اليمن يقرر التصعد.. هل يفرض معادلة جديدة لفتح معبر رفح؟ ولماذا يثق العالم بما تفعله صنعاء لا ما تقوله الأمم المتحدة؟
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
يمانيون – متابعات
الصوت واليد المرفوعة من صنعاء باتت رقماً صعباً يحاول العالم اكتشافه وقراءته من منطق القوة ولكن بشكل آخر وبطريقة تفوق موازين القوة العسكرية وحسابات القتال وحجم ونوعية العتاد الحربي، إنها القوة التي تتخطى الترسانات العسكرية والحدود والعوائق الجغرافية، قوة الإرادة والشجاعة والبأس الذي يصل إلى غزة ويفرض على دولة الكيان المحتل أول حصار في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
من الآن وصاعداً كل السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني هدف مرصود لقوات الجيش اليمني، ولن يدخل الغذاء، والدواء إلى إسرائيل مالم يتم إدخال الغذاء والداء إلى غزة عبر معبر رفح، في واحدة من تجليات هذه الحرب التي تفرز صورة من صور إنهاك القدرات وأنموذجاً من نماذج تفوق قوة القرار والإرادة الواعية والجسارة في اختيار التوقيت وقدرتها في إرساء المعادلات التي تتخطى القوة العسكرية المسنودة بالدعم والتحالفات الدولية وكل. ما يتم التلويح به لصنعاء المحاصرة وهي تبدوا أكثر قوة من ذي قبل وأكثر تصميماً على فرض إرادتها وسيادتها على باب المندب واستقلال هيمنتها على ملاحة البحر الأحمر وتسخير منافذها البحرية لفرض معادلات جديدة لا تتوقف عند فتح معبر رفع وحسب ، بل للعب دور جديد ومؤثر في حماية الأمن القومي العربي في المنطقة، لقد استطاعت صنعاء منذ البداية تحويل الموقع الجيوستراتيجي لباب المندب إلى قوة قادرة على تغيير الموازين، وأثبتت نجاحها في تحريم مياه البحر الأحمر على سفن إسرائيل وضرب اقتصادها بفرض معادلة جديدة لم تكن ضمن حسابات دولة إسرائيل التي تستعين بتدخل أمريكي وبريطاني وألماني يستميت في إنقاذها ومنحها فرصاً إضافية للاستمرار في توحشها ومواصلة حرب الإبادة والتطهير العرقي في قطاع غزة.
أفسدت صنعاء على إسرائيل عملية الالتفاف لتمرير سفن وسيطة غير إسرائيلية عبر البحر الأحمر لإدخال بضائعها إلى موانئ إسرائيل، قرار التصعيد الجديد للقوات المسلحة اليمنية حول الاتفاقيات الإسرائيلية الالتفافية الأخيرة إلى رماد، في قدرة إضافية محسوبة لصنعاء وهي تتصرف بحنكة وتسد أي ثغرة يفكر الإسرائيليون والأمريكيون العبور منها، ما يجعلها تبدوا أكثر قوة في التأثير على صناع القرار في واشنطن وتل أبيب كونهم يدركون جدية صنعاء في قرار حصارها على موانئ إسرائيل وقدرتها في إعاقة حركة الملاحة البحرية الواصلة إلى موانئها عبر منع جميع السفن المتجهة إلى موانئ إسرائيل من أي جنسية كانت.
صنعاء التي تخوض إلى جانب المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق معركة كل العرب والمسلمين ضد الكيان الصهيوني، تبدوا اليوم متمرسة في كسر عقيدة إسرائيل العسكرية في الحرب الخاطفة، لقد بدت إسرائيل منفعلة جداً وفي ورطة كبرى، وهي تدرك أن التأثير على صناع القرار في صنعاء عبر أطراف إقليمية أو دولية لمحاولة تبرأة ساحتهم يبدوا مستحيلاً وأن الجواب الثابت والمتوقع منها هو: باب المندب ودخول الغذاء والدواء إلى غزة مقابل وصول السفن المحملة بالغذاء والدواء إلى موانئ إسرائيل، في سابقة تاريخية خن تعلن عاصمة عربية الحصار على إسرائيل.
▪️ لماذا يثق العالم فيما تفعله صنعاء لا ما تقوله الأمم المتحدة؟
وفق خبراء ومحللين سياسيين ودوليين يبدوا قرار صنعاء بحصار إسرائيل أقوى من قرار الفيتو الأمريكي بمنع إيقاف النار في غزة، وأنه واحد من أهم التداعيات التي حدثت في حرب غزة وسيكون لها وقع كبير في القضية الفلسطينية، السابع من أكتوبر2023، تاريخ يؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ويمثل مفصلاً تاريخياً يؤرخ لتقدم مستوى النضال العربي ضد دولة الاحتلال الصهيوني، بعد أن أحدث ثورة في الوعي الشعبوي العالمي رغم ما تفعله الحكومات، فلم يعد هناك مجال للنفاق أو تكميم الأفواه بعد الحرب على غزة، وبعد التوحش الإسرائيلي الذي أنتج في أقل من شهرين مجازر دامية أدت لاستشهاد أكثر من عشرين ألف فلسطيني معظمهم من المدنيين، ما يعني أن إسرائيل قتلت في ستة أسابيع أكثر مما قتلت من الفلسطينيين في 106 سنوات (منذ وعد بلفور)، وأن ما تتورط بها إسرائيل من جرائم يزيد من مساحة السخط الشعبي العالمي الذي تتعمق لدية فكرة النازية لدولة الكيان الإسرائيلي كوجود استعماري، مقابل أحقية حركات المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق والنظر إليها كتنظيمات وقوى نضالية تحريرية تسعى لاستعادة أراضيها ومقداستها وتثور ضد جرائم نازية فاشية لا يمكن التستر عليها حتى وإن تم منحها حق الفيتو في دهاليز الأمم المتحدة.
التاريخ لن يطوي قرار الفيتو الأمريكي بمنع إطلاق النار وإيقاف مذبحة غزة، سيبقى وصمة عار في تاريخ الأمم المتحدة وإهانة تاريخية للمجتمع الدولي الذي فشل في فرض سلطته الدولية لإنقاذ ما تبقى من ادعاءات للإنسانية وللحقوق، هذا التوقيت وبعد كل المجازر والانتهاكات اللإنسانية سيزيد حتماً من تهديد المصالح الأمريكية والإسرائيلية في أنحاء مختلفة من العالم، حق الفيتو الأمريكي كان منذ البداية مشروعاً تراهن عليه إسرائيل في الحصول عليه من الأمم المتحدة لمواصلة جرائمها وتوحشها في غزة من أجل تغطية الهزيمة التي منيت بها وجنودها باتو صرعى يخسرون المعركة، فتذهب لتحشييد الدعم الدولي المغشوش واستخدام الأسلحة الأمريكية الفتاكة والمحرمة دولياً في محاولة بائسة للتخفيف من حالة الغليان والتصدع في الداخل الإسرائيلي.
مارثون التصعيد الأممي وتبادل الأدوار الدولية الذي استبق قرار الفيتو الأمريكي، جعلت المنظومة الدولية أكثر حرجاً أمام شعوب العالم التي بدأت تعلق آمالها على محور المقاومة وتحركاتها العسكرية والاقتصادية في الانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني وإيقاف المجازر الإسرائيلية في غزة، وأصبح أحرار العالم يرون أن مفاتيح السلام لن تأتي من دهاليز الأمم المتحدة بل من رفع مستوى الضغط والتأثير على أمريكا وإسرائيل وإجبارها على إيقاف الحرب والعدوان على غزة، فما تفعله صنعاء أكثر ثقة ومصداقية مما تقوله الأمم المتحدة، وأن رفع قرار التصعيد الذي أعلنته صنعاء مشروط بإدخال الغذاء والدواء وكل ما يعيد الحياة إلى غزة المحاصرة والمنكوبة، هو في الأساس قرار إنساني سيمكنها من فتح معبر رفع وربما تحقيق ما عجزت عنه الأمم المتحدة، فصنعاء تدرك تماماً ما تقوله وما تفعله.
رأي اليوم/ عبدالخالق النقيب
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الفیتو الأمریکی موانئ إسرائیل الأمم المتحدة إلى موانئ ما تقوله ما تفعله إلى غزة
إقرأ أيضاً:
زيارة أممية لمواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الإسرائيلي بميناء الحديدة
واطلع الفريق الأممي ومعه وزير النقل والأشغال العامة محمد عياش قحيم، وعضو الفريق الوطني بلجنة إعادة الانتشار اللواء محمد القادري، ورئيس مؤسسة موانئ البحر الأحمر زيد الوشلي، وضابط الارتباط بلجنة دعم اتفاق الحديدة، على الكرين العائم والكرينات الجسرية واللنشات البحرية الخاصة بقطر السفن، التي طالها القصف الإجرامي الذي أدى إلى خروج البعض منها عن الخدمة والغرق في البحر.
واستمع الفريق الأممي من المختصين في الميناء، إلى شرح حول هذه الجريمة وتبعاتها على الوضع التشغيلي للميناء، ومدى الالتزام بمعايير الأمم المتحدة والإجراءات المتعلقة بخلو الموانئ من أي مظاهر عسكرية، خصوصا وأنها تخضع للرقابة من قبل بعثة الأمم المتحدة، وثلاث دوريات ميدانية.
وأكد وزير النقل والأشغال أن القوانين والتشريعات الدولية المتصلة بهذا الجانب تجرم بشكل واضح استهداف المدنيين والمنشآت المدنية.
وطالب بعثة الأمم المتحدة بالاضطلاع بدورها ومسؤولياتها وفق قرار ومهام تشكيلها، وإدانة تكرار العدوان الإسرائيلي على موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، ورفع تقرير للبعثة عن حجم الأضرار والانتهاك السافر، الذي تعرضت له هذه المنشآت الحيوية.
كما أكد الوزير قحيم، أن الأمم المتحدة تتحمل المسؤولية الكاملة لعدم قيامها بدورها تجاه هذه التداعيات الكارثية، والأضرار التي تمس مصالح الشعب اليمني، كون هذه المرافق الحيوية منشآت مدنية تقدم خدماتها لملايين اليمنيين.
وأشار إلى أن الكيان الصهيوني المتغطرس، لم يراعِ أي معاهدة أو قاعدة من قواعد القانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بعدوانه على شعوب المنطقة.