مدير منظمة الصحة العالمية يحذّر من تأثير “كارثي” للحرب في غزة
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
غوتيريش: حرب غزة أصابت مجلس الأمن الدولي بـ”الشلل” هيئة الأسرى: جرائم طبية بحق الأسرى المصابين في عيادة “سجن الرملة”
الثورة / إسكندر المريسي
أطلقت العديد من الهيئات والمنظمات الدولية تحذيراتها بحدوث أسوأ كارثة إنسانية قد يشهدها العالم في الظرف الراهن جراء الهجمات العشوائية والقصف اليومي من قبل طيران العدو الصهيوني على قطاع غزة.
حيث أدى ذلك القصف إلى تدمير كل مقومات الحياة الاجتماعية والإنسانية من خلال القصف المتعمد للمشافي والمقار الصحية وما نتج عن ذلك من توقف معظم المستشفيات وخروجها عن العمل .
فقد أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس الأحد عن أسفه لفشل مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار بوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقال غوتيريش أمام منتدى الدوحة، الذي افتتحه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تحت شعار “معا نحو بناء مستقبل مشترك”، إن المجلس أصابه “الشلل بسبب الانقسامات الجيواستراتيجية” التي تقوض التوصل لأي حلّ للحرب في غزة.
وأضاف أن “سلطة ومصداقية مجلس الأمن الدولي قد تم تقويضها بشدة” بسبب تأخر تحركه حيال الحرب، واعتبرها ضربة لسمعته تفاقمت مع استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) الجمعة ضد قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار إنساني في القطاع.
وتابع: “لقد كرّرت دعوتي لإعلان وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية”.
وأضاف “للأسف فشل مجلس الأمن في القيام بذلك”، وتابع “يمكنني أن أعدكم، أنني لن أستسلم”.
ودعا غوتيريش إلى جلسة طارئة لمجلس الأمن بعد أسابيع من العدوان على قطاع غزة، والذي خلف أكثر من 17700 شهيد، معظمهم من النساء والأطفال.
وأكّد في منتدى الدوحة “نحن نواجه خطرا شديدا لانهيار النظام الإنساني”. وأضاف أنّ “الوضع يتدهور بسرعة ويتحول إلى كارثة ذات آثار محتملة لا رجعة فيها على الفلسطينيين ككل وعلى السلام والأمن في المنطقة”.
وفي نفس السياق حذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، من أثر “كارثي” على الصحة للحرب التي دخلت شهرها الثالث في قطاع غزة.
وقال في افتتاح جلسة استثنائية للمجلس التنفيذي للمنظمة مخصصة للبحث في تبعات العدوان الإسرائيلي على غزة، امس الأحد، إن “تأثير النزاع على الصحة كارثي”، مؤكدا أن أفراد الطواقم الصحية يؤدون مهمات مستحيلة في ظروف صعبة.
وأكد تعرض أكثر من 449 مركز رعاية صحية في غزة والضفة الغربية لهجمات إسرائيلية، مشيرا إلى أن النظام الصحي في غزة على وشك الانهيار، مبينا أن 14 مستشفى من أصل 36 فقط تعمل جزئيا.
وشدد غيبرييسوس على أن وقف إطلاق النار يمثل الحل الوحيد لحماية صحة سكان غزة.
وفي سياق متصل قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن الأسرى المرضى بمن فيهم المصابون في عيادة “سجن الرملة”، يتعرضون لجرائم طبية ممنهجة من قبل سلطات الاحتلال وإدارة سجونها.
وأوضحت الهيئة في بيان صدر عنها، امس الأحد، أن هناك العشرات من الخروقات والتجاوزات تسجل يوميا داخل السجون، علما أن كافة الحالات تصنف بالصعبة والحرجة وبحاجة إلى رعاية طبية حثيثة وعلاج حقيقي.
وأشارت الهيئة إلى أن معظم الحالات التي أُدخلت إلى عيادة السجن تعرضت للإصابة والاعتداء المباشر، بينها حالة المعتقل مصطفى إبراهيم النعانيش (21 عاما) من مخيم طولكرم حيث تم اعتقاله من داخل مستشفى طولكرم، وذلك بعد إصابته بانفجار من قبل جيش الاحتلال على إثرها أصيب بإصابات بالغة في البطن والظهر، ومن ثم تم نقل الأسير إلى مستشفى مدني، وأجريت له عملية بالبطن وقص جزء من الأمعاء، كما أنه حتى هذا اليوم يوجد شظايا بظهر الأسير ولا يُعرف وضعه الصحي بشكل عام نتيجة تعنت سلطات الاحتلال بإخبار التفاصيل بشكل مفصل، علما بأنه يتنقل على كرسي متحرك.
وعن حالة الأسير طارق أبو الرب (22 عاما) من محافظة جنين، الذي تعرض لإصابات بالغة في مقعدته والتي تسببت بتمزق الأمعاء على أثر ذلك أجريت للأسير عملية جراحية لرتق الأمعاء، حتى يلتئم الجرح الداخلي الذي قد يكون بحاجة إلى ثلاثة أشهر حيث ما زال يقبع داخل عيادة السجن.
وأكدت الهيئة أن كافة الأسرى أجمعوا على أنه لم تتم العناية بهم، ولم يقدم لهم العلاج والفحوصات اللازمة، وكانت المماطلة دائمة ومستمرة في كل ما يخفف أوجاعهم وآلامهم، بهدف تشديد الخناق عليهم والانتقام منهم.
إلى ذلك قالت منظمة آكشن إيد الدولية، إن النساء والفتيات في غزة يعانين من مستويات غير مسبوقة من العنف خلال التصعيد العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، ما يجعل هذه البقعة المحاصرة واحدة من أخطر الأماكن في العالم بالنسبة للمرأة في الوقت الحالي.
وأضافت المنظمة الدولية في بيان صدر عنها، أمس الأحد، أنه بينما يختتم العالم حملة الـ16 يوما من النشاط لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، تتعرض النساء والفتيات في غزة للقتل والإصابة بمعدلات مروعة، مع حرمانهن من التمتع بحقوقهن الأساسية في الغذاء والماء والرعاية الصحية يوميا، ويتعرضن لضغط نفسي هائل وصدمات بعد شهرين من العيش في رعب.
وأوضحت أن الأرقام ترسم صورة صارخة ومروعة، في الوقت الذي يتم فيه قتل اثنتين من الأمهات كل ساعة في غزة وسبع نساء كل ساعتين، حيث تم قتل حوالي 5000 امرأة منذ 7 أكتوبر الماضي، في حين أن النساء والأطفال يشكلون حوالي 70% من إجمالي عدد الضحايا، كما فقدت تقريبا كل امرأة وفتاة شخصا ما سواء كان طفلها أم زوجها أم والديها أم شقيقها أم قريبها أم جارها أم إحدى صديقاتها.
بدورها، قالت الطبيبة في مستشفى العودة هناء، شريك منظمة أكشن إيد الدولية، في شمال غزة: “لقد واجهنا العديد من القصص المروعة خلال الاعتداءات على القطاع، نساء عانين من العنف الجسدي والنفسي، وإحدى القصص التي ظلت عالقة في ذهني، كانت قصة لامرأة كان من المقرر أن تلد بشكل طبيعي، لكن منزلها تعرض للقصف، وأدى القصف إلى حاجتها إلى عملية قيصرية طارئة، فقدت مولودها بسبب الضغط الذي واجهته، ومن المحزن أن زوجها وبقية أطفالها استشهدوا أيضا، كان لدى هذه المرأة حلم بسيط بتكوين أسرة ومكان آمن لولادتها، كانت تحلم بتربية أطفالها مع زوجها، تأثرت صحتها النفسية بسبب فقدان مولودها الجديد وعائلتها”.
هناك حوالي 50,000 امرأة حامل في غزة، تتعرض حياة 180 امرأة منهن كل يوم للخطر أثناء الولادة دون رعاية طبية كافية، ويشمل ذلك الخضوع للعمليات القيصرية والعمليات الطارئة دون تعقيم أو تخدير أو مسكنات.
واستعرضت نعمة وهي قابلة في مستشفى العودة: “خلال الغارات الإسرائيلية، شهدنا عددا من حالات النساء الناجيات من العنف الناجم عن تلك الغارات، كانت هناك امرأة تعرض منزلها للقصف وتم إنقاذها من تحت الأنقاض، وصلت المستشفى مصابة بعدة كسور في جميع أنحاء جسدها، وكانت أيضا في مرحلة المخاض الشديد، لذا تم نقلها بسرعة إلى غرفة العمليات. ولحسن الحظ، نجت هي وطفلها وهما الآن في صحة جيدة، لكن فقدت هذه المرأة حقها في الحصول على مكان آمن للولادة فيه، كما فقدت حقها في الحصول على احتياجاتها واحتياجات طفلها الأساسية.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: إطلاق النار مجلس الأمن قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
كيف أثرت سياسية القوى العظمى في سقوط منظمة التجارة العالمية؟
نشر موقع "بوليتيكو" تقريرًا تناول فيه تدهور منظمة التجارة العالمية وتأثيرها السلبي على الاقتصاد العالمي، حيث إنّها أصبحت غير قادرة على مواكبة التحديات الحالية.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن العالم يقف على حافة حرب تجارية، تضع أوروبا في مرمى نيرانها.
وأوضح الموقع أن منظمة التجارة العالمية نجت بالكاد من الولاية الأولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكنها تواجه الآن تهديدات برسوم "متبادلة" وانتقام تجاري، مما يزيد الغموض الجيوسياسي ويضعف النظام التجاري العالمي. ومع اقتراب مؤتمر ميونيخ للأمن، بات من الضروري إعادة تقييم منظمة لم تعد تفي بالغرض.
وأضاف الموقع أن الحرية والنجاح الاقتصادي مترابطان بشكل وثيق، فكلما قلّت حرية النظام الاقتصادي، تراجع نجاحه. والاستثناء الأبرز هو الصين، حيث يجمع نموذجها بين الرأسمالية المُعززة وسيطرة الدولة، والتي استفادت لسنوات من منظمة التجارة العالمية.
وأفاد الموقع أن الصين استغلت منظمة التجارة العالمية لتوسيع نفوذها بطرق غير عادلة، ما جعلها جزءًا من المشكلة وليست الحل. فقد أضعفت الاقتصادات الحرة وعززت صعود أنظمة غير ديمقراطية، لتصبح حصان طروادة للتجارة غير الحرة.
وذكر الموقع أن منظمة التجارة العالمية تأسست في مراكش سنة 1994. وأدى تأسيسها إلى وضع قواعد للخدمات والملكية الفكرية. وفي السابق، كانت اتفاقية "الجات" تنظم التجارة الدولية في السلع منذ سنة 1947 بدعم 23 دولة، وارتفع العدد إلى 128 بحلول سنة 1994
وتابع الموقع أن "الجات" أُنشئت بعد الحرب العالمية الثانية لمنع حروب التعريفات الجمركية في عشرينات القرن الماضي، لكنها تحولت إلى منظمة التجارة العالمية، التي باتت غير فعالة وتحتاج إلى إعادة نظر جذرية.
وأشار الموقع إلى أن أعضاء منظمة التجارة العالمية يتعهدون بالالتزام بثلاثة مبادئ أساسية في علاقاتهم التجارية الدولية: التجارة دون تمييز، والمعاملة بالمثل كأساس للتفاوض، وإزالة التعريفات الجمركية والعوائق التجارية. ويتعين على الدول الأعضاء منح بعضها البعض المزايا ذاتها، كما يفرض مبدأ عدم التمييز أن تُمنح أي امتيازات أو دعم لدولة واحدة لجميع الأعضاء تلقائيًا.
وأضاف الموقع أن منظمة التجارة العالمية تمنح امتيازات للدول التي تصنف نفسها "نامية"، كما فعلت الصين عند انضمامها. وتشمل المزايا المهل الزمنية الأطول لتنفيذ الالتزامات أو سهولة الوصول إلى الأسواق. ولكن الامتياز الأهم هو التزام الأعضاء بحماية مصالحها - وهو ما حافظت عليه الصين منذ انضمامها.
وبين الموقع أن الصين انتهكت قواعد منظمة التجارة العالمية مرارًا على مدى سنوات، مثل: نقل التكنولوجيا القسري والدعم الضخم غير المعلن وتشويه المنافسة عبر الشركات المملوكة للدولة.
وللوصول إلى السوق الصينية، اضطرت العديد من الشركات الأجنبية إلى كشف معلومات تكنولوجية قيّمة، ما كلف الشركات الدولية مليارات الدولارات. وفي المقابل، تمكنت الشركات الصينية في بعض القطاعات من اللحاق سريعًا برواد الصناعة وأصبحوا هم أنفسهم قادة السوق.
وذكر الموقع مثالًا مؤلمًا لذلك ما حدث مع ألمانيا في صناعة الطاقة الشمسية، التي لم تكن موجودة في الصين حتى سنة 2005، لكنها استحوذت على أكثر من 80 بالمائة منها بحلول سنة 2022 بفضل الابتكار المنسوخ والدعم الحكومي.
وقال الموقع إن الصين تنظر إلى أوروبا على أنها متجر للخدمة الذاتية. فهي تشتري ببراعة كبيرة التكنولوجيا المتطورة، وغالبًا ما يكون ذلك عن طريق "أبطال خفيين" أقل شهرة. وتستخدم قوانينها لمكافحة الاحتكار لمعاقبة الشركات الأجنبية على الابتكار.
وأضاف الموقع أن الأسواق الصينية لم تنفتح كما يُدّعى، فحتى سنة 2021 مُنعت الشركات الأجنبية من دخول قطاعها المالي. كما أن غياب الشفافية يعيق الأعمال التجارية، فلم تنجح أي شراكة أجنبية في الاتصالات، وحُظر فيسبوك وتويتر منذ سنة 2009.
وذكر الموقع أن الشركات الصينية تقوم بأعمالها التجارية دون عوائق في الأسواق الغربية، بينما تضع بكين قواعدها لتعزيز نفوذها، في ظل عجز أو تهاون منظمة التجارة العالمية، ما يجعل مبدأ المعاملة بالمثل وهمًا.
في الواقع، تنهار منظمة التجارة العالمية، إذ تتسامح مع المعايير المزدوجة وتسمح للأعضاء باتباع قواعد مختلفة، مما يكرس عدم التوازن بدلًا من المعاملة بالمثل.
وأفاد الموقع أن الانبعاثات الكربونية تشكل متغيرًا آخر شهد ارتفاعًا هائلًا في الصين منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، حيث زادت بأكثر من 200 بالمائة. وهذا الارتفاع يفوق بكثير تراجع الانبعاثات في بقية العالم. ففي سنة 2021، كانت الصين مسؤولة عن نحو ثلث الانبعاثات العالمية، متجاوزةً إجمالي انبعاثات الولايات المتحدة والهند وروسيا واليابان وإيران، أكبر خمسة ملوثين بعدها.
وخلص الموقع إلى أن أزمة المناخ العالمية تعزز الحاجة لمواجهة الأنظمة الاستبدادية مثل الصين. فالمشكلة الحقيقية ليست في الرحلات السياحية، بل في عجزنا عن التأثير على أكبر ملوث للكربون، وسعيه لأجندة سياسية مختلفة، إضافةً إلى مساهمتنا غير المباشرة عبر تصدير التلوث إلى الصين وغيرها.
واعتبر الموقع أن قبول الصين كعضو كامل في منظمة التجارة العالمية كان خطأ جوهريًا نابعًا من سياسات تجارية يغلب عليها التمني. فبرغم حسن النوايا، أدى ذلك إلى اختلال تفاقم على مر السنوات، مما أضر بشدة باقتصادات السوق الديمقراطية.
واعتبر الموقع أن الخطأ الأكبر كان ضم دولة غير ديمقراطية ثقيلة اقتصاديًا لا تلتزم بقواعد التجارة الحرة، والأشد غرابة منحها وضع "الدولة النامية" رغم كونها ثاني أكبر اقتصاد، مما خلق منافسة غير عادلة.
وكانت النتيجة متوقعة: حقق الجميع نموًا اقتصاديًا سريعًا، لكن على المدى البعيد، اختل التوازن لصالح طرف واحد، ما خلق تبعية غير متكافئة. وأدى تهاون الولايات المتحدة وأوروبا إلى إضعاف قوتهما الاقتصادية وتقويض منظمة التجارة العالمية نفسها.
واختتم الموقع تقريره بالإشارة إلى أن منظمة التجارة العالمية وصلت إلى طريق مسدود، وأصبحت كيانًا معطلًا وعاجزًا، ومجرد ظل لما كانت عليه، وهذا يقود إلى استنتاج لا لبس فيه: يجب حل منظمة التجارة العالمية.