"الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعا، أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنا (الكهف: 104-105).
دعونا نقرر أمرا أنْ ليس في القرآن آيات لا علاقة لها بواقعك، وإنما عليك استقراء الواقع وقراءتها لتستنبط تلك العلاقة وتجد الحل.
كهف أفلاطون
جهازنا المعرفي حول الكلمات المرنة من معناها الحقيقي إلى مصطلحات، فسجنت مثل معنى "الكفر" للمثل لا الحصر، أو ربطت بقراءة أحد العارفين في عصره ولم ينظر إليها من خلال المتاح أمامنا من سهولة استحصال المعرفة والتفكير فيها، وليس حفظها وتبريرها بلا منطق متولد لاختلاف الزمكان، وهو ما سنأتي إليه تباعة في سلسلة "يقظة فكر". ولعل البداية من نهاية سورة الكهف التي أيضا لم تسمَّ الكهف اعتباطا، فالكهف يشير إلى حفظ الشيء دون تطوره في هذه الحالة، والخروج من الكهف هو يقين لمن خاض التجربة ومن يعيش زمن التمكين، وهو درس لنا في فهم التغيير في الحياة وأنها تتبع السنن ولا تتوقف على أشخاص. الاختلاف بين الناس سنة وإن خلاف الناس يستقر للحق نهاية المطاف.
إن تشكيل الصورة كما في كهف أفلاطون وانطباعاتها واعتبار التغيير نوعا من الخلل العقلي لمجرد أنه يخالف الانطباعات من وجهة نظر معينة؛ هو أمر يواجه الناس في مرحلة النهضة، أما من يعتمد الانطباعات فهو كالأعمى في رواية بلد العميان، عندما ينظرون إلى الشخص المبصر أنه مختل عقليا لكونه مختلفا وخارج انطباعاتهم. هذه العوالم من الكهف اليقيني الدال على اليوم الآخر وربوبية الله العظمى، إلى كهف الانطباعات في كهف أفلاطون إلى عالم الوهم في مدينة العميان، تعيننا على فهم التغيير ومواجهته بدل رفضه.
فرسان بلا قضية
إن الأخسرين أعمالا أولئك الذين تكون خياراتهم خاطئة فيصرون على رفض التنمية والتطور في الحياة المدنية وفي خلق متحرك يطلبون الجمود، والله قال للآدمية ككل أن تعمر الأرض وهذا يحتاج إلى تطور علمي وتوسع فكري وليس إلى استقطاب ورؤية من خلال لاغي القدرة والتفكير الفردي المستقل، ليضعوا أنفسهم في صندوق الانطباعات والشذوذ الفكري فيسهل توجيه هؤلاء توجيها ليكون الباطل حقا والحق باطلا. هذا أحد أبواب الكهف المؤدية إلى الضياع عندما تتألق الأدمغة المريضة في بث السموم لهدم الأمة من الجهلة الذين يدينون الناس بما يفعلون هم، ولكن لا يرون سلبية أفعالهم.
فرسان الضياع
عندما بدأت معركة السابع من تشرين الأول/ أكتوبر؛ بدأ من فقد هويته وضاعت كينونته ويعيش الضياع من فراغ الفكر والانقلاب على ما خضعوا لجبروته والتفسير المتخلف للإسلام سنين طويلة، ومن قبلهم آباؤهم، ليوجهوا سهامهم نحو حماس باعتبارها جزءا من "الإخونج" إذن لا بد أن تُكره.
ولا يُعرف سبب لكره هؤلاء الإخوان المسلمين إلا اتهامهم بأنهم يسعون للحكم، وهذا الأمر طبيعي بالنسبة لحزب سياسي، لكنهم حقيقة الأمر لم يتولوا الحكم عن تخطيط حتى في مقر نشأتهم في مصر، فهم لا يملكون فكرة عن إدارة الحكم والوظيفة الحكومية وزواياها وهي مرتكز الدولة العميقة؛ ولا أسلوب إدارة الأزمة أو التعامل بالشرعية الثورية مع القوى المضادة..
عموما لسنا هنا بصدد انتقاد الإخوان المسلمين، لكن ننظر إلى آلية تحشيد الناس الفاقدة للهوية لكي تعين عدوها على أبنائها بغض النظر عن صحة قراراتهم أو خطئها، لكن من الواضح أن انتقال الأمر من التحشيد ضد المقاومة إلى مناصرة الكيان والصهيونية ونقل الأخبار المحرفة بالنقص، أن هؤلاء الناس في تيه يقودهم أناسٌ الخيانةُ عندهم موقف، وهم يضعون بلادا يتحدثون باسمها في موقف عصيب وربما يكون حجة لبعض المتصيدين لفقدان الأهلية في الحكم وإدارة الأمانة، لأنها كينونة الدولة فيتحول الأمر إلى القضاء على الإسلام الذي نعرفه، وأن على حكام تلك البلاد الانتباه إلى القنابل الموقوتة والكراهية المتولدة من فعل المنافقين.
هذا أمر ليس عاديا اللهم إلا أنهم يقصدون فعله، وهو كخلل يفقد التوازن الذي تكون نتيجته الاضطراب، فلا يمكن أن تعين عدوك وإن اختلفت مع أخيك الذي يقاتله، فهذا نقص في العقلية وخطأ استراتيجي وانتحار معنوي يؤدي إلى انتحار مادي باختلال القيم؛ هم ببساطة فرسان بلا قضية يمتطون الكيبورد بدافع التيه أو المال أو الإعجاب بمايسترو مدفوع الأجر ويزعم انه يحمل قضية الكراهية.
إن المصفقين ممن فقد البوصلة لأي سبب أو إحباط والمنافقين هم العدو الحقيقي لأي حاكم، فيرفعون عوامل ضعفه سياجا فلا يرى كي يصوب استقامة بنائه كذلك أي بلد يزعمون نصرته، وأن قدراتهم إما أنها موجهة من جهات أخرى فيكونون خونة موقف، أو أنها قدراتهم الشخصية التي يساء استخدامها في تضليل قادة البلد بدل نصحهم بالصواب، وأنانية إبليسيه، فما أكثر شياطين الإنس في عصرنا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات المقاومة فلسطين المقاومة العالم العربي الخيانة الوطنية مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
يتناولها مسلسل ظلم المصطبة.. حكم إجبار المرأة على الزواج من شخص ترفضه
ينتظر عُشاق الدراما الرمضانية بدء انطلاق السباق الرمضاني لعام 2025، لمتابعة عدد من الأعمال الفنية المميزة التي تناقش مجموعة من القضايا والمشكلات الهامة التي تمس المجتمع المصري، أبرزها مسلسل ظلم المصطبة الذي يُعرض في إطار اجتماعي مشوق، ويُسلط الضوء على العادات والتقاليد الظالمة في الأرياف، وتحديداً مدينة إيتاى البارود بمحافظة البحيرة.
يتنمي مسلسل ظلم المصطبة إلى نوعية مسلسلات الـ 15حلقة، وتدور أحداثه حول الأعراف الظالمة التي تحكم بعض المجتمعات الريفية، وتكون بعيدة عن الشرع والقانون، من ضمنها إجبار الأهالي للفتاة على الزواج من شخص لا ترغب بالزواج منه، وفي إطار هذا نستعرض الحكم الشرعي لهذا الأمر.
ذكر الموقع الرسمي لمجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف، في فتوى له، أنه يجب احترام رأي المرأة عند الزواج ولابد من موافقتها، ويُعتبر انفراد الولي باختيار زوج ابنته دون رضاها هو جناية واستهانه بها وبمشاعرها، ولذلك لا يصح هذا الزواج، والدليل على ذلك ما رواه مسلم: لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال أن تسكت، وفي رواية: الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر وإذنها سكوتها.
وأشار الموقع الرسمي إلى رواية أحمد والنسائي وابن ماجه، بأن رجلاً زوج بنته بغير استشارتها، فشكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: إن أبى زوجني من ابن أخيه ليرفع بى خسيسته، فجعل الأمر إليها، فلما رأت ذلك قالت: أجزت ما صنع أبى، ولكنى أردت أن أعلم النساء أنه ليس للأباء من الأمر شيء.
فريق عمل مسلسل ظلم المصطبةمسلسل ظلم المصطبة بطولة إياد نصار، ريهام عبد الغفور، فتحي عبد الوهاب، بسمة، أحمد عزمي، محمد علي رزق، فاتن سعيد وعدد آخر من الفنانين وضيفىّ الشرف دياب وأحمد فهيم، والعمل من تأليف أحمد فوزي صالح وإخراج هاني خليفة.