التاريخ العماني.. أداة لفهم الواقع والتخطيط للمستقبل
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
25 سبتمبر 2023م.. بدعوة كريمة من الكلية الحديثة للتجارة والعلوم، ألقيتُ على طلبتها محاضرة بعنوان «التاريخ العماني.. أداة لفهم الواقع والتخطيط للمستقبل». وقد وجدتْ المحاضرة صدى لدى الطلاب، وطلبت مني الجهة المنظمة بالكلية أن ألقيها مرة أخرى على الطلبة الذين لم يحضروها، وحتى يتيسر الوقت لذلك؛ رأيت أن أضع في هذا المقال بعض الأفكار حول الموضوع، دون أن انحصر فيما قلته بالمحاضرة، فالكتابة تختلف عن الإلقاء، راجياً الله أن يستفيد منها أبناؤنا الطلبة من الكلية وغيرهم.
كان الإنسان فكان التاريخ.. ولا يزال التاريخ يتجدد كل لحظة، لأنه ليس شيئاً زائداً عن فعل الإنسان، فعندما ندرسه فنحن في الحقيقة ندرس الكينونة الإنسانية والهُويات البشرية، فما نحن إلا الإنسان الأول، الذي تراكمت أعماله خلال آلاف السنين. وأي تغيّر في حدث ما؛ كان سيغير خارطة سير البشرية، فلو لم يولد أرسطو(ت:322ق.م) لكانت الفلسفة ليست كما هي الآن، ولربما أخذ التفكير الإنساني منحىً مختلفاً عمّا نراه. وماذا لو مات إسحاق نيوتن (ت:1727م) طفلاً؟ فلربما أن علماء الفلك لم يخرجوا بمركباتهم إلى الفضاء، وعلينا أن نتصور صيرورة العالم لو لم يبعث الله نبي الإسلام محمد بن عبدالله. وهكذا قل عن أي شخص أو حدث. وهذا يعني أن الحضارة التي نعيشها هي سلسلة طويلة ومتداخلة الحلقات من الأحداث، كان يمكن أن تأخذ مساراً آخر فيما لو انقطعت حلقة من السلسلة، فدراسة التاريخ هو لأجل تحقيق وعي بالحاضر وإدراك لمآلات المستقبل.
مرَّ «السجّل التاريخي» بمراحل: الأسطورية والدينية والسياسية والثقافية والذاتية. لم يكن التاريخ في البدء سوى أساطير تناقلتها الأجيال المتتالية، فعندما ندرس تلك الحقب الغابرة؛ فنحن ندرس التصورات الأولى للإنسان، ونظرته البدائية للوجود، وكيف تسير حياته، أكثر مما ندرس حدثاً بعينه. أما في مرحلته التالية ومع نشر الأديان لتعاليمها؛ فقد ارتبط السجل التاريخي بالمعتقدات الدينية، أي أن ما وصلنا من أحداث إنما هو الرؤية الدينية لها، فالتاريخ حينها غالباً ما ينقل شاهداً على صحة معتقدات مَن يرويه وهو رجل الدين. ثم لما ظهرت الدول؛ أصبح السجل التاريخي رصداً للأحداث السياسية، ولحركة القادة وتمدد الدول وانكماشها، فالتاريخ يسجله السياسي. ثم انتقل في العصور الحديثة إلى رصد حركة الاجتماع البشري، خاصةً مع ظهور الطباعة والصحافة، فأصبح التاريخ يكتبه المثقف. واليوم.. في العصر الرقمي، انتقلنا إلى مرحلة جديدة، حيث أصبح في يد كل إنسان هاتف بكاميرته يكتب ويصور به تفاصيل الحياة من حوله باستمرار، وهو ما أسميه بـ«الرصد الذاتي للتاريخ»، والذي من المتوقع أن تتكون منه أكبر قاعدة بيانات رقمية للتاريخ البشري، تحتفظ بأدق تفاصيل حياة الإنسان، فضلاً عن حركة الأحداث، وشبكات العلاقات بينها، وتأثير بعضها على بعض، والتي ستكون غذاءً ضخماً لخوارزميات الذكاء الاصطناعي.
من المهم لطالب العلم؛ بمختلف تخصصاته، أن يدرس حركة التاريخ، ففي ذلك وعي بوجوده الإنساني. وعلى الطالب العماني أن يدرس تأريخ بلاده خاصة، فالدرس التاريخي ضرورة وجودية، وليس ترفاً ثقافياً، فعندما يتخرج الطالب سيواجه فضاءً منفتحاً تتشظى فيه الهُويات الخاصة، ولن يجد عاصماً لهُويته إلا تاريخ بلاده. وعُمان.. أرض - كغيرها - صنعها التاريخ، ومن حُسن الحظ أنها تملك سجلاً تاريخياً جيداً، فهناك الكثير من الكتب والوثائق العمانية التي تحتوي على مواد تاريخية، بعضها مصدري؛ كتب زمن وقوع الحدث أو قريباً منه، لكن ذلك لا يعني أنه كله مرصود، بحيث أصبح سجلاً مغلقاً. بل على العكس، فلا يزال خط سير تاريخنا غير مكتمل. فإن كان «علم التاريخ» بطبيعته «معرفة متحركة»، فإن «علم التاريخ العماني» من أكثرها ديناميكية، بمعنى أنه خاضع لمراجعة الأحداث في الوثائق التاريخية: هل هي واقعة فعلاً؟ وهل تسلسلها صحيح؟ هل يوجد بينها تداخل؟ وهل الحدث يطابق سير التاريخ العام أم أنه بناء سردي متوهم؟ كل ذلك؛ يجعلنا أمام تغيّر مستمر في رسم الخارطة التاريخية للحدث العماني.
هذه المعرفة المتحركة.. تجعل بناء سجل التاريخ العماني بطيئاً إلى حدٍّ ما، لما يعانيه تاريخنا من «فراغات»، ولعل أطول فترة في العهد الإسلامي عانت من الفراغات هي ما بين سقوط الدولة المركزية الأولى عام 273هـ نتيجة «فتنة الإمام الصلت بن مالك وموسى بن موسى»، وبين قيام الدولة اليعربية بتنصيب الإمام ناصر بن مرشد اليعربي عام 1033هـ، ولذلك ينبغي أن تتركز عليها الدراسات لسدها. لكنها ليست الوحيدة ولا الأخيرة، فلا تزال تحدث في تأريخنا «فراغات»، ولذلك على المؤرخين إعادة النظر في السردية التاريخية العمانية؛ من جهة، وتلافي القصور في تدوين الأحداث المعاصرة؛ من جهة أخرى.
سجل التاريخ العماني.. يعاني كذلك مما أسميته بظاهرة «الاستلاب الحضاري في الثقافة العمانية»، و(أقصد بالاستلاب الحضاري في الثقافة العمانية.. الحالة المعرفية التي بُني عليها تصور الذهن العماني، الذي يُرجع كثيراً من المنجز الحضاري العماني لفاعلين غير عمانيين، دون أن يُنتَبه لذلك)، «جريدة «عمان»، 5/ 10/ 2020م». إن كثيراً من الأعمال الحضارية في عمان تنسب إلى الفرس كبناء بعض القلاع والحصون والمستوطنات الآثارية، في حين.. لا يوجد شاهد آثاري على ذلك. بل إن الأفلاج العمانية التي هي تطور حضاري نابع من البيئة العمانية، وزّع «الاستلاب الحضاري» أصل نشأتها بين نسبته للفرس مثلما تذهب بعض الدراسات الاستشراقية كما في أعمال البريطاني جون ولكنسون، وبين «جن النبي سليمان» كما في الثقافة الشعبية. إننا بحاجة إلى «تعمين» عناصرنا الثقافية المستلبة ذهنياً.
إن بناء الاجتماع البشري في عمان جرى على وقع التاريخ، وأظهر مثال على ذلك ما جرى في الدولة الحديثة، فالنظام السياسي.. الذي سارت عليه الدولة بحسب رؤية السلطان قابوس بن سعيد (ت:2020م) طيّب الله ثراه، بإمكاننا فهمه في ظل التوازن بين سرديات الماضي ومعطيات الحاضر وطموحات المستقبل، لم تنبتّ الدولة عن ماضي عمان، فضلاً أن تتنكب له، ولذلك؛ احتفت بالتراث، وأنشأت له وزارة، وأولته عنايتها، ومن أهم المشاريع التي تبنتها الحكومة التنقيب عن المواقع الآثارية، وترميم المباني الأثرية من قلاع وحصون وأسوار، وقد نص النظام الأساسي للدولة في نسخته التي أصدرها جلالة السلطان هيثم بن طارق أدام الله مجده بالمرسوم السلطاني رقم (6 /2021)، في: 6/ 1/ 2021م، على أن (تلتزم الدولة بحماية تراثها الوطني المادي وغير المادي، والمحافظة عليه، كما تلتزم بصيانة تراثها المادي وترميمه، واسترداد ما استولي عليه منه. والاعتداء عليه والاتجار فيه جريمة على النحو الذي يبينه القانون). ومن أهم هذه المشاريع كذلك.. جمع المخطوطات والوثائق العمانية والحفاظ عليها، وتمكينها للباحثين، وتحقيقها ونشرها. كما أن مجال البحث الأكاديمي في أغلبه بحث في معارف الأسلاف، وهذا يعني أننا لا زلنا نكتب مفرداتنا الحاضرة بمداد آبائنا.
وبعد؛ فإن كان للتاريخ هذا الأثر العميق على الإنسان، فحري بنا أن نقرأه جيداً لنرسم خارطة مستقبلنا بصورة صحيحة، علينا أن نفهم مكوناتنا بموضوعية، لأن الخلل في التعامل مع الإنسان وعلاقاته الاجتماعية التي هي نتاج تأريخي بالأساس قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، وأحداث الربيع العربي كشفت كثيراً من الخلل في فهم التاريخ والتعامل مع الإنسان العربي، الذي هو ككل البشر كائن تاريخي بالمقام الأول.
واقعاً.. أننا ننظر إلى أنفسنا بعين التاريخ، لكن لا يعني هذا أن نظل محتجزين في الماضي، وإنما علينا أن نفهمه، لنستمد منه عناصر قوتنا ونتجاوز إخفاقاته. وصفوة القول.. إننا ندرس التاريخ لكي نخرج من الماضي ونحن متمسكون بهُويتنا الحضارية إلى مستقبل واعٍ بمآلاته.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التاریخ العمانی
إقرأ أيضاً:
القِيَم المجتمعية العمانية.. ركيزة في التنمية المستدامة في المحافظات
يتميّز المجتمع العماني بقيم راسخة توارثتها الأجيال، وشكّلت جزءا أصيلا من الهويّة الوطنيّة العمانية وهذه القيم لها دور فاعل في دفع عجلة التنمية المستدامة لمحافظات وقرى عمان بما يتماشى مع رؤية عمان المستقبلية، ومن أقوال المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- التي تُبرز رؤيته العميقة تجاه التنمية المستدامة وأهمية الإنسان والطبيعة في مسيرة النهضة: "إن التنمية لن تتحقق إلا إذا شارك فيها الإنسان العماني مشاركة حقيقية وواعية ومسؤولة"، من النطق السامي في العيد الوطني الخامس عشر، 1985. وقال رحمه الله: "إن الإنسان هو صانع التنمية وغايتها، وبه تبنى الأوطان"، من النطق السامي، العيد الوطني الثاني والعشرين، 1992.
ومن هذا المنطلق نستعرض من بعض المختصين رأيهم في أهمية القيم المجتمعية ودورها في تمكين التنمية المستدامة.
العمل التطوعي والتنمية المستدامة
تقول نورة الهاشمية، رئيسة قسم الرعاية النهارية بجمعية دار العطاء: يُعد العمل التطوعي ركيزة أساسية لتطوير المجتمعات، وجسرا متينا يربط أفرادها نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ وذلك من خلال مختلف الأعمال التطوعية التي تهدف إلى تعزيز الترابط المجتمعي وتحقيق مسؤولية الفرد تجاه مجتمعه، وإن العمل التطوعي الذي يقوم به الفرد يتمثل في تقديمه لخدمات معينة للمجتمع طوعا دون الرغبة بالحصول على هدف مادي وبغرض تحقيق الخير العام للمجتمع وأفراده، وجاء ارتباطه وثيقا بمفهوم التنمية المستدامة كونه إحدى الأدوات المهمة التي يمكن من خلالها تحقيق أهدافها وركائزها المحورية لتنمية المجتمعات من خلال البعدين الاجتماعي والاقتصادي، ويمكننا أن نبسط مفهوم التنمية المستدامة بأنها "نمط من التنمية يهدف إلى تلبية احتياجات الحاضر دون أن يعرض قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها للخطر"، موضحة أنه في عمان يأتي دور مؤسسات المجتمع المدني كشريك أساسي في التنمية، وقد مكنت الحكومة هذه المؤسسات التي تحتضن الأعمال التطوعية بمختلف أهدافها؛ حيث رسمت لها حدودها ووفرت لها الحماية القانونية بما يتيح لها الانطلاق نحو الإبداع والعطاء المتميز، وأكدت رؤية عمان ٢٠٤٠ على أهمية تعزيز المشاركة المجتمعية من خلال المشاركة في الأعمال التطوعية مما يعزز الأفراد على الانخراط في خدمة مجتمعهم وتحقيق المسؤولية المجتمعية، وأكدت على أهمية العمل التطوعي لتحقيق التنمية المستدامة من خلال بناء مجتمع مترابط ومتكامل.
وأضافت الهاشمية: يمكن أن نشير هنا إلى واقع العمل التطوعي في عمان؛ حيث تنشط الأعمال التطوعية وخاصة في مجال العمل الخيري بما يتضمنه (فك كربة المعسرين) خاصة في الفترة التي عقبت جائحة "كوفيد" وما خلّفته من تحديات اقتصادية واجتماعية في مختلف دول العالم، ومما يسهم في مواجهة هذه التحديات السمات الفردية التي تميز المواطن العماني تتمثل في: روح التعاون وحب المساعدة والخير للمجتمع سواء بالمشاركة في العمل التطوعي أو التبرع لهذه المؤسسات الخيرية، ومن أبرز الجمعيات الخيرية التي تقدم العمل التطوعي بما يحقق أهداف التنمية المستدامة "جمعية دار العطاء الخيرية" التي تعد نموذجا فعالا في تعزيز الوعي المجتمعي من خلال برامجها الفعالة والمبتكرة والتي تهدف إلى توفير حياة كريمة لأفراد المجتمع وإشراك المؤسسات المختلفة في دعم هذه البرامج الخيرية الهادفة. كما فتحت نافذة لمؤسسات القطاع الخاص لتعزيز هذا التعاون من خلال برامج المسؤولية المجتمعية، حيث يتطوع موظفو الشركات الخاصة والحكومية في البرامج التي تقدمها الجمعية كجزء من المسؤولية المجتمعية التي تعنى بتحقيقها.
قيم الهوية والمواطنة والتنمية المستدامة
وأضافت أم كلثوم الفارسية، خريجة ماجستير علم الاجتماع بجامعة السلطان قابوس عن محور الهوية والمواطنة بقولها: إن المواطنة تؤدي دورا محوريا في تحقيق التنمية المستدامة؛ لأنها تشكل الأساس الذي يُبنى عليه وعي المواطن ومسؤوليته تجاه وطنه حيث قالت: سأوضح هذا المعنى بشيء من الاستفاضة من خلال مجموعة من قيم المواطنة كالولاء والانتماء، فعندما يشعر المواطن بالانتماء الحقيقي لوطنه، يسعى إلى خدمته وحمايته، ويشارك بإيجابية في بناء مستقبله، مما يعزز الاستقرار ويشجع على الاستثمار والتطور، أيضا الاحترام والمسؤولية؛ فاحترام القوانين والأنظمة، والالتزام بالمسؤوليات الاجتماعية والبيئية يساعد في الحفاظ على الموارد الطبيعية ويشجع على استدامة المشاريع والخدمات، ومن جهة العدالة والمساواة تتمثل التنمية المستدامة في بروز تكافؤ الفرص بحيث يتم تمكين جميع فئات المجتمع من التعليم والعمل والإبداع، ما يحقق التنمية المستدامة بصورة شاملة ومتوازنة، ومن قيم المواطنة في عمان غرس حب الأرض والطبيعة، وهذا يعزز سلوكيات تحافظ على البيئة، مثل: إعادة التدوير، وتجنب التلوث، واستخدام الطاقة النظيفة، فقيم المواطنة ليست مجرد مفاهيم نظرية، بل هي سلوكيات يومية تبني إنسانًا مسؤولًا، ومجتمعًا واعيًا، واقتصادًا مزدهرًا، وبيئة مستدامة. وبهذه الطريقة تسهم عمان في تحقيق أهداف التنمية المستدامة محليا وعالميا.
حلقات تحفيظ القرآن الكريم ودورها في تنمية المحافظات
تحدثت زينب اليحمدية، معلمة في مدرسة القرآن الكريم عن دور مجالس القرآن الكريم في إثراء القرى والمحافظات بقولها: تتنوع من حولنا منابع الخير والازدهار، فهناك منابع للمياه وهناك مناجم للذهب والأحجار الكريمة وهناك آبار ملأى بالطاقة النفطية، وكل هذه وتلك مصادر لها أثرها الفيزيائي للبشرية. أما عن منبع القيم المجتمعية فيَكمُن في مدارس تحفيظ القرآن الكريم التي بلا شك تبني فكر وعقيدة وخلق أبنائنا. يحرص المربون اليوم على إلحاق أبنائهم بمدارس تحفيظ القرآن الكريم ليبنوا بهم جيلا مؤمنا متمسكا في رحلة حياته بالخلق القويم. فالمنهجية القرآنية واضحة في توجيه السلوك والأخلاق وتجمع فيها بين المرونة والشمول. وإن ملازمة حضور مدارس التحفيظ تضفي قيما مجتمعية بناءة أهمها الأخلاق الحميدة والسلوك القويم، كما تغرس فيهم روح الانضباط وتحمّل المسؤولية بشتى صورها؛ فينشأ بها أب مسؤول وموظف متقن وتعزز بدورها الروابط الاجتماعية وروح الأخوة والتعاون، وكذلك تعمق فيهم حب المشاركة في الأعمال التطوعية. فما أعظم طاقة الخير في ناشئة مدارس تحفيظ القرآن الكريم.
تجدر الإشارة إلى اهتمام مدارس تعليم القرآن الكريم بترفيه الطلاب وتنزيههم في رحلات توعوية كزيارة المساجد والأفلاج وتنظيفها وترتيبها ليشعروا بذلك أنهم جزء من بيئتهم، وينبع فيهم حب الولاء للوطن.
الموروث الشعبي ودوره في التنمية المستدامة
واختتمت الموضوع مريم الشعيلية، معلمة الدراسات الاجتماعية بمدرسة الشيماء للبنات بولاية أدم، عن دور قيم الموروث الشعبي في تنمية المحافظات بقولها: يُعد الموروث الشعبي العُماني إحدى الركائز الأساسية في بناء الهوية الوطنية، ومصدرا غنيا للتنمية المستدامة في مختلف ولايات السلطنة؛ فالعادات والتقاليد والحرف اليدوية والفنون الشعبية تمثل عناصر حيوية تُسهم في تعزيز السياحة، وخلق فرص اقتصادية للمجتمعات المحلية، وفي ولايتي نزوى وبهلا، يتجلى هذا الأثر بوضوح، فـنزوى التي تُعرف بعراقتها التاريخية وسوقها الشعبي العريق ما زالت تحتفظ بتراثها العمراني والثقافي، مما يجعلها مقصدًا للسياح والباحثين عن التجارب الأصيلة، كما أن إحياء الصناعات التقليدية كالفضيات والنسيج ساعد في توفير مصادر دخل للسكان، وخاصة النساء. أما بهلا المصنفة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، فقد استطاعت عبر المحافظة على قلعتها الشهيرة وحرفها القديمة، أن تكون نموذجًا للاستثمار في الثقافة من أجل التنمية، كما أن الفنون الشعبية مثل “الرزحة” و”العازي” تُعد وسيلة فعالة لنقل القيم وتعزيز الانتماء. ومن خلال حماية الموروث وتوظيفه في مشاريع اقتصادية وثقافية، تسهم ولايات السلطنة في تحقيق تنمية متوازنة ومستدامة، تربط الماضي بالحاضر وتضمن استمرارية الهوية الوطنية.