مواطنون: «كوب28» فخر العرب
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
مريم بوخطامين وإيهاب الرفاعي وسعيد أحمد (أبوظبي)
أكد مواطنون أهمية الدور الريادي الذي تقوم به الإمارات في دعم القضايا البيئية، والذي ترجمته باستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، وتسعى من خلاله إلى توحيد الجهود العالمية في مجال العمل المناخي، وتحديد فرص التعاون المتاحة لإيجاد الحلول للتحديات المناخية، مشيرين إلى أن النتائج الإيجابية المبهرة التي حققتها الدولة من خلال «كوب 28»، تعتبر ترجمة حقيقية لجهود الإمارات قيادة وشعباً بدعم القضايا البيئية في جميع دول العالم، كما أن الفوائد التي تحققت بفضل استضافة الدولة لهذا المؤتمر العالمي لا تحصى ليس على المستوى البيئي فحسب، بل على المستويات كافة.
وقالوا لـ «الاتحاد»: الحدث فخر للعرب بشكل عام وللإمارات على وجه الخصوص، بما حققه من نجاح ملموس في التنظيم والوصول به إلى مناقشات عالمية جادة بين الحكومات في كيفية الحد من تغير المناخ والاستعداد له في المستقبل.
مصبح الكندي المرر يؤكد أن الإمارات منذ القدم تحرص على الاهتمام بالقضايا البيئية والحفاظ على الموارد الطبيعية واستدامتها، والتي أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسارت على نهجه قيادتنا الرشيدة التي تواصل جهودها في تعزيز الدور البيئي للدولة في المحافل الدولية كافة، مما كان له أكبر الأثر في ترسيخ الاهتمام بالقضايا البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية، وساهمت في توفير بيئة ملائمة للكائنات المهددة بالانقراض في مختلف دول العالم
وأضاف المرر، أن جهود الدولة في الحفاظ على البيئة محلياً وعالمياً واضحة ومستمرة، وذلك للحد من التحديات التي تواجه التغير المناخي، وتؤثر على الموارد الطبيعية، وتضر بالأجيال القادمة، مشيراً إلى أن النجاح الكبير الذي حققه «كوب 28»، ترجمة حقيقية لتلك الجهود التي لا تتوقف في دعم القضايا البيئية المختلفة.
صاحبة الريادة
خليفة سعيد السعدي يؤكد أن الإمارات دائماً صاحبة الريادة في مختلف الشؤون والقضايا العالمية، وكذلك في الإنجازات بفضل قيادة حكيمة تستشرف المستقبل بفكر وبرؤى تعمل للغد، واليوم نرى الإمارات تخطو خطوات مستقبلية في مجال المستدامة، ما يؤول خيره ليس فقط على الدولة، بل على العالم أجمع من دعم التنمية المستدامة والعمل المناخي، ويأتي «كوب 28» ليضع الخطط العالمية المستدامة وأفضل الممارسات التي تبنتها الإمارات لبناء مستقبل مستدام.
وأضاف: الركائز الأساسية التي تعمل عليها دولة الإمارات في التحول إلى الاقتصاد الأخضر والطاقة البديلة من أهم مقومات المحافظة على البيئة، ما يساهم بشكل كبير في جودة الحياة ونمو اقتصادي، وما يتبعه من برامج وقرارات ومشاريع تعزز الجانب البيئي المستدام والذي وضعته دولة الإمارات في خطتها للسنوات القادمة.
وأضاف: استضافة COP28 دليل على اهتمام دولة الإمارات بقضايا البيئة والسعي لمستقبل يدعم الاستدامة، الذي جاء ليتوج عام الاستدامة الذي قدمت به الدولة العديد من التوجهات الخاصة بالقضايا البيئية وقضايا المناخ، لتصبح الاستدامة هي توجه كل فرد من أفراد المجتمع وليس فقط توجه الدولة، نتيجة للوعي الذي عززته دولة الإمارات بقضايا البيئة والمناخ والاستدامة.
ثقافة الاستدامة
عمر أحمد السعيدي يرى أن «كوب 28» عزز مفهوم ثقافة الاستدامة البيئية، وأهمية الإعلام المتخصص وفق نظريات الاتصال وآراء الخبراء في تلبية الاحتياجات المختلفة لسمات المتلقين، ووسع الحضور الإعلامي الإماراتي في المحافل والدولية، فقد بينت ندوة أقامتها لجنة خبراء الأمم المتحدة في التغير المناخي، نشرت في الصحافة وطبقاً لدراسة أجرتها نشرة أخبار الأمم المتحدة على 59 دولة، فإن التغطيات البيئية والمناخية الصحفية الخاصة بموضوع التغير المناخي فقط، ارتفعت من 87 ألف موضوع في عام 2016 إلى 470 ألف موضوع في عام 2021، كما كشف تقرير الأخبار الرقمية لعام 2022، الصادر عن «رويترز»، عن أن ما يقرب من 50% من جمهور القراء في جنوب أفريقيا وكينيا ونيجريا مهتمون في متابعتهم الصحفية اليومية للمطبوعات بمحور المناخ، وهو مؤشر يشي بأن الاهتمام بهذا المحور لم يعد همّاً متزايداً في الدول المتقدمة فقط، بل في مختلف أنحاء العالم.
المعاناة واضحة
سالم أحمد المزروعي يوضح أن التحديات المناخية التي تحيط بالعالم تتسارع وتيرتها وآثارها السلبية على جميع دول العالم، رغم تفاوت وتباين تلك الآثار، إلا أن المعاناة واضحة وتتزايد عاماً بعد آخر، حيث يشهد العالم ارتفاعاً غير مسبوق في نسبة الكربون بالأجواء، وارتفاعاً في درجة حرارة بصورة قياسية وغير مسبوقة وغيرها من الآثار السلبية لهذا التغير المناخي.
ويبين المزروعي أن جهود الدولة في الحفاظ على البيئة، ودعم خطط مواجهة التغير المناخي واضحة وتتزايد للحد من هذه المخاطر، ويعتبر «كوب28» ترجمة لهذه الجهود وثمرة العمل المتواصل في هذا الملف، والذي أسفر عن قرارات إيجابية تساهم بشكل فعال في الحفاظ على البيئة والحد من المخاطر الناجمة عن التغير المناخي حيث دعت الدولة، قادة العالم إلى أهم حدث مناخي لهذا العام لإحراز تقدم تحويلي وعملي نحو معالجة أزمة المناخ.
نتائج مبهرة
ناصر أحمد العلي، يشير إلى أن نجاح دولة الإمارات في استضافة «كوب 28»، وما حققته من نتائج إيجابية مبهرة خلال المؤتمر العالمي الذي استقطب المهتمين كافة بالقضايا البيئية، وسلط الضوء على المخاطر والتحديات التي تحيط بنا بسبب التغير المناخي، يعكس مدى الجهود الكبيرة التي تبذلها قيادتنا الرشيدة للحفاظ على الموارد الطبيعية ودعم الاستدامة.
وأضاف العلي أن الإمارات ترسخ دائماً قيم الاستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية وجهودها واضحة، حيث تنتشر المحميات الطبيعية سواء كانت محميات بحرية أو برية في مختلف أنحاء الدولة، كما تدعم خطط الحفاظ على الحيوانات المهددة بالانقراض داخل الدولة وخارجها.
حدث عالمي
مبارك المزروعي يعرب عن فخره واعتزازه باستضافة دولة الإمارات هذا الحدث العالمي الذي جذب إليه قادة دول العالم للمشاركة في وضع حلول للتأثيرات السلبية للتغير المناخي والاعتماد على الطاقة النظيفة والمتجددة والحفاظ على الموارد الطبيعية.
وأضاف المزروعي أن وجود هذا الحدث العالمي يعكس المكانة الدولية العالية التي وصلت إليها دولة الإمارات، وأن قيادتنا الرشيدة مستمرة في الارتقاء بدولتنا الحبيبة نحو آفاق المستقبل بخطوات واسعة من التميز والريادة، وهو ما يجعله يشعر بالفخر والسعادة.
هدف واحد
أحمد البلوشي، قال، إن مؤتمر «كوب 28» حدث عالمي يعزز قدرة الإمارات على تنظيم أحداث ومناسبات عالية بشكل منتظم وسلسل ويجعل كل مواطن ومقيم على أرضها فخور بنجاحه، خاصة أن الغاية من الحدث تعم العالم دون استثناء ويعود الحدث بالفائدة على البيئة والبشرية وكل من يعيش على الأرض خاصة مع تداعيات الظواهر البيئية التي حدثت مؤخراً، ومن المأمول أن يساعد «كوب 28» في الحفاظ على هدف الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية على المدى الطويل إلى 1.5 درجة مئوية، منوهاً بأن أهمية مؤتمر «كوب 28» تكمن في بحث قضايا تشمل الصحة والتمويل والغذاء والطبيعة.
الدول الأكثر تضرراً
المواطنات هند النيادي، وحصة، وعذاري الكعبي من العين، أكدن أن مؤتمر «كوب 28» طرح أهم القضايا البيئية التي أثرت وتؤثر على الدول الأكثر تضرراً من الممارسات العالمية الخاطئة ضد الطبيعة والتي تمت مناقشتها ووضع الحلول لها، والاتفاق بالخروج بصندوق تمويل دولي يشارك فيه عدد من الدول لحل تلك الأزمات التي تتعرض لها الدول الفقيرة والنائية سواء أمراض ومجاعات وكوارث طبيعية، لتحقيق الدعم لها، بخلاف التنظيم الأكثر من رائع للحدث، متمنيات أن تتكرر مرة أخرى لما لها من أهمية.
نجاح بيئي
وبين ماجد العامري، أن استضافة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف «كوب 28» وتسليطها الضوء عليه، حقق نجاحاً بيئياً على المستوى البعيد خاصة على فئة الشباب من خلال تعريفهم على العواقب والمشاكل التي تعانيها البيئة نتيجة عدم إعطائها حقها في التوازن والاستدامة، منوهاً بأن المؤتمر ساهم في تفعيل مشاركة الجيل الجديد لتعديل سلوكهم البيئي نحو الحياد المناخي، الأمر الذي سيكون له مردود إيجابي في المستقبل.
حماية الأرض
سلطان المناعي، أوضح أن من أهم النتائج التي خرج بها مؤتمر «كوب 28» وضع خطط للإسراع في تحقيق تدابير حماية الأرض، خاصة في مسألة توقيع الدول لخطة «التعليم الأخضر» الذي تلتزم من خلاله الدول في التعليم المناخي وخطط التكيف الوطنية.
مسارات عدة
قالت الدكتورة فاطمة النبهاني، إن الهدف الرئيسي من مؤتمر الأطراف «كوب 28» تحقيق مسارات عدة تشمل تسريع انتقال الطاقة وخفض الانبعاثات قبل عام 2030، ووضع مسألة تمويل مكافحة التغير المناخي حيز التنفيذ بشكل أكثر فاعلية، ما يظهر جلياً من خلال تنوع القضايا المطروحة للمناقشة، ومن ناحية نجاح الحدث العالمي أكدت أن التنظيم الممتاز والتسلسل والفعاليات المتناسقة كان لها تأثير كبير على جذب الزوار من داخل وخارج الدولة.
رؤية كافية
الطلاب أحمد ناصر، ومنصور عبدالله، وسيف خليفة، أكدوا أنهم لم تكن لديهم رؤية كافية في السابق عن حدث «كوب» العالمي ومدى أهمية رسالته على الطبيعة، ولكن بعد التعرف عليه وزيارة المكان وتنظيمه في دولة الإمارات اكتشفوا مدى أهمية الحدث العالمي، وضرورة اتباع الممارسات الصحية التي من شأنها الحفاظ على البيئة.
النتائج تساعد الحكومات على تجاوز التحديات المناخية
الحدث شهد تفاعلاً من جميع الحكومات والمؤسسات والأفراد داخل وخارج الدولة، ما يؤكد أن نتائج وحصيلة المؤتمر ستدعم الاستدامة البيئية وستساعد الحكومات على تجاوز التحديات المناخية.
الداعم الأول
قال فيصل أحمد المطروشي، إن الإمارات نجحت بكل فخر واعتزاز في استضافة هذا الحدث العالمي الذي أبهر المشاركين والزوار على حسن التنظيم والإجراءات الميسرة، لافتاً إلى أن توجيهات الحكومة الرشيدة كانت الداعم الأول في نجاح المؤتمر.
وأكد عبدالله علي الظنحاني، أن جهود دولة الإمارات في الحدث كبيرة وعظيمة، وهذا ما شهدناه من خلال زيارة المؤتمر في «إكسبو دبي»، حيث تشارك فيه العديد من المؤسسات الحكومية والخاصة من داخل وخارج الدولة، يعرضون أفكاراً ومقترحات وإنجازات في الحفاظ على البيئة والطبيعة من التغيرات المناخية أو من سلوكيات الأفراد الخاطئة.
أفكار جديدة
وقال علي آل رحمه، إن «كوب 28» يضم الكثير من الشركات والمؤسسات، التي تقدم أفكاراً جديدة في الاستدامة البيئية، لافتاً إلى أن الحدث يُعد فرصة للاستفادة من تجارب وخبرات الآخرين في المحافظة على البيئة وتطبيقها على مجتمعنا، بهدف حصول الأجيال المقبلة على حياة نظيفة وخالية من الانبعاثات أو التلوث.
وأضاف أحمد فيصل العوضي، أن نتائج «كوب 28» سيكون لها أثر إيجابي على جميع شعوب العالم، خاصة أن المؤتمر ناقش العديد من التحديات التي تواجه الدول الغنية والفقيرة ووضع حلول مناسبة للحفاظ على البيئة ونشر ثقافة الحد من الانبعاثات واستخدام الطرق البديلة لكل ماهو ضار للبيئة.
ملف مشترك
وقال خليفة البلوشي، إن ملف المناخ يعتبر ملفاً مشتركاً على مستوى العالم، والكل له دور محوري في عرض المبادرات والمشاريع التي تتعلق بخفض نسبة الانبعاثات الكربونية، لافتاً إلى أن نتائج وتوصيات المؤتمر ستسهم بشكل كبير في حل مشاكل التغيرات المناخية على مستوى العالم، وستضع الأهداف المستقبلية للمحافظة على الاستدامة البيئية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات الأمم المتحدة مؤتمر الأطراف مؤتمر المناخ الاستدامة كوب 28 المناخ التغير المناخي فی الحفاظ على البیئة الاستدامة البیئیة دولة الإمارات فی القضایا البیئیة التغیر المناخی مؤتمر الأطراف الحدث العالمی دول العالم فی مختلف من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
الابتكار الثقافي.. تصميم المستقبل بمقاييس إماراتية
محمد عبدالسميع
أخبار ذات صلةإذا كان الابتكار، بمفهومه البسيط والمركّب، يدخل فيه التجديد والإضافة، فإنّ مفهوم الابتكار الثقافي لابدّ أن يتضمّن هذه العناصر وأكثر، بحسب التصنيفات والقراءات المتبعة في هذا الشأن، ومع أن الثقافة كمفهوم، عالم واسع متعدد الأبعاد ومتفاعلها، فإنّها كانت ولا تزال محلاً مناسباً لتطبيق الابتكار، وقراءة أثره على المساحة الثقافيّة في الفنون والثقافة، دون أن ننسى أنّ الأفكار تبقى أفكاراً على الورق وتنظيرات، إن لم يتمّ العمل بها، ولهذا فمن الإنصاف القول إنّ قياس الأثر يصلح وبامتياز على الحالة الإماراتيّة في هذا الموضوع، وهي الحالة التي اتخذت من الموجود والتراث والفنون والعناصر الثقافيّة الأخرى بيئةً مناسبةً للابتكار فيها، تحت مظلّة الدولة، أو إدارة القطاع العام، وحفز القطاع الخاص في ظلّ تشجيع الدولة وإدراكها أهميّة هذا التحوّل من التقليدي في العمل الثقافي إلى الأيسر والأنجع والأمثل، مع قراءة ما يسوقه المتخصصون والمنظّرون من التنبّه إلى أخطار فقدان الثقافة بريقها، أو الاستثمار في الثقافة دون وجود قيم وأصالة تحفظ للموروث حضوره وللثقافة وهجها، إذ تبدو هذه المسألة في غاية الأهميّة ونحن نتحدث عن الابتكار الثقافي، وفي ذلك يكثر الحديث ويتم تناول الموضوع من أكثر من جانب.
على أنّ الدولة/النموذج (الإمارات)، والتي سنقرأ من خلالها أهميّة فكر التجديد أو الابتكار وقراءة الاستثمار الواعي في هذا الموضوع، إنّما هي دولة تعي وتدرك جيّداً هذا الأمر، فهي تسير خلال المتاح وتتأمّل بنيته ومادته الثقافيّة، لتروّج له وتعمل على تيسيره وتقديمه للجميع، بل وفهم المعنى الاقتصادي المتضمّن في هذا النوع من الابتكار، أي الابتكار الثقافي، في أن تدرّ الصناعات الثقافيّة والإبداعيّة دخلاً جيّداً، فنكون قد حققنا عن طريق الابتكار الشهرة وانتشار المنتج الثقافي، وحافظنا على القيمة الجماليّة المتضمّنة والمميزة لمفردات الثقافة والفنون، والأرقام والنسب الإحصائيّة التي تطالعنا بها مراكز الدراسات والصحف، تعطينا مؤشراً مفرحاً على حجم المنجز قياساً إلى النسبة العربيّة والعالميّة المتحققة في هذا الموضوع.
اقتصاديّات الثقافة
ويؤكّد المتخصصون في هذا الشأن والمهتمون وبما يعرف بـ«اقتصاديّات الثقافة»، أهميّة العمل على الإبداع أو الابتكار أو الخلق أو تقديم النوعي والمفيد في الموضوع الثقافي، بشقّيه الوظيفي والثقافي، مع الحفاظ على الجماليات والإرث والأصالة والروح، وما يتخلل كلّ ذلك من عادات وموروث، فنكون قد وصلنا إلى مرحلة التجديد والإضافة بالوعي والفهم إلى أين نحن سائرون.
وقد عملت دولة الإمارات العربيّة المتحدة على تحقيق الوجهة الإبداعيّة للعالم، ومثال ذلك ما حققته استراتيجيّة دبي للاقتصاد الإبداعي، نحو أن تكون دبي وجهةً مفضلة لكلّ المبدعين، بل وعاصمةً للاقتصاد الإبداعي، فتضاعف عدد الشركات الإبداعيّة في مجالات المحتوى والتصميم والثقافة إلى 15 ألفاً، وتضاعف عدد المبدعين إلى 140 ألفاً، ترفد ذلك كلّه المؤسسة الثقافية ذات العلاقة، مثل «مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي عام 2014، وذلك لتعزيز تنافسيّة حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، لتصبح ضمن الحكومات الأكثر ابتكاراً على مستوى العالم.
ويؤثّر هذا التوجّه الواعي على موضوع الابتكار، بالربط بين كلّ المتغيرات والأسباب التي تدعم هذا الأمر، وهو عمل تكاملي تتم فيه قراءة محفّزات الإبداع والتقنيات والإضافة والمواكبة العصريّة للتكنولوجيا، ويأتي دعم الدولة ليكلل كلّ ذلك، ولهذا كانت مواضيع تحدّي القراءة والترجمة ونسب الريادة وخطّة اقتصاديات الإبداع، كهدف وطموح، بل لقد كانت منصّة «ابتكر»، التي طوّرها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، تصبّ في هذا الاتجاه، كمنصّة تفاعليّة، وتوصف بأنّها الأولى من نوعها باللغة العربية للابتكار الحكومي، لصنع جيل من المبتكرين العرب وقادة المستقبل. ولتوضيح أهميّة هذه المنصّة، فقد كان هدفها الوصول إلى 30 مليون مشارك عالمياً، إضافةً إلى تنفيذ دبلوم في الابتكار بالتعاون مع جامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة، كدبلوم يعدّ الأول من نوعه أيضاً، لإعداد جيل من الرؤساء التنفيذيين للابتكار في الجهات الحكومية، وكذلك استحداث منصب الرئيس التنفيذي للابتكار في كلّ جهة حكومية اتحاديّة، وهو ما يؤكّد نظرة الدولة الواعية والواثقة نحو المستقبل، بما في ذلك من ريادة ونبوغ معرفي وتقني وتحقيق نسب عالية في موضوع الابتكار.
دعم الابتكار
وفي مجال رؤية الدولة أيضاً ورسالتها، يمكن وبكلّ جدارة أن نذكر «صندوق محمد بن راشد لدعم الابتكار»، والذي تبلغ قيمته 2 مليار درهم، وكذلك مبادرة «أفكاري»، الرامية إلى تشجيع موظفي الجهات الحكومية الاتحادية على تقديم أفكارهم ومشاريعهم المبتكرة، ويؤكّد كلّ ذلك ما يسمّى بـ«مسرّعات دبي المستقبل»، لصنع منصّة عالميّة متكاملة لصناعة مستقبل القطاعات الاستراتيجيّة، وكذلك خلق قيمة اقتصاديّة قائمة على احتضان وتسريع الأعمال وتقديم الحلول التكنولوجيّة في المستقبل.
إنّ «شهر الابتكار»، كموضوع عملي وعلمي أيضاً في دولة الإمارات العربيّة المتحدة، هو شهر يستحق الحفاوة والاعتزاز المجتمعي بما انعكس على الأجيال من ثمار موضوع الابتكار، أمام تحديات القادم التكنولوجي الذي لا تستطيع أيّ دولة واعية أن تقف على الحياد منه، فإمّا أن ندخل بقوّة أو ننعزل عن العالم وما يحيط بنا من ثورة معرفيّة وتكنولوجيّة، فأجندة دبي المستقبل، دليل على التحدي والإيمان بالمخرجات المهمّة، كمبادرات رائدة عالمياً، كما في استراتيجيّة دبي للطباعة ثلاثيّة الأبعاد، واستراتيجيّة دبي للقيادة الذاتيّة، والمجلس العالمي للتعاملات الرقميّة، ومتحف المستقبل ومرصد المستقبل، وتنظيم بطولة العالم لرياضات المستقبل.
ولهذا، فإنّ كلّ ما ذكر يدور حول المستقبل، بما يحمله هذا المفهوم من تحديات، وفي الصميم من ذلك، كان «متحف المستقبل» بانوراما رائعة على مستقبل العالم، كمتحف تمّ تغذيته بأحدث الإنجازات التقنية وآخر الاكتشافات العلميّة، إذ اعتبر هذا المتحف مختبراً شاملاً لتقنيات المستقبل وأفكاره، لندخل إلى الاستثمار في العقل المبدع ودعم الأفكار والمشاريع الرياديّة والمبادرات والأبحاث التي تضيف قيمةً نوعيّة وتسهم في تحقيق التأثير الإيجابي، وفي السياق علينا أن نذكر أهميّة موضوع الطباعة ثلاثيّة الأبعاد، وما تشتمل عليه من مزايا تنافسيّة مرتبطة بالكلفة المنخفضة، والسرعة في الإنجاز، باعتبار ذلك يشكّل نموذجاً عصريّاً في التصميم.
ولا يقف الأمر عند هذا الحدّ، بل إنّ الطموحات تتواصل في دولة الإمارات العربيّة في استحقاقات هذا العصر والابتكار الذي بات أمراً واقعاً فيه، ففي النسخة السادسة من «هاكاثون الإمارات»، كانت هناك قراءة تستشرف المستقبل، حتى سنة 2031، بما في ذلك من تعزيز للهوية الوطنيّة وتعزيز الاستدامة وتطوير الرؤية والمؤشرات والمخرجات، وكذلك توسيع الشراكات.
أمّا «قمّة الابتكار» التي عقدتها الإمارات، سنة 2016، فكانت رؤية تؤسس لكلّ هذا النجاح الذي نعيش، خاصةً القراءة المبكّرة لدور الابتكار في موضوع الاقتصاد المعرفي، وتعزيز استخدام الحاسوب والأجهزة الذكية في المدارس، والاهتمام بالتعليم الإلكتروني في الدولة، والمؤسسات البحثيّة والمعاهد التقنية لتعزيز الإبداع والابتكار، والمجمعات المتنوعة، في إطار حفز ثقافة التعليم الإلكتروني في القطاعات الحكومية وشبه الحكومية والخاصة، وإطلاق العديد من البرامج التي جاءت في سياق رؤية الدولة لما نحن مقبلون عليه من تحديات التقدّم والتحوّل الرقمي والحاجة إلى ابتكارات تدعمها وتشجعها الأعمال المؤسسية في الدولة.
من ناحية أخرى فإن دولة الإمارات العربية المتحدة لها حضورها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في تحقيق أكبر قطاع إبداعي يعتمد على تصدير المنتجات والخدمات الإبداعية، وقيمتها 13.7 مليار دولار أميركي.
إنّ الابتكار، وبما يحمله من تغيير إيجابي في المضامين والأسلوب والأفكار، ومن عمليات إبداعيّة معقدة تغذيها تدفقات المعرفة والتنوّع الإبداعي في المجتمع، نحو الصناعات الثقافيّة والإبداعيّة، والتصميمات المتوقّعة في الآداب والفنون والموسيقى والأزياء والمهارات الحياتيّة الأخرى، هو مفهوم جدير بقراءته، وهو في دولة الإمارات العربيّة المتحدة، وكما هو واضح، محمولٌ على جناح ثقة الدولة وقيادتها الرشيدة بالمردود الثقافي والحضور القويّ للإمارات في العالم، ولهذا فالمعايير الإبداعيّة تحتاج دائماً إلى قراءة وإعادة قراءة وفهم للتحديات وسبل تقديم الحلول.