يدور جدل كبير في أروقة وقاعات المؤتمر الدولي لأطراف المناخ «cop28» الذي يختتم أعماله اليوم في مدينة دبي حول استخدام عبارة «خفض الاستهلاك» وليس «الاستغناء» عن استخدام الوقود الأحفوري. الأمر الذي شكل للبعض خيبة أمل كبيرة على الرغم من عدم التوافق على الصيغة النهائية للإعلان الختامي. وعبر الاتحاد الأوروبي ودول أخرى غربية عن خيبة أمل كبير اتجاه مسودة البيان.

وركز المؤتمر في نسخته الحالية على موضوع «الاستغناء» عن الوقود الأحفوري بشكل مطلق وابتعدت لحوارات عن فكرة «الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة» التي كانت تطرح في النسخ السابقة من المؤتمر.

ويلقي هذا الموضوع الضوء على الجدل الكبير الذي يدور حول الرؤية السياسية والرؤية العلمية لعلاقة الوقود الأحفوري المطلقة بشرور التغيرات المناخية التي يشهدها الكوكب.

وهناك من يذهب إلى القول إلى أن الحملة ضد الوقود الأحفوري لا تتعلق بحماية البيئة بقدر ما هي مناورة سياسية لتقويض الاقتصادات المعتمدة على النفط. ومن ناحية أخرى، هناك أصوات تنادي بأن الوقود الأحفوري يشكل كارثة تامة على كوكبنا.. وهذا الخلاف ليس مجرد خلاف أكاديمي أو فلسفي، إنه في رأيه يدعم القرارات السياسية التي يمكن أن تشكل مستقبلنا جميعا.

أولاً، دعونا ننظر في الحجة التي تفترض أن تغير المناخ هو بناء سياسي. يشير أنصار هذا الرأي إلى العواقب الاقتصادية المترتبة على التخلي فجأة عن الوقود الأحفوري، سواء كانت عواقب للدول المنتجة أم الدول المستهلكة. والواقع أن العديد من الاقتصادات، وخاصة في البلدان النامية، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بعائدات النفط والغاز. إن التحول المفاجئ بعيدا عن الوقود الأحفوري دون وجود بدائل قابلة للتطبيق يمكن أن يؤدي إلى كارثة اقتصادية لهذه الدول وكذلك للدول المستهلكة، ويمكن هنا أن نتذكر الأزمة العالمية التي تشكلت في أعقاب بدء الحرب الروسية الأوكرانية. ولا يخلو هذا الرأي من الوجاهة. والواقع أن التحولات المتسارعة يمكن أن تؤدي إلى عواقب اقتصادية وخيمة في الأمد القريب.

وفي مقابل ذلك، إن الرأي القائل بأن الوقود الأحفوري شر خالص يعتمد على أدلة علمية لا يمكن تجاوزها.. وهناك إجماع بين علماء المناخ مفاده أن استمرار اعتمادنا على الوقود الأحفوري يؤدي إلى تغيرات غير مسبوقة في مناخنا، مع ما قد يترتب على ذلك من عواقب كارثية محتملة.

ماذا يمكن أن نفعل إزاء كل هذا؟ في مجال السياسة الاقتصادية، غالبا ما يكون إيجاد حل وسط هو الخيار الأنسب. قد يكمن حل معضلة الوقود الأحفوري في التحول التدريجي نحو الوقود النظيف. ويتضمن هذا الخيار الاستثمار في تقنيات الطاقة المتجددة مع الحفاظ في الوقت نفسه على تدفق الوقود الأحفوري لدعم الاقتصادات خلال الفترة الانتقالية.

لا يمكن وضع الدول التي تعتمد على عائدات الوقود الأحفوري في وضع حرج أو محاولة إلزامها باتفاقيات «الاستغناء» أو «تعليق» الاستثمار كليا في الوقود الأحفوري.. لكن يمكن أن يكون المسار الأسلم في هذه الحالة هو تكثيف الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة بما يعالج المخاوف البيئية ويحفز النمو الاقتصادي في الصناعات الجديدة.

لكن في المقابل لا يمكن تركيز الحديث وتوجيه العالم إلى مسار «الاستغناء» عن الوقود الأحفوري دون الحديث مثلا عن الانبعاثات الهائلة التي تصدر من مصانع أوروبا عبر التاريخ! هل من الحكمة، على سبيل المثال، أن تتحول الدراسات والمؤتمرات فجأة إلى المطالبة بوقف كامل لمصادر انبعاثات الغازات الدفيئة في أوروبا وفي أمريكا!

إن موضوع المناخ معقد جدا ولا يخلو من تحديات ولتحقيق التوازن بين الحقائق الاقتصادية والضرورات البيئية نحتاج إلى النظر بشكل شامل لأصل المشكلة دون محاولة الزج بالمشكلة في مسار واحد وإغفال أصل المشكلة التاريخي.. بهذه الطريقة سيصبح بوسعنا صياغة مسار يحمي مستقبل كوكبنا في حين يحترم الجوانب الاقتصادية للكثير من الدول في الوقت الحالي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: عن الوقود الأحفوری یمکن أن

إقرأ أيضاً:

لمدة 90 يوماً.. ترامب يوقف الرسوم الجمركية على الدول التي لم ترد عليها 

 

الجديد برس|

 

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب -اليوم الأربعاء- إنه سمح بوقف مؤقت مدته 90 يوما، في إطار خطته للرسوم الجمركية، لكنه رفع كذلك نسبة الرسوم الجمركية على الصين إلى 125% تسري على الفور، بعدما كانت 104%.

 

وأضاف ترامب أنه “أذن بتعليق لمدة 90 يومًا، وتخفيض كبير في التعرفة المتبادلة خلال هذه الفترة، بنسبة 10%، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ فورا”.

 

وأشار الرئيس الأميركي إلى أنه قرر وقف الرسوم الجمركية المضادة 90 يوما عن الدول التي لم ترد على الرسوم الأميركية، في حين زاد الرسوم على الصين التي أعلنت مزيدا من الإجراءات الانتقامية.

 

وأقر ترامب بأن الناس يشعرون ببعض الخوف من الرسوم الجمركية، مجددا الإشارة إلى قناعته بإمكان التوصل إلى اتفاقيات تجارية مع العديد من الدول في نهاية المطاف، بما في ذلك الصين.

 

وقال: “الصين ترغب في إبرام اتفاق. لكنهم لا يعرفون كيف يفعلون ذلك، الرئيس شي جين بينغ رجل معتز بنفسه، إنهم لا يعرفون كيف يفعلون ذلك لكنهم سيجدون حلا”.

 

في السياق، قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت -اليوم الأربعاء- إنه يعتقد أن إدارة ترامب يمكنها التوصل إلى اتفاقات بشأن الرسوم الجمركية مع حلفاء الولايات المتحدة.

 

يأتي ذلك في الوقت الذي يستعد فيه بيسنت لقيادة مفاوضات مع أكثر من 70 دولة خلال الأسابيع المقبلة، محذرا من أن التحركات للتقارب على نحو أوثق مع الصين قد تأتي بنتائج عكسية.

 

وقال بيسنت -خلال مؤتمر لجمعية المصرفيين الأميركيين في واشنطن- إنه سيضطلع بدور تفاوضي رئيسي في المفاوضات بشأن الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب.

 

 

وأضاف أنه على الرغم من الاضطرابات التي تشهدها الأسواق المالية “قالت الشركات -التي تحدثت معها عموما- والوافدون، وأعني الرؤساء التنفيذيين، الذين جاؤوا إلى وزارة الخزانة، إن الاقتصاد قوي للغاية”.

 

وتسببت الرسوم الجمركية المضادة التي فرضها ترامب، والتي يقول إنها تهدف إلى القضاء على العجز التجاري للولايات المتحدة مع كثير من البلدان، في قلب نظام التجارة العالمي رأسا على عقب، مما أثار مخاوف من حدوث ركود وأدى إلى خسارة شركات كبرى تريليونات الدولارات من قيمتها السوقية.

 

وشهدت الأسواق العالمية مزيدا من التراجع اليوم مع سريان الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضها ترامب على البضائع الصينية بنسبة 104%، بينما أثارت موجة بيع حادة في السندات الأميركية مخاوف من هروب التمويل الأجنبي من الأصول الأميركية.

 

وقال بيسنت إن هناك اهتماما كبيرا بالتفاوض مع الولايات المتحدة لخفض الرسوم الجمركية، مشيرا إلى أن ترامب تحدث بالفعل مع زعيمي اليابان وكوريا الجنوبية، وإن مسؤولين أميركيين سيلتقون وفدا من فيتنام اليوم.

 

وأضاف “أعتقد… أننا قد نتمكن في نهاية المطاف من التوصل إلى اتفاق مع حلفائنا، ومع الدول الأخرى التي كانت… من الحلفاء العسكريين الجيدين، لكنها ليست من الحلفاء الاقتصاديين المثاليين. ومن ثم، يمكننا التعامل مع الصين وكأنها مجموعة”.

 

وأضاف أن الرسوم الجمركية المضادة الشاملة التي أعلنها ترامب الأسبوع الماضي تمثل سقفا للرسوم الجمركية إذا لم ترد الدول، لكن الصين لم تستجب لهذه النصيحة.

 

وتابع “في ما يتعلق بالتصعيد، لسوء الحظ، فإن أكبر مرتكبيه في النظام التجاري العالمي هو الصين، وهي الدولة الوحيدة التي قامت بالتصعيد”.

مقالات مشابهة

  • احتكار الغلاف الجوي.. ما ديون المناخ؟ وبكم تقدر؟
  • المنافذ تعلن عن مجمل المخالفات التي ضبطتها خلال آذار الماضي
  • واشنطن: الدول التي امتنعت عن الرد على الرسوم بالمثل تلقت مكافأة
  • لمدة 90 يوماً.. ترامب يوقف الرسوم الجمركية على الدول التي لم ترد عليها 
  • أمريكا تتوعد الدول التي تدعم الحوثيين أو تتحدى قرار حظر استيراد الوقود الى موانئ اليمن الخاضعة لسيطرتهم
  • تقارير: أفريقيا تدفع أثقل أعباء تغير المناخ عالميا
  • المصري للدراسات الاقتصادية: التعريفات الجمركية تضر الاقتصاد العالمى بأكلمه
  • من بينها مصر والأردن .. ما هي الدول التي قررت السعودية وقف التأشيرات لها استعداداً لموسم الحج؟
  • أوحيدة: نحتاج لمعالجة كثير من التشوهات الاقتصادية منها مبادلة النفط بالمحروقات مباشرةً
  • العفو الدولية: عمليات الإعدام تسجل أعلى مستوياتها في عقد... من هي الدول التي تتصدر القائمة؟