الجزيرة:
2024-12-24@02:59:21 GMT

فيلم أمنية.. استعادة سحر الماضي بروح تقدمية

تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT

فيلم أمنية.. استعادة سحر الماضي بروح تقدمية

تأسست واحدة من أشهر المؤسسات السينمائية حول العالم في أكتوبر/تشرين الأول من عام 1923، فقدمت استوديوهات "ديزني" على مدار القرن عشرات الأفلام، وتفرعت هذه المؤسسة لأقسام مختلفة، من الرسوم المتحركة إلى سلسلة ستار وورز، وحتى عالم مارفل الممتد.

وفي خضم الاحتفال بمئوية ديزني تم عرض أحدث أفلامها من الرسوم المتحركة تحت عنوان "أمنية" (Wish)، والذي رغب صناعه في جعله حلقة وصل بين ماضي عريق، ومستقبل مجهول وسريع التغير.

فيلم "أمنية" من إخراج "كريس باك" صاحب "ملكة الثلج" (Frozen) بجزأيه الأول والثاني، وقام بالأداءات الصوتية فيه كل من "أريانا ديبوز" -الفائزة بالأوسكار عام 2022- و"كريس باين" و"ألان توديك"، وحتى الآن لم تغط إيرادات الفيلم ميزانيته التي تعدت الـ200 مليون دولار، فهل تحتاج ديزني لتغيير إستراتيجية أفلامها لإثارة إعجاب الأجيال الحالية من الأطفال؟

"أمنية" عودة السحر الغائب

وُلدت "أشا" بطلة فيلم "أمنية" في مملكة نائية تُدعى "روساس" أقامها الملك والساحر "ماغنيفيسو"، الذي وضع كذلك قوانينها، وأهمها أن كل مواطن تعدى عمره الـ18 عليه أن يعطي الملك أمنية حياته، ليحفظها الأخير، وكل شهر يحقق واحدة من هذه الأماني، ويترافق عيد ميلاد جد "أشا" المائة -والذي لم تتحقق أمنيته بعد- مع أحد احتفالات تحقيق الأحلام.

تتقدم "أشا" لوظيفة متدربة لدى الملك لمساعدة جدها في تحقيق أمنيته، وفي مقابلتها الأولى مع "ماغنيفيسو" يتآلفان سريعا، ولكن بعد دقائق يكشف لها عن مئات الأماني التي لن يحققها أبدا، فهي من وجهة نظره خطرة على أمن المملكة، ولن يعيدها حتى لأصحابها حتى لا يحاولون تحقيقها بأنفسهم.

تصدم هذه الدكتاتورية روح "أشا" التواقة للحرية، وعندما تعبر عن رأيها للملك يعاملها كمتمردة يجب معاقبتها بعدم تحقيق أي من أماني عائلتها بالكامل، وتحت تأثير يأسها تطلب الفتاة المساعدة من السماء، لتأتي نجمة ذهبية تغير من مصيرها ومصير المملكة.

يمثل فيلم "أمنية" جسر بين ماضي ديزني وحاضرها، فقد استحضر صناعه أشهر أفلام الرسوم المتحركة التي أنتجتها الاستوديوهات على مر السنوات، وحاولوا وضعها في إطار حديث.

يبدأ هذا الاستحضار في تقنيات الرسم والتحريك المستخدمة، والتي دمجت بين الرسم ثنائي الأبعاد من أوائل أفلام الاستوديو، والتحريك عبر الحاسوب الذي ظهر لاحقا في أفلام ديزني الحديثة، وتحمل البطلة "أشا" الملامح الجسدية والشخصية الشهيرة لبطلات ديزني، مثل السن الصغيرة، والجسد الرشيق، والتوق لتغيير العالم والبحث عن العدالة، فتبدو كحفيدة لـ"بوكاهنتس" و"بل" و"تيانا". أيضا على مدار الأحداث ظهرت بعض شخصيات الأفلام القديمة مثل الغزال "بامبي" أو "بيتر بان" وتم ذكر بعض الشخصيات الأخرى.

كذلك تأسست حبكة الفيلم على أهمية "التمني" وقوة "الأمنيات"، الأمر الذي يحيل بالضرورة لفيلم "بينوكيو" (Pinocchio) أحد أشهر أفلام ديزني، والذي بدأت أحداثه بأغنية "عندما تتمنى نجمة"، بعدها تحققت أمنية "جيبوتو" وتحولت الدمية الخشبية إلى ولد حقيقي، بينما افتتان الملك "ماغنيفيسو" بصورته الوسيمة في المرآة ونهايته تحيلنا إلى شريرة فيلم "سنو وايت" وعلاقتها المعقدة بالمرآة.

افتتان الملك "ماغنيفيسو" بصورته الوسيمة في المرآة ونهايته تحيلنا إلى شريرة فيلم "سنو وايت" وعلاقتها المعقدة بالمرآة (مواقع التواصل الاجتماعي)

يمثل فيلم "أمنية" احتفاء ديزني بأفلامها القديمة التي جعلتها من أهم كيانات صناعة الأفلام بالعالم، ولكنه أيضا نظرة للأمام، فتركيبة شخصية "أشا" قدمت أهم هذه التغييرات، "أشا" الفتاة قوية الشخصية لم تستعن مثل أميرات ديزني القدامى بفارس مغوار يعاونها على الوصول لحلمها، ثم تستقر معه في النهاية، بل قامت بمهمتها في إنقاذ المملكة بمعاونة أصدقائها وعائلتها.

كذلك حاول صنّاع الفيلم عدم تحديد العرق الذي تنتمي له الشخصية أو المملكة بالكامل التي لم يتم تحديد موقعها على الخريطة وتم وصفها بأنها جزيرة في البحر الأبيض المتوسط، وحملت الشخصيات أسماء متنوعة عرقيا وإثنيا، مثل الأم "سكينة" والصديقة "داليا" اللذين يشيران إلى لمسات من الثقافة الشرقية.

تأسست حبكة الفيلم على أهمية "التمني، وهو ما يحيل لفيلم "بينوكيو" (مواقع التواصل الاجتماعي) روح تقدمية في قالب كلاسيكي

يبدو فيلم "أمنية" من الناحية البصرية شديد الكلاسيكية، بداية من شكل الشخصيات وقلعة الملك، والملابس، ولكن قلب صناع الفيلم هذه التقليدية رأسا على عقب بالسردية التي تبنوها، والتي تعادي بشكل واضح السلطوية والاستسلام للدكتاتورية حتى لو كانت تبدو في حلة شديدة البهاء، ومحملة بالنوايا الحسنة.

يمثل الملك "ماغنيفيسو" عدة أنواع من السلطة الغاشمة التي تبدو من الخارج أنها تقدم الكثير من الخير، ولكنها في باطنها تتحكم بالأشخاص، مثل السلطة السياسية على سبيل المثال، فهذه السلطة تقدم الوعود إلى الناخبين، بهدف الحصول على أصواتهم (معادل للأمنيات)، ثم بعد ذلك تتحكم في صناعة القرار، وأي محاولة للتمرد على هذه القرارات والتحرك الفردي تعتبر خروج عن السلطة يستوجب عقابه.

على الجانب الآخر لدينا شخصية "الجد" الذي يكمل 100 عام، وأمنيته تتمثل في استخدام الفن والغناء لإلهام الأشخاص من حوله لحياة أفضل، ويرى الملك أن هذا الإلهام خطر على تحكمه في شعبه، وبسهولة يمكن الربط بين "الجد" كمعادل لكيان "ديزني" نفسه، الذي على مدار الـ100 عام قدم أفلاما ألهمت أجيالا بقيم يرغب صناع الفيلم بالتأكيد على نبلها ومثاليتها.

وتكمل هذا المثلث شخصية "أشا" التي تمثل الشباب المتمرد بطبيعته على أنواع السلطة المختلفة، ويقف في صف المثل عليا كالحرية والعدالة والفردانية التي تؤكد على القيمة المعنوية للفرد.

توقفت ديزني في السنوات الـ10 الأخيرة عن تقديم قصص صراع مجرد بين الخير والشر، واتجهت لمثل أكثر عمومية، على رأسها "الفردانية" (Individualism)، والتي تؤكد على حق الفرد في الحرية وتحقيق الذات، ويمكن إيجاد ذلك بوضوح في أفلام "ملكة الثلج" و"موانا" (Moana) و"إنكانتو" (Encanto) على سبيل المثال، فكلها أعمال تدعو الأطفال والكبار إلى الاحتفاء باختلافهم عن محيط المجتمع، بل تجعل هذا الاختلاف سبيلا للقضاء على الشر، مثلما فعلت "موانا" عندما تمردت على سلطة والدها الذي يحبسها لحمايتها من الشر فأنقذت شعب جزيرتها، أو"ماربيل" التي لم تمتلك قدرة سحرية مثل باقي أفراد أسرتها ولكنها الوحيدة التي استطاعت حماية سحر العائلة.

الملصق الدعائي لفيلم "إنكانتو" (مواقع التواصل الاجتماعي)

ولكن هذه المثل التي جذبت المشاهدين في الأفلام السابقة لم تستطع تحقيق معادلة النجاح -التجاري على الأقل- في فيلم "أمنية"، ويرجع ذلك بصورة كبيرة بسبب القالب البصري التقليدي للغاية التي حاول صناع الفيلم عبره الاحتفاء بالعيد المئوي لديزني.

وسينافس فيلم "أمنية" بالتأكيد في موسم الجوائز القادم، سواء كأفضل فيلم رسوم متحركة في العام، أو في فئات أفضل موسيقى تصويرية وأفضل أغنية، ولكنها منافسة شرسة في ظل مواجهته واحد من أهم أفلام الرسوم المتحركة في الألفية الثالثة "سبايدر مان: عبر عالم العنكبوت" (Spider-Man: Across the Spider-Verse).

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الرسوم المتحرکة

إقرأ أيضاً:

استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة

هل يبدو مصطلح “الإنتاجية السامة” مألوفًا؟ إنه ببساطة ربط القيمة الذاتية بما نحققه من إنجازات ملموسة. في مجتمعاتنا المعاصرة، تمجد الإنجازات التي تقاس بالرواتب، الترقيات، والممتلكات المادية، ممّا يخلق ثقافة تمجد العمل الزائد، وتشجب الراحة والتوقف للتأمل.

النتيجة؟ إرهاق دائم، شعور بعدم الأمان، وفقدان المعنى الحقيقي للحياة.
إن هذا العالم الذي يدفع الإنسان للسعي المستمر نحو تحقيق المزيد، يجعلنا نطارد النجاح بوسائل تستنزفنا، ونملأ جداولنا اليومية بمهام لا نهاية لها، حتى ننسى أن نخصص وقتًا لأنفسنا. قد يبدو من الخارج أن هذه الحياة مليئة بالإنجازات، لكن الداخل غالبًا ما يكون مثقلاً بالإرهاق وعدم الرضا.

هذا هو جوهر كتاب قرأته مؤخرًا بعنوان “الإنتاجية السامة” للكاتبة إسراء ناصر. إنه كتاب يستعرض هذا المفهوم بعمق، ويبدو كأنه موجه لكل من يشعر بأنه عالق في دوامة العمل المستمر. كأن الكاتبة هنا تستشهد بمثال شائع بيننا: “معك ريال، تسوى ريال؛ معك مليون، تسوى مليون”. إن هذا المنظور يجعل الإنسان أسيرًا لإنجازاته، ويربط قيمته الذاتية بما يحققه.

الإنتاجية ليست أمرًا سيئًا في ذاتها، فهي وسيلة لتحقيق الأهداف وتنظيم الحياة. لكنها، كما هو الحال مع الطعام الصحي، يمكن أن تتحول إلى ضرر إذا زادت عن الحدّ المطلوب. حين تصبح الإنتاجية وسيلة لإثبات الذات بدلاً من تحقيق القيِّم الشخصية، تتحول إلى عبء نفسي وبدني.
تتناول الكاتبة علامات الإنتاجية السامة، وأبرزها مقارنة إنجازاتنا بإنجازات الآخرين. فالإنتاجية السامة غالبًا ما تغذيها دوافع عاطفية مثل الخجل، الكمالية، أو السعي المستمر للتقدير الخارجي. لذلك، فإن التعرف على هذه المحركات الداخلية يعد الخطوة الأولى نحو التحرر.

تدعو المؤلفة إلى إعادة تعريف النجاح وفقًا للقيِّم والأولويات الشخصية. فالنجاح لا يجب أن يُقاس بما يراه المجتمع، بل بما يتماشى مع أهدافنا ومعاييرنا الذاتية. عندما نركز على ما يهمنا حقًا ونتجاهل سباق الإنجازات الذي يخوضه الآخرون، يصبح النجاح أكثر معنى ورضا.
من أبرز الأخطاء التي تسلط الكاتبة الضوء عليها: الانشغال يعني الإنتاجية: التركيز على المهام ذات التأثير العالي أكثر فعالية من محاولة فعل كل شيء دفعة واحدة.

أيضا تعدد المهام هو الحل: العلم يثبت أن تعدد المهام يستهلك الطاقة ويقلل الكفاءة. التركيز على مهمة واحدة في كل مرة هو الخيار الأمثل.
وأخيراً إن ساعات العمل الطويلة تعني نتائج أفضل: أجسادنا تعمل وفق دورات طبيعية تحتاج إلى الراحة. العمل دون توقف يؤدي إلى تراجع في جودة الإنتاجية.

التخلص من فخ الإنتاجية السامة يبدأ بتغيير العقلية من التفكير بنقص الموارد إلى التفكير بالوفرة. عندما نعتبر الراحة جزءًا أساسيًا من الاستثمار في الذات، تصبح إنجازاتنا أكثر استدامة.
النجاح الحقيقي ليس في فعل المزيد، بل في فعل ما يهم حقًا. إنه في احترام احتياجاتنا للراحة والتجدد، وفي تحقيق التوازن بين الإنجاز والاستمتاع بالحياة. عندها فقط، يمكننا أن نزدهر بدلاً من أن نستمر في مجرد البقاء.
لنُعد تعريف النجاح ونضع معاييرنا الخاصة، لأن قيمتنا الذاتية لا تُقاس بما نحققه من إنتاج، بل بما نحياه من قيَّم ومعنى.

jebadr@

مقالات مشابهة

  • تحديد موعد صرف رواتب الشهر الماضي لموظفي كردستان
  • مدرب السعودية: الوضع ليس جيدا وأذكركم بـ «قطر 2019»
  • مدرب المنتخب السعودي يكشف أسباب خسارة فريقه أمام البحرين
  • استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة
  • الإعلام بين الماضي والحاضر
  • أول رد فعل من رينارد بعد الهزيمة أمام البحرين
  • أفلام ديزني بلس الجديدة لمشاهدتها في رأس السنة 2024
  • محافظ عدن طارق سلام: اليمن بقيادة السيد عبد الملك الحوثي بات البوصلة التي تتجه نحوها أنظار العالم
  • الخارجية الإيرانية: استشهاد موظف بسفارتنا في دمشق بهجوم على سيارته الأحد الماضي
  • مبيعات البنك المركزي العراقي تتجاوز مليار دولار الأسبوع الماضي