اعتبرت وكالة بلومبرج الأمريكية، أن التعويم الجزئي وربما الكامل لسعر صرف العملية المحلية في مصر (الجنيه) سيكون أبرز تحركات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بعد إعادة انتخابه المتوقع؛ لانتشال اقتصاد بلاده المتعثر، والحصول على مساعدات مالية دولية وخليجية. 

وذكرت الوكالة أن الخبراء يتوقعون أن يتم تنفيذ خطوة التعويم في الفترة ما بعد الانتخابات الجارية وقبيل الانتهاء من مراجعات صندوق النقد الدولي في أوائل 2024.

 

وأشارت الوكالة إلي أن  سندات مصر الخارجية واجهت ضائقة مالية خلال معظم العام الماضي، ومن المرجح أن تكون هناك حاجة لمزيد من التخفيضات في قيمة الجنيه (التعويم) لإطلاق المزيد من حزم الإنقاذ.  

قال عبد القادر حسين، العضو المنتدب للدخل الثابت في "أرقام كابيتال ليمتد" في دبي: "فوز السيسي بالانتخابات هو التوقع السائد. أما بالنسبة لما يلي، فأعتقد بأن السوق تتوقع دعم صندوق النقد الدولي ودول مجلس التعاون الخليجي، وربما حتى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لمصر اعتماداً على كيفية تطور المأساة في غزة". 

تعويم جزئي أو كامل 

يدرس صندوق النقد الدولي زيادة حزمة مساعداته لمصر، مما قد يرفع برنامجه إلى أكثر من 5 مليارات دولار مقارنة بـ3 مليارات مقررة حالياً. ومصر بالفعل ثاني أكبر مقترض من الصندوق بعد الأرجنتين التي تخلفت عن السداد أكثر من مرة. 

وتتزايد التكهنات أيضاً بأن مصر ستحصل على المزيد من الأموال من الحلفاء العرب في مجلس التعاون الخليجي، بل والغرب، كونها المنفذ الحاسم لوصول المساعدات إلى غزة وسط حرب إسرائيل مع حركة "حماس".  

ولكن الشرط الأهم لصرف جزء من رأس المال هذا يتوقف على تخفيف الضوابط المفروضة على سوق الصرف الأجنبي؛ إن لم يكن التحرير الكامل. 

ورغم أن الجنيه المصري فقد نحو نصف قيمته مقابل الدولار منذ مارس/آذار 2022، يراهن المتعاملون في سوق المشتقات المالية على أن مصر ستضطر إلى السماح بانخفاض سعر الجنيه 40% أخرى خلال العام المقبل.  

وهذا من شأنه أن يهوي بالعملة إلى ما يقل قليلاً عن 50 جنيهاً مقابل الدولار الواحد، مقارنة بـ30.85 حالياً.  

وقال تشارلز روبرتسون، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي في "إف آي إم بارتنرز" "أتصور أنه بعد فوز السيسي سيجري تخفيض قيمة العملة 20% ثم الحصول على تمويل أكبر من صندوق النقد الدولي. ربما يكون هذا أمراً إيجابياً للسندات المصرية بالدولار -ربما للأسهم أيضاً- إذا اعتُبر انخفاض قيمة الجنيه كافياً للتخلص من أزمة العملات الأجنبية". 

بالنسبة لسندات مصر الخارجية، فإن السؤال هو ما إذا كانت مصر قادرة على إنجاز كل المطلوب لمعالجة الاضطرابات التي تعاني منها سوقها الاقتصادية والمالية. 

اقرأ أيضاً

التعويم الرابع للجنيه.. هل تستبعده مصر أم تنتظر سيولة أجنبية؟

وساعد التفاؤل بأن السيسي سيحاول بذل الكثير من الجهد في رفع قيمة السندات خلال الأسبوع الماضي.  

بل إن علاوة المخاطر التي يطلبها المستثمرون للاحتفاظ بسندات مصر الدولارية بدلاً من سندات الخزانة الأمريكية انخفض إلى ما دون عتبة 1000 نقطة أساس التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها مؤشر على التعثر. 

وقال أدريان دو توا، مدير الأبحاث الاقتصادية للأسواق الناشئة بمؤسسة "ألاينس برنشتاين" المقيم في لندن: "كان أداء سندات اليوروبوند جيداً على أساس التوقعات بأنه بمجرد زوال المخاطر المتعلقة بالانتخابات، سيكون لدى الحكومة المصرية مساحة أكبر للمناورة وسيستجيب صندوق النقد الدولي بالمثل. نعتقد بأن هذا معقول وأن الرهانات الهبوطية عفا عليها الزمن". 

ويرى دو توا أن الخطر، بطبيعة الحال، يتمثل في أن توقعات الانتعاش وتراجع السندات ستتلاشى إذا لم يكن هناك إنجاز للتعهدات بحلول أوائل عام 2024. 

الأموال الساخنة وتراكم فوائد الديون 

في قلب الأوضاع المالية السيئة التي تعاني منها مصر حالياً، تبرز إشكالية الأموال الساخنة، حيث تتدفق محافظ الأموال المتقلبة على الأسهم والسندات، ولكنها يمكن أن تغادر بنفس السرعة التي وصلت بها (إلى الأصول المصرية).  

وعرضت مصر منذ فترة طويلة بعضاً من أعلى أسعار الفائدة الحقيقية في العالم من أجل جذب النقد الأجنبي اللازم لسد العجز. لكن ذلك تركها ترزح تحت عبء ديون مرهقة.  

وطوال العقد الماضي، اضطرت مصر إلى تخصيص أكثر من نصف دخلها الضريبي لدفع الفوائد على ديونها.  

وفي الفترة من يوليو/ تموز إلى سبتمبر/أيلول هذا العام، بلغت تكاليف الفائدة أكثر من 1.5 مرة إيرادات الضرائب، وفقاً لبيانات وزارة المالية. واقترنت استدامة هذه الاستراتيجية باستمرار تدفق رؤوس الأموال.  

لكن عندما غزت روسيا أوكرانيا في 2022، لم تتوقف الأموال الساخنة عن التدفق فحسب، وإنما تخارجت مع ارتفاع التضخم على واردات السلع الأساسية المكلفة، مثل القمح والنفط.  

وانخفض صافي تدفقات استثمارات المحافظ إلى 3.8 مليار دولار في السنة المالية "2022-2023"، مقارنة بـ21 مليار دولار في السنة السابقة.  

وتحاول مصر منذ ذلك الحين إعادة اقتصادها إلى المسار الصحيح وجذب المستثمرين مرة أخرى.  

لكن وكالتي "فيتش" و"موديز إنفستورز سيرفيس" خفضتا تصنيف مصر الائتماني في الأشهر القليلة الماضية، وأشارتا إلى النقص المستمر في العملات الأجنبية والديون المكلفة على البلاد. 

هذه المخاطر مجتمعة -وارتفاع أسعار الفائدة العالمية- حرمت مصر من الدولارات التي تحتاجها لدفع ثمن السلع الأساسية المستوردة وأجبرتها على تخفيض قيمة العملة. 

كتب الخبراء الاستراتيجيون في "دويتشه بنك"، بمن فيهم كريستيان فيتوسكا، في مذكرة بتاريخ 6 ديسمبر/ كانون أول، أن الاتساع الكبير بين السعر الفوري للعملة المحلية وسعر السوق الموازية (السوداء) يشير إلى ضغوط متزايدة، ما يؤكد الحاجة إلى تخفيضات إضافية لقيمة الجنيه.  

وأوضح الخبراء: "من المرجح القيام بجولة جديدة من تخفيض قيمة العملة بعد الانتخابات الرئاسية وقبيل الانتهاء من مراجعات صندوق النقد الدولي في أوائل 2024". 

اقرأ أيضاً

توقع تأجيل التعويم.. سيتي جروب: التوقعات التشاؤمية للاقتصاد المصري وصلت إلى ذروتها جزئياً

 

المصدر | بلومبرج- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: عبدالفتاح السيسي التعويم الجنيه المصري أحداث غزة الانتخابات الرئاسية صندوق النقد الدولی أکثر من

إقرأ أيضاً:

صندوق النقد يوافق على صرف الشريحة الرابعة من قرض مصر

(CNN) -- أعلن وزير المالية المصري، الدكتور أحمد كوجك، أن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي وافق، خلال اجتماعه اليوم، على صرف الشريحة الرابعة من قرض مصر، وذلك خلال كلمته في حفل إفطار مصلحة الضرائب المصرية.

وتوصلت مصر في ديسمبر الماضي إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن المراجعة الرابعة لبرنامج الدعم الموسع، الذي تبلغ قيمته 8 مليارات دولار، مما يتيح للقاهرة الحصول على نحو 1.2 مليار دولار أميركي.

وقال الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح إن موافقة صندوق النقد على صرف الشريحة الرابعة تعكس التزام الحكومة المصرية بتنفيذ تعهداتها، رغم احتمال تأجيل تنفيذ بعض الإجراءات وفقًا للأوضاع الداخلية والتوترات الجيوسياسية في المنطقة، واعتبر أن هذه الموافقة علامة إيجابية على استمرار الحكومة في تنفيذ برنامجها الإصلاحي.

وأضاف في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن ثقة المستثمر الأجنبي في الاقتصاد المصري تستند إلى عدة عوامل، من أبرزها تقارير المؤسسات المالية الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، الذي ينظر إليه كراع رئيسي للإصلاح الاقتصادي في مصر، كما أشار إلى أن وكالات التصنيف الائتماني تعتمد جزئيًا على تقييمات المؤسسات الدولية، ما يعزز موقف الاقتصاد المصري أمام المستثمرين.

وأكد أن الأثر الحقيقي لا يكمن في القرار بحد ذاته، بل في الإصلاحات الهيكلية المرتبطة به، والتي تضمن استدامة السيطرة على التضخم، حيث سجل معدل التضخم السنوي 12.8%، وهو ما يعد إنجازًا إيجابيًا، رغم تأثره بعامل سنة الأساس.

وسجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية 246.8 نقطة لشهر فبراير 2025، مسجلًا تضخمًا سنويًا قدره 12.5%، مقارنة بـ 23.2% في يناير 2025 وفقا لما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وقال أبو الفتوح إن التدفقات النقدية، سواء من موارد الدولة الداخلية أو الخارجية، تؤثر مباشرة على عجز الموازنة، حيث إن الإيرادات لا تكفي لتغطية الاستخدامات في مشروعات التنمية والمصروفات التشغيلية، وهو ما يجعل هذه التدفقات عاملًا مهمًا في تقليل العجز المالي للدولة.

وقال الخبير المصرفي محمد عبد العال وعضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، إن موافقة صندوق النقد على صرف الشريحة الرابعة تعكس نجاح مصر في تحقيق التوازن الهيكلي للاقتصاد والالتزام الكامل بالمتطلبات المتفق عليها مع الصندوق، سواء من حيث مرونة سعر الصرف، أو السياسة النقدية التقييدية، أو برامج الطروحات الحكومية.

وأضاف عبد العال في تصريحات خاصة لCNN بالعربية أن هذه الخطوة سيكون لها تأثير إيجابي في عدة مجالات، منها تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر، خاصة في ظل وجود صفقات مهمة قيد التنفيذ، كما سيحسن الصورة الذهنية لمصر لدى مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية، ما يعزز ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري.

وأشار عبد العال إلى أن انخفاض معدل التضخم الحالي جاء نتيجة تأثير سنة الأساس، وهو ما قد لا يعتمده البنك المركزي عند اتخاذ قرارات نقدية حاسمة مثل خفض أسعار الفائدة، وأكد أن البنك المركزي سيتريث حتى يأخذ التضخم مسارًا هبوطيًا مستدامًا قائمًا على عوامل حقيقية، وليس فقط على تأثير سنة الأساس.

مصرصندوق النقد الدولينشر الثلاثاء، 11 مارس / آذار 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • صندوق النقد يوافق على صرف الشريحة الرابعة من قرض مصر
  • رانيا المشاط: نجاح مصر في استكمال المراجعة الرابعة مع صندوق النقد الدولي يعزز الثقة في الاقتصاد
  • رانيا المشاط تؤكد نجاح مصر في تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي
  • صندوق النقد الدولي: الموافقة على شريحة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار لمصر
  • تنحي مدير إدارة الشؤون المالية بصندوق النقد الدولي عن منصبه
  • وزير المالية: صندوق النقد الدولي وافق على المراجعة الرابعة لبرنامج التمويل الخاص بمصر
  • رسميا.. حصول مصر على شريحة بقيمة 1.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي
  • صندوق النقد الدولي يبحث المراجعة الرابعة لتمويل مصر غدًا
  • عام على التعويم.. كيف أنقذ اقتصاد مصر رغم قفزة التضخم؟
  • تفاصيل صرف الدفعة الجديدة من قرض صندوق النقد الدولي