يحذر الخبراء والعديد من التقارير المتخصصة، أن الجيوش الأوروبية غير مستعدة على الإطلاق لحرب شاملة، حيث ذكرت عدد من الإحصائيات أن بريطانيا تمتلك 157 دبابة قادرة نسبيًا فقط، بينما عدد براميل المدفعية في فرنسا يساوي ما تخسره روسيا كل شهر في أوكرانيا، ومخزون القذائف في ألمانيا لن يكفي إلا لمدة يومين من الحرب، ففي أوروبا، تتزايد الأصوات المحذرة، والتي تقول أن القارة ليست مستعدة لصراع مستقبلي، خصوصا وأن عصر السلام الذي اعتدنا عليه قد ولى.

 

وبحسب تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن هناك العديد من التقرير والأصوات داخل القارة العجوز تحذر من كارثة تنتظر دول أوروبا إذا ما خاضت حرب شاملة خلال السنوات المقبلة، وذلك في ظل منظومة التسليح الموجودة حاليا، وضعف قدرات الإنتاج العسكري لتلبية الكم المطلوب من السلاح إذا ما قررت تلك الدول رفع كم المخزون من التسليح.

 

 

الجيش الألماني يحذر:  نعيش وضع مخزى

 

وقد حذر قائد الجيش الألماني الجنرال كارستن بروير هذا الأسبوع قائلا: "يجب أن نجهز الجيش للدفاع عن ألمانيا وحلف شمال الأطلسي، وفي الوقت الحالي لم نصل إلى هذه النقطة بعد"، منضما إلى الأصوات المتزايدة في أوروبا التي تحذر من عدم الاستعداد. الجيوش الأوروبية لصراع محتمل مع روسيا.

وجاء في تقرير للمجلس الألماني للعلاقات الخارجية، نشر قبل أسبوعين، أنه منذ لحظة انتهاء الحرب في أوكرانيا، ستتمكن روسيا من استعادة قوتها في غضون ستة عشر عاماً، وهذا يعني أن ألمانيا وحلف شمال الأطلسي أمامهما من خمس إلى تسع سنوات للتوصل إلى وضع يمكنهم من ردع روسيا، ومحاربتها إذا لزم الأمر، ووفقاً للاستخبارات الإستونية، سيكون أمام روسيا من ثلاث إلى خمس سنوات لتحديث القدر الكافي لمهاجمة دولة أخرى؛ ويعتقد رئيس جهاز الأمن البولندي، جاسيك سورا، أن زملائه متفائلون للغاية: ففي تقديره، أمام الناتو ما يصل إلى ثلاث سنوات للوصول إلى حالة الاستعداد.

 

أرقام كارثية للذخيرة

 

ولكن ما مدى قدرة الجيوش الأوروبية على الصراع؟ يكشف مقال موسع في صحيفة "وول ستريت جورنال" اليوم أن الوضع مقلق للغاية، فعلى سبيل المثال: تمتلك بريطانيا العظمى قوات بحرية وجوية قوية، ولكن من بين 227 دبابة موجودة - 157 فقط يمكنها الوصول إلى ساحة المعركة في غضون 30 يومًا. 40 منها فقط تعمل بكامل طاقتها ومتاحة للمعركة. سلاح المدفعية؟ لا يوجد سوى 12 نظام مدفعية بعيدة المدى قيد التشغيل، وبريطانيا، كما ورد في "الجورنال"، هي الحليف الرئيسي للولايات المتحدة والدولة الأوروبية الرائدة في مجال الإنفاق الدفاعي.

بينما تمتلك فرنسا، التي تأتي في المرتبة الثانية بعد بريطانيا من حيث الإنفاق الدفاعي، أقل من 90 قطعة مدفعية، وهو عدد القطع التي تخسرها روسيا كل شهر في الحرب، ولا تمتلك الدنمارك مدفعية ثقيلة على الإطلاق، كما قامت هولندا بتفكيك آخر وحدة دبابات لها في عام 2011 ودمجتها في الجيش الألماني، ولا يعني ذلك أن الوضع في ألمانيا أفضل: فبرلين لديها فقط قذائف تكفي ليومين من الحرب و200 دبابة فقط، نصفها فقط عامل، وبحسب مسؤولين كبار في الحكومة الاتحادية، فإن الصناعة المحلية قادرة على إنتاج ثلاث دبابات فقط شهريا، وقالت إيفا هوغل، التي تشرف على الجيش نيابة عن البوندستاغ، بداية العام: "الجيش يفتقر إلى كل شيء". ووفقا لها، لا يتعلق الأمر بالذخيرة والأسلحة فحسب، بل بالاتصال بالإنترنت، فقد انتظرت إحدى وحدات طائرات الهليكوبتر عقدًا من الزمن (!) لتلقي إمدادات من الخوذات.

 

هكذا أصبح الوضع كارثي في القارة العجوز

 

فكيف وصلت الجيوش الأوروبية إلى هذه النقطة؟ خلال الحرب الباردة، اعتمدت الدول الأوروبية على المظلة النووية الأميركية، لكنها ظلت تحتفظ بجيوش ضخمة نسبيا، ولكن بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، خفضت حكومات أوروبا الغربية حجم جيوشها، بعد أن أدركت أن التهديد قد زال، وانخفض الاستثمار في الدفاع من 3% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 1,3%، وتم تحرير الموازنات من خلال تقليص الإنفاق العسكري، فيما استثمرت الدول الأوروبية في القنوات الاجتماعية، وذلك بالتوازي مع تدريب الجيوش الصغيرة بشكل أساسي على مهام وعمليات مستهدفة بعيدة عن الوطن، وليس على حروب شاملة مثل تلك التي حظرتها روسيا ضد أوكرانيا.

وأصبح تحالف الناتو أقوى بشكل ملحوظ في أعقاب حرب بوتين مع انضمام فنلندا، وزادت دول البلطيق استثماراتها بشكل كبير، في حين تنفق بولندا 4٪ من ناتجها المحلي الإجمالي على تعزيز جيشها (الذي من المحتمل أن يكون الأقوى في الاتحاد الأوروبي خلال عامين أو ثلاثة أعوام)، ومع ذلك، فإن 11 فقط من بين 31 دولة عضو في الناتو سوف تلبي عتبة الإنفاق الدفاعي (2٪) هذا العام والتي اتفقوا عليها في عام 2014.

 

روسيا لا تهزر ... هكذا تسير منظومة التسليح

 

 

ومن جانبه، يعمل الكرملين على تحويل المزيد والمزيد من الموارد لصالح الإنتاج العسكري ــ وجزء كبير منها لزيادة الإرهاق في الغرب ــ ومن المقرر أن يستثمر في العام المقبل 6% من الناتج المحلي الإجمالي في الدفاع، وفي الانتخابات المقررة في نوفمبر، من الممكن أن يُنتخب دونالد ترامب، الذي يعارض استمرار الاستثمارات الأمريكية الضخمة، في حلف شمال الأطلسي - ولدى أوروبا أسباب عديدة للقلق.

 

وقال الجنرال بروير: "علينا أن نعتاد على فكرة أننا قد نحتاج إلى خوض حرب دفاعية". "إن عصر السلام الذي اعتاد عليه المجتمع لم يعد موجودا."

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

وجه الحرب

بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية)- كيف يكون داعية الحرب وشريك المعتدي وسيلة أو هاديًا أو رسولًا إلى السلام؟ إذا، للسلام أكثر من مفهوم لدى البعض. وهذا البعض يخالف المجموع إلى ما يحب ويهوى من المفاهيم التي صاغها هو ومساعدوه خصيصًا ووفقًا لمقاسات ومعايير تلك المفاهيم الخاصة من حيث الشكل والقوام. وإذا، فمن المؤكد أن السلام المطلوب يحقق ويلبى أهداف اليد العليا التي تساعد بالسلاح والدعم السياسي والاقتصادي طرفًا تجاوز الحدود كلها قولًا وقتلًا -علانيةً وسرًّا- ولم يعبأ حتى بالأطفال والنساء ولا بالمرضى والعجزة وقتلهم جميعًا بالرصاص والجوع والحصار باسم الدفاع عن النفس.

ورغم فقد الرجل كثيرًا من صحته ومن قدرته على تمييز من وما حوله جهارًا نهارًا، إلا أنه يظل في مقعده كصنم عتيق، ويظل على تمسكه بدعم الاعتداء والقتل الآخذ في الاتساع بسرعة كبيرة ومتصلة.

أو بالأصح يظل الرجل وجه حرب لأولئك القابعين خلفه الطامعين في حصد المزيد من الثروات والأموال والمصالح والنفوذ ولو مات من مات ومسحت مدن كاملة بمن فيها. فلا التدين، أو نصرة دين ما، أو حتى مزاعم القومية الممجوجة تبرر التأييد العمى للمذابح التي يستهجنها العالم اليوم، تمامًا مثلما يرفضها العلم وبنكرها كل يوم في مواجهة دول أخرها ارتكبتها منذ عشرات السنين ضد دول معادية في ذلك الحين.

ولكن المصالح الجسام والمكاسب الهائلة تخلق كل الأسباب للإنسان الطماع الذي لا يمانع في أن يصبح وجها قبيحًا ملطخًا بالدماء وبكل عبارات الإدانة البالغة للأنانية الإنسانية والحزبية. كيف يمكن لوجه الحرب أن يظهر على الناس كل يوم داعيًا إلى السلام وإلى الحوار وإلى الدبلوماسية، بينما هو يغذى المعتدي بكل الأسلحة الفتاكة والمعلومات والخبراء والدعم -حتى المعنى منه- بينما يرشق الآخرين بتهم الإرهاب جميعًا؟ الموارد تحكم، والقوة تحكم، والاحتياج يكبل الأيدي والأرجل وحتى الألسنة قبل الأيدي والأرجل، ويترك أناسًا كثيرين كأنهم أعجاز نخل خاوية أو خيلات مآتة على رؤوس الغيطان حفظتها الطيور ولم تعد تأبه لوجودها. وقوة السلاح تعلن بطشها وقدرتها على محو القرى والمدن في ساعات قليلة والعودة بالمجتمعات الضعيفة خاصة الى حقب سابقة.

والشعوب التي لم ترب على الانضباط الذاتي وكثرة العمل واتقان العمل والمثابرة والتخطيط الجيد لكل شيء تجد نفسها في أرجوحة الظروف وغير مسلحة إلا ببعض الدعاء لعلها تنجو من الهم والغم إلى شاطئ ما لا يعرف كنهه أحد. تمامًا كما في أفلام المغامرات اللذيذة الإثارة في المقاعد الوثيرة.
إن انتصار سياسة الرجل “وجه الحرب” أو خليفته التي تدعمه في غيبوبته ربما يمثل كارثة كبيرة على العالم، لأن مساندة الظالمين ظلام يستدعى أشياء كثيرة ليس من بينها الحبور ولا السلام .

 

Tags: الانضباط الذاتيالحروب

مقالات مشابهة

  • توكل كرمان من لاهاي أمام تجمع عالمي: العالم يواجه الآن خطراً خطيراً يتمثل في الحرب السيبرانية التي قد تؤدي إلى تقويض الأمن والخصوصية
  • العاهل الأردني يحذر من خطورة التصعيد الإقليمي: يجر العالم لحرب شاملة
  • بريطانيا: رفض جماعة الحوثي مبادرات السلام أعاق التقدم لتسوية سياسية شاملة
  • صحيفة: هذه المخاطر تنتظر الجيش الإسرائيلي في غزو لبنان
  • مستقبل مجهول.. تهديدات تنتظر الجيش الإسرائيلي في الاجتياح البري للبنان
  • الأوساط الإيرانية تحذر من انزلاق المنطقة لحرب شاملة
  • روسيا: قصف لبنان يؤدي إلى كارثة إنسانية مماثلة لـ«غزة»
  • وزير التموين: المخزون الاستراتيجي من السكر يكفي لمدة 15 شهرا
  • شـواطئ.. روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟ (4)
  • وجه الحرب