حصار البحار يخنق الكيان الصهيوني ويقوّض أمنه القومي
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
بإعلان القوات المسلحة اليمنية منع مرور السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني، دخل موقف اليمن في نصرة غزة مرحلة جديدة من التصعيد، فبعدما فرض اليمن قرار منع مرور السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي، متسببا في خسائر فادحة على الكيان الصهيوني، فإن قرار منع مرور السفن كافة التي تتجه إلى موانئ الكيان بمثابة حصار يخنق الكيان الصهيوني، ويقوض أمنه القومي.
الكيان الصهيوني يواجه حصاراً بحرياً شبه كامل لأول مرة في تاريخه، في تاريخه، بعزله عن أهم ممر مائي تمخر فيه سفنه ووارداته وصادراته منذ عقود، القرار اليمني المتدرج جعل الكيان الصهيوني يواجه أزمة استراتيجية تتعلق بأحد أهم مرتكزاته الاستراتيجية التي بنى أمنه القومي عليها، فإغلاق البحر الأحمر من ناحية يخنق الكيان الصهيوني ويعزله عن أسواق صادراته في أفريقيا وفي بعض آسيا، ويعزله عن تحالفات بحرية أنشأها مؤخرا،
ومن ناحية أخرى يرفع كلف الشحن عليه جراء سلوك سفنه المتجهة إليه عبر طرق شحن طويلة.
ولأول مرة في تاريخه يواجه الكيان الصهيوني أزمة تتعلق بأهم مرتكزاته الحيوية، وهو إغلاق البحر الأحمر الذي يعتبره شريان الحياة الأساسي لتجارته البحرية، ولا تنحصر الأزمة التي يواجهها على المستوى الاقتصادي بل تمتد إلى مستويات استراتيجية، وعلى هذا النحو.
سقوط أحلام
“أساطيل داوود” تنبع أهميّة البحر الأحمر وباب المندب من موقعه المتوسط بين الشرق والغرب، إذ يعتبر طريقاً تجاريّاً رئيسيّاً في العالم، يعد هو الثالث بعد ملقا وهرمز، ويعبر منه حوالي 12 % من حركة الملاحة البحرية العالمية، أما بالنسبة للكيان الصهيوني فإن أهميته تكمن في كونه الممرّ المائيّ الوحيد الذي يربط الكيان الصهيوني مع خطوط التجارة في آسيا وأفريقيا، ويقال إن 98 % من صادراتها، و12 من وارداته تمر عبر البحر الأحمر ، وتقدر الصادرات السنوية بأكثر من 20 مليار دولار سنويّاً.
مع إغلاق اليمن للبحر الأحمر أمام السفن الصهيونية، ثم إعلانه منع كل السفن المتجهة من وإلى موانئ الكيان الصهيوني، يصبح الكيان تحت حصار بحري شبه كامل، وهو ما عبّر عنه مسؤولون صهاينة يوم أمس، وما أكدته وسائل الإعلام الصهيونية أيضا.
ولا تكمن أهمية ما فعله اليمن في إغلاق البحرين الأحمر والعربي أمام الصهاينة وسفنهم- وكل السفن الأخرى المتجهة إلى موانئهم – في الجانب الاقتصادي والأضرار التجارية، بل تمس صميم الأمن القومي الإسرائيلي الذي يرتكز عليه الكيان منذ نشأته.
استراتيجيا تكمن أهمية البحر الأحمر في منظومة الأمن الإسرائيلية بأنه الممر الوحيد الذي يمنحها منفذا بحريا على أفريقيا وشرق آسيا، وكانت واحدة من الخطوات الأولى التي اتخذها الكيان الصهيوني بعد الإعلان عن إنشائه عام 1948، احتلال قرية أم الرشراش الأردنية عام 1949، وأنشأ على أنقاضها الميناء المعروف بميناء «إيلات» المجاور لميناء العقبة الأردني، كما أن النظرة الاستراتيجية الإسرائيلية للبحر الأحمر تنطلق من كونه يضع الكيان على خريطة الحدود مع مصر والأردن والسعودية، ويضمن له شريان التجارة وحركة السفن مع شرق آسيا ودول أفريقيا التي تعد سوقا مفتوحة للصادرات الصهيونية.
وللصهاينة أحلام قديمة في البحر الأحمر، عبر عنها بن غوريون مؤسس الكيان الصهيوني وأول رئيس وزراء للكيان، بمقولة تنتشر في الوثائق والصحافة «إنني أحلم بأساطيل داوود أن تمخر عباب البحر الأحمر، إننا محاصرون برا، والبحر الأحمر هو طريقنا الرئيسي للمرور إلى يهود العالم والاتصال بهم».
وكان وزير الخارجية الصهيوني خلال حرب 1973، آبا ايبان قد قال «إن أمنَ إسرائيل محدّدٌ ببقاء مخرجها الأمني الحر إلى البحر الأحمر وبأنها ستدافِعُ عنه بأي ثمن»، شمعون بيريز هو الآخر والذي كان يشغَلُ وقتَها (مارس 1973م) وزيرَ المواصلات، ثم تولى رئاسة الكيان، قال «البحر الأحمر أهم خط للمواصلات البحرية الصهيونية»، وقد عمل العدو الصهيوني على إنشاء قوات تحمي مروره في البحر الأحمر، لكن قرار اليمن بإغلاقه وتنفيذه الفعلي قد أسقط الاستراتيجية الصهيونية أرضا.
قرار اليمن بإغلاق البحر الأحمر، يعد هو الأول من نوعه لناحية التنفيذ وأيضا لناحية أنه اشتمل على ما يشبه الحصار الكامل على الصهاينة، وتاريخيا أغلقت اليمن باب المندب في حرب 73، لكن الأمر لم يدم ولم ينفذ على نحو فعلي لفرض الحصار، كما أن اليمن قد أسقط أهم الأهداف الاستراتيجية للكيان الصهيوني منذ نشأته والمتمثلة في تأمين طرق التجارة عبر البحر الأحمر.
على المستوى العسكري فإن لدى الكيان الصهيوني قواعد كثيرة في القرن الأفريقي، أنشأها خلال العقود الماضية بهدف تأمين التجارة الصهيونية إلى أفريقيا التي اندفعت الشركاتُ التجارية اليهودية لغزوها منذ وقت مبكر، ومن شأن إغلاق اليمن البحر الأحمر أمام السفن الصهيونية أن يقطع خطوط التواصل بين الكيان وقواعده، ويؤدي إلى عزلها بحريا.
علاوة على الاتفاقات التي وقعها الكيان مع دويلة الإمارات، مؤخرا، حول التعاون بين موانئ دبي وموانئ الكيان الصهيوني، والتي تشمل عمليات الشحن والتبادل التجاري والبضائع، فإن المنفذ البحري الوحيد بين موانئ الإمارات وموانئ الكيان هو البحر الأحمر، ولا معنى لوجود تعاون بحري بين الجانبين إذا كانت السفن تمر عبر رأس الرجاء الصالح وليس البحر الأحمر.
خلال العقود الماضية عمل الكيان الصهيوني على تقوية علاقاته بدول شرق أفريقيا مثل إثيوبيا وإريتريا، وحيّد مصر عن الصراع باتفاقية كامب ديفيد، وفي أجواء التنافس شكّلت اتفاقية التطبيع مع دويلة الإمارات منفذاً مهماً للكيان الصهيوني لمد جسور الاتصال والتواصل البحري عبر البحر الأحمر وخليج عدن، وكان من ثمار ذلك توقيع شركة موانئ «دبي العالمية» عام 2020، ثلاث مذكرات اتفاقات مع شركة «دوفر تاور» الإسرائيلية، تضمنت إنشاء خطٍّ ملاحيّ مباشرٍ بين ميناء «إيلات» وميناء جبل علي على ساحل الخليج العربيّ، الأمر الذي منح الكيان الصهيوني تواجداً أكبر في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن.
غير أن قرار اليمن وتنفيذه الفعلي بمنع مرور السفن الصهيونية، قد قطع خطوط الاتصال والتواصل البحري بين ميناء إيلات الصهيوني وميناء جبل علي وغيره من الموانئ الإماراتية، كما أن القرار أسقط اتفاقية (I2U2)، وهي مجموعة للتعاون الاقتصادي تأسست عام 2022، تضمّ الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والهند ودويلة الإمارات، وتهتم المجموعة بمواضيع من قبيل أمن الطاقة والنقل، التي تشكّل أهميّةً استراتيجيّةً للكيان الصهيوني، وعزل الإمارات والهند عن الكيان الصهيوني بشكل شبه كامل، وأوقف الشحن البحري الصهيوني في البحرين العربي والأحمر.
خسائر صهيونية باهضة
إغلاق باب المندب أمام السفن الصهيوني، تسبب في شلل شبه كامل للتجارة الصهيونية – حسب ما تقوله مصادر متعددة – إذ أن المضيق يُعتبَرُ أَهمِّ شرايين الحياة بالنسبة للكيان الصهيوني؛ لكونه المنفذَ الوحيدَ للسفن التجارية من وإلى ميناء أم الرشراش، وبالإضافة إلى خسائر شركات الشحن التي تسلك طرقا بعيدة عبر رأس الرجاء الصالح، فإن القرار أغلق ميناء إيلات تماما.
وتؤكد مصادر أن ميناء إيلات أصيب بالشلل التام وقام بتسريح ما لا يقل عن 40 ألف عامل صهيوني كانوا يعملون في المصانع وفي التجارة البحرية، كما أشارت إلى توقُّف صادرات الفوسفات والإسمنت إلى الدول الأفريقية وتوقفت 20% من واردات الكيان الصهيوني.
ميناء أم الرشراش
“إيلات” منذ تأسيسه، أولى كيان العدو الصهيوني اهتماماً مركزيّاً بأمنه البحريّ، وبعد أن احتل أمّ الرشراش، أقصى جنوب فلسطين، عام 1949م، بنى فيها ميناء «إيلات» ليكون لها منفذاً نحو البحر الأحمر، والذي بات اليوم معطلا تماما وخاليا من أي سفن بعد إغلاق البحر الأحمر أمام السفن الصهيونية، والمتجهة إليه.
أما على المستوى الاقتصادي، فإن الكيان الصهيوني ينظر إلى البحر الأحمر كمنفذ حيوي يرتبط بميناء إيلات أعلى شمال البحر الأحمر، ومنه تنطلقُ التجارة الصهيونية لتعبُرَ البحرَ الأحمرَ ومن ثم مضيق باب المندب سواءً تجارة الفوسفات والأسمنت حيث عمل الكيان على تحويل مناطقَ أفريقية بأكملها إلى سوق للتجارة الإسرائيلية، ولا يتم ذلك إلا عن طريق البحر الأحمر، إضافة إلى أن نسبة كبيرة من واردات الكيان الصهيوني تأتي عن طريق البحر الأحمر، سواءً البترولية منها أَوْ المنتجات الأخرى.
ولهذا فإن المعادلة التي فرضها اليمن بمنع السفن الصهيونية أولا من الإبحار والمرور، ثم بمنع مرور السفن أيا كانت جنسيتها من الوصول إلى موانئ الكيان الصهيوني، هي تقويض فعلي لاستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي، وهي بالفعل حصار بحري واسع يضر بالتجارة الصهيونية. ميناء إيلات – الذي يستقبل بشكل روتيني معظم السيارات التي تصل إلى الكيان الصهوني – قد تعرض لأضرار بالغة بالفعل، تقول وسائل إعلام صهيونية، وبذلك سيتم في الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي استيراد 37-47 ألف سيارة عبر الميناء كل ربع من أصل 105-86 ألف سيارة تم استيرادها في تلك الأرباع إلى كافة موانئ الكيان، وفي أكتوبر الماضي، تم إدخال حوالي 9000 سيارة فقط عبر الميناء.
في الوقت نفسه، فإن اليمن بإغلاقه للبحر الأحمر قد أغلق أمام الكيان الصهيوني منطقة أفريقيا التي تعد سوقه المفتوح لصادراته ومنتجاته ، علاوة على أنه أسقط فعليا أحلاما يهودية قديمة. التجارة البحرية مشلولة وهي عصب الاقتصاد الإسرائيلي أدت التغيرات الجيو-سياسية في السنوات الأخيرة إلى زيادة أهمية البحر الأحمر، الذي يعد ممرّاً للبضائع القادمة من شرق آسيا، ومن خلال المرور عبر قناة السويس، يجري تفريغ البضائع المتجهة إلى الكيان الصهيوني في ميناءي أسدود وحيفا على البحر الأبيض المتوسط، فضلاً عن تلك التي تصل مباشرة إلى ميناء إيلات المُطل على خليج العقبة.
الكيان الصهيوني لا يمارس أي تجارة عن طريق البر – كما تفعل أوروبا على سبيل المثال – ويعتمد بشكل كبير على موانئها البحرية التي يمر عبرها أكثر من 98% من تجارة البضائع الصهيونية، حسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
وبالنظر إلى البيانات، فإن تجارة الكيان الصهيوني قد تحولت هي الأخرى إلى دول شرق وجنوب شرق آسيا في السنوات الأخيرة، ما يعني أن تجارتها باتت تعتمد أكثر على الخطوط البحرية التي تمر عبر مضيق باب المندب وقناة السويس، ففي عام 2006، وصل نحو 191 ألف حاوية بضائع إلى الشواطئ الإسرائيلية من شرق آسيا، بينما جاءت 268 ألف حاوية من أوروبا الغربية.
ولكن بحلول عام 2019، جرى تفريغ ما يقارب 278 ألف حاوية قادمة من آسيا في موانئ أسدود وحيفا، بينما انخفض العدد من أوروبا الغربية إلى نحو 260 ألف حاوية، وفقاً لما نقلته هآرتس.
ولهذا فإن قرار اليمن يعني عزل الكيان الصهيوني عن أفريقيا وعن آسيا بشكل كامل، وارتفاع تكاليف الشحن والتامين وطول المسافات أيضا لا يخدم التجارة البحرية التي يعتمد عليها الكيان الصهيوني بشكل أساسي.
ارتفاع أسعار النقل البحري
وفقاً لموقع Globes الإسرائيلي، تسببت عمليات اليمن في البحر الأحمر في ارتفاع أسعار النقل من الصين إلى الكيان الصهيوني خلال الأسبوع الأول في العملية الأولى بنسبة تتراوح بين 9% – 14% في الأسبوعين الأخيرين من أكتوبر، لكن الإعلان يوم أمس من شأنه أن يوسع ذلك.
واعترف يهودا ليفين، رئيس قسم الأبحاث في شركة Freightos للتكنولوجيا الفائقة، وهي منصة رقمية لإدارة الشحن باستخدام سفن الشحن والطائرات والشاحنات التي تسمح للمستوردين والمصدّرين بمقارنة أسعار الشحن في الوقت الفعلي، بزيادة أسعار الشحن للسفن المغادرة والداخلة موانئ الكيان الصهيوني من الصين بعد الحرب.
وقال ليفين لـGlobes: «هذا يؤثر بالفعل في جميع البضائع التي تصل إلى الكيان الصهيوني من الصين إلى ميناء أسدود، التي بدأ سعرها في الارتفاع خلال الأسابيع الأخيرة».
وأضاف: «هذا انحراف بالنسبة للاتجاه العام للتجارة بين آسيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، إذ شهدنا بالفعل انخفاضاً طفيفاً في الأسعار خلال تلك الفترة».
سلوك طرق بعيدة
قرار اليمن بإغلاق البحر الأحمر فرض على السفن الصهيونية أولا المرور عبر رأس الرجاء الصالح، وثانيا وضع الكيان تحت حصار بحري شبه كامل، حيث تصبح كل الواردات والصادرات، بما فيها تلك التي تشحنها سفن أخرى غير صهيونية، المرور عبر رأس الرجاء الصالح، وذلك سيكلف الصهاينة كثيرا – حسب مراقبين.
حيث تحتاجُ السفنُ إلى الدوران حول قارة أفريقيا ومن ثم الوصول إلى مضيق طارق، قبل عبور البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى فلسطين المحتلة، فيما الطريق المختصر لجميع السفن القادمة من الشرق يتمثّلُ في الوصول إلى البحر العربي ومن ثم خليج عدن والعبور عبر باب المندب ومن ثم البحر الأحمر وصولاً إلى السويس أو «إيلات».
من ناحية أخرى، كتب صحفي إسرائيلي قال: «إسرائيل» دولة تجارية متطورة للغاية، والوصول إلى البحر الأبيض المتوسط وعدم تفريغ البضائع في «إسرائيل» يمثل خسارة فادحة، ويضيف «صحيح أن الانعطاف يمكن أنه سيتم إجراؤه عبر أفريقيا، كما أعلن زيم، لكن كل رحلة من هذا القبيل تستغرق حوالي ثلاثة أسابيع أخرى وسترتفع تكلفتها بمقدار نصف مليون إلى مليون دولار، بالإضافة إلى ذلك، يجب إضافة السفن للوصول إلى تردد مرة واحدة في الأسبوع».
تهديدات حقيقية
ولا يقتصر الأمر على ارتفاع أسعار الشحن والتأمين وتغيير السفن الإسرائيلية لمسارها، بل يصاحبه أيضاً تأخيرات واختناقات مرورية بأعداد أكبر من المعتاد، إذ أبلغت شركة الشحن MSC عن اختناقات مرورية عند مدخل ميناء أسدود، كما حوّلت شركة Evergreen السفن إلى حيفا البعيدة نسبيّاً عن صواريخ المقاومة الفلسطينية.
من جانبه، أوضح البروفيسور شاؤول تشوريف، الأميرال المتقاعد وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة حيفا، أنه قلِق من شيئين: الأول هو التهديد الذي يواجه الملاحة في البحر الأحمر، على سبيل المثال، ما سيحدث إذا بدأ «الحوثيون» بمهاجمة ليس فقط السفن المملوكة للإسرائيليين ولكن تلك التي تتجه إلى أو من إسرائيل، والثاني يتعلق بالموانئ نفسها في أثناء الحرب، حسبما قال موقع TheMarker الإسرائيلي.
وأضاف تشوريف قائلاً: «إن العالم البحري حساس والبيئة الأمنية غير المستقرة لها تأثير فوري، وخلال الأيام الأولى من الحرب في الجنوب، كانت توجد سفن أعلنت أنها لن ترسو في ميناء عسقلان النفطي»، وتابع: «في بداية الحرب، وُجد انخفاض بنسبة 40% في حركة المرور في أسدود، وما يحميها هو القبة الحديدية»، في إشارة إلى أحد أنظمة إسرائيل المضادة للصواريخ.
وقال شوريف: «إذا تطورت جبهة ثانية في الشمال وتعرض ميناء حيفا للخطر، فإن المشكلة ستكون أكثر خطورة، لذا فإن الطرق البحرية ليست سوى جزء من المشكلة، ويجب أيضاً أن تؤخذ الموانئ بعين الاعتبار».
الثورة
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: البحر الأبیض المتوسط إلى الکیان الصهیونی إغلاق البحر الأحمر للکیان الصهیونی السفن الصهیونیة فی البحر الأحمر منع مرور السفن الصهیونی من میناء إیلات قرار الیمن باب المندب ألف حاویة إلى موانئ إلى البحر شبه کامل شرق آسیا ومن ثم
إقرأ أيضاً:
المقاومة مستمرّة: الكيان الصهيوني تحت مجهر القانون
الثورة نت/..
يستمر العدو الصهيوني في عدوانه الوحشي على غزة ولبنان في ظل صمت عربي ودولي فاضح، تجاوز حدود “الحيادية” بأشواط ليبلغ حدود التآمر والمشاركة في العدوان، وقد لعبت الولايات المتحدة الأمريكية الدور الأبرز في تشكيل خط الدفاع الأول عن حليفتها “إسرائيل” على مستوى المحافل الدولية، لا سيما أمام القضايا القانونية المرتبطة بجرائم الحرب والإبادة.
هذا الواقع فرض نفسه على الساحة القانونية والحقوقية، وكان محور اهتمام ومتابعة من قبل العديد من القانونيين والناشطين في المجال الحقوقي وضد العدوان الصهيوني، وفي هذا السياق كانت التحديات والقضايا المرتبطة بهذا الواقع محط دراسة ومتابعة في جدول أعمال الندوة التي نظمها المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، تحت عنوان “حقوقيون ضد العدوان، في المواجهة القانونية.”
الندوة تخللها العديد من المداخلات حول قضايا وأفكار متشعبة تصب جميعها في قالب واحد، وهو المواجهة القانونية لجرائم العدو الصهيوني باختلاف طبيعتها، وقد نتج عنها مجموعة من التوصيات التي يتعزّز عبرها المسار القانوني لهذه المواجهة، ومساءلة “إسرائيل” في المحافل الدولية بكل الوسائل الممكنة والمتاحة.
البداية مع نائب مدير المركز ورئيس “مرصد قانا لحقوق الإنسان” الدكتور محمد طيّ الذي أوضح أنه وقبل الحديث عن طبيعة جرائم العدو، لا بد من تحديد المنهجية التي على أساسها تعالج هذه الجرائم، بمعنى أنه لا يجب أن ننجر إلى معالجتها على طريقة الأوروبيين، لأن هؤلاء معترفون أساسًا بالعدو الصهيوني كـ”دولة”، لكننا نرى أن هذا الكيان زُرع لهدف معين يخدم الدول الأوروبية من جهة، ويحقق مصالح خاصة بالصهاينة من جهة أخرى.
جرائم “إسرائيل” بالطبع، لم تبدأ اليوم، وهي ليست وليدة العدوان الحالي، وبالتالي يجب أن تعالج على ضوء تاريخيّتها، بمعنى أنها جرائم متواصلة ومستمرة ولها أهداف محدد. هدفها القريب هو كسر المقاومة، أما الغاية الكبرى فهي إخلاء الأرض من سكانها للاستيلاء عليها.
لهذه الجرائم تصنيف يستند إلى طبيعة كل منها. البداية مع الأخف خطورةً وهي جريمة الحرب، لا سيما وأن “إسرائيل” تستهدف المدنيين وتقتل الأسرى، وجريمة الفصل العنصري، وقصف المدن والقرى غير المحمية، وهي سياسة ممنهجة ومتّبعة وهادفة إلى إخلاء الأرض والاستيلاء عليها، ولا تنطوي أبدًا تحت مسمى “خسائر حرب تبعيّة”، كما يحاول بعضهم تصنيفها.
نوع آخر من الجرائم يسمى “جرائم ضد الإنسانية”، وذلك حين نشهد استهداف مدنيين على نطاق واسع وبشكل مبرمج، وهذا الأمر لا يجري صدفةً بل هو مخطط ومبرمج، أما جريمة “إبادة جنس بشري” وهي تعدّ أخطر، فهي تعني التوجه إلى مجموعة من الناس من أجل إهلاكها كليًا أو جزئيًا، على أن تكون هذه الجماعة قومية أو دينية أو إثنية أو عرقية، ولا يقال عنها جريمة إبادة جماعية، لأن وطأتها وخطورتها هي أكبر من ذلك بكثير، وهذا التغيير في المسمى، أو تعديل المصطلح يصب بالطبع في مصلحة العدو لأنه يخفف من وطأة إجرامه.
أخيرًا وليس آخر، تأتي جريمة “إلغاء وطن” وهي جريمة خطيرة رغم أن بعض المتخصصين يصنفها جريمة سياسية، وإقامة ما يسمى بالكيان “الإسرائيلي” على أنقاض وطن آخر كفلسطين، هي الحقيقة الأكثر تطابقًا مع هذا النوع من الجرائم، وهذا ما يجب علينا أن نفرضه ونبيّنه ونشرحه للرأي العام العالمي.
وفيما يرتبط بالتوصيات والآليات المعتمدة لتنفيذها، فإن أهمها، ما هو مطلوب من الحكومة اللبنانية القيام به من التحرك لمخاطبة المنظمات الدولية، كمجلس حقوق الإنسان والمنظمات المختصة بالطفولة والنساء وغيرها، بالإضافة إلى ما هو مطلوب من الحقوقيين على صعيد التواصل مع نقابات المحامين في أرجاء العالم خاصة في الدول الصديقة، ومنظمات الحقوقيين، مثل جمعية الحقوقيين العرب والجمعية العربية للعلوم السياسية، وسائر الجمعيات التي تهتم بالجانب الحقوقي.
الدكتور طي أكد أن نشر وتعميم ما تم التوصل إليه يعطي شرعية للدول التي تقاطع العدو الصهيوني، وأيضًا للحركات التي قامت ضد هذا العدو وما زالت تقوم في أوروبا وأميركا وغيرها، كما أن إظهار أحقيّة الشعوب في مواجهة وحشية العدو الصهيوني، يسقط عنها تهمة الإرهاب بوصفها حركات مقاومة، ويضغط على الحكومات التي تدعم العدو ويعرّضها لمساءلة شعبها، كما أن هذا الأمر يخلق حالة من الاضطراب في الساحة الداخلية للعدو ويعطي المقاومات بالمقابل زخمًا ويشجعها على مواصلة النضال وتشديده.
في سياق الندوة، شدد الدكتور عقل عقل على أن العدالة تنتزع ولا تطلب، وما نشهده اليوم من صمت عربي ودولي هو تواطؤ مكشوف يجب التصدي له بالأدوات القانونية والسياسية المتاحة، والتي تشمل المحكمة الجنائية الدولية، محكمة العدل الدولية، المحاكم الدولية بفضل الولاية القضائية العالمية، والتعاون مع المنظمات الدولية. وفي المقابل أشار الدكتور عقل إلى التحديات السياسية والقانونية التي تواجه لبنان في مسار محاكمة “إسرائيل”، والتي تتمثل بـ”الفيتو” الأميركي في مجلس الأمن، ونسف “إسرائيل” لكل مبادئ القانون الدولي، والضغط السياسي الدولي الذي تتعرض له المحاكم الدولية.
الدكتور عقل، أكد أنْ لا حصانة للعدوان، وأن على المجتمع الدولي أن يختار بين العدالة والتواطؤ، وملاحقة جرائم العدو هي واجب وليست خيارًا، وكل من يسعى لحجبها هو شريك في الجريمة.
مداخلة أخرى في الإطار عينه للدكتور حسن جوني الذي رأى فيها أن العدو “الإسرائيلي” ارتكب في عدوانه على فلسطين و لبنان كل الجرائم الدولية خصوصًا جريمة الإبادة الجماعية، وإبادة الأجناس البشرية التي تعتبر في القانون الدولي من أخطرها حسب المادة السادسة من نظام روما، وارتكابها يهدد السلم والأمن الدوليين.
الدكتور جوني أشار إلى أن العدو “الإسرائيلي” يلاحَق أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة، وقد اعتبرت المحكمة في تقريرها الاحترازي أن “إسرائيل” قد ارتكبت هذه الجريمة بحق أهل غزة الذين يشكلون مجموعة بشرية ثابتة في فلسطين المحتلة، كما أن عدة دول انضمت إلى دولة جنوب إفريقيا في ملاحقة المجرم “نتنياهو” وغيره من الصهاينة بتهمة ارتكاب هذه الجريمة.
أبرز المداخلات كانت أيضًا للدكتور خالد الخير، الذي تحدث فيها عن موضوع “المسؤولية الدولية” عن الجرائم “الإسرائيلية” المرتكبة، فحدد القواعد القانونية الدولية التي تحكم المسؤولية المدنية والتي بموجبها تكون دولة الاحتلال ملزمة بالتعويض العيني والمالي عن الأضرار التي تسببت بها وذلك استنادًا إلى العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية أهمها ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف 4 والبروتوكول الإضافي الأول وقرارات مجلس الأمن وغيرها، وهنا الحديث يشمل بالطبع كل من غزة ولبنان وسورية خاصة في ظل ما تشهده حالياً.
الدكتور خير تناول أيضًا قواعد المسؤولية الجزائية التي تنطبق على جرائم الاحتلال المتمثلة بجرائم الإرهاب والحرب والعدوان والجرائم ضد الإنسانية وجريمة إبادة جنس بشري، وليس آخرها جريمة اغتيال القادة التي تعد من أخطر الأنواع، مؤكدًا أن العدو مارس كل هذه الجرائم بحق الشعوب في فلسطين ولبنان وسورية، منتهكًا كل القوانين والمواثيق والقرارات الدولية.
المصدر: العهد الاخباري: سارة عليان