النساء.. صوت العدالة المناخية
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
دينا جوني (دبي)
للنساء صوت مسموع في «كوب 28». أكاديميات وناشطات وكاتبات وباحثات يتناقشن على طاولات الحوار وفي الجلسات العامة والفعاليات المصاحبة تبعات التغير المناخي على المرأة.
محاور عدة لافتة أثارتها خبيرات في هذا المجال التقتهن «الاتحاد»، في أروقة «كوب 28»، وعلى هامش الفعاليات، أبرزها ربط أجندة المناخ مع أجندة دعم المرأة والشباب، وتكلفة تمويل النزاعات الخضراء والتي تحرم النساء وهي الفئات الأكثر تأثراً بالتداعيات البيئية لتغير المناخ، خصوصاً في المناطق الفقيرة المعرّضة للفيضانات والحرائق والأعاصير، من الدعم الذي يفترض رصده لها.
تكاليف النزاعات
شرحت الدكتورة نيتا كراوفورد، الكاتبة والبروفيسور في العلوم السياسية في جامعة أوكسفورد ومؤسسة «مشروع تكاليف النزاعات»، أن أثر الحروب والصراعات على التدهور البيئي تظهر من خلال الأبحاث والدراسات العلمية القائمة على الأدلة. فالانبعاثات العسكرية وحدها تشير التقديرات إلى أنها تسهم بما لا يقل عن 5.5% من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم من دون الأخذ بعين الاعتبار يشمل حرب روسيا وأوكرانيا. وأشارت إلى أن حكومات الدول الكبرى التي أنفقت 2.24 تريليون دولار عالمياً على الإنفاق العسكري عام 2022، لم توفر 100 مليار دولار لتمويل المناخ السنوي للبلدان المنخفضة الدخل. ولفتت أن الأوان لم يفت بعد، والخيار اليوم أن تتبنى الحكومات السلام بالقوة نفسها التي يتقبلون بها الحرب، والسلام بين الدول والسلام مع الكوكب.
طاولات الحوار
من جهتهما، أثارت ديبورا بورتون من جامعة بوسطن، ونسمة منصور المدافعة النسوية والناشطة في مجال بناء السلام موضوع العدالة المناخية وأهمية مناقشته على طاولات الحوار في «كوب 28». وأشارتا إلى أن أهمية هذا المفهوم تلزم المجتمع العالمي وبخاصة المسؤولين عن أزمة المناخ بالعمل مع المجتمعات التي تدفع الفاتورة الأكبر لأزمة المناخ ودعمها بكل الطرق المُتاحة.
ولفتتا إلى أن التغير المناخي يشكّل تهديداً على حياة النساء في العديد من الدول والمناطق الزراعية بشكل خاص، وعلى معيشتهن. فموجات الجفاف أو الفيضانات التي حدثت خلال السنوات الماضية كان لها تأثير مدمر على الزراعة المحلية والثروة الحيوانية، الأمر الذي يصعّب عليهن كسب رزقهن وإعالة أسرهن، مما يزيد من حدة الفقر وعدم الأمان.
وشرحت ميتزي جونيل تان، الناشطة في مجال العدالة المناخية أن الإنفاق العسكري له أثر كبير ودائم على القدرة على مواجهة تداعيات التغيّر المناخي، فما يُنفق على العسكرة لا يسهم فقط في زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة فحسب، بل يؤدي أيضاً إلى تحويل الموارد المالية والتركيز والاهتمام بعيداً عن معالجة الآثار البيئية على الشعوب وفئات النساء والأطفال. وأشارت إلى أن النساء أكثر عرضة للكوارث المناخية المتطرفة والمُدمّرة لأن تداعياتها أكبر عليهن، مثل الفيضانات وحرائق الغابات وموجات الجفاف الشديدة، ومحدودية الوصول إلى الغذاء والماء. لكن المفارقة أن هذه المجتمعات لا تمتلك الموارد المالية اللازمة أو القدرة المؤسساتية للتكيّف مع آثار تغير المناخ من جهة، والتعافي من الخسائر والأضرار الناجمة عنه.
تقليل الأضرار
بدورها، قالت الدكتورة كريستي كيلي عالمة الاجتماع من جامعة دريكسيل إنه من خلال جلسات “كوب 28”، تعمل النساء على الدفع باتجاه بذل جهد أكبر في حلّ النزاعات داخل البلدان وفيما بينها قبل أن تتحول إلى أعمال عنف، بما يسهم في تقليل الأضرار البيئية إلى أدنى حدّ وتعزيز الإشراف البيئي، بما في ذلك الإجراءات والأعمال المتعلقة بالمناخ.
وأشارت إلى أنه ينبغي تسريع التمويل والتدخلات المتعلقة بالمناخ في المناطق الفقيرة والمتأثرة بالصراعات، وتصميمهما بناء على أسلوب يراعي حساسية النزاع ويقوم على مبادئ حقوق الإنسان. وأكدت أن العمل على التكُّيف مع التغير المناخي أمر معقد جداً لارتباطه بأجندات الصراع والتوترات القائمة على أرض الواقع. بالمقابل، فإن أي تدخلات معنية تعمل على تخفيف أثر التغير المناخي قد تتسبب في نشوب توترات أو تفاقم دينامية الصراع.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات كوب 28 الاستدامة مؤتمر الأطراف مؤتمر المناخ التغير المناخي المناخ النساء التغیر المناخی إلى أن
إقرأ أيضاً:
موجات الحر القاتلة: كيف تحمي نفسك من خطر يتفاقم بسبب تغيّر المناخ؟
ازدادت موجات الحر شدة وحدة مع ارتفاع حرارة كوكب الأرض، مما جعل ما يصفه الأطباء بـ"القاتل الصامت" أكثر فتكًا من أي وقت مضى. ورغم أن هذه الظاهرة المناخية لا تحظى غالبًا بالاهتمام ذاته الذي يُمنح للكوارث المفاجئة، فإنها تتسبب في وفيات تفوق تلك الناتجة عن الحروب أو الإرهاب، وفقًا لتقارير علمية حديثة. اعلان
ووفقًا لصحيفة الغارديان البريطانية، تشير التقديرات إلى أن موجات الحر تتسبب في وفاة نحو نصف مليون شخص سنويًا. ورغم ضخامة هذا الرقم، فإن الحرارة نادرًا ما تُدرج رسميًا كسبب مباشر للوفاة، ذلك أن تأثيرها يكون غير مباشر غالبًا، إذ تسهم درجات الحرارة المرتفعة في تفاقم أمراض مزمنة مثل أمراض القلب والرئتين والكلى، ما يؤدي إلى الوفاة المبكرة.
ومن الناحية الفسيولوجية، تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى إنهاك الجسم البشري. فعندما تكون الأيام شديدة الحرارة ولا تنخفض درجات الحرارة ليلًا بالقدر الكافي، يُضطر القلب والكلى للعمل بجهد مضاعف للحفاظ على برودة الجسم. ويترتب على ذلك مضاعفات صحية إضافية تشمل زيادة في الحوادث، وتلوثًا أعلى في الهواء، وحرائق غابات أكبر، وانقطاعات متكررة في الكهرباء، مما يُثقل كاهل أنظمة الرعاية الصحية.
وفيما يخص الفئات الأكثر عرضة للخطر، فإن الأشخاص الذين يضطرون لقضاء وقت طويل في الهواء الطلق خلال موجات الحر، مثل عمال البناء والمزارعين والمشردين، هم الأكثر عرضة للإصابة بالإجهاد الحراري أو حتى ضربة الشمس. كذلك تُعدّ فئة كبار السن، لا سيما المصابين بأمراض مزمنة، الأكثر تضررًا من هذه الظاهرة. وتشير الإحصاءات إلى أن النساء أكثر عرضة للوفاة بسبب موجات الحر مقارنة بالرجال، كما أن الفئات ذات الدخل المنخفض تواجه خطرًا أكبر بسبب نقص وسائل التبريد، وضعف عزل المنازل، وندرة المساحات الخضراء.
وتلعب الرطوبة دورًا حاسمًا في زيادة الشعور بالحرارة. فعلى الرغم من أن العرق يُعد وسيلة الجسم الأساسية للتبريد، إلا أن ارتفاع نسبة الرطوبة يمنع تبخّره بسهولة، ما يجعل الجسم عاجزًا عن خفض حرارته الداخلية. وقد يرفع هذا التأثير الإحساس بدرجة الحرارة عدة درجات مئوية، وهو ما قد يكون كافيًا للفصل بين الحياة والموت في بعض الحالات.
فرنسا وإسبانيا تواجهان موجة حر شديدة، حيث تجاوزت درجات الحرارة 40 درجة مئوية في العديد من المناطق. تغيّر المناخ يزيد من احتمال حدوث مثل هذه الموجات بما يصل إلى 10 أضعاف.ويرجع تفاقم موجات الحر إلى أكثر من قرن من التلوث الناتج عن الوقود الأحفوري، والذي أدّى إلى حبس حرارة الشمس في الغلاف الجوي. وقد ارتفعت درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.3 درجة مئوية تقريبًا منذ عصر ما قبل الصناعة، في حين ارتفعت درجات الحرارة على اليابسة بنسبة أعلى، مما جعل الظروف القاسية أكثر شيوعًا. وتُشير بعض الدراسات إلى أن تغيّر المناخ أضعف التيار النفاث في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى تشكّل "قباب حرارية" تبقى عالقة فوق المناطق لعدة أيام أو أسابيع.
ورغم أن البرد لا يزال يقتل عددًا أكبر من الأشخاص مقارنة بالحر، حتى في مناطق دافئة مثل إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا، إلا أن العلماء يتوقعون أن تزداد أعداد الوفيات المرتبطة بالحرارة بوتيرة أسرع من انخفاض الوفيات الناتجة عن البرد. فقد أظهرت دراسة أُجريت في 854 مدينة أوروبية أن جميع السيناريوهات المرتبطة بانبعاثات الكربون تؤدي إلى زيادة صافية في الوفيات المرتبطة بدرجات الحرارة، حتى بعد احتساب عوامل التكيّف البشري.
وللحد من تفاقم هذه الظاهرة، يرى الخبراء أن خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الوقود الأحفوري هو الإجراء الأكثر فعالية، إلى جانب حماية الغابات والأراضي الرطبة التي تمتص ثاني أكسيد الكربون من الجو. كما يدعو المخططون العمرانيون إلى إعادة تصميم المدن لتقليل المساحات الأسمنتية وعدد السيارات، وزيادة المساحات الخضراء والمسطحات المائية، مما يخفف من تأثير ما يُعرف بـ"جزيرة الحرارة الحضرية".
Relatedإيفرست تحت ضغط تغير المناخ وكثرة المتسلقين ونيبال تتعهد بحماية أعلى قمة في العالمشهر مايو يقرع ناقوس الخطر المناخي.. والجفاف يُهدّد أوروبامبادرات مقاومة التغيّر المناخي الجديدة والمتواصلة في قطر للحفاظ على المياه في المناطق الصحراويةكذلك تسهم المباني المزوّدة بأنظمة التبريد أو وسائل التهوية السلبية في تقليل أعداد الوفيات، إلى جانب وجود أنظمة رعاية صحية قوية، وآليات إنذار مبكر فعّالة وسريعة.
أما على الصعيد الفردي، فالنصائح الأساسية تشمل تجنب الخروج أثناء ساعات الذروة الحرارية، والبقاء في أماكن مظللة أو مكيّفة قدر الإمكان. وينصح الأطباء بإغلاق النوافذ خلال النهار وفتحها ليلًا بعد انخفاض الحرارة الخارجية، مع تغطية النوافذ بستائر أو عوازل شمسية لمنع دخول أشعة الشمس المباشرة. كما يُوصى بشرب الماء بكثرة، وارتداء ملابس خفيفة وفضفاضة، والحرص على التواصل مع الأشخاص المعرضين للخطر في المجتمع، لا سيما كبار السن والمرضى.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة