حزب الله والفُرصة الأخيرة
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
حزب الله والفُرصة الأخيرة
من الضامن لعدم اختراق إسرائيل للاتفاق، وهي الموسومة بأنها الأخلف في وعودها؟
هل إسرائيل مستعدة لسحب قواتها من شمال فلسطين بمسافة تعادل انسحاب قوات حزب الله إلى شمال الليطاني؟
إذا رفض حزب الله، المقاربة الأمريكية الإسرائيلية، فهذا سيوفّر لإسرائيل السبب والذريعة لتوجيه ضربة عسكرية لحزب الله بتأييد أمريكي.
وإذا رفض حزب الله، المقاربة الأمريكية الإسرائيلية، فهذا سيوفّر لإسرائيل السبب والذريعة لتوجيه ضربة عسكرية لحزب الله بتأييد أمريكي
قيادة الاحتلال وخاصة نتنياهو ووزير حربه، ومع حرصهما على عدم فتح جبهات أخرى لإبقاء التركيز على غزة، إلا أنهما يواجهان ضغوطا شديدة.
هل هذه الوصفة تناسب حزب الله، حيث ستضع سلاحه في الداخل اللبناني على طاولة النقاش، بانتفاء موجبات حمله السلاح بعد ترسيم الحدود البرية؟
مستوطنو الشمال النازحون يتهمون نتنياهو بالتقصير والفشل في وضع حد لعمليات حزب الله المتواصلة ما يشكّل عبئا جديدا يضاف لفشلهم في حسم معركة غزة.
هل سياسة إسرائيل بسحب الذرائع (ترسيم الحدود البرية) تناسب حزب الله وإيران؛ التي تقود محور المقاومة القائم على تحرير القدس ومواجهة المشروع الصهيوني في فلسطين والمنطقة؟
* * *
بدأ الكيان الصهيوني يكثّف تهديداته لحزب الله اللبناني في الأيام الأخيرة، فرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو وخلال زيارته الجبهة الشمالية كرّر تهديداته؛ بأنّ مصير جنوب لبنان وبيروت سيكون مشابها لمصير غزة وخانيونس، في حال فتح حزب الله جبهة شاملة من القتال ضد إسرائيل.
الأخطر من ذلك أن وزير الحرب يوآف غالانت، دعا إلى انسحاب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، باتفاق سياسي بموجب القرار 1701، وإذا فشل ذلك فإن جيش الاحتلال سيقوم بهذه المهمة بالقوّة العسكرية.
في هذا السياق تحرّك الفرنسيون في لبنان، توطئة لزيارة المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين، لمتابعة هذا الملف، ولعقد صفقة مع لبنان وحزب الله، بإعادة ترسيم الحدود البرية كما تم ترسيم الحدود البحرية سابقا وإنهاء أزمة حقل كاريش للغاز، بانسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وكفر شوبا والغجر، مقابل انسحاب قوات حزب الله من الجنوب اللبناني إلى شمال نهر الليطاني، لتأمين الحدود الشمالية لفلسطين وتأمين المستوطنات التي هي اليوم أهدفا للمقاومة اللبنانية والفلسطينية انطلاقا من جنوب لبنان.
يأتي هذا الحراك على وقع المعارك الضارية التي تجري في قطاع غزة، حيث فشل الاحتلال لحد اللحظة في تحقيق أهدافه بالقضاء على حركة حماس أو إطلاق سراح أسراه لديها، في وقت يحاول فيه التعويض عن هذا الفشل، باستهداف المدنيين بحرب إبادة لم تترك شيئا في قطاع غزة إلا وأتت عليه، في محاولة لتهجير السكان إن استطاع إلى ذلك سبيلا، رغم مواجهته مقاومة عنيدة ومحترفة، وشعبا جبارا في صموده وكبريائه في غزة.
قيادة الاحتلال وخاصة بنيامين نتانياهو ووزير حربه يوآف غالانت، ومع حرصهما على عدم فتح جبهات أخرى لإبقاء التركيز على غزة، إلا أنهما يواجهان ضغوطا شديدة من المستوطنين النازحين من مستوطنات الشمال، الذين يتهمونهم بالتقصير والفشل في وضع حد لحزب الله ولعملياته المتواصلة يوميا، ما يشكّل لهم عبئا جديدا يضاف إلى رصيد فشلهم في حسم المعركة مع غزة.
يُتوقّع أن هناك اتصالات ساخنة جرت في الآونة الأخيرة بين تل أبيب وواشنطن، حول كيفية معالجة الوضع على الحدود الشمالية لفلسطين مع لبنان، ما أنتج بدوره فرصة، أحسبها أخيرة، لتحرك الماكنة الفرنسية والأمريكية نحو لبنان، لعقد صفقة لترسيم الحدود البرية، يُبنى عليها وقف عمليات حزب الله والمقاومة الفلسطينية من الجنوب اللبناني، على اعتبار أن لبنان لن يعد لديه ما يبرر الاشتباك الدائم أو الوجود العسكري لحزب الله في الجنوب بحضور الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل بديلا.
تبدو المقاربة منطقية، في إطار السعي لمعالجة أزمة الحدود البرية قياسا على النجاح السابق في ترسيم الحدود البحرية، ولكن هذه المقاربة تطرح في ذات الوقت مجموعة من الأسئلة المعقّدة على النحو التالي:
هل إسرائيل مستعدة لسحب قواتها من شمال فلسطين بمسافة تعادل انسحاب قوات حزب الله إلى شمال الليطاني؟
من الضامن لعدم اختراق إسرائيل للاتفاق، وهي الموسومة بأنها الأخلف في وعودها؟
وهل هذه الوصفة تناسب حزب الله، حيث ستضع سلاحه في الداخل اللبناني على طاولة النقاش، بانتفاء موجبات حمله السلاح بعد ترسيم الحدود البرية؟
هل سياسة سحب الذرائع الإسرائيلية (ترسيم الحدود البرية) تناسب حزب الله وإيران؛ التي تقود ما يُسمى محور المقاومة القائم على تحرير القدس ومواجهة المشروع الصهيوني في فلسطين والمنطقة؟
لا شك أن الخطوة الإسرائيلية بتوقيتها جدّ حساسة؛ فإذا وافق حزب الله، حتى لو توفّرت الضمانات والشروط مع صعوبة ذلك، فهذا يعني انتفاء أحد أهم شرعيات حزب الله ووجود محور المقاومة المتعلّق بتحرير القدس وفلسطين من الاحتلال، ما يعني أيضا انكفاء حزب الله وسياساته إلى الداخل اللبناني بامتداد وتأثير إيراني بعيدا عن فلسطين والقدس.
وإذا رفض حزب الله، المقاربة الأمريكية الإسرائيلية، فهذا سيوفّر لإسرائيل السبب والذريعة لتوجيه ضربة عسكرية لحزب الله بتأييد أمريكي.
قيادة الاحتلال الإسرائيلي وخاصة نتنياهو وغالانت، ونتيجة الضغوط الداخلية عليهما، وشعورهما بالحاجة إلى إنجاز مفقود، يسعيان لأخذ خطوة باتجاه لبنان، ولكن خشية واشنطن من تداعيات توسيع دائرة الاشتباك دفعها لحمل مقاربة ترسيم الحدود مع لبنان، علّها تكون بديلا عن حرب محتملة مع حزب الله، قد تبادر إليها إسرائيل مع استمرار فشلها في قطاع غزة.
ذلك الفشل الذي يُعقّد المشهد أمام بنيامين نتنياهو ويدفعه مع وزير حربه غالانت للهروب إلى الأمام، باستغلال فرصة الدعم الأمريكي المطلق والمفتوح، والذي قد لا يتوفّر في فرصة أخرى.
*د. أحمد الحيلة كاتب وباحث فلسطيني
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: لبنان إيران إسرائيل غزة فلسطين أمريكا محور المقاومة ترسيم الحدود حزب الله المقاومة الفلسطينية ترسیم الحدود البریة لحزب الله
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تواصل العربدة وتقصف جنوب لبنان.. والوسطاء يتحدثون عن "بعض التقدم" في مفاوضات غزة
◄ استهداف مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت
◄ الرئيس اللبناني يدعو فرنسا وأمريكا إلى إجبار إسرائيل على وقف هجماتها
◄ قطر: محادثات وقف إطلاق النار في غزة أحرزت بعض التقدم
◄ الوسطاء: الاتفاق حول إنهاء الحرب لا يزال صعبا
◄ آل ثاني يشير إلى عدم وجود "هدف مشترك" بين الطرفين
◄ إسرائيل ترفض تقديم رؤية واضحة لإنهاء الحرب
الرؤية- غرفة الأخبار
تواصل إسرائيل ممارستها الإجرامية سواء في غزة أو في الضفة الغربية أو في لبنان، دون الالتفات إلى القوانين الدولية أو الاتفاقيات المبرمة بضمانات أوروبية وأمريكية.
وبالأمس، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه قصف مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت، مدعيا أنه يُستخدم لتخزين صواريخ دقيقة التوجيه تابعة لحزب الله اللبناني، وذلك على الرغم من سريان اتفاق وقف إطلاق النار "الهش" بين إسرائيل والحزب.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان إن "صواريخ حزب الله دقيقة التوجيه تشكل تهديدا كبيرا لإسرائيل". ولم يصدر تعليق بعد من حزب الله على هذه الضربة.
ودعا الرئيس اللبناني جوزاف عون الولايات المتحدة وفرنسا، بصفتهما ضامنتين لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر الماضي، إلى إجبار إسرائيل على وقف هجماتها فورا.
وقال: "استمرار إسرائيل في تقويض الاستقرار سيفاقم التوترات ويضع المنطقة أمام مخاطر حقيقية تهدد أمنها واستقرارها".
وفي سياق آخر يتعلق بمفاوضات وقف إطلاق النار، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الأحد، إن الجهود المبذولة للتوصل لوقف جديد لإطلاق النار في قطاع غزة أحرزت بعض التقدم، لكن لا يظل الاتفاق بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس صعبا.
وأوضح: "شهدنا يوم الخميس بعض التقدم مقارنة بالاجتماعات الأخرى، لكننا بحاجة إلى إيجاد إجابة للسؤال الأهم: كيف ننهي هذه الحرب؟ هذه هي النقطة المحورية في المفاوضات كلها".
وذكر موقع أكسيوس الأسبوع الماضي أن رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" دافيد برنياع توجه إلى الدوحة يوم الخميس للقاء رئيس الوزراء القطري وسط الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق نار جديد في غزة.
ولم يذكر المسؤول القطري أي جوانب من محادثات وقف إطلاق النار شهدت إحراز تقدم في الأيام القليلة الماضية، لكنه قال إن حماس وإسرائيل لا تزالان على خلاف بشأن الهدف النهائي للمفاوضات.
وقال إن الحركة مستعدة لإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين المتبقين إذا أنهت إسرائيل الحرب في القطاع. لكنه أضاف أن إسرائيل تريد من حماس إطلاق سراح الرهائن دون تقديم رؤية واضحة لإنهاء الحرب.
وأشار في مؤتمر صحفي بالدوحة إلى أنه "عندما لا يكون هناك هدف مشترك بين الأطراف، أعتقد أن فرص إنهاء الحرب تصبح ضئيلة للغاية".