يمانيون – متابعات
الصوت واليد المرفوعة من صنعاء باتت رقماً صعباً يحاول العالم اكتشافه وقراءته من منطق القوة ولكن بشكل آخر وبطريقة تفوق موازين القوة العسكرية وحسابات القتال وحجم ونوعية العتاد الحربي، إنها القوة التي تتخطى الترسانات العسكرية والحدود والعوائق الجغرافية، قوة الإرادة والشجاعة والبأس الذي يصل إلى غزة ويفرض على دولة الكيان المحتل أول حصار في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.

من الآن وصاعداً كل السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني هدف مرصود لقوات الجيش اليمني، ولن يدخل الغذاء، والدواء إلى إسرائيل مالم يتم إدخال الغذاء والداء إلى غزة عبر معبر رفح، في واحدة من تجليات هذه الحرب التي تفرز صورة من صور إنهاك القدرات وأنموذجاً من نماذج تفوق قوة القرار والإرادة الواعية والجسارة في اختيار التوقيت وقدرتها في إرساء المعادلات التي تتخطى القوة العسكرية المسنودة بالدعم والتحالفات الدولية وكل. ما يتم التلويح به لصنعاء المحاصرة وهي تبدوا أكثر قوة من ذي قبل وأكثر تصميماً على فرض إرادتها وسيادتها على باب المندب واستقلال هيمنتها على ملاحة البحر الأحمر وتسخير منافذها البحرية لفرض معادلات جديدة لا تتوقف عند فتح معبر رفع وحسب ، بل للعب دور جديد ومؤثر في حماية الأمن القومي العربي في المنطقة، لقد استطاعت صنعاء منذ البداية تحويل الموقع الجيوستراتيجي لباب المندب إلى قوة قادرة على تغيير الموازين، وأثبتت نجاحها في تحريم مياه البحر الأحمر على سفن إسرائيل وضرب اقتصادها بفرض معادلة جديدة لم تكن ضمن حسابات دولة إسرائيل التي تستعين بتدخل أمريكي وبريطاني وألماني يستميت في إنقاذها ومنحها فرصاً إضافية للاستمرار في توحشها ومواصلة حرب الإبادة والتطهير العرقي في قطاع غزة.

أفسدت صنعاء على إسرائيل عملية الالتفاف لتمرير سفن وسيطة غير إسرائيلية عبر البحر الأحمر لإدخال بضائعها إلى موانئ إسرائيل، قرار التصعيد الجديد للقوات المسلحة اليمنية حول الاتفاقيات الإسرائيلية الالتفافية الأخيرة إلى رماد، في قدرة إضافية محسوبة لصنعاء وهي تتصرف بحنكة وتسد أي ثغرة يفكر الإسرائيليون والأمريكيون العبور منها، ما يجعلها تبدوا أكثر قوة في التأثير على صناع القرار في واشنطن وتل أبيب كونهم يدركون جدية صنعاء في قرار حصارها على موانئ إسرائيل وقدرتها في إعاقة حركة الملاحة البحرية الواصلة إلى موانئها عبر منع جميع السفن المتجهة إلى موانئ إسرائيل من أي جنسية كانت.

صنعاء التي تخوض إلى جانب المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق معركة كل العرب والمسلمين ضد الكيان الصهيوني، تبدوا اليوم متمرسة في كسر عقيدة إسرائيل العسكرية في الحرب الخاطفة، لقد بدت إسرائيل منفعلة جداً وفي ورطة كبرى، وهي تدرك أن التأثير على صناع القرار في صنعاء عبر أطراف إقليمية أو دولية لمحاولة تبرأة ساحتهم يبدوا مستحيلاً وأن الجواب الثابت والمتوقع منها هو: باب المندب ودخول الغذاء والدواء إلى غزة مقابل وصول السفن المحملة بالغذاء والدواء إلى موانئ إسرائيل، في سابقة تاريخية خن تعلن عاصمة عربية الحصار على إسرائيل.

▪️ لماذا يثق العالم فيما تفعله صنعاء لا ما تقوله الأمم المتحدة؟

وفق خبراء ومحللين سياسيين ودوليين يبدوا قرار صنعاء بحصار إسرائيل أقوى من قرار الفيتو الأمريكي بمنع إيقاف النار في غزة، وأنه واحد من أهم التداعيات التي حدثت في حرب غزة وسيكون لها وقع كبير في القضية الفلسطينية، السابع من أكتوبر2023، تاريخ يؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ويمثل مفصلاً تاريخياً يؤرخ لتقدم مستوى النضال العربي ضد دولة الاحتلال الصهيوني، بعد أن أحدث ثورة في الوعي الشعبوي العالمي رغم ما تفعله الحكومات، فلم يعد هناك مجال للنفاق أو تكميم الأفواه بعد الحرب على غزة، وبعد التوحش الإسرائيلي الذي أنتج في أقل من شهرين مجازر دامية أدت لاستشهاد أكثر من عشرين ألف فلسطيني معظمهم من المدنيين، ما يعني أن إسرائيل قتلت في ستة أسابيع أكثر مما قتلت من الفلسطينيين في 106 سنوات (منذ وعد بلفور)، وأن ما تتورط بها إسرائيل من جرائم يزيد من مساحة السخط الشعبي العالمي الذي تتعمق لدية فكرة النازية لدولة الكيان الإسرائيلي كوجود استعماري، مقابل أحقية حركات المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق والنظر إليها كتنظيمات وقوى نضالية تحريرية تسعى لاستعادة أراضيها ومقداستها وتثور ضد جرائم نازية فاشية لا يمكن التستر عليها حتى وإن تم منحها حق الفيتو في دهاليز الأمم المتحدة.

التاريخ لن يطوي قرار الفيتو الأمريكي بمنع إطلاق النار وإيقاف مذبحة غزة، سيبقى وصمة عار في تاريخ الأمم المتحدة وإهانة تاريخية للمجتمع الدولي الذي فشل في فرض سلطته الدولية لإنقاذ ما تبقى من ادعاءات للإنسانية وللحقوق، هذا التوقيت وبعد كل المجازر والانتهاكات اللإنسانية سيزيد حتماً من تهديد المصالح الأمريكية والإسرائيلية في أنحاء مختلفة من العالم، حق الفيتو الأمريكي كان منذ البداية مشروعاً تراهن عليه إسرائيل في الحصول عليه من الأمم المتحدة لمواصلة جرائمها وتوحشها في غزة من أجل تغطية الهزيمة التي منيت بها وجنودها باتو صرعى يخسرون المعركة، فتذهب لتحشييد الدعم الدولي المغشوش واستخدام الأسلحة الأمريكية الفتاكة والمحرمة دولياً في محاولة بائسة للتخفيف من حالة الغليان والتصدع في الداخل الإسرائيلي.

مارثون التصعيد الأممي وتبادل الأدوار الدولية الذي استبق قرار الفيتو الأمريكي، جعلت المنظومة الدولية أكثر حرجاً أمام شعوب العالم التي بدأت تعلق آمالها على محور المقاومة وتحركاتها العسكرية والاقتصادية في الانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني وإيقاف المجازر الإسرائيلية في غزة، وأصبح أحرار العالم يرون أن مفاتيح السلام لن تأتي من دهاليز الأمم المتحدة بل من رفع مستوى الضغط والتأثير على أمريكا وإسرائيل وإجبارها على إيقاف الحرب والعدوان على غزة، فما تفعله صنعاء أكثر ثقة ومصداقية مما تقوله الأمم المتحدة، وأن رفع قرار التصعيد الذي أعلنته صنعاء مشروط بإدخال الغذاء والدواء وكل ما يعيد الحياة إلى غزة المحاصرة والمنكوبة، هو في الأساس قرار إنساني سيمكنها من فتح معبر رفع وربما تحقيق ما عجزت عنه الأمم المتحدة، فصنعاء تدرك تماماً ما تقوله وما تفعله.

رأي اليوم/ عبدالخالق النقيب

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الفیتو الأمریکی موانئ إسرائیل الأمم المتحدة إلى موانئ ما تقوله ما تفعله إلى غزة

إقرأ أيضاً:

حماس تُسلم أسيرين للصليب الأحمر بخان يونس وترقب لفتح معبر رفح لإجلاء الجرحى

يُعاد اليوم فتح معبر رفح بعد إغلاقه لمدة ثمانية أشهر، إثر سيطرة الجيش الإسرائيلي عليه في مايو/أيار 2024. يأتي فتح المعبر لإجلاء الجرحى من غزة، حيث أعدت وزارة الصحة قائمة بـ 100 مريض وجريح، بالإضافة إلى 100 مرافق، مع السماح بمرور 150 شخصًا من ذوي الحالات الإنسانية الطارئة.

اعلان

بالتزامن، يجري تنفيذ الدفعة الرابعة من تبادل الأسرى، حيث سيتم الإفراج عن 183 فلسطينيًا، بينهم 18 محكومًا بالمؤبد و111 أسيرًا من غزة اعتُقلوا بعد 7 أكتوبر، مقابل ثلاثة محتجزين إسرائيليين هم عوفر كالدرون، وكيث شمونسل، وياردن بيباس. ووفق مصادر إسرائيلية، سيتم نقل 150 أسيرًا إلى غزة و32 إلى الضفة الغربية، إضافة إلى أسير مصري.

وفي سياق متصل، تستضيف القاهرة اليوم اجتماعًا يضم 6 دول عربية لبحث تطورات الأوضاع في غزة، وتثبيت وقف إطلاق النار، وسبل دعم وكالة "أونروا" بعد القرار الإسرائيلي بحظرها.

في الضفة الغربية، يواصل الجيش الإسرائيلي إجبار سكان مخيم طولكرم على مغادرة منازلهم في خمسة أحياء سكنية بالمخيم (حارات النادي والشهداء والغانم والمطار وأبو الفول)، وسط تصعيد عسكري في مدن أخرى، بينها جنين ونابلس، حسبما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" .

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بعد 50 يومًا من التعذيب.. فلسطيني يعود بعكازين إلى بيته المدمر في غزة بعد الدمار.. نازحون فلسطينيون يعودون إلى شمال غزة وينصبون خياماً فوق الركام يتهم إسرائيل بالعنصرية ويجمع المساعدات لغزة.. روبوت مخصص لدعم تل أبيب يخرج عن السيطرة قطاع غزةرفح - معبر رفححركة حماسإسرائيلالضفة الغربيةالصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعلاناخترنا لكيعرض الآنNextمباشر. 3 إسرائيليين مقابل 193 فلسطيني..عملية تبادل جديدة السبت ولقاء مرتقب بين ترامب ونتنياهو يعرض الآنNext بعد 60 عامًا.. فرنسا تطوي صفحة وجودها العسكري في تشاد آخرِ معاقلها بالساحل الإفريقي يعرض الآنNext الصين تبني أكبر مركز قيادة عسكري في العالم يفوق البنتاغون بعشرة أضعاف يعرض الآنNext اختراق خطير تكشفه "واتساب": برنامج قرصنة إسرائيلي استهدف هواتف نحو 100 صحفي وناشط يعرض الآنNext ارتفاع معدل البطالة في ألمانيا إلى أعلى مستوى له منذ 2015 اعلانالاكثر قراءة أسعار القهوة ترتفع بنسبة 90% بسبب تهديدات ترامب لكولومبيا وتأثير الظروف الجوية انتشار عدوى مقاطعة المتاجر الكبرى في دول البلقان احتجاجاً على ارتفاع الأسعار إليكم أبرز الرؤساء العرب الذين هنأوا الشرع على توليه رئاسة سوريا إسبانيا: القبض على "عصابة إجرامية" سرقت 10 ملايين يورو من منازل فاخرة "نفعل الكثير من أجلهم وسيفعلون ذلك".. ترامب أكيد من قبول عمان والقاهرة لخطة تهجير الفلسطينيين اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامباحتجاجاتإسرائيلالاتحاد الأوروبيفرنساشرطةبرلينسورياغزةروسياالصينأبو محمد الجولاني الموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • إكرامي الزغاط: مصر قادرة على حماية أمنها القومي أكثر مما يتخيل أحد
  • الأمم المتحدة تحذر: موجة صقيع تهدد الزراعة في اليمن
  • ترامب يفرض رسوماً جمركية جديدة على الصين وكندا والمكسيك
  • تفاقم العنف والاختطاف في اليمن يعصف بالمساعدات الإنسانية
  • أخبار العالم| ترامب يفرض رسومًا جمركية على الصين والمكسيك وكندا.. والدول الثلاث تتوعد أمريكا.. ونتنياهو يعرقل مفاوضات غزة بإجراء جديد
  • حماس تُسلم أسيرين للصليب الأحمر بخان يونس وترقب لفتح معبر رفح لإجلاء الجرحى
  • الأمم المتحدة تؤكد ضرورة إسراع إسرائيل في إنهاء احتلالها بسوريا
  • الأمم المتحدة تتلقى تمويلاً إضافياً لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن
  • الأمم المتحدة تدعو إسرائيل إلى إلغاء قرارها بشأن أنشطة الأونروا
  • الأمم المتحدة تدعو لإلغاء إسرائيل قرار حظر أنشطة الأونروا