أكدت الدكتورة أماني الطويل، خبير الشؤون الإفريقية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن منظمة الإيجاد هي منظمة لدول شرق أفريقيا للتنمية لمكافحة التصحر والجفاف وتم إسناد لها بعض الأدوار السياسية المرتبطة ببعض المشكلات الافريقية مثل مشكلة الحرب في السودان، كما أنها تتعمل كوكيل للاتحاد الأفريقي بشكل أو أخر، كما أن هذه المنظمة تعتمد على خارطة طريق رفضها الجيش السوداني.

الحرب في السودان

وأوضحت "الطويل"، خلال مداخلة هاتفية لها مع الإعلامي إبراهيم عيسى، ببرنامج "حديث القاهرة"، المُذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، أن الإيجاد دائمًا تحت سيطرة إثيوبيا وجميع رؤساءها إثيوبيين، مشددة على أن الإيجاد هي آلية للمجتمع الدولي وواشنطن لتنفيذ شئ في منطقة القرن الأفريقي، مؤكدة أن التسرع بالقول بأن هناك اجتماع بين البرهان وحميدتي في حين عدم وجود تصور إجرائي لمثل هذا الاجتماع شككت في مصداقية الموقف وقدرته على اختراق أزمة السودان.

 

وأضافت أن بيان قمة الإيجاد عن الأزمة السودانية لم يحمل جديدًا بالنسبة لها على المستوى الإجرائي، مشددة على أن الإعلان عن لقاء مباشر لن يصنع حل على الأرض لأزمة السودان، موضحة أن الإيجاد لم تعلن أي إطار ولكنها أعلنت فقط عن ترحيب الطرفين باللقاء بين البرهان وحميدتي.

وأشارت إلى أن أزمة السودان مفتوحة وخطيرة ولا هناك طرف دولي لديه نية لوقف الحرب، مؤكدة أن هناك ضغوط أمريكية ولكن ليس هناك مخطط واضح لوقف الحرب في قطاع غزة، مشددة على أن الصين منسحبة من أي دور ورسيا مشغولة بالحرب ضد أوكرانيا، موضحة أن المجتمع الدولي ملاحظ عدم وجود إرادة محلية لوقف الحرب.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: السودان الأهرام للدراسات الاستراتيجية منظمة الإيجاد الجيش السودانى

إقرأ أيضاً:

السودان ودولة الحرب العميقة

 

السودان ودولة الحرب العميقة

ناصر السيد النور

إن مفهوم الدولة العميقة الذي بات مصطلحا ومفهوما لا يقل غموضا لتفسير السياسيات والقرارات غير الرسمية للحكومات ويبدو قد توطنت عمليا في الشئون السياسية والحكومية حتى بات شبحا تعزى اليها القرارات السياسية الجريئة وغيرها من توجهات لا تفصح عنها أجهزة الدولة الرسمية في صناعة القرار. ولكن هذا المفهوم ساد وأصبح مرجعا ومستودعا تستعيد به الجماعات المتحكمة في الدولة سلطاتها وتحافظ عليها وسلاحا سريا تستخدمه في حال تهديد النظام القائم الذي يضمن استمرار التحكم بالتوجهات السياسية والمصالح لتلك المجموعات في النظم الديكتاتورية التي يعج بلاد المحيط العربي في العالم الثالث ونظمه الموروثة منها والعسكرية الجمهورية. وقد اجهضت أذرع الدولة العميقة مشروع ثورات الربيع العربي بمناوئتها المتجذرة للديمقراطية والحرية   في البنية السلطوية السياسية والعسكرية للنظم العربية. ويعمم مفهوم الدولة العميقة حتى في الديمقراطيات الغربية الراسخة، كدولة تحمى قيما ونظما ايدولوجية قارة في مجتمعات النخبة!

تحولت الحرب في السودان من حرب يقودها طرفان صراعا على السلطة ومن ورائهما تحالفات متعددة تتفاوت في القوة والعدة والعتاد إلى حرب لمحاولة استعادة سلطة ونفوذ بما يكشف في الوقت ذاته عن واجهة خلفية تدخل إدارة وتوجيها للحرب. فمنذ ارهاصاتها التي سبقت تفجر الحرب في الخامس عشر من ابريل/نسيان 2023 ظل المشهد السياسي السوداني في مرحلة الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة ديسمبر/تموز 2019 في حالة سيولة تمكنت فيها أذرع النظام السابق حينها على تأكيد حضورها القوي في المشهد السياسي بعد ثلاثين عاما من الحكم المستمر. ولأن طبيعة النظام السابق (الإنقاذ) بخلفيتها الإسلامية قد تمكن عبر سياسة التمكين التي اتبعها في تأمين اركان نظامه من تكوين هياكل وواجهات في موازاة الدولة القائمة بما يشمل حزبا سياسيا (المؤتمر الوطني) وجماعات مسلحة (كتائب الظل) وكيانات عشائرية أخرى كقواعد قد يضطر للجوء اليها وقد كان. فمنذ أن أطاح الفريق البرهان قائد الجيش في انقلابه على الحكومة الانتقالية بمساندة قوات الدعم السريع في أكتوبر/تشرين الأول 2021 وهو ما مهد الطريق للعودة المفتوحة إلى السلطة ومؤسساتها للحزب السابق الحاكم. وبرزت عناصر النظام السابق من فجوة الدولة العميقة مستعيدة لسلطة يدعمها العسكريون والعناصر المدنية الموالية. وتحولت هذه العناصر بالتالي من قوة مختبئة تخشى الملاحقة إلى سلطة بكامل اطقمها وقياداتها إلى الواجهة السياسية تقوم بأدوار غامضة ولا تترد في الكشف عن خطابها ورؤيتها للحرب والتحشييد لها تحت مظلة الشعارات السابقة.

وكانت الحرب الجارية أكبر اختبار أمام الدولة العميقة وأدواتها حيث لم يعد من الممكن التخفي وراء السلطة القائمة فكل ما حملته الحرب من توجهات وشعارات تكشفت عن الواجهة الحقيقة للدولة العميقة ومدى تأثيرها في مجريات الأمور. والحرب لم تقتصر على ميدان المواجهات بين الطرفين الجيش والدعم السريع بل في المحاولة المستميتة لإقصاء المدنيين الواجهة التي تمثل الاتجاه الديمقراطي والحكومة الفترة الانتقالية أكثر ما استهدفته عناصر الدولة السابقة بعمقها التنفيذي وتحكمها بالقرار العسكري بالإضافة الى كتائبها الشعبية المقاتلة.  فقد اعادت الحركة الإسلامية صراعها القديم محمولا على انتقام من الكيانات السياسية المدنية التي تسببت في انهيار سلطتها متدرعة بقوة تنظيمية عسكرية تدعم وجودها في السلطة والامساك بمفاصل الدولة مثلما بدأت. إلا أن هذه التوجهات التي تستند إلى شرعية بحكم التمدد الزمني في السلطة وبالطريقة التي ادارت بها سلطتها وما رافق ذلك من انتهاكات جسيمة وحروب على طول البلاد وعرضها وانهيارات على كافة الأصعدة. وإذا كان الهدف المبدئي للدولة العميقة هو استعادة السلطة والتمسك بمقاليد الحكم فلأنها تستند إلى بنية الدولة الصلبة لا على شعاراتها أو برامجها السياسية فإن التحكم بالأجهزة الأمنية المختلفة أولوية لدى عناصرها.  فالعناصر المتحكمة بتسيير دفة الحرب من داخل الدولة العميقة لا تعمل من خلال مواقع أو مناصب لها صفة رسمية في أجهزة الدولة، ولكنها تعمل من خلال قنوات تنظيمية. فقد كشفت العقوبات التي فرضتها كل من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوربي على شخصيات سودانية من خارج المنظومة الرسمية أثناء هذه الحرب لدورهم كما إشارات بيانات العقوبات في الحرب واعاقة مجهودات السلام وأكدت بالتالي على دورهم النافذ في الحرب. ومن بين هذه الشخصيات ما لها موقع بارز في حكومة البشير السابقة مثل شخصية صلاح عبد الله قوش أحد مهندسي القوة الأمنية ومن يزعم بدورهم في قيادة الحرب. فأن تفرض عقوبات من خارج الحدود على شخصيات سودانية معروفة بتوجهاتها السياسية والايدولوجية يزيد من ادانة دورها الخفي وتأثيرها المباشر على أخطر القضايا الوطنية كالحرب الجارية والمسئولية الأخلاقية والسياسية.

أن تكون ثمة دولة عميقة في السودان بتعقيدات تكويناته العرقية والجهوية والسلطوية فهذا يعني أن تنطوي على تناقضات تاريخية واجتماعية شكلت جزء من أسباب صراع الحرب الدائرة في سياق المنازعات القائمة بين الجماعات المناطقية بين مركز وهامش في اختلال ميزان ما يعرف بتوزيع الثروة والسلطة بين ولايات السودان وسكانه.  فإذا كان عمق الدولة وجماعات الظل ونفوذها يتأسس على هذه التناقضات في بنية الدولة السودانية وتركيبتها الاجتماعية فإن عناصرها تعمل على الحفاظ على هذه المعادلة المختلة بدلا عن تفكيكها الذي سيؤدي إلى فقدان تلك الامتيازات. وهذه الامتيازات تمثلها كيانات ليست بالضرورة سياسية بل كيانات عشائرية وقبلية تتقاطع تاريخيا مع السلطة السياسية وهو ما برز بشكل لافت في المجموعات القبلية المسلحة بعيدا عن جيش الدولة.  ومن المفارقة أن قوات الدعم السريع كانت إحدى الأدوات التي كونتها الدولة العميقة في السودان وقننت وجودها كمظهر قانوني ودستوري لتعمل على تثبت اركان النظام كقوة ضاربة لا يتعدى دورها الحراسة والدفاع عن النظام. من قبل أن تتصاعد دورا ومهام وطموحا وقوة.

ومثل الموقف من الحرب صراعا محتدما بين أطراف الدولة العميقة المتحكمة وحكومة الواجهة المعترف بها على الأقل بشرعية وجودها، فقد لوحظ أن إدارة الحرب وبياناتها والموقف من المفاوضات والعلاقات الدولية وطريقة تنفيذها بما يعكس من تناقضات في الخطاب الرسمي للدولة أي وجود أكثر من جهة تملك حق التفويض المطلق في صنع القرار السياسي والعسكري على تنوع مجالاته. فالدولة العميقة هي تعدد في مراكز القرار ومراكز قوى داخل أجهزة السلطة بأقسامها الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية وباختصاصات تتجاوز القنوات التقليدية في إدارة الدولة.  ولأن الحرب خلقت في السودان بتركيبته الاجتماعيِّة المتداخلة حيث المجتمعات المحلية اقوى من سلطة الدولة فقد أعادته الحرب إلى مرحلة للادولة في ظل إدارة الدولة العميقة. فالهياكل المترهلة التي خلفها النظام السابق أوجدت كيانات ذات نظم إدارية ضعيفة الكفاءة وعانت الآن من فوضى الحرب كنتيجة منطقية لخلل أزمة الدولة وسيادة البربرية أو الطبيعة بمفهوم الفيلسوف السياسي توماس هوبز التي أعادت بغياب القانون والدولة شريعة الغاب إلى شوارع المدن وزعزعت أمنها ومزقت نسيجها الاجتماعي.

واستطاعت الدولة العميقة بسياساتها البراغماتية من الاستفادة من مثليتها في دور الجوار السوداني مما شكل دعما لوجستيا وتدخلا مباشرا في الحرب لصالحها تنازلا ومغامرة بأمنها القومي وسيادتها الوطنية. وحرب السودان التي أصبحت حرب محاور تورط فيها الطرفان في صراعهما على سلطة يعصب التنبؤ بعودتها على ما كانت عليه ما قبل الحرب.  وإن المعاناة التي خلفتها الحرب لسكان السودان تجعل من وجود الدولة العميقة بعناصرها مهددا دائما للسلام طالما أن الهدف يستدعي عودة السلطة مهما كلف ذلك على حساب المواطنين وامنهم.

الوسومالدولة العميقة حرب السودان

مقالات مشابهة

  • ترامب: ستكون هناك عواقب في حال عدم صمود وقف إطلاق النار في غزة
  • السودان ودولة الحرب العميقة
  • تضمنت الإنفاق على الحرب..مجلسي السيادة والوزراء برئاسة البرهان يجيزان ميزانية 2025 ووزير المالية يكشف أولويات الصرف
  • ترامب: على روسيا وبوتين أن يوقفا الحرب السخيفة في أوكرانيا
  • الخارجية: الحكومة تعتزم مطالبة الرئاسة الأميركية وفق رؤية سودانية بمراجعة العقوبات على البرهان
  • المشهد السياسي في العاصمة البديلة بورتسودان وخفايا الصراع ومآلاته
  • هل هناك تفاهمات سرية؟
  • السودانيون يترقبون جهود الإدارة الأميركية الجديدة لوقف الحرب
  • هل تنجح مساعي البرهان في تطويق الدعم السريع بمنطقة الساحل؟
  • ما هو أثر العقوبات الأمريكية على الحرب السودانية؟