جنوبية أن يون قال في مقطع فيديو مسجل مسبقًا إن ”قانون البلاد قد انهار”، ووصف تحقيق التحقيق في الفساد بأنه ”غير قانوني”. 
وقال يون إنه سيقبل  المثول ”لمنع إراقة دماء غير سارة”.

رد فعل الأسهم الكورية الجنوبية

كان رد فعل الأسهم الكورية الجنوبية على الأخبار ضعيفًا، حيث انخفض مؤشر كوسبي القيادي.
وارتفع مؤشر بورصة طوكيو للأوراق المالية بنسبة 0.21% وانخفض مؤشر كوسداك للأسهم الصغيرة بنسبة 0.44%.

الوون مقابل الدولار الأميركي

وتراجع الوون قليلا مقابل الدولار الأمريكي، وسجل في آخر تعاملات 1459.75 وون.

كما ارتفع العائد على السندات الكورية الجنوبية القياسية لأجل عشر سنوات.

كانت وكالة الاستخبارات المركزية قد طلبت في البداية إصدار مذكرة اعتقال بعد عدم حضور يون للاستجواب، وهو ما وافقت عليه محكمة منطقة سيول في 31 ديسمبر ثم تم تمديد مذكرة الاعتقال بعد انتهاء صلاحيتها في 6 يناير.
ويواجه يون اتهامات محتملة بالتمرد بعد إعلانه الأحكام العرفية لفترة قصيرة في الثالث من ديسمبر، وهي التهمة التي لا تخضع للحصانة الرئاسية وتصل عقوبتها القصوى إلى الإعدام.

في الشهر الماضي، أعلن يون الأحكام العرفية في بث مفاجئ في وقت متأخر من الليل، مشيرًا إلى الحاجة إلى حماية البلاد من ”القوات الشيوعية الكورية الشمالية” و”القوات المناهضة للدولة”.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية منذ أكثر من 40 عامًا.

وبعد ذلك تمكن المشرعون من تجاوز حواجز الشرطة وصوتوا ضد الإعلان في برلمان البلاد، قبل تقديم طلبات عزل يون بعد بضعة أيام. 
وتم عزل يون في 14 ديسمبر وتم تعليقه عن منصبه.

بدأت المحكمة الدستورية في كوريا الجنوبية محاكمة يون في 14 يناير، لكنها أرجأت المحاكمة إلى 16 يناير بعد عدم حضور يون.

مقالات مشابهة

  • مؤسسة الاستثمار: 10 مليارات دولار قيمة الأصول التي ستُستثمر بناءً على موافقة مجلس الأمن
  • بعد نجاح الهند في تحقيقه.. ماذا تعرف عن الالتحام الفضائي وكيف يحدث؟
  • وزير الدفاع يشهد حفل تخرج دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج
  • توضيح هام من وزير المالية حول المرتبات
  • مبيعات دولارية هائلة خلال عام 2024
  • الدشاش في المقدمة .. ماذا حقق فيلم محمد سعد منذ انطلاق عرضه؟
  • “فصل جديد”.. رئيس الحكومة اللبنانية المكلف يتحدث عن التحديات التي تواجهها البلاد
  • صور| ماذا حدث لعملة كوريا الجنوبية أمام الدولار بعد اعتقال رئيسها؟
  • جرادة: نجاح الحكومة رهن بنهجها لا بشكلها والمطالب واضحة
  • السوداني: حجم الاستثمار العربي والأجنبي في العراق وصل إلى 63 مليار دولار