لجريدة عمان:
2024-12-31@15:06:54 GMT

العرب الأمريكيون والتصويت لبايدن في 2024

تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT

كان العرب والمسلمون الحاملون للجنسية الأمريكية يفقدون الثقة في الحزب الديمقراطي، حتى قبل بدء الحرب بين إسرائيل وغزة، لأسباب لا علاقة لها بالسياسة الخارجية، فقد أصبحوا متشككين بشكل متزايد في تحول الحزب نحو اليسار فيما يتعلق بالقضايا الثقافية والاجتماعية، إذ أصبحت الدروس التي تتناول موضوعات الشذوذ الجنسي في المدارس الحكومية نقطة خلاف كبيرة، إلا أن هذه المواضيع الآن أصبحت صغيرة وعابرة، ففي أوقات الحرب الفعلية، تعد الحرب الثقافية مجرد ترف.

خلال عطلة عيد الشكر، كانت خيبة الأمل بشأن احتضان إدارة بايدن لإسرائيل أثناء قصفها لغزة هي السائدة في الحديث على مائدة العشاء مع الأصدقاء وأفراد الأسرة، أربعة منهم من الأمريكيين العرب، وقد قال الأربعة إنهم لن يصوتوا للرئيس بايدن في عام 2024، بعد أن صوتوا له عام 2020.

لا شك أن أربعة أشخاص هم أربعة أشخاص فقط، لكن نقاش التصويت أو عدم التصويت هذا منتشر على نطاق واسع، فوفقًا لاستطلاع للرأي أجري في أكتوبر على الأمريكيين العرب، تبيّن أنّ 17% فقط يعتزمون التصويت لبايدن، بينما كانوا 35% في شهر أبريل، و59% في عام 2020. وللمرة الأولى منذ أن بدأت شركة استطلاعات الرأي (زغبي ستراتيجيز) في تتبع ميولاتهم السياسية في عام 1996، أصبح المزيد من العرب الأمريكيين الآن يعدون جمهوريين (32%) مقارنة بالديمقراطيين (20%)، فيما يقيّمُ 67% من المشاركين موقف بايدن على الحرب بين إسرائيل وغزة بشكل سلبي.

عندما نشرت محادثات عيد الشكر على منصة X، حصد المنشور 7 ملايين مشاهدة، وتلقيت مئات الردود الغاضبة من الليبراليين وغيرهم من معارضي ترامب، حيث أشار العديد منهم إلى أن دونالد ترامب يريد ترحيلنا، ومن وجهة نظري، لا أظن أن النقاش المتعالي الذي يطلب من العرب الأمريكيين أن يتقبلوا الأمر ويصوتوا لبايدن بغض النظر عن سياساته الحالية سيكون فعالا، ولذلك يجب العمل بجد من أجل الحصول على أصواتهم، فالخطر المعلن الذي يمثله ترامب لا يعفي الديمقراطيين من مسؤوليتهم في تقديم صورة إيجابية لمرشحهم.

إن التصويت هو أمر شخصي للغاية، وليس فقط بالنسبة للأمريكيين العرب، الذين ينظر إليهم في كثير من الأحيان أنهم مصابون بالعمى العاطفي بسبب القضية الفلسطينية، ففي صناديق الاقتراع، من يظن أن الناخب يقوم بكل بساطة بعمل حساب مباشر حول الربح والخسارة فهو يتجاهل الكثير مما هو معروف عن سلوك الناخبين، فقد وجد باحثان في السياسة (كريستوفر آخن) و (لاري بارتلز) أن «العامل الأكثر أهمية في تصويت الناخبين هو ارتباطاتهم الاجتماعية والنفسية بالمجموعات»، وبعبارة أخرى، فإن كل الاعتبارات هي اعتبارات متعلقة بالهوية.

كل شخص لديه مبادئ شخصية لا يستطيع تجاوزها، يحكمها ضميره، تتحكم في تصويته لمرشح معين، حتى لو كان يتفق مع هذا المرشح في معظم القضايا الأخرى، فلو استيقظ بايدن ذات يوم ليقول إنه يعتقد أنه لا ينبغي للمرأة أن يكون لها الحق في الإجهاض، فلن يكون من المستغرب أن يشعر بعض الليبراليين بعدم القدرة على تقديم دعمهم غير المشروط له.

في قضية الخير والشر، هناك دوما صراع متناقض، لذلك ذكّرت زملائي من العرب الأمريكيين أن ترامب سيكون أقل تعاطفا مع الفلسطينيين من بايدن، فقالوا إنهم يتفهمون المخاطر ولكنهم بحاجة إلى طريقة ما للتعبير عن اشمئزازهم من سياسات الرئيس بايدن، مستشهدين بتصريحاته التي تساءل فيها عما إذا كان القتلى الفلسطينيون قد ماتوا في الواقع، حيث قال الرئيس: «ليس لدي أي فكرة أن الفلسطينيين يقولون الحقيقة بشأن عدد القتلى». «أنا على ثقة من أن أبرياء قتلوا، وهذا هو ثمن شن حرب».

بما أن الفلسطينيين جردوا من كرامتهم وهم أحياء، فلن يمنحوا إياها وهم أموات، قد تكون هذه الفكرة بلاغية، لكنها كانت سببا للإحباط الذي دام عقوداً من الزمن، فالساسة الأمريكيون من كافة الأطراف يبدو أنهم إما غير راغبين أو غير قادرين على النظر إلى الفلسطينيين باعتبارهم مكتملي الأهلية ليكونوا بشرا. وكما قال (بارنيت روبن)، المسؤول السابق في إدارة أوباما: «في بعض الأحيان يفوق احترام النفس المصلحة الذاتية، فمن المهين التصويت لبايدن بعد أن شجع ومول وسلح الأشخاص الذين ذبحوا 15 ألفاً من إخوانهم العرب».

في كل انتخابات رئاسية، يقرر الملايين من الأمريكيين من حيث المبدأ عدم التصويت لأي من المرشحين الرئيسيين، فهذه هي الديمقراطية.

وإذا كانت انتخابات 2024 قريبة، فمن الممكن أن يكون عدد الأمريكيين العرب والمسلمين كافيا لإحداث فرق. يقدرُ عالم السياسة (يوسف شحود) أنه في مقابل كل 10% من الناخبين الشرق أوسطيين والمسلمين في ميشيجان الذين يمتنعون عن التصويت، سيواجه بايدن خسارة صافية تبلغ حوالي 11 ألف صوت، على الرغم من أن (شحود) ذكر في إحدى المقابلات بأن إجراء تحليل كمي على هذه المجتمعات «صعب للغاية»، مضيفا أنه إذا امتنع الناخبون العرب والمسلمون عن التصويت بأعداد كبيرة، فقد يحذو آخرون حذوهم. لاحظ أن 70% من الناخبين الشباب من جميع الأعراق لا يتفقون مع بايدن في طريقة تعامله مع الحرب.

في الأشهر المقبلة، سيكون العامل الحاسم هو ما إذا كانت تداعيات الحرب والتقليل من قيمة حياة الفلسطينيين ستستمر في التمدد في حياة الأمريكيين اليومية، في الوقت الذي يتم الحقيق فيما اعتبر جريمة كراهية، إذ تم إطلاق النار على ثلاثة أمريكيين من أصل فلسطيني في ولاية فيرمونت. العديد من الأمريكيين العرب الذين يقولون إنهم لن يصوتوا لبايدن قدموا بلاغات أيضًا عن التمييز العنصري والمخاوف المتزايدة على سلامتهم الشخصية. ولحسن حظ الديمقراطيين، فإن الانتخابات لن يتم إجراؤها اليوم، ففي العرف السياسي، السنة هي فترة طويلة، لكن الذكريات قد تكون طويلة أيضاً.

شادي حامد كاتب عمود في واشنطن بوست وعضو هيئة التحرير. وهو أيضًا أستاذ باحث في الدراسات الإسلامية في مدرسة (فولر) ومؤلف العديد من الكتب، بما في ذلك «مشكلة الديمقراطية» و»الاستثناء الإسلامي».

عن واشنطن بوست

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأمریکیین العرب

إقرأ أيضاً:

النائب صليبا: الحرب لا تقتل فقط البشر إنما أيضاً المحيط الذي نعيش فيه

أعربت الباحثة في علم الكيمياء والتلوث، والنائبة نجاة عون صليبا، عن قلقها من أن تقوم الدولة في لبنان بالتخلص من الردميات الناتجة عن دمار الحرب الإسرائيلية على لبنان من خلال طمر البحر، كما جرت العادة تاريخياً.

وتخوّفت صليبا خلال لقائها على "قناة الحرّة"، أن "يعمد من في السلطة على ردم البحر مرّة ثانية لأهداف خاصة توسّعيّة أو لردم البحر، بخاصة وأننا بدأنا نسمع على مواقع التواصل الإجتماعي أن طمر الركام سيكون في الأوزاعي أو في أماكن أخرى".

وأكدت صليبا أن "القنابل التي انفجرت في الحرب الإسرائيلية دائماً ما تكون مشبّعة بالمواد السامّة التي ينقلها الهواء الى منازلنا حتى لو كانت النوافذ مغلقة، فضلاً عن الركام بسبب التهدّم الذي يؤثر على التربة والمياه الجوفية، لذلك فالحرب لا تقتل فقط البشر إنما أيضاً المحيط الذي نعيش فيه أي الechosystem وتبقى هذه المواد لفترة طويلة بعد انتهاء الحرب".

و تحدّثت عن الآثار الصحيّة السلبيّة لهذه القنابل وبخاصة الفوسفوريّة التي استُخدمت في الجنوب بشكل كبير، أكدت "ضرورة فحص التربة، منوّهةً بإبجابيات تربة لبنان أنها كلسيّة بامتياز وتنظّف نفسها بنفسها"، مشيرةً الى أن "الأسيد فوسفوريك عندما يجتمع مع الكالسيوم يُنتج مادة شبيهة بالملح هي فوسفات الكالسيوم الذي بحسب الخبراء الزراعيين لا يؤذي الأرض، بل يُصبح كالملح، وبالتالي يجب فقط حراثة الأرض قبل زراعتها من جديد، لذلك على المزارع الجنوبيّ ألاّ يخاف من زراعة أرضه من جديد بل بالعكس سنزرع ونأكل من أرضنا من جديد". (الوكالة الوطنية) 

مقالات مشابهة

  • مشاهير كرة القدم الذين غيبهم الموت في 2024
  • روسيا تتهم إدارة بايدن بـإفراغ جيوب دافعي الضرائب الأمريكيين لمساعدة أوكرانيا
  • ما زال بايدن منحازاً لنتنياهو
  • النائب صليبا: الحرب لا تقتل فقط البشر إنما أيضاً المحيط الذي نعيش فيه
  • محمد بن راشد: نفخر بجميع نوابغ العرب الذين ألهمونا بإبداعاتهم
  • هلع الحرب العالمية الثالثة: الأمريكيون يتهافتون على شراء المخابئ النووية
  • إسرائيل تستبدل عمال البناء الفلسطينيين بالهنود
  • جرائم الحرب الإسرائيلية.. بين تبرير قتل الفلسطينيين والإفلات من العقاب
  • استطلاع رأي يكشف أهم مخاوف الأمريكيين في نهاية عام 2024
  • بدء التصويت بالانتخابات التشريعية والمحلية في تشاد