يمانيون – متابعات
ينظُرُ العدوُّ الإسرائيلي إلى البحر الأحمر والمضيق الاستراتيجي باب المندب على أنه قضيةُ وجود أَو فناء، ومنذُ سنوات كثيرة كان الصهاينةُ ينظرون إلى البحر الأحمر؛ باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي لكيانهم الغاصب.

ويفنِّدُ مؤسّسُ دولة الكيان الغاصب، ديفيد بن غوريون، أسباب اهتمامهم بالبحر الأحمر ومضائقه بالقول: “نحن بلدٌ غير ساحلي والبحر هو منفذنا الوحيد إلى العالم والقارات الأُخرى”، في حين يقول وزير الدفاع الصهيوني السابق موشي دايان: إن هذا الممر هو وسيلة خروج إسرائيل إلى آسيا وإفريقيا.

وأثناء احتلالِ “إسرائيل” لفلسطين سنة 1948م، سارع الصهاينةُ إلى احتلال قرية “أم الرشراش”؛ لأَنَّها أقربُ نقطة تطل على البحر الأحمر، وفيها تم إنشاء ما يسمى اليوم بميناء “إيلات” ليصبح هذا الميناء هي نقطة التقاء دولة الاحتلال بقارة آسيا وإفريقيا، فالسفن التجارية على سبيل المثال التي تريد التوجّـه مباشرة من الهند إلى داخل فلسطين المحتلّة يجب عليها أن تسلك طريقاً عبر المحيط الهندي، وُصُـولاً إلى خليج عدن، ومن ثَمَّ الدخول إلى مضيق باب المندب والبحر الأحمر وُصُـولاً إلى “إيلات”، ومثل ذلك لو جرت العملية العكسية.

من هنا يمكن القول إن السفنَ القادمة من جنوب وجنوب شرق آسيا ومن الخليج العربي لا بدَّ أن تسلك طريق باب المندب والبحر الأحمر كأيسر الطرق، وُصُـولاً إلى ميناء “إيلات”، وَإذَا ما تم إغلاق البحر الأحمر أَو مضيق باب المندب أمام هذه السفن فَــإنَّ ذلك يعني حصاراً خانقاً على الصهاينة.

ورقةُ ضغط عالمية:

في عام 1956م قال قائد البحرية الإسرائيلية السابق: “نحن نملك أسطولاً بحرياً ضخماً يعمل في كافة موانئ العالم؛ ولهذا علينا أن نعد العدة في المستقبلِ؛ كي تستطيع أساطيلنا البحرية والحربية أن تحطم الحصار العربي المفروض علينا وأن نفرض الحصار بدورنا على الدول العربية عن طريق تحويل البحر الأحمر إلى بحيرة يهودية”، لما يتمتع به من ممرات مائية هامة وهي: (باب المندب، قناة السويس، ومضيق تيران في خليج العقبة) الذي استخدمته مصر عام 1951م، حين منعت مرور السفن الإسرائيلية بمياه خليج العقبة.

ولهذا شرع الإسرائيليون في تنفيذ أهدافهم منذ وقت مبكر، ولخص “بن غوريون” غاية إسرائيل من التحكم بمنافذ البحر الأحمر بثلاثة أهداف وهي جعل البحر الأحمر منفذاً إسرائيلياً إلى القارة الإفريقية وبلدان شرق آسيا، واستخدامه كشريان إسرائيلي والإفادة منه عوضاً عن قناة السويس، وتفكيك الروابط القومية للعالم العربي.

من هنا نفهم الأهميّة الاستراتيجية للبحر الأحمر بالنسبة لكيان العدوّ الإسرائيلي؛ فهو يتميز بموقع جغرافي مهم لكونه يربط بين ثلاث قارات: (إفريقيا وآسيا وأُورُوبا) عبر البحر الأبيض المتوسط، مُرورًا بقناة السويس المصرية، ويعتبر حلقة وصل بين ثلاث مناطق إقليمية مهمة هي: (الشرق الأوسط، والقرن الإفريقي، ومنطقة الخليج) وكذلك يعتبر ممراً ملاحياً مهماً في مجال الجغرافيا السياسية والاستراتيجية، ويشكِّل إضافة لذلك نقطة التقاء استراتيجية بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي.

وفضلاً عن أهميته الاقتصادية ودوره في التجارة الإسرائيلية والدولية بين أُورُوبا وآسيا، حَيثُ تقدَّر السفن التجارية العابرة للبحر الأحمر سنوياً بأكثر من عشرين ألف سفينة، كما يعتبر الطريق الرئيسي الذي يمر من خلاله نفط الخليج العربي وإيران إلى الأسواق العالمية في أُورُوبا؛ إذ تحتاج أُورُوبا إلى نقل 60 % من احتياجاتها من الطاقة عبر البحر الأحمر، وَأَيْـضاً نقل نحو 25 % من احتياجات النفط للولايات المتحدة الأمريكية.

ولهذا تزايدت الأهميّة الاستراتيجية للبحر الأحمر بالنسبة للأمن القومي لإسرائيل، بحكم متغير الجغرافيا الذي برزت من خلاله اعتبارات كثيرة بالنسبة لكيان العدوّ الصهيوني بشأن أهميّة البحر الأحمر، الذي يعد جزءاً من التهديد العام لإسرائيل الذي يعتمد اقتصادها بشكل عام على الممرات البحرية المفتوحة والموانئ في كُـلٍّ من: البحر الأحمر، والبحر المتوسط، حَيثُ تستورد غالبية الاحتياجات الوجودية الأَسَاسية مثل معظم الحبوب (القمح والأرز والذرة وما إلى ذلك)، وكذلك النفط الخام الذي يخدم احتياجاتها للطاقة، بالإضافة إلى البيئة الاقتصادية البحرية، التي تحتوي على خزانات كبيرة للغاز الطبيعي، ومن المفترض أَيْـضاً خزانات النفط، وبالتالي فَــإنَّ إغلاق البحر الأحمر أمام السفن الإسرائيلية يحدث فجوة كبيرة في الاقتصاد الإسرائيلي، وهذا ما يؤكّـده تقرير التقييم الاستراتيجي البحري لإسرائيل لعام (2016م)، الصادر لأول مرة عن مركز أبحاث حيفا للسياسة والاستراتيجية البحرية.

وبالإضافة للأهميّة الاقتصادية للبحر الأحمر بالنسبة لكيان العدوّ الصهيوني، تبرز الأهميّة العسكرية والأمنية بشكل واضح، من خلال النظر إلى التطورات السياسية والعسكرية التي تشهدها المنطقة، منذ عملية “طُـوفان الأقصى” في 7 أُكتوبر الماضي، وأحدثت تحولاً في الخريطة الجيوسياسية البحرية، وقادت إلى تسريع ظهور منطقة البحر الأحمر التي تشكل ساحة ردع للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وفي الجانبِ العسكري فَــإنَّ البحرَ الأحمر يشكل أهميّةً كبيرةً للعدو الإسرائيلي، من خلال موقعه الجغرافي المؤثر في العلاقات الإقليمية والدولية، والذي يرى أن البحر الأحمر ورقة ضغط تفشل كُـلّ مخطّطاته وعملياته في حال تم استخدامه من قبل القوات المسلحة اليمنية، ويشكل وفق الاستراتيجية العسكرية الأمريكية محوراً أَسَاسياً في إخضاع العدوان الصهيوني في غزة، ويهدّد المصالح الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة، إذَا اتسعت دائرة الحرب واستمر العدوّ في ارتكاب جرائمه في قطاع غزة، ولهذا يمثل البحر الأحمر نقطة عسكرية تتحكم في المضائق ونقاط الاختناق العالمي.

ولهذا فَــإنَّ الأهميّة العسكرية والاقتصادي للبحر الأحمر المتصل من ناحية الجنوب بمضيق باب المندب وخليج عدن المؤدي لبحر العرب والمحيط الهندي، واتصاله من ناحية الشمال بقناة السويس المؤدية للبحر الأبيض المتوسط، وهي الممرات الأَسَاسية والرئيسية لحركة الملاحة الدولية، ومدخل مختلف السفن والحاويات والناقلات المحمّلة بالبضائع والنفط والغاز، جعلته يشكل منطقة ضغط على العالم الغربي بشكل عام والعدوّ الإسرائيلي بشكل خاص، ويجعل العدوّ يتلقى خسائر اقتصادية مباشرة في تجارته مع العالم الخارجي بإضافة إلى خسائر الصادرات من الغاز الطبيعي وغيره.

تأثيراتٌ بحرية مباشرة:

وتأكيداً على الجانب العسكري فَــإنَّ البحر الأحمر ومضائقه كان جزءاً من الحروب العربية الإسرائيلية في الأعوام (1956، 1967، 1973)، وذا علاقةٍ مباشرة بحربَي الخليج الأولى (1980 – 1988م) والثانية (1990 – 1991م)؛ ولهذا كان وما يزال يمثل البحر الأحمر محوراً مهماً من محاور ضمان الأمن القومي الإسرائيلي، وقد أثبت التاريخ العسكري للبحر الأحمر، أنه بحيرة شبه مغلقة؛ بسَببِ وجود اختناقات رئيسية، تتحكم في مداخله الشمالية والجنوبية، ويمكن لمن يسيطر عليها أن يسيطر على حركة الملاحة في البحر كله.

ولعل وجود اليمن ضمن الدول المطلة على البحر الأحمر يشكل أحد مهدّدات الأمن القومي الإسرائيلي وفق التقارير؛ ولهذا سعت الولايات المتحدة الأمريكية منذ الحظة الأول للعدوان على اليمن للسيطرة على البحر الأحمر؛ بهَدفِ حماية العدوّ الإسرائيلي، ومواجهة أية احتمالات عسكريه يمنية، أَو قيود خَاصَّة تفرضها صنعاء على العدوّ الصهيوني من خلال مضيق باب المندب والبحر الأحمر أَو الملاحة فيه، ولهما تأثيرات مباشرة في نتائج أية حرب إقليمية أَو دولية، وكذلك له تأثيرات مباشرة في نتائج العدوان الإسرائيلي لصالح فلسطين المحتلّة، ووقف العدوان على قطاع غزة والضفة الغربية المحتلّة، ومن أجل ذلك نفذت القوات المسلحة أول عملية عسكرية نوعية بحرية بخصوص السفينة الإسرائيلية في البحر الأحمر رغم تهديدات الأمريكي بحماية الكيان الصهيوني.

ووفق دراسات فَــإنَّ النظرة الاستراتيجية الصهيونية لأهميّة البحر الأحمر، والتي لها أبعادٌ سياسية كثيرة، انطلقت من كون البحر الأحمر يضع دولة العدوّ الإسرائيلي (الصهيوني) على خريطة الحدود مع مصر والأردن والسعوديّة، ويضمن لها شريان تجارتها وحركة سفنها مع شرق آسيا ودول إفريقيا التي عززت من علاقاتها معها في العقدين الأخيرين بشكل واضح، لكن كلمة السر الإسرائيلية في البحر الأحمر كانت واضحة في السنوات الأخيرة عبر الوجود المباشر في جنوبه بالقرب من مضيق باب المندب، تماماً كما يوجد الاحتلال الإسرائيلي في شماله.

ولذلك ونظراً لأهميّة البحر الأحمر، أقدمت الحركة الصهيونية أَو اللوبي الصهيوني العالمي على تأسيس دولة الكيان الإسرائيلي، على أرض فلسطين عام 1948م، التي أججت الأطماع الصهيونية في البحر الأحمر، وكانت البداية من “أم الرشراش” ففي عام 1949م، بعد عام من تأسيس الكيان الإسرائيلي، احتل الصهاينة قرية أم ‌الرشراش، المطلة على البحر الأحمر، وأنشأت على أنقاضها ميناء إيلات المجاور لميناء العقبة الأردني، بطول سبعة كيلو مترات آنذاك.

وكشف أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني، “ديفيد بن جوريون” استراتيجية دولته في البحر الأحمر وقال: “إن سيطرة إسرائيل على نقاط في البحر الأحمر هي ذات أهميّة قصوى؛ لأَنَّ هذه النقاط ستساعد إسرائيل على الفكاك من أية محاولات لمحاصرتها وتطويقها كما ستشكل قاعدة انطلاق عسكري لمهاجمة أعدائنا في عقر دارهم قبل أن‌ يبادروا إلى مهاجمتنا”.

قلق صهيوني:

ومع استمرار العمليات العسكرية اليمنية تجاه العدوّ الإسرائيلي في الأراضي المحتلّة، يبدي الكيان الصهيوني اليوم قلقاً حيال تغيرات الوضع في اليمن بعد تهديدات قائد الثورة -يحفظه الله- باستهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، لما له من تأثير على قطع وصوله إلى المحيط الهندي عبر البحر الأحمر وبالذات عبر بوابته الجنوبية مضيق باب المندب.

ويعتبر البحر الأحمرُ بمثابة الشريان الرئيسي للتجارة بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي، والتي تقدر بنحو 700 مليار دولار سنوياً، يمر عبر مضيق باب المندب حوالي 4 ملايين برميل من النفط يوميًّا في طريقها إلى أُورُوبا، وحوالي 25 ألف سفينة، أَو 7 % من حجم التجارة البحرية العالمية.

وبالتالي، تشكّل قراراتُ اليمن بمنع أية سفينة مهما كانت جنسيتها من العبور إلى “إسرائيل” مصدرَ قلق للعدو الإسرائيلي، لا سِـيَّـما أن الواردات والصادرات من وإلى آسيا تمثل نحو ربع إجمالي حجم التجارة الخارجية للكيان الصهيوني، والتي تمر بشكل أَسَاسي عبر طرق البحر الأحمر، والقلق الرئيسي الإسرائيلي هو احتمال إغلاق مضيق باب المندب، الذي يسبب خسارة للكيان الصهيوني تقدر بـ 15 مليار دولار، وفق تقارير، وأن معظم السفن الإسرائيلية، التي تلعب دوراً في تلك التجارة، تمر عبر ممرات البحر الأحمر، كان آخرها سفينة الشحن الإسرائيلية جالاكسي ليدر، التي تم الاستيلاء عليها في البحر الأحمر، واقتيادها إلى الساحل اليمني؛ مما يجعل إغلاق باب المندب أمام السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر يشكل انهياراً اقتصاديًّا وعسكريًّا بالنسبة لإسرائيل، وكذلك يؤدي إلى حرمان الكيان الصهيوني من مادة استراتيجية مهمة، هي النفط والتجارة، وحرمانه أَيْـضاً من الاتصال بشرق إفريقيا وجنوبها وجنوب شرق آسيا؛ مما يسبب له أضراراً اقتصادية كبيرة.

ولهذا فَــإنَّ البحر الأحمر يلعب دوراً مركزيًّا ومحوريًّا من مدخله الشمالي عند السويس إلى مدخله الجنوبي عند باب المندب والقرن الإفريقي في الحرب والأمن، العالمي والإقليمي، والتحَرّك الحالي للأساطيل البحرية الأمريكية فيه يكشف عن حقيقة أهميّة البحر الأحمر بشكل عام ومضيق باب المندب بشكل خاص؛ لأَنَّ ذلك البحر هو قلب العالم وشريانه ومفتاح أمن المنطقة العربية منذ الأزل وإلى الأبد، فمن خلال البحر الأحمر يعبر (٦٠٪) من احتياجات أُورُوبا من النفط الخام؛ ولهذا فَــإنَّ تهديدات سيد العرب شكَّلت قلقًا عالميًّا.

المسيرة / عباس القاعدي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الإسرائیلیة فی البحر الأحمر السفن الإسرائیلیة على البحر الأحمر مضیق باب المندب الأبیض المتوسط البحر الأحمر للبحر الأحمر شرق آسیا المحتل ة من خلال ف ــإن

إقرأ أيضاً:

3 رسائل وجهها ترامب من خلال قصف مواقع للحوثيين باليمن

واشنطن- تطبيقا لمبدأ "السلام من خلال القوة"، أجمع مسؤولون أميركيون على أن هجمات بلادهم ضد جماعة أنصار الله الحوثيين باليمن تأتي لتحقيق السلام ومعالجة فشل إدارة الرئيس السابق جو بايدن، وعجزها عن وقف تهديدات الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر.

وفي حين أن هجمات الحوثيين على السفن لم تستأنف حتى الآن، حتى بعد تعقد سير مفاوضات تمديد وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ذكر الحوثيون الأسبوع الماضي أنهم أسقطوا طائرة دون طيار أميركية من طراز "إم كيو 9 ريبر" فوق البحر الأحمر.

كما ذكر بيان للحوثيين أنهم سيستهدفون أي سفن تنتهك الحظر المفروض على مرور السفن الإسرائيلية عبر البحر الأحمر وبحر العرب وباب المندب وخليج عدن حال معاودة إسرائيل لعدوانها على قطاع غزة، وهو ما دفع بالكثير شركات الشحن الدولي عدم إرسال سفنها إلى البحر الأحمر.

ورد مسؤول عسكري أميركي على هذا التطور بالقول إن تعهد الحوثيين باستئناف الهجمات على الملاحة حفز على تجدد العمل العسكري الأميركي ضد الحوثيين.

أهداف ثلاثة

وأشارت تقارير أميركية إلى 3 أهداف سعت إدارة الرئيس دونالد ترامب لتحقيقها من وراء شن موجة من الهجمات الصاروخية والجوية على أهداف متعددة داخل الأراضي الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن.

إعلان

ويمكن تلخيص هذه الأهداف على النحو التالي:

تدمير قاذفات الصواريخ الحوثية التي كانت تتحرك من مناطق جبلية إلى مناطق ساحلية، وهو ما اعتبرته إدارة ترامب استعدادا لشن هجمات جديدة على السفن المارة من مضيق المندب والبحر الأحمر أحد أهم الأهداف العاجلة. استهدفت الهجمات لبعض قيادة جماعة الحوثيين التي اختبأت على مدار أكثر من عام بعد بدء الجماعة هجماتها في البحر الأحمر وإسرائيل. ترسل الضربات رسالة إلى إيران مفادها أنها يمكن أن تكون التالية، واستخدمت إدارة ترامب في هجماتها قوة نيران أكبر مما سبق واستخدمتها إدارة جو بايدن في هجماتها على الحوثيين على مدار العام الماضي. السلام من خلال القوة

وفي حديث لشبكة فوكس، قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، إن إدارة ترامب تبعث برسالة واضحة للحوثيين بعدم التساهل أو السماح بشن هجمات على السفن العابرة في البحر الأحمر، محذرا إيران من التدخل في هذا الشأن.

وقال هيغسيث "عاد عصر السلام من خلال القوة، هذه الحملة تدور حول حرية الملاحة واستعادة الردع، في اللحظة التي يقول فيها الحوثيون سنتوقف عن إطلاق النار على سفنكم، سنتوقف عن إطلاق النار على طائراتكم دون طيار، ستنتهي هذه الحملة، لكن حتى ذلك الحين، سيكون الأمر لا هوادة فيه".

وبدوره، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لبرنامج "واجه الأمة" على شبكة "سي بي إس"، إنه "خلال الأشهر الـ18 الماضية، ضرب الحوثيون أو هاجموا سفنا بحرية عسكرية أميركية 174 مرة، وهاجموا 145 مرة سفن الشحن التجاري، لذلك، هم مجموعة من عصابات القراصنة لديهم أسلحة دقيقة موجهة مضادة السفن في أحد أهم ممرات الشحن في العالم، هذا لا يمكن له أن يستمر".

سياسة الضغوط القصوى

وفي حديث للجزيرة نت، اعتبر خبير الشؤون الإيرانية جودت بهجت، المحاضر بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، أن "الهجمات على الحوثيين قصد بها أن تكون رسالة إلى إيران أكثر من كونها تهدف لوقف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر".

إعلان

وقال بهجت "لقد توقف الحوثيون عن مهاجمة السفن منذ أن اتفقت حركة حماس وإسرائيل على وقف إطلاق النار، صحيح أنهم هددوا باستئناف الهجمات إذا لم يصمد وقف إطلاق النار، لكن هذا لم يحدث بعد".

ووضع الخبير في الشؤون الإيرانية "الهجمات في إطار التفاعلات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن"، وقال إنه "قبل بضعة أيام، بعث ترامب برسالة إلى المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، ويظهر التردد الإيراني من التفاوض مع واشنطن تحت التهديدات والترهيب، من هنا يبدو أن الهجوم على الحوثيين كان يهدف إلى إظهار أن الولايات المتحدة لن تتردد في استخدام القوة".

وأضاف أنه من غير المرجح أن يردع هذا الهجوم إيران، إلا أنه يبدو أن ترامب يسعى في فترة ما قبل التفاوض، إلى الحصول على بعض النفوذ وإخافة الإيرانيين.

ومن جانبه، قال ترامب إن الضربات كانت أيضا رسالة إلى إيران مفادها أنها بحاجة إلى وقف الدعم لجماعة الحوثيين على الفور.

وكتب ترامب على منصة "تروث سوشيال" (Truth Social) "إذا هددت إيران الولايات المتحدة، ستحملك أميركا المسؤولية الكاملة ولن نكون لطيفين حيال ذلك".

أما خبيرة الشؤون الدولية بمعهد ستيمسون في واشنطن باربرا سلافين، فقالت للجزيرة نت إنها تعتبر ما جرى "أكثر من صورة الضغط الأقصى التي يستخدمها ترامب ضد إيران"، مشككة في أن يكون لهذه الهجمات تأثير كبير على الإيرانيين.

وأضافت سلافين أن الحوثيين يقاتلون إلى الأبد وسيستمرون في ذلك، "إذا اعتقد ترامب أن هذا يجعل الولايات المتحدة تبدو قوية، فعليه أن يحاول أن يكون أكثر صرامة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلاف ذلك فالهجمات لا تعد أكثر من محاولة لتشتيت الانتباه بعيدا عن روسيا".

حروب لا تنتهي

يذكر أن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث أكد أن بلاده لا تهدف للتورط في حروب لا تنتهي في الشرق الأوسط، وهو ما لم يتوقف ترامب عن تكراره من خلال مهاجمة سجل إدارات البيت الأبيض، الجمهورية والديمقراطية، لتدخلها العسكري في العراق وأفغانستان لما يقرب من الـ20 عاما.

إعلان

وكانت الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا قد قصفت في السابق المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن لكن عملية يوم السبت نفذتها الولايات المتحدة وحدها، وكانت هذه أول ضربة على الحوثيين في ظل إدارة ترامب الثانية.

وتتهم واشنطن إيران منذ فترة طويلة بتقديم مساعدات عسكرية للحوثيين وصادرت البحرية الأميركية أجزاء صواريخ إيرانية الصنع وأسلحة أخرى قالت إنها كانت متجهة إلى جماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء وشمال البلاد، وهو ما تنفيه إيران.

وجاءت هذه الهجمات بعد أسبوعين من إرسال ترامب رسالة إلى المرشد الأعلى في إيران يعرض فيها مسارا لاستئناف المحادثات الثنائية بين البلدين حول تقدم البرنامج النووي الإيراني، وهو ما ترفضه إيران حتى الآن.

مقالات مشابهة

  • 3 رسائل وجهها ترامب من خلال قصف مواقع للحوثيين باليمن
  • الحوثي: منع السفن الإسرائيلية من المرور بالبحر الأحمر رد على حصار غزة
  • البنتاجون: العمليات العسكرية ضد الحوثيين ستستمر
  • وزير الخارجية يوجه رسائل دولية بشأن استئناف حظر الملاحة ضد العدو الصهيوني
  • أزمة تجارية عالمية وشيكة مع إشعال أميركا الحرب ضد الحوثيين في باب المندب
  • هيئة السويس تبحث مع شركة شحن كبرى عبور القناة في ظل الوضع باليمن
  • الحوثيون: الضربات الأمريكية لن تمنعنا من استهداف السفن الإسرائيلية
  • انفجارات جديدة في باب المندب: تصعيد يمني مفاجئ بعد قرار حظر الملاحة الإسرائيلية
  • خبير تشريعات اقتصادية: أمريكا تدعم الإرهاب في البحر الأحمر حتى تقطع طريق التجارة الصينية
  • أستاذ قانون: أزمة البحر الأحمر كارثة كبيرة على التجارة العالمية