عصر السلام ولى.. كارثة تنتظر أوروبا إذا تعرضت لحرب شاملة.. جيوشها غير مستعدة ومخزون الذخائر لا يكفي شهرا
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
يحذر الخبراء والعديد من التقارير المتخصصة، أن الجيوش الأوروبية غير مستعدة على الإطلاق لحرب شاملة، حيث ذكرت عدد من الإحصائيات أن بريطانيا تمتلك 157 دبابة قادرة نسبيًا فقط، بينما عدد براميل المدفعية في فرنسا يساوي ما تخسره روسيا كل شهر في أوكرانيا، ومخزون القذائف في ألمانيا لن يكفي إلا لمدة يومين من الحرب، ففي أوروبا، تتزايد الأصوات المحذرة، والتي تقول أن القارة ليست مستعدة لصراع مستقبلي، خصوصا وأن عصر السلام الذي اعتدنا عليه قد ولى.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن هناك العديد من التقرير والأصوات داخل القارة العجوز تحذر من كارثة تنتظر دول أوروبا إذا ما خاضت حرب شاملة خلال السنوات المقبلة، وذلك في ظل منظومة التسليح الموجودة حاليا، وضعف قدرات الإنتاج العسكري لتلبية الكم المطلوب من السلاح إذا ما قررت تلك الدول رفع كم المخزون من التسليح.
الجيش الألماني يحذر: نعيش وضع مخزى
وقد حذر قائد الجيش الألماني الجنرال كارستن بروير هذا الأسبوع قائلا: "يجب أن نجهز الجيش للدفاع عن ألمانيا وحلف شمال الأطلسي، وفي الوقت الحالي لم نصل إلى هذه النقطة بعد"، منضما إلى الأصوات المتزايدة في أوروبا التي تحذر من عدم الاستعداد. الجيوش الأوروبية لصراع محتمل مع روسيا.
وجاء في تقرير للمجلس الألماني للعلاقات الخارجية، نشر قبل أسبوعين، أنه منذ لحظة انتهاء الحرب في أوكرانيا، ستتمكن روسيا من استعادة قوتها في غضون ستة عشر عاماً، وهذا يعني أن ألمانيا وحلف شمال الأطلسي أمامهما من خمس إلى تسع سنوات للتوصل إلى وضع يمكنهم من ردع روسيا، ومحاربتها إذا لزم الأمر، ووفقاً للاستخبارات الإستونية، سيكون أمام روسيا من ثلاث إلى خمس سنوات لتحديث القدر الكافي لمهاجمة دولة أخرى؛ ويعتقد رئيس جهاز الأمن البولندي، جاسيك سورا، أن زملائه متفائلون للغاية: ففي تقديره، أمام الناتو ما يصل إلى ثلاث سنوات للوصول إلى حالة الاستعداد.
أرقام كارثية للذخيرة
ولكن ما مدى قدرة الجيوش الأوروبية على الصراع؟ يكشف مقال موسع في صحيفة "وول ستريت جورنال" اليوم أن الوضع مقلق للغاية، فعلى سبيل المثال: تمتلك بريطانيا العظمى قوات بحرية وجوية قوية، ولكن من بين 227 دبابة موجودة - 157 فقط يمكنها الوصول إلى ساحة المعركة في غضون 30 يومًا. 40 منها فقط تعمل بكامل طاقتها ومتاحة للمعركة. سلاح المدفعية؟ لا يوجد سوى 12 نظام مدفعية بعيدة المدى قيد التشغيل، وبريطانيا، كما ورد في "الجورنال"، هي الحليف الرئيسي للولايات المتحدة والدولة الأوروبية الرائدة في مجال الإنفاق الدفاعي.
بينما تمتلك فرنسا، التي تأتي في المرتبة الثانية بعد بريطانيا من حيث الإنفاق الدفاعي، أقل من 90 قطعة مدفعية، وهو عدد القطع التي تخسرها روسيا كل شهر في الحرب، ولا تمتلك الدنمارك مدفعية ثقيلة على الإطلاق، كما قامت هولندا بتفكيك آخر وحدة دبابات لها في عام 2011 ودمجتها في الجيش الألماني، ولا يعني ذلك أن الوضع في ألمانيا أفضل: فبرلين لديها فقط قذائف تكفي ليومين من الحرب و200 دبابة فقط، نصفها فقط عامل، وبحسب مسؤولين كبار في الحكومة الاتحادية، فإن الصناعة المحلية قادرة على إنتاج ثلاث دبابات فقط شهريا، وقالت إيفا هوغل، التي تشرف على الجيش نيابة عن البوندستاغ، بداية العام: "الجيش يفتقر إلى كل شيء". ووفقا لها، لا يتعلق الأمر بالذخيرة والأسلحة فحسب، بل بالاتصال بالإنترنت، فقد انتظرت إحدى وحدات طائرات الهليكوبتر عقدًا من الزمن (!) لتلقي إمدادات من الخوذات.
هكذا أصبح الوضع كارثي في القارة العجوز
فكيف وصلت الجيوش الأوروبية إلى هذه النقطة؟ خلال الحرب الباردة، اعتمدت الدول الأوروبية على المظلة النووية الأميركية، لكنها ظلت تحتفظ بجيوش ضخمة نسبيا، ولكن بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، خفضت حكومات أوروبا الغربية حجم جيوشها، بعد أن أدركت أن التهديد قد زال، وانخفض الاستثمار في الدفاع من 3% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 1,3%، وتم تحرير الموازنات من خلال تقليص الإنفاق العسكري، فيما استثمرت الدول الأوروبية في القنوات الاجتماعية، وذلك بالتوازي مع تدريب الجيوش الصغيرة بشكل أساسي على مهام وعمليات مستهدفة بعيدة عن الوطن، وليس على حروب شاملة مثل تلك التي حظرتها روسيا ضد أوكرانيا.
وأصبح تحالف الناتو أقوى بشكل ملحوظ في أعقاب حرب بوتين مع انضمام فنلندا، وزادت دول البلطيق استثماراتها بشكل كبير، في حين تنفق بولندا 4٪ من ناتجها المحلي الإجمالي على تعزيز جيشها (الذي من المحتمل أن يكون الأقوى في الاتحاد الأوروبي خلال عامين أو ثلاثة أعوام)، ومع ذلك، فإن 11 فقط من بين 31 دولة عضو في الناتو سوف تلبي عتبة الإنفاق الدفاعي (2٪) هذا العام والتي اتفقوا عليها في عام 2014.
روسيا لا تهزر ... هكذا تسير منظومة التسليح
ومن جانبه، يعمل الكرملين على تحويل المزيد والمزيد من الموارد لصالح الإنتاج العسكري ــ وجزء كبير منها لزيادة الإرهاق في الغرب ــ ومن المقرر أن يستثمر في العام المقبل 6% من الناتج المحلي الإجمالي في الدفاع، وفي الانتخابات المقررة في نوفمبر، من الممكن أن يُنتخب دونالد ترامب، الذي يعارض استمرار الاستثمارات الأمريكية الضخمة، في حلف شمال الأطلسي - ولدى أوروبا أسباب عديدة للقلق.
وقال الجنرال بروير: "علينا أن نعتاد على فكرة أننا قد نحتاج إلى خوض حرب دفاعية". "إن عصر السلام الذي اعتاد عليه المجتمع لم يعد موجودا."
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
روسيا: ننظر بإيجابية إلى التفاوض حول السلام مع أوكرانيا
عبدالله أبوضيف (القاهرة، واشنطن، موسكو)
أخبار ذات صلةوصف الكرملين، أمس، إعلان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداده للتفاوض على إنهاء الحرب المتواصلة منذ ثلاث سنوات مع روسيا بأنه «إيجابي».
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في خطاب أمام جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس هو الأول له من نوعه منذ تسلمه السلطة في 20 يناير، موافقة أوكرانيا على مفاوضات سلام مع روسيا لإنهاء الحرب الدائرة منذ عام 2022 إضافة إلى موافقة كييف على توقيع صفقة معادن نادرة مع واشنطن.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين: إن «هذا النهج إيجابي بالمجمل».
وأشار بيسكوف أمس، إلى مرسوم أقره زيلينسكي يستبعد عقد مفاوضات مباشرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأكد الرئيس الأوكراني عدة مرات مذاك بأنه سيكون مستعداً للاجتماع مع بوتين، شرط اتفاق كييف مع حلفائها الغربيين على موقف تفاوضي موحد قبل ذلك.
إلى ذلك، قال زيلينسكي الذي يشارك الخميس، في القمة الأوروبية المخصصة لأوكرانيا في بروكسل، أمس، إنه «يمكن تحقيق سلام مستدام» في بلاده إذا تعاونت أوروبا والولايات المتحدة مع كييف.
وفي السياق، قال أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني إنه «ناقش مع مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل والتس الخطوات التالية نحو سلام عادل ودائم في أوكرانيا»، وذلك في اتصال هاتفي أمس.
وأضاف يرماك أنه ووالتس «تبادلا وجهات النظر بشأن القضايا الأمنية وتنسيق المواقف»، وحددا موعداً لاجتماع مسؤولين أوكرانيين وأميركيين في وقت قريب لمواصلة هذا العمل المهم.
وفي ضوء هذه التغيرات، أشارت الباحثة الأميركية في الأمن القومي، إيرينا تسوكرمان، إلى أنه مع تغير الموقف الأميركي تجاه أوكرانيا، يواجه الرئيس فولوديمير زيلينسكي تحديات غير مسبوقة في الحفاظ على الدعم الغربي، خاصة بعد الإشارات الواضحة إلى أن إدارة ترامب قد لا تقدم لكييف نفس المستوى من المساندة كما كان في السابق.
وأضافت لـ«الاتحاد» أن الديناميكيات الدولية تتغير بسرعة والضغوط تتزايد على أوكرانيا لاتخاذ قرارات مصيرية، أبرزها القبول أو رفض اتفاقية السلام التي قدمها ترامب لإنهاء الحرب مع روسيا، مشيرة إلى أن الاتفاقية المطروحة مع روسيا في ظل هذه المتغيرات باتت محور نقاش عالمي.
وأشارت إلى أن قبول زيلينسكي بهذه الاتفاقية قد يعني إنهاء الحرب لكنه قد يفرض على أوكرانيا تنازلات قاسية أبرزها الاعتراف بواقع النفوذ الروسي في بعض المناطق أو تقديم ضمانات أمنية لموسكو. بالمقابل، رفضها قد يضع أوكرانيا في مواجهة مع إدارة أميركية مترددة ويجعلها أكثر اعتماداً على أوروبا وحدها.
بدورها، اعتبرت الدبلوماسية الأميركية السابقة، جينا وينستانلي، أن التطورات الأخيرة كشفت بوضوح حجم الشكوك التي تحيط بالموقف الأميركي تجاه أوكرانيا.
وقالت: «إدارة دونالد ترامب لا تكتفي بإضعاف الروابط مع أوروبا، بل تمارس ضغوطاً متزايدة على حلفائها لدفعهم نحو إعادة تقييم موقفهم من الصراع».
وأكدت وينستانلي في تصريح لـ«الاتحاد» أن الأميركيين معجبون بقيادة زيلينسكي في مواجهة روسيا، لكن الكثيرين لا يرون طريقاً واضحاً لانتصار كييف في ظل تراجع الدعم الأميركي المحتمل، مشيرة إلى أن زيلينسكي يواجه خيارات صعبة خاصة في ظل طرح ترامب لاتفاقية سلام بين أوكرانيا وروسيا، وهي اتفاقية قد تعني إنهاء الحرب، لكنها في الوقت نفسه قد تفرض على أوكرانيا تقديم تنازلات سياسية وعسكرية مؤلمة.