قال المستشار الدكتور محمد محمود مهران، المتخصّص فى القانون الدولى العام، الخبير فى النزاعات الدولية، إن المحكمة الجنائية الدولية مختصة بالنظر فى الجرائم التى ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين فى غزة، مشيراً إلى أنه يُجرى تحقيق بشأن الانتهاكات الإسرائيلية بمعرفة المدعى العام للمحكمة منذ عام 2021، وبعد جمع الأدلة وثبوت إدانة الأشخاص المتورطين فى هذه الجرائم سيجرى محاسبتهم.

وأضاف «مهران»، خلال حواره لـ«الوطن»، أن بعض القوى الغربية مثل الولايات المتحدة تدخّلت للحيلولة دون محاكمة الإسرائيليين، إلا أن ذلك لا ينفى مسئوليتها ولا يلغى حق الضحايا والمجتمع الدولى فى مقاضاتها.. وإلى نص الحوار: 

ارتكبت إسرائيل جرائم حرب وإبادة فى غزة، وفق القانون الدولى من يمتلك الحق فى مقاضاة إسرائيل وكيف يمكن محاسبتها؟

- لقد ارتكبت إسرائيل بالفعل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى قطاع غزة، كما وثّق ذلك الكثير من المنظمات الحقوقية الدولية، ووفقاً للقانون الدولى ومبادئ العدالة الجنائية الدولية، يحق للضحايا وذويهم وكذلك للمجتمع الدولى مقاضاة إسرائيل ومحاسبتها على هذه الجرائم فى المحكمة الجنائية الدولية.

وماذا بإمكان المحكمة الجنائية الدولية أن تفعله لمحاسبة الإسرائيليين؟

- تملك المحكمة الجنائية الدولية اختصاص النظر فى الجرائم التى ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين فى غزة، وهناك تحقيق يُجرى بمعرفة المدعى العام للمحكمة منذ عام 2021، وبعد جمع الأدلة وثبوت إدانة الأشخاص المتورطين فى الجرائم التى تدخل فى اختصاص المحكمة، يتم إحالتهم للمحاكمة بمعرفة المدعى العام لتقضى ضدهم بالعقوبات اللازمة، التى تصل إلى السجن المؤبّد، وفقاً لنظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية.

د. محمد مهران: المحكمة تجرى تحقيقاً بشأن الانتهاكات الإسرائيلية منذ عام 2021

هل يمكن أن تؤثر القوى الغربية مثل الولايات المتحدة على إجراءات محاكمة الإسرائيليين جنائياً؟

- بالتأكيد قد تحاول بعض القوى الغربية، مثل الولايات المتحدة التدخّل لصالح إسرائيل والحيلولة دون محاكمة متّهميها، إلا أن ذلك لا ينفى مسئوليتها، ولا يلغى حق الضحايا والمجتمع الدولى فى مقاضاتها، إن الضغط الدولى والشعبى على المحكمة الجنائية الدولية أمر بالغ الأهمية لضمان حياديتها واستقلاليتها وقدرتها على القيام بدورها بشكل فعّال فى محاسبة مرتكبى أبشع الجرائم، فكلما زادت الرقابة الشعبية والمطالبة الدولية بضرورة التحقيق الجنائى الحيادى والموضوعى، قلت فرصة تدخّل المصالح السياسية للدول الكبرى وأى ضغوط قد تُفرض على عمل المحكمة، كما أن الرأى العام العالمى المؤيد لدور المحكمة يعزّز مركزها ويمنحها شرعية دولية فى مباشرة دورها فى توجيه الاتهامات وإصدار الأحكام.

تتمتع إسرائيل حالياً بحصانة دولية من الولايات المتحدة الأمريكية، تعتقد أنها تقيها أى إجراءات قانونية على جرائمها، لذا يتعين على الرأى العالمى التعبير عن إدانته ومطالبته بتقديم مرتكبى هذه الجرائم للعدالة، سواء عن طريق حكوماتهم أو عبر منظمات المجتمع المدنى والحملات الشعبية ووسائل التواصل الاجتماعى، فالصوت الجماعى للإنسانية ضد الظلم والجريمة هو الذى سيمنح المحكمة الجنائية الدولية الاستقلالية والقوة اللازمة لأداء مهمتها على الوجه الأكمل.

تزعم إسرائيل أنها ترد على اعتداء ضدها، هل هناك ما يُبرّر ردّها العنيف فى القانون الدولى والإنسانى؟

- لا توجد أى مبررات لإسرائيل لتنتهك بشكل صارخ القانون الدولى الإنسانى ومبادئ التناسب والضرورة والتمييز بين المدنيين والمقاتلين، فلا يوجد أى مبرر مقبول لإسرائيل لارتكاب الجرائم البشعة بحق المدنيين العزل فى قطاع غزة، وفى الواقع إسرائيل هى من يجب اعتبارها الجانى الحقيقى فى هذا النزاع لأنها السلطة القائمة بالاحتلال، التى تمارس أبشع أصناف الإرهاب ضد الشعب الفلسطينى منذ عقود، إسرائيل هى التى تمارس العنف المفرط وغير المتناسب، بل وتستهدف المدنيين عن عمد فى كثير من الأحيان.

كما تصر إسرائيل على سياسة التوسّع الاستيطانى غير الشرعى ومصادرة الأراضى وتهجير السكان الأصليين، وكلها ممارسات تصنّف ضمن أبشع أصناف الإرهاب الدولى، لذا فالمجتمع الدولى ملزم بكشف هذه الحقائق ومحاسبة إسرائيل على جرائمها، بدلاً من السماح لها بالإفلات من العقاب تحت ذريعة «الدفاع عن النفس» الكاذبة، وعلى المحكمة الجنائية الدولية أن تضع حدّاً لهذا الوضع غير المقبول من خلال مباشرة دورها فى ملاحقة مجرمى الحرب الإسرائيليين وفق القانون الدولى.

انحياز الدول دائمة العضوية لإسرائيل لحمايتها من المساءلة يتعارَض مع ميثاق الأمم المتحدة ويهدّد مبادئ العدالة وسيادة القانون الدولى

ما دور مجلس الأمن فى تقديم المتهمين الإسرائيليين إلى المحاكمة الجنائية الدولية؟

- من واجب مجلس الأمن تحييد النزاع إلى المحكمة الجنائية الدولية وضمان مساءلة إسرائيل على جرائمها، ويُعد مجلس الأمن حجر الزاوية فى نظام العدالة الجنائية الدولية، إذ يملك الصلاحيات لإحالة أى حالات تنطوى على جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية إلى المحكمة الجنائية الدولية، لكن مشكلة مجلس الأمن تكمن فى تعارض مصالح الدول دائمة العضوية وانحيازها المزمن إلى إسرائيل وحمايتها من المساءلة، وهو ما يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة ويهدّد مبادئ العدالة وسيادة القانون الدولى.

هل يحق للمواطنين تقديم شكاوى ضد إسرائيل؟

- يحق للمواطنين الفلسطينيين المجنى عليهم تقديم شكاوى رسمية إلى المحكمة الجنائية الدولية بخصوص الجرائم الإسرائيلية وطلب التعويضات اللازمة، من حق الشعب الفلسطينى المطالبة بتعويضات عادلة ومجزية عن الأضرار الجسيمة التى لحقت به جراء العدوان الإسرائيلى المتكرّر وطويل الأمد، حيث تتيح المحكمة الجنائية الدولية فرصة مهمة أمام الفلسطينيين للمطالبة بالتعويض عن الخسائر فى الأرواح والممتلكات، وكذلك التعويض عن الأضرار النفسية والمعنوية التى لحقت بالضحايا من جراء الحروب والمجازر وسياسات التهجير والتمييز العنصرى. كما يحق لهم المطالبة بتعويضات تغطى تكاليف إعادة الإعمار وتوفير الرعاية الطبية والنفسية للمتضرّرين، ويمكن أيضاً تضمين هذه التعويضات مبالغ مالية باهظة على سبيل العقاب لإسرائيل وردعها عن مواصلة انتهاكاتها، إن تلبية مطالب التعويضات الفلسطينية المشروعة ستُمثل خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة ودفع الضرر الذى لحق بأصحاب الحقوق طوال عقود من الاحتلال القمعى.

موقف مجلس الأمن

يتوجب على مجلس الأمن مراجعة موقفه غير الإنسانى وغير القانونى، والوقوف على الحياد فى قضية فلسطين، كما ينبغى عليه اتخاذ الإجراءات اللازمة بإحالة ملف جرائم الحرب والجرائم الإسرائيلية ضد الإنسانية إلى المحكمة الجنائية الدولية، حتى تتم محاكمة المسئولين عن ارتكابها وفق مبادئ العدالة، فالصمت والتواطؤ مع الجريمة فى حد ذاته جريمة، ومسئولية مجلس الأمن فى إقرار السلام والعدالة تقتضى التحرّك العاجل لإنهاء الإفلات من العقاب الذى طال أمده.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: المحكمة الجنائية الدولية منظمات المجتمع المدنى الولايات المتحدة الأمريكية الانتهاكات الإسرائيلية إلى المحکمة الجنائیة الدولیة الولایات المتحدة القانون الدولى مجلس الأمن على جرائم

إقرأ أيضاً:

العراق:عدم ردع إسرائيل يفتح الباب أمام المزيد من الجرائم والتهجير

آخر تحديث: 3 أكتوبر 2024 - 9:24 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- أكد مندوب العراق في الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن عباس كاظم عبيد، مساء أمس الاربعاء، أن عدم ردع الكيان الصهيوني يفتح الباب أمام المزيد من الجرائم، فيما بينَ أن على مجلس الأمن تحمل مسؤوليته في الحفاظ على السلم العالمي.وقال كاظم في تصريحات ، إن “على مجلس الأمن تحمل مسؤوليته في الحفاظ على السلم العالمي”، مبينًا أن “عدم ردع الكيان الصهيوني يفتح الباب أمام المزيد من الجرائم”.وأضاف إن “عدم ردع جرائم الكيان الصهيوني يجر المنطقة إلى صراعات واسعة”، موضحًا أن “الفشل في وضع حد للجرائم يشجع الكيان الصهيوني على التمادي”.وتابع كاظم أن “الحرب دخلت إلى مرحلة جديدة تنذر بالمزيد من القتل والتهجير”، مضيفًا أن “انتقال الحرب إلى لبنان واحتمالية توسعها يشكل تهديداً خطيراً بالمنطقة”.

مقالات مشابهة

  • دعم شعبي عربي كامل للفلسطينيين.. ومطالبات بإنهاء التطبيع
  • والى القضارف بالانابة يستقبل وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر بعثة شرق السودان
  • في رسالة لـالنواب.. منظمات دولية تحذر من مشروع قانون الإجراءات الجنائية المصري
  • العراق:عدم ردع إسرائيل يفتح الباب أمام المزيد من الجرائم والتهجير
  • قانون الإجراءات الجنائية
  • مرضى الكلى.. شكاوى بنقص الأدوية ومطالب بالتدخل
  • النوّاب يُؤكد دستورية قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا
  • مجلس النواب يرد على بيان المجلس الرئاسي بشأن قانون المحكمة الدستورية العليا
  • خبير قانون دولي: حماية البعثات الدبلوماسية تستند لقواعد القانون الدولي
  • سياسيون مصريون: انتهاك للقواعد والمواثيق الدولية