لجريدة عمان:
2024-12-25@14:38:11 GMT

عندما يعجز العالم أمام الجبروت الأمريكي!!

تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT

مما لا شك فيه أن أعمال القتال والمواجهات المسلحة التي تجاوزت كل الحدود والتي تنتهك كل القواعد والقوانين والشرائع الدولية قد وصلت خلال نحو سبعين يوما فقط منذ اندلاعها ليس فقط إلى درجة عالية من الخسائر المفرطة والمتزايدة باستمرار، بل والمثيرة للجزع والألم بعد أن غاصت الأقدام في وحول المعارك وخاصة معارك الإبادة الجماعية والتخلص بدم بارد من جموع من الشبان الفلسطينيين من طلاب وطالبات المدارس الذين يتم فرزهم وإعدامهم بشكل جماعي في ساحات مدارسهم وأمام نظرائهم الأقل سنا دون وازع أو ضمير وأحيانا وهم عرايا أو شبه عرايا إمعانا في التنكيل بهم.

إنها بالفعل محنة بشعة إنسانية وأخلاقية بالغة القسوة والهمجية.. وإذا كانت صدمة مفاجأة الحرب من جانب قوات حماس في السابع من أكتوبر الماضي كانت بمثابة مدخلا من أجل تعمد التصعيد العسكري والمبالغة في استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين الفلسطينيين والوصول بأرقام القتلى والجرحى من الفلسطينيين إلى أرقام لم تسجلها المواجهات المسلحة بين حماس وإسرائيل من قبل برغم محاولات إسرائيل التقليل المتعمد من أعداد الخسائر في الجنود حفاظا على معنويات المواطنين والحد من الحزن العام المصاحب للخسائر البشرية التي يعلن فقط عن بعضها وفقا للسياسة الإعلامية التي تتبعها القوات الإسرائيلية في هذا المجال.. ومع الوضع في الاعتبار أن حدة القتال في قطاع غزة قد ازدادت واتسع نطاقها بعد الهدنة التي لم يرد الطرفين تجديدها ولو ليوم أو يومين، فإنه يمكن الإشارة إلى عدد من العوامل والأسباب التي تفسر ذلك ومن أهمها ما يأتي:

أولا: إن الأسابيع الأولى للقتال قد تكفلت في الواقع بامتصاص قدر غير قليل من الغضب الذي صاحب اندلاع الحرب على الجانب الإسرائيلي خاصة من جانب حلفاء إسرائيل والمتعاونين معها من ناحية، وكذلك المتعاطفين مع حركة حماس الفلسطينية الذين لمسوا في حرب غزة روحا جديدة في المواجهات الفلسطينية الإسرائيلية وهو ما سيترتب عليها بالضرورة نتائج ستؤثر على مجمل الوضع في المنطقة في الفترة القادمة من ناحية ثانية، وقد انتهز نتانياهو ذلك ليبالغ في وعيده لحماس وتأكيده على التخلص منها وإبعادها عن إمكانية حكم غزة مرة أخرى حتى لا يتكرر ما تعرضت له إسرائيل وحتى يتمكن من التخلص من آثار السابع من أكتوبر الماضي.

وبرغم همجية الأساليب الإسرائيلية والتدمير الممنهج للمنشآت والمرافق والأحياء والخدمات التي يعتمد عليها الفلسطينيون في واقع الأمر في حياتهم إلا أنهم لم ينجحوا في الواقع إلا في أن ينشروا أسوأ مظاهر الخراب والدمار في غزة ونشر رائحة الموت في كل شوارعها وأزقتها. صحيح أن الانتقام الإسرائيلي وصل منتهاه وسط استنكار العالم بكل أرجائه لهذه الهمجية التي تستند على تعامل العالم معها واعتياده لها طوال الأسابيع الماضية، ولكن الصحيح للأسف، أيضا، هو أن العالم اصطدم بحقيقة مؤسفة كشفت للجميع أحد معطيات الواقع المرير الذي يعيشه واقع العلاقات الدولية والحدود التي تقف عندها قدرة مجلس الأمن والهيئات التابعة للأمم المتحدة وللعديد من الهيئات والمنظمات الإقليمية الدولية المعنية بقضايا السلام والأمن الدوليين حيث تتوقف قدرة العديد من الدول عند حدود لا تستطيع معها ممارسة قدرات كثيرة على التأثير العملي إلا في حالات وظروف محددة. وهو ما أضرّ بقدرة المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة وبالطبع كثير من المنظمات والهيئات التي أصبحت مشجبا تعلق عليه أخطاء الدول وعثرات ومشكلات الدول الأخرى وتصب على رؤوسها كل اللعنات لفشلها في التعامل الإيجابي مع والسير نحو حل الكثير من القضايا التي أرقت وتؤرق العالم على مدى سنوات بل وعقود عديدة ومنها القضية الفلسطينية والمضاعفات والتهديدات المترتبة عليها والتي بات الجميع يحذر منها ليس فقط إبراء للذمة وإظهارا للسعي للمشاركة في الجهود المبذولة للحل وهى عادة لا تكلف سوى بعض اللقاءات والتصريحات والمشاركة في الاجتماعات السياسية وتكرار المواقف والانحيازات إلى هذه المجموعة من الدول أو غيرها لخدمة مصالحها أو ما تعتقد أنه مصالحها في الظروف المختلفة والحقيقة أنها لا تتحمل أعباءً عملية بل إنها تدير عمليات أقرب إلى العلاقات العامة، والنتائج السلبية تتحملها في النهاية الشعوب الصغيرة والضعيفة والتي لا تستطيع أن تدافع عن مصالحها على نحو يصونها ويحافظ عليها.

ثانيا: إنه من الأهمية بمكان التأكيد على حقيقة أن مواثيق المنظمات الدولية والإقليمية التي عرفها العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية قد تم وضعها من جانب سياسيين وخبراء في القانون الدولي والعلاقات والسياسة الدولية من أجل إتاحة الفرصة للحفاظ على السلم والأمن الدوليين ومن أجل العمل على تعزيز فرص السلم والعلاقات الطيبة بين الدول والعمل كذلك من أجل حل الخلافات بالطرق السلمية المتاحة وعبر الوسائل المتاحة المتعارف عليها من أجل منع الحروب بين البشر بعد أن فقدت البشرية عشرات الملايين من البشر في الحربين العالميتين الأولى والثانية. جدير بالذكر أن مشكلة القانون الدولي ليست مشكلة العقوبات أو الجزاءات التي يمكن أن تفرضها المنظمة الدولية على دولة عضو أو طرف يخالف قواعد أو ضوابط العمل التي حددها الميثاق وحث على الالتزام بها وأكد على ضرورة مراعاتها والإخلاص لها خدمة للمصالح المشتركة والجماعية، ولكن تنشأ في الواقع في جانبين أساسيين، الجانب الأول يتمثل في أن خبراء المواثيق الذين ساهموا بجهدهم وخبراتهم وعلى أسس علمية وعملية وقانونية ومع ذلك تنشأ المشكلة عادة من وضع نصوص في مجال تفسير النصوص والاتفاق على معناها ومضمونها في المواضع المختلفة وعادة يتطلب ذلك جهدا كبير يرتبط عادة بأبعاد ومسائل قانونية وسياسية وكذلك دبلوماسية وبالملابسات والتقاطعات فيما بينها إذ تتمثل في حرص الخبراء القانونيين على فك الاشتباكات فيما بين مكونات النص وعناصره وكيفية التداخل والترابط بين مكوناته والشروط الصحيحة لذلك. وبهذه المناسبة في هذا المجال، وعلى سبيل المثال، فإن مشكلة حدثت حول منطوق القرار 242 لمجلس الأمن الدولي حول انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في عدوان يونيو عام 1967، فالذي وضع نص القرار هو اللورد كارادون وزير خارجية بريطانيا في ذلك الوقت ولم يحدد بشكل دقيق الأراضي التي تنسحب منها إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967 ولا تزال الأراضي التي لم تنسحب منها إسرائيل بموجب القرار موضع جدل حتى الآن بين العرب وإسرائيل.

ثالثا: على صعيد آخر فإن الأيام الأخيرة شهدت ولا تزال تشهد جدلا حول المشكلة المتصلة بانسحاب إسرائيل من قطاع غزة بعد حرب السابع من أكتوبر ولم يحدث ذلك بسبب رفض إسرائيل كدولة معتدية، ولكن المفارقة تتمثل في أن الولايات المتحدة هي التي ترفع لواء رفض وقف الحرب ضد حركة حماس حيث لا يزال يصر الرئيس بايدن على استمرار الحرب ضد غزة مع استمراره في مد إسرائيل بالسلاح ومنها على سبيل المثال صفقة دانات دبابات ميركافا حجمها 75 ألف قذيفة، من جانب آخر استخدمت واشنطن حق النقض - الفيتو - ضد مشروع القرار الأخير في مجلس الأمن الدولي والذي كان يدعو إلى وقف فوري للقتال في غزة «لأسباب إنسانية «، وبذلك وقفت واشنطن مرة أخرى وراء إسرائيل وحمايتها في مجلس الأمن الدولي ضد إرادة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ولا يستطيع مجلس الأمن الدولي أن يتغلب على قرار فيتو لأحد الدول دائمة العضوية في المجلس إلا من خلال أسلوب «الاتحاد من أجل السلام باللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لتجاوز اللجوء إلى الفيتو وإسقاط القرار ولكن استخدام ذلك سيكتنفه صعوبات كثيرة ولذا لم يكن مصادفة أن يوجه نتناياهو شكره إلى بايدن بسبب هذا الدعم الذي تحدى فيه بايدن العالم بمساندته إسرائيل وبإصراره على استمرار الحرب ضد حماس وكأنها هي خصم أمريكا وعدوتها اللدود وقد آثار ذلك غضبا وتنديدا من جانب دبلوماسيين أمريكيين ومواطنين أمريكيين كثر لانحياز بايدن الجامح إلى جانب إسرائيل وفشل العالم في وقف ذلك وهذا وجه من وجوه الواقع السياسي الراهن للأسف!!

د. عبدالحميد الموافي كاتب وصحفي مصري

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مجلس الأمن الدولی الأراضی التی إسرائیل من من الدول من جانب من أجل

إقرأ أيضاً:

مسؤل صيني : مصر من أوائل الدول التي دعمت مبادرة الحزام والطريق

قال تشو شياو تشوانغ الوزير المستشار بسفارة الصين لدى مصر، إن هذا العام يتزامن مع الذكرى السنوية العاشرة لإقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر و"عام الشراكة الصينية المصرية". لافتا إلى أنه في ظل التوجيه الاستراتيجي للرئيس شي جين بينغ والرئيس السيسي، مرت العلاقات بين البلدين قدما نحو "العقد الذهبي" للعصر الجديد. 

قنصل الصين: العلاقات بين القاهرة وبكين تاريخية وشاملةوزير الطيران يبحث مع وفد صيني إمكانية التعاون في تطوير البنية التحتية للمطارات

جاء ذلك خلال ندوة التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر .. فرص جديد مع بريكس، و الذكري السنوية الستون لإصدار الطبعة العربية لمجلة الصين اليوم.

وأوضح المسؤول الصيني  أن مصر من أوائل الدول التي دعمت مبادرة الحزام والطريق، والصين ومصر شريكان طبيعيان في البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق. وتحت الرعاية الشخصية لرئيسي الدولتين، تم دمج مبادرة "الحزام والطريق" بشكل عميق مع "رؤية 2030" في مصر، وقد شاركت الشركات الصينية بنشاط في بناء الجمهورية المصرية الجديدة وأكملت العديد من مشاريع التعاون الكبرى .

وأوضح المسؤل الصيني أنه خلال زيارة الرئيس السيسي للصين في مايو من هذا العام، أصدر الرئيس شي جين بينغ بيانا مشتركا معه، اتفقا فيه على رفع مستوى العلاقات الثنائية نحو هدف بناء مجتمع مصير مشترك في العصر الجديد. لافتا إلى أنه خلال  الحوار الاستراتيجي الذي اختتم مؤخرا بين وزيري خارجية الصين ومصر، أكد الجانبان مرة أخرى على ضرورة تنفيذ التوافق المهم الذي توصل إليه رئيسي البلدين وتعزيز العلاقات الثنائية نحو الهدف الأسمى المتمثل في بناء مجتمع صيني-مصري  بمستقبل مشترك للعصر الجديد.

وأشار الوزير المستشار بسفارة الصين لدى مصر إن "الصين اليوم"، كرسول مهم لنشر الثقافة الصينية في الشرق الأوسط، ونافذة مهمة لمساعدة العالم العربي على فهم الصين.

وأكد المسؤل الصيني إن الانعقاد الناجح للجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني قد وضع ترتيبات منهجية لمواصلة تعميق الإصلاحات بشكل شامل وتعزيز التحديث على النمط الصيني، وهو ما بعث برسالة إلى المجتمع الدولي، بما في ذلك مصر، مفادها أن " الصين لن تتزعزع ارفعوا عاليا راية الإصلاح والانفتاح وسنواصل التقدم إلى مستوى أعلى، وهي الإشارة الأكثر وضوحا وموثوقية للانفتاح الأفقي على العالم الخارجي".

ولفت إلي أن الصين ومصر دولتان تتمتعان بحضارات قديمة، وقد أصبحت الصداقة التقليدية أقوى بمرور الوقت. كما لقيت الثقافة المصرية القديمة ترحيبًا ومحبة من قبل غالبية الناس في الصين. وأصبحت عمليات تبادل الأفراد بين البلدين متكررة بشكل متزايد، حيث يصل عدد الرحلات الجوية المباشرة حاليا إلى 32 رحلة أسبوعيا، ومن المتوقع أن يصل عدد السائحين الصينيين الذين يزورون مصر هذا العام إلى 300 ألف. ومن المتوقع أن تعمل "الصين اليوم" على تعزيز التبادلات الثقافية بين الصين ومصر بقوة، ونشر الدلالة الروحية للثقافة التقليدية الممتازة للصين ودلالة العصر الجديد، ومساعدة المزيد من  المصريين على فهم الصين ومحبتها. 

من جانبه قال دو تشان يوان رئيس المجموعة الصينية للإعلام الدولي، إن مرور ستين عاما على تأسيس الطبعة العربية لمجلة الصين اليوم وعشرين عاما على تأسيس فرع الشرق الأوسط يمثل تاريخا مشرقا وبداية جديدة.

وأشار يوان إلي ضرورة تعزيز  ابتكار أساليب جديدة باستخدام الوسائط الرقمية والوسائط المتعددة لتعزيز التعاون مع مصر والدول العربية، واستكشاف المزيد من قصص النجاح في العلاقات الصينية- المصرية والصينية- العربية.

وأكد رئيس المجموعة الصينية للإعلام الدولي علي تعزيز التبادلات والتعاون في كافة المجالات بين الصين ومصر وبين الصين والدول العربية.
فيما قال الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء الأسبق إن مجلة الصين اليوم تعتبر منصة مهمة للتعارف والتقارب بين شعوب حضارتين من اهم الحضارات الإنسانية "الحضارة الصينية والحضارة العربية"، لافتا إلي  أن هذا التقارب والتعارف يمثل المدخل الرئيسي والمتين لعلاقات قوية ومستدامة.

فيما قالت الدكتورة خديجة عرفة، الباحثة فى العلاقات الدولية إنه تقدم مجلة الصين اليوم فهما ثقافيا أكبر للحضارة والثقافة الصينية كما أنه تقوم بدور مهم في تذليل الحواجز الجغرافية والتغلب على التحديات المرتبطة باللغة، بشكل أسهم في مد جسور التواصل عبر الحدود الجغرافية.

وقال حسين إسماعيل نائب رئيس تحرير الطبعة العربية لمجلة الصين اليوم، إن الطبعة العربية للمجلة تقوم بنشر مقالات لقادة الصين والدول العربية، حيث أنه في عدد يناير 2016 تم نشر كلمة للرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمناسبة الاحتفال بمرور ستين عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر، فضلا عن كلمات ومقالات للعديد والعديد من الوزراء وكبار المسؤولين الصينيين والعرب.

مقالات مشابهة

  • أزمة لصناع المحتوى.. يوتيوب تشن حملة على الفيديوهات التي تحمل عناوين مثيرة للانتباه
  • الطائرات المسيّرة الصينية.. الحلول الفعالة التي تهدد الأمن القومي الأمريكي
  • هيرفي رينارد: المنتخب السعودي لم يفقد الأمل في خليجي 26
  • عمرو خليل: نتنياهو وجالانت محاصران بملاحقات المحكمة الدولية
  • معهد تريندز الدولي للتدريب ومدرسة جنيف للدبلوماسية يطلقان برنامجاً تدريبياً متقدماً للدبلوماسية الدولية
  • قوة الردع اليمني..الأسطورة التي هزمت المشروع الأمريكي
  • اليمن.. أسطورة الردع التي هزمت المشروع الأمريكي
  • خبير في العلاقات الدولية: استمرار المجازر الإسرائيلية بغزة رغم الضغط الدولي
  • أموريم يعلق على هزيمة مانشستر يونايتد المذلة أمام بورنموث
  • مسؤل صيني : مصر من أوائل الدول التي دعمت مبادرة الحزام والطريق