“تريندز” يدشن كتاباً حول تغير المناخ والتحديات العابرة للحدود
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
أبوظبي – الوطن:
ضمن أنشطته ومساهماته في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “كوب28″، دشن مركز تريندز للبحوث والاستشارات رسمياً كتابه الجديد «تغير المناخ والتحديات العابرة للحدود في الشرق الأوسط وأفريقيا”، ونظم حلقة نقاشية حول فصوله شارك فيها نخبة من الخبراء والباحثين ومعدي الكتاب.
وأكد الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز في كلمة دشن بها الكتاب، أن مؤتمر COP28 يمثل لحظة تاريخية لمستقبل كوكب الأرض، ويشكل فرصة مهمة لتحقيق تقدم حقيقي وعملي في جهود معالجة أزمة المناخ، وعلينا استغلال هذه الفرصة.
وأوضح أنه تماشياً مع الأجندة العالمية الهادفة إلى بناء مستقبل مستدام، يفخر مركز تريندز للبحوث والاستشارات بتقديم كتابه الجديد المُحرر في إطار برنامج بحوث البيئة والتنمية المستدامة، مشيراًإلى أنه يتكون من ثلاثة عشر فصلاً كتبها خبراء معروفون في مجال التغير المناخي وإدارة الموارد وتحول الطاقة، لتسليط الضوء على أبرز التحديات العالمية المُلحة حالياً.
وذكر أن هذا العمل البحثي المتعمق طرح وجهات نظر متعددة حول الأبعاد السياسية والاقتصادية والجيوسياسية والإنسانية للتخفيف من آثار التغير المناخي والتكيف معه في الشرق الأوسط وأفريقيا، وهي المنطقة الأكثر عرضة للآثار السلبية للتغير المناخي. كما أنه انطلاقاً من إدراك الترابط بين المناخ والأمن والبشر، يمزج الكتاب بين العلوم الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية لتقديم تفسير شامل للتحديات التي يتعين علينا التصدي لها بشكل جماعي.
التحديات عابرة والمطلوب عمل جماعي
عقب ذلك بدأت أعمال الحلقة النقاشية حول الكتاب، حيث رحب الأستاذ ناصر آل علي، عريف الحلقة، بالمشاركين والحضور، مؤكداً أهمية الكتاب وشموليته. وقد تناولت الجلسةالأولى الجوانب المجتمعية لتغير المناخ وديناميكيات الصراع، وأدارها الباحث عبدالرحمن الجنيبي،الذي أشار إلى أن الحلقة تسعى لمناقشة وجهات نظر وأفكار نأمل أن تساهم في تحقيق مزيد من الاستدامة والتناغم في الشرق الأوسط وأفريقيا.
واستهل الحديث فرانسيس توماس أوبي – الخبير الاقتصادي بغامبيا، مؤكداً أن التحديات العابرة للحدود التي تواجهها أفريقيا ليست منعزلة عن بعضها، بل هي مترابطة، نتيجة لأسباب تاريخية مشتركة، حيث تتأثر القارة بالتغير المناخي أكثر من غيرها.
وأوضح أن مسؤولية القارة الأفريقية عن الانبعاثات والتغير المناخي أقل من جميع القارات الأخرى، ولكنها بالرغم من ذلك تتأثر بالتغير المناخي أكثر من غيرها.
وقال إن أفريقيا غنية بالكثير من المعادن الثمينة، ولكن المنفعة من تجارة هذه الموارد لا تعم على الجميع، ولا تستفيد منها الغالبية الضعيفة تحديداً.
بدوره ذكر سلطان ماجد العلي مدير إدارة البارومتر العالمي في “تريندز” أن الكتاب يكتسب أهمية كبيرة، حيث يتناول قضية تغير المناخ في الشرق الأوسط وأفريقيا.
وقال إن الكتاب يحمل دعوة للعمل لمواجهة التغير المناخي في منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا، خاصة أن مؤلفيه نجحوا في إلقاء الضوء على التحدي البيئي الذي تواجهه هاتان المنطقتان، مشيراًإلى أنه سلط الضوء على العلاقة المعقدة بين تغير المناخ والتحديات التي تتجاوز الحدود الجغرافية في الشرق الأوسط وأفريقيا، ما أبرز كذلك التأثير الجغرافي الاقتصادي لتغير المناخ واستراتيجيات التمويل.
وذكر سلطان العلي أن الطلب على الموارد الطبيعية زايد زيادة كبيرة بمرور الوقت. كماأدى ارتفاع معدلات استخدام المياه إلى تراجع مستوياتها، ما أدى إلى مواجهات وصراعات كبيرة بين الدول.
وقال إنه لا يوجد تكافؤ في توزيع موارد المياه في أفريقيا على الصعيدين الجغرافي والموسمي.
من جانبه قال د. محمد فريد قزي باحث أول في “تريندز”إن إدارة الباروميتر العالمي بمركز تريندز أجرت استطلاعاً للرأي حول توجهات الجمهور العربي تجاه تغير المناخ شارك فيه 2500 فرد من 5 دول، موضحاًأن نتائج الاستطلاع كشفت أن ثلاثة أرباع الجمهور العربي مهتمون بتداعيات التغير المناخي، وأن 70% لهم دراية بنتائج التغيير المناخي، ومنها شح في الأمطار وزيادة درجة الحرارة، كما بينت أن 43 % من الجمهور يقومون بعمل يقلل من آثار التغيير المناخي، و71% توقعوا أن تكون نتائج “كوب 28” إيجابية.
التأثير الجغرافي الاقتصادي لتغير المناخ
وتركزت الجلسة الثانية حول التأثير الجغرافي الاقتصادي لتغير المناخ واستراتيجيات التمويل، وأدارتها الباحثة رهف الخزرجي، باحث وعضو مجلس الشبابفي “تريندز”.
وقال الدكتور ماثيو جودوين الخبير بمعهد توني بلير في لندن، إن مبادرة الطاقة المتجددة في أفريقيا هي شراكة بين البلدان الأفريقية والمؤسسات الدولية ومستثمرين من القطاع الخاص تهدف إلى إنتاج 300 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
وأوضح أن آليات تسعير الكربون ما زالت في مراحل تنفيذها الأولى في المنطقة، ويجب على كل دولة أن تختار النهج الأفضل ملاءمة لظروفها لتمكين التمويل والاستثمار بين دول المنطقة.
وطالب بضرورة تنظيم التمويل والاستثمار بالشراكة مع الحكومات ومؤسسات القطاع الخاص والمنظمات الدولية، وتسهيل تطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص؛ لتلبية الاحتياجات المحددة بشكل فعال.
من جانبها قالت الدكتورة جاسينتا دسيلفا مديرة البحوث، معهد سي SEE المدينة المستدامة في دبي، إنه نتيجة للتوسع الحضري السريع، والنمو السكاني، والتنمية الاقتصادية، ستزداد النفايات في العالم بنسبة 70% خلال السنوات الثلاثين المقبلة، بحيث تصل إلى 3.40 مليار طن من النفايات سنوياً.
وأضافت أن تكنولوجيا تحويل النفايات إلى طاقة يمكن أن تساهم في تنفيذ خطط التخفيف من آثار التغير المناخي في العديد من البلدان؛ لأنها جزء أساسي من الحل.
وأكدت أن تكنولوجيا تحويل النفايات إلى طاقة تلعب دوراً مزدوجاً في سياق التخفيف من آثار التغير المناخي، فهي تساعد من ناحية على تقليل كمية النفايات التي تُرمى في مقالب النفايات، ومن ناحية أخرى يمكن استخدام الطاقة الناتجة عن هذه العمليات بدلاً عن الوقود الأحفوري، مما يساعد على خفض انبعاثات غازات الدفيئة.
إلى ذلك أشار الدكتور إمري هاتيبوغلو زميل باحث في مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية إلى أن ما تتمتع به دول مجلس التعاون الخليجي من نقاط قوة مالية وتكنولوجية ومؤسسية يؤهلها لقيادة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية للوصول إلى مستقبل تنخفض فيه انبعاثات الكربون، ويزداد فيه الاعتماد على الطاقة المتجددة.
وقال إن دول مجلس التعاون الخليجي استفادت من إيرادات الوقود الأحفوري لتطوير خبرات متقدمة في مختلف القطاعات، من تكنولوجيا احتجاز الكربون، إلى إنتاج منتجات ذات قيمة مضافة، مثل اليوريا والميثانول، مبيناً أن دخول دول المجلس إلى قطاع الهيدروجين الناشئ يمكنّها من لعب دور رائد في تشكيل بيئة الطاقة العالمية. وهذه الريادة التكنولوجية تتجاوز قطاع الطاقة لتشمل مجالات متطورة، مثل التكنولوجيا المالية، وإنترنت الأشياء، وتكنولوجيا البلوك تشين، والذكاء الاصطناعي، والروبوتات.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
دراسة تكشف مشروع الشرق الأوسط الجديد في رؤية ترامب ونتنياهو
بعد مرور عقدين على فشل مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي روجت له إدارة جورج بوش الابن إبان غزو العراق وحرب لبنان عام 2006، تعود الرؤية ذاتها ولكن بثوب جديد – هذه المرة عبر تحالف وثيق بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واللذَان يسعيان لتشكيل "شرق أوسط جديد" تكون فيه إسرائيل القوة المهيمنة بدعم أمريكي مطلق، بينما يتم تحييد إيران ومحور المقاومة عبر سلسلة من الحروب والاستنزاف العسكري، بحسب الدراسة التي نشرها مركز الأبحاث المجلس الأطلسي.
منذ حرب 7 أكتوبر 2023، شنت إسرائيل سلسلة من الهجمات التي طالت غزة ولبنان وسوريا واليمن، وصولاً إلى قلب إيران في يونيو 2025. هذه الحروب، التي وفرت لها واشنطن غطاءً سياسيًا ودعمًا عسكريًا، لم تحقق أهدافها الاستراتيجية حتى الآن، حيث ما زالت قوى المقاومة – رغم الخسائر الكبيرة – صامدة ميدانيًا وسياسيًا.
غزة: دمار هائل دون نصر حاسمبعد عشرين شهرًا من العدوان على غزة، تخطى عدد الشهداء الفلسطينيين 57 ألفًا، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخ الصراع. وعلى الرغم من تدمير البنية التحتية وتهجير السكان، لم تنجح إسرائيل في القضاء على حركة حماس، التي لا تزال قادرة على شن هجمات نوعية تُربك الجيش الإسرائيلي.
إيران: الضربة الاستراتيجية التي لم تنجز المهمةفي يونيو 2025، شنت إسرائيل والولايات المتحدة حملة جوية مكثفة على منشآت إيران النووية، مع وعود ترامب بـ"تحطيم المشروع النووي الإيراني بالكامل". لكن التقييمات العسكرية تشير إلى أن الضرر كان كبيرًا، لكنه غير كافٍ لتفكيك القدرات النووية الإيرانية. بل وقد تؤدي هذه الهجمات إلى تسريع طهران لمساعيها نحو امتلاك سلاح نووي ردًا على التهديدات الوجودية.
لبنان: حزب الله يتراجع تكتيكيًا... دون هزيمةفي لبنان، ورغم الخسائر الفادحة الناتجة عن الهجمات الإسرائيلية، لا يزال حزب الله قوة قائمة، ولم يسلم سلاحه كما تطالب إسرائيل والولايات المتحدة.
ورغم التراجع إلى شمال الليطاني، فإن أمينه العام بالوكالة، نعيم قاسم، يتوعد برد قاسٍ حال اجتياح إسرائيل للجنوب اللبناني. أما الحكومة اللبنانية الجديدة، بقيادة الرئيس جوزيف عون، فتواجه مأزقًا سياسيًا بين الضغوط الخارجية والاحتمالات الكارثية لأي صدام داخلي مع حزب الله.
اليمن: صمود الحوثيين رغم القصفعلى الرغم من القصف الأمريكي والإسرائيلي على مواقع الحوثيين في صنعاء وصعدة وموانئ الحديدة، فإن جماعة أنصار الله (الحوثيين) ما تزال تمتلك قدرات هجومية، وتحتفظ بترسانات استراتيجية قد تستخدم في حال عودة الحرب ضد إيران.
اتفاق الهدنة المؤقت مع واشنطن في مايو 2025 عزز من موقف الحوثيين داخليًا وأضعف خصومهم في المجلس الرئاسي.
المشروع الحالي لإعادة تشكيل الشرق الأوسط يعتمد، كما في اتفاقيات "أبراهام" التي وقعت في عهد ترامب عام 2020، على تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية دون أي اعتبار للحقوق الفلسطينية. وتفترض الخطة أن الرخاء الاقتصادي كفيل بتجاوز عدالة القضية الفلسطينية – وهي فرضية أثبتت المعطيات الأخيرة فشلها، بل وساهمت في تأجيج الصراع.
وتشير الدراسة إلى أن هناك طريقين لا ثالث لهما في المرحلة المقبلة: إما دبلوماسية خلاقة تنقذ ما تبقى من فرص السلام، أو استمرار لحرب مفتوحة ومتعددة الجبهات. غير أن تمسك كافة الأطراف بمواقفها القصوى يرشح السيناريو الثاني كالأقرب، ما يعني أن "الشرق الأوسط الجديد" وفق رؤية ترامب ونتنياهو قد يتحقق شكليًا عبر تطبيع اقتصادي جزئي، لكنه سيكون محفوفًا بمزيد من الحروب، الانهيارات، والتشظي السياسي.
التحالف الأمريكي-الإسرائيلي يسير نحو فرض واقع جديد بالقوة، لكن التصدعات الإقليمية، وصمود الخصوم، وغياب أي تسوية سياسية متوازنة، كلها عوامل تضعف الرؤية الترامبية-النتنياهوية لـ"شرق أوسط جديد". ما يتم رسمه حتى الآن ليس مستقبلًا مستقرًا، بل خريطة من الدمار والتوتر الدائم، تراكم الغضب أكثر من السلام، وتبني واقعًا لا يدوم.