اعتبر محلل شؤون الشرق الأوسط الإسرائيلي زيفي بارئيل، الرئيس المصري حظي بمزايا سياسية واقتصادية سخية طيلة تولي حركة المقاومة الفلسطينية حماس مقاليد الحكم في غزة، لكن كل ذلك سينتهي في النموذج الجديد للقطاع الذي تريده إسرائيل وأمريكا. 

وأوضح بارئيل في تحليل نشرته صحيفة هآرتس العبرية، أن مصر ستجلس في المقعد الخلفي كفاعل في غزة الجديدة (بدون حماس) لعدم وجود خطة لديها للتعامل مع الوضع الجديد؛ الأمر الذي سيعرض مساعي السيسي الرامية لتسريع إصلاحات اقتصاد بلاده الغارق في أسوأ أزماته من سنوات للخطر.

  

ولفت إلى أن السيسي قدم موعد الانتخابات الرئاسية الجارية، التي كان من المقرر إجراؤها في مارس/أذار 2024، من السماح لنفسه بتسريع سلسلة من الإصلاحات المهمة التي يمليها صندوق النقد الدولي. 

إصلاحات صعبة  

ولمنع أي مناقشات لا داعي لها لخطط الإصلاح الاقتصادي الصعبة المحتملة، تم التخلص من المرشح الجاد أحمد طنطاوي من قائمة منافسي السيسي، وتم الإبقاء على 3 مرشحين ليس لديهم مكانة حقيقية أو دعم شعبي. 

والنتيجة متوقعة في الانتخابات الحالية، كما حدث في المرتين السابقتين في عامي 2014 و2018، حيث "فاز" الرئيس بـ 90% من الأصوات في كلتا المسابقتين 

ورأي بارئيل أن الإصلاحات الاقتصادية ستسمح لمصر بتأمين الأقساط التالية من قرض بقيمة 3 مليارات دولار بعد أن جمده صندوق النقد الدولي بسبب تأخر الإدارة في تنفيذ الإصلاحات المذكورة. 

واضاف أن الصندوق يطالب بتعويم سعر صرف الجنيه (العملة)، وخصخصة الشركات التي تسيطر عليها الحكومة، والأهم من ذلك، يخطط الصندوق لتقليص الجزء الذي يسيطر عليه الجيش فى الاقتصاد المصري، والذي يصل وفقا لتقديرات إلى نصف الاقتصاد المصري. 

وفي هذا العام وحده، سيتعين على مصر تسديد نحو 29 مليار دولار أمريكي من إجمالي دينها الخارجي البالغ نحو 165 مليار دولار، فيما يبلغ احتياطيها من العملات الأجنبية نحو 35 مليار دولار، لكن هذه ليست المشكلة الوحيدة. 

ويبلغ معدل البطالة في مصر نحو 17 %، ويصل معدل التضخم إلى 40 %، ويعيش حوالي 60% من السكان البالغ عددهم 105 ملايين نسمة حول خط الفقر. 

وإضافة لذلك، لا توجد استثمارات جديدة قادمة، وعائدات السياحة- التي تصل إلى حوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد- تعاني من تداعيات الحرب في غزة، مما أدى إلى تحطيم التوقعات الاقتصادية للدولة. 

وفي غضون ذلك، فإن مصر، الغارقة في واحدة من أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ سنوات، تحتاج إلى هذه الأموال على الفور. 

وبعد الانتخابات الرئاسية سيؤدي التعويم المحتمل للجنيه مرة أخرى إلى خفض قيمتها الرسمية، والتي تبلغ حاليًا 30 ليرة للدولار، أو 45 للدولار في السوق السوداء، وستقود تلك الخطوة حتماً إلى ارتفاع كبير آخر في أسعار السلع الأساسية المرتفعة بالفعل. 

أما الإصلاح الآخر، وهو خصخصة الشركات الحكومية وتقليص مشاركة المؤسسة العسكرية في الاقتصاد، فقد يضع الرئيس على مسار تصادمي مع الجيش، الذي أوضح مراراً وتكراراً أنه لن يسمح بأي إضعاف لمكانته. 

ورأي المحلل الإسرائيلي أن الحرب في غزة بين إسرائيل وحماس ستزيد من تفاقم مشاكل الاقتصاد، رغم أنها تساعد في الوقت الحاضر السيسي على تعزيز موقفه السياسي والاقتصادي. 

على سبيل المثال، وافق صندوق النقد الدولي على مناقشة مسألة زيادة حجم القرض الذي يمنحه لمصر إلى 5 مليارات دولار من 3 مليارات دولار. 

ويفتح الاتحاد الأوروبي أيضًا محفظته، ويفكر في تقديم مساعدة تتراوح بين 8 إلى 9 مليارات دولار في شكل إعفاء جزئي من الديون وإعادة هيكلة الديون الحالية، فضلاً عن خطة استثمارية طموحة. 

اقرأ أيضاً

الخوف من التغيير.. كيف ستساعد حرب غزة السيسي في الفوز بالولاية الثالثة؟

 

باعتبارها دولة شاركت في مفاوضات الرهائن، تلقت مصر الامتنان والثناء من الإدارة الأمريكية وتلاشت انتقادات الرئيس جو بايدن السابقة القاسية الموجهة إلى السيسي بسبب انتهاكات حقوق الإنسان. 

ويبقى أن نرى ما إذا كانت إدارة بايدن ستفرج عن مبلغ 85 مليون دولار الذي تم احتجازه سابقًا؛ احتجاجًا على سياسات القاهرة القمعية بحق المعارضين. 

غزة بدون حماس 

وذكر بارئيل أن السيسي، قاوم الخطط الإسرائيلية الرامية لمحاولة تهجير مئات الآلاف من سكان غزة إلى الأراضي المصرية. 

وأوضحت القاهرة أن اعتراضها على هذه الخطط لم يكن لأسباب اقتصادية - إذ تستضيف مصر بالفعل حوالي 9 ملايين لاجئ من الشرق الأوسط وأفريقيا - ولكن بسبب الخطر الذي قد يشكله تدفق اللاجئين من غزة على الأمن القومي للبلاد. 

وفي تصريحات لوزير الخارجية المصري سامح شكري، قال إن مصر فقدت حوالي 3500 من أفراد الأمن المصريين أثناء القتال ضد الإرهاب في سيناء، وآخر ما تحتاجه مصر الآن هو إقامة "إقليم لحماس" داخل حدودها. 

ويدرك السيسي أن ترحيل الفلسطينيين إلى سيناء لن يكون مؤقتًا، كما لن يكون لدى اللاجئين مكان يعودون إليه عندما تنتهي الحرب، وأن إعادة بناء مئات الآلاف من المنازل التي دمرها القصف الإسرائيلي ستستغرق سنوات قبل أن يتمكن أي لاجئ من الأمل في العودة. 

كما يدرك أن ملايين السوريين ومئات الآلاف العراقيين اللاجئين لم يعودوا بعد إلى ديارهم رغم أنهم يستطيعون ذلك. 

بالنظر إلى غزة في اليوم التالي للحرب بين إسرائيل وحماس، فمن المتوقع أن تلعب القاهرة دورا رئيسيا، وسيكون السيسي (بعد إعادة انتخابه المحسومة كرئيس)، الشخصية الرئيسية في تشكيل السياسة المصرية إزاء تلك الملف. 

لكن على الرغم من ذلك، فإن كل ما أوضحه السيسي حتى الآن هو أن الدولة الفلسطينية المستقبلية يجب أن تكون منزوعة السلاح. 

وفيما يتعلق بالفترة الانتقالية، فإن النظام في مصر لا يملك خطة فحسب، بل يتهرب بشكل منهجي من سؤال من سيدير العملية وكيف؟ 

واستشهد المحلل بإجابة وزير الخارجية سامح شكري على هذا السؤال في مقابلة مع مركز أبحاث المجلس الأطلسي قائلا إنه لا تتوفر لديه "أي فكرة عما سيحدث في المستقبل. ليس لدينا أي فكرة عما سيكون عليه الوضع في غزة أو المنطقة في نهاية الصراع". 

ودعا إلى ضرورة التركيز على ما يحدث على الأرض حاليا وإنهاء الصراع، ومن ثم الانتقال إلى تطوير استراتيجية بين مختلف المكونات للوصول إلى وضع أفضل. 

وذكر المحلل أنه فيما يتعلق بغزة الجديدة بدون حماس فإن مصر سيتعين عليها من الاندماج في النظام السياسي والعسكري الذي تديره الولايات المتحدة وإسرائيل والرامي للحفاظ على المصالح الأمنية الإسرائيلية والتأكد من أن غزة لن تصبح تهديدا مرة أخرى.  

ومن ناحية أخرى، أوضحت مصر على مدى عقود، وبشكل أكبر خلال الحرب، أنها لا تنوي تحمل مسؤولية إدارة غزة، حتى ولو بمساعدة قوة متعددة الجنسيات، وسوف تشارك بطبيعة الحال في إعادة إعمار غزة، ما دام ذلك لا يأتي على حساب مواردها المالية. 

وأوضح المحلل الإسرائيلي أن غزة تحت حكم حركة حماس قدمت للسيسي ونظامه مزايا سياسية واقتصادية سخية على مدار سنوات، أما الآن، فقد أصبحت تهديدًا تعتمد إزالته على إسرائيل والولايات المتحدة أكثر بكثير من مصر. 

وخلص بارئيل أن الوضع الجديد في غزة بعد حماس سيكون جديدا على السيسي، ويبدو أنه الرئيس المصري لا يستطيع حتى البدء فى حساب خطواته المقبلة في هذا الملف. 

 اقرأ أيضاً

ولاية رئاسية ثالثة محسومة.. هكذا استفاد السيسي من حرب غزة

 

 

المصدر | زيفي بارئيل/هاآرتس- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة بدون حماس غزة الجديدة ملیارات دولار بدون حماس فی غزة

إقرأ أيضاً:

معادلة ردع استباقي جديدة تُربِكُ حسابات العدوّ وتحبِطُ تحَرّكاته

يمانيون../
تواصلُ القواتُ المسلحة اليمنية تنفيذَ العمليات الصاروخية في عمق الاحتلال الصهيوني، مستهدفةً المواقع العسكرية التابعة للعدو في عمقه الحساس “يافا – تل أبيب”؛ ما يؤكّـد دخول اليمن بقوة في معركة تهشيم عظم العدوّ، وخلخلة قواه؛ بهَدفِ تعطيل القدر الممكن من تحَرّكاته العسكرية.
وفي عملية نوعية، تركت آثارًا غير مسبوقة، وفتحت معها الباب لمرحلة أقوى من التصعيد اليمني في مرحلته الخامسة، نفذت القوات المسلحة اليمنية عملية صاروخية استهدفت هدفًا عسكريًّا للعدو الصهيوني في “يافا”، محقّقة مبتغاها، ومعها أَيْـضًا تحقّقت العديد من الاضطرابات في كامل المنظومة الداخلية للعدو.
وأعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، مساء الاثنين، في بيان عسكري، تنفيذ العملية بصاروخ فلسطين2 البالستي الفرط صوتي، مؤكّـدًا أن العملية – التي تأتي ضمن المرحلة الخامسة من التصعيد – حقّقت أهدافَها بنجاح.
وحمل البيانُ رسائلَ شديدة اللهجة أكّـدت استعداد اليمن التام لردع أية حماقة أمريكية صهيونية بريطانية، حَيثُ أكّـد العميد سريع أن “القواتِ المسلحةَ ومعها كافةُ أبناء الشعبِ اليمنيِّ العزيزِ المجاهدِ على استعداد لمواجهةِ أي عدوانٍ إسرائيليٍّ أمريكيٍّ يستهدفُ اليمنَ وذلك بمزيدٍ من العملياتِ العسكريةِ النوعيةِ والمؤثرة”.
وإذ جدّدت القوات المسلحة التأكيدَ على ثبات المعادلة بـ “مواصلةِ تنفيذِ عملياتِها العسكريةِ وضربِ كافةِ الأهداف التابعةِ للعدوِّ الإسرائيليِّ في الأراضي المحتلّةِ”، والتأكيد على أن “هذه العملياتِ لن تتوقفَ إلا بوقفِ العدوانِ على غزةَ ورفعِ الحصارِ عنها، فقد أكّـدت هذه العملية ثبوت وثبات الفشل الصهيوني الأمريكي في خط المواجهة، حَيثُ لم تقتصر أصداء العملية على صافرات الإنذار التي دوت في كامل “تل أبيب”، بل ذاع صيت الفشل المعادي إلى مناطقَ واسعة بما حملته العملية من تداعيات على مختلف المستويات، منها هروب الملايين للملاجئ وكان على رأسهم المجرم نتنياهو، وتعطل مطار بن غوريون، ورفع حالة الطوارئ”.
وبالتركيز على رسالة القوات المسلحة اليمنية بشأن الاستعداد التام والجهوزية العالية لتنفيذ العمليات القوية والمؤثرة على العدوّ الصهيوني باستهداف مراكز قواه العسكرية، فَــإنَّ هذا يشير إلى جاهزية اليمن لكل السيناريوهات القادمة، في ظل الحديث عن تصعيد صهيوني مرتقب.

مؤشراتٌ استباقية قد تخلطُ أوراقَ العدوّ وخططه:
بهذه العملية وضمن المرحلة الخامسة من التصعيد، تؤكّـد القوات المسلحة اليمنية قدرتها على فرض زخم ناري كبير يضاعف الضغوط على العدوّ الصهيوني، إلا أنها أَيْـضًا تدشّـن مسارًا جديدًا من الضربات الاستباقية اليمنية التي تسعى لتهشيم صفوف العدوّ وجيشه الذي يسعى لشن عدوان واسع على اليمن، وفق تقارير صهيونية أشَارَت لذلك.
ونشرت وسائل إعلام صهيونية ودولية أن سلاح الجو الصهيوني يسعى لتنفيذ أكبر عملية جوية، دون أن تحدّد المكان أَو الزمان، غير أن المؤشرات تؤكّـد سعي العدوّ الصهيوني لتنفيذ عمليات عدوانية على اليمن وإيران، في ظل رفعه لعناوين الصفقة وقرب وقف إطلاق النار في غزة؛ وذلك بغرض إرباك المشهد في جبهات الإسناد، وَأَيْـضًا تحقيق أكبر قدر من المكاسب العسكرية قبل أي نجاح للصفقة – في حال كانت نواياه حقيقية لإبرامها – غير أن هذه الخُدَعَ لا تنطلي على اليمن، خُصُوصًا في ظل الدعوات المُستمرّة التي يطلقها السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي للتحَرّك المبكر في ضرب العدوّ قبل أن يأتي هو، منوِّهًا في أحد خطاباته إلى أن التحَرّك المبكر في هذا السياق يوفر الكلفة والوقت ويضعف أي هجوم من قبل العدوّ. وهو ما قد يتحقّق بعد العملية هذه اليمنية، وما قد يليها من عمليات، في ظل تصاعدها الصاروخي وَأَيْـضًا بالمسيرات التي نفذت خلال الأسبوع الفائت أربع عمليات في عمق العدوّ، منها ثلاث عمليات في ثلاثة أَيَّـام متتالية.
ونقلت صحيفة “هآرتس” الصهيونية والقناة الـ12 العبرية، تصريحات لمسؤولين صهاينة قولهم إن سلاح الجو “الإسرائيلي” يعمل لتنفيذ ما أسموها “المهمة الكبرى” مرجِّحةً أن تكون الضربة موجهة لإيران واليمن، مؤكّـدةً أن هذه الضربة تأتي بدعم كبير من ترامب؛ ما يشير إلى أنها كذلك في سياق الضغوط على المقاومة الفلسطينية بتوجيه ضربات للجبهات المساندة، وَأَيْـضًا في سياق خلط الأوراق بين السلم والحرب لتمرير المكاسب والأهداف التي تسعى لها “إسرائيل”.
وفيما تناولت القناة العبرية تصريحات قالت فيها: إن “إسرائيل” أمام فرصة تاريخية لضرب المنشآت العسكرية والنووية الإيرانية خلال هذه الفترة في ظل نشوة ترامب، فقد ذكرت بدورها صحيفة “جيروزاليم بوست” الصهيونية في تقرير لها أن جيش العدوّ الصهيوني ينظر باهتمام كبير لضرب الجبهة اليمنية، لافتةً إلى أن من أسمتهم “الحوثيين لم يتعرضوا لأية انتكاسة رغم الضربات الأمريكية البريطانية”، مضيفة “لقد تمتعت الجماعة عُمُـومًا بالقدرة على تنفيذ ضربات بعيدة المدى إلى “إسرائيل” في وقت تخفي أسلحتها في أماكن تحت الجبال وأماكن أُخرى يصعب تحديدها”.
وبناء على ما جاء في التقرير، فقد أكّـدت “جيروزاليم بوست” – ضمنيًّا – أن فشل واشنطن ولندن عن ثني الموقف اليمني على مدار عام كامل من العدوان الذي انطلق في الـ12 من يناير الفائت، قد يدفع بالعدوّ الصهيوني لتنفيذ غارات واسعة على اليمن، غير أن هذا التوجّـه الصهيوني قد يصطدم بحتمية الفشل، سيما مع استباق صنعاء بهذه العملية، واحتمال شن عمليات أُخرى لاحقة لإفشال مخطّط العدوّ الصهيوني، كما أفشلت القوات المسلحة اليمنية في الـ12 من نوفمبر الماضي أكبر هجوم عدواني جوي على اليمن، وذلك باستهداف حاملة الطائرات الأمريكية “إبراهام ليكنولن” ومدمّـرتين عسكريتين، في عملية استباقية أفشلت مخطّطَ واشنطن آنذاك، وأجبرتها على الهروب بالحاملة بعد عقود من الهيمنة البحرية؛ وهو ما ضاعف فضائح واشنطن، وكشف فشلَ كُـلّ خياراتها أمام اليمن.

ملايين الغاصبين يهربون.. نتنياهو على رأس الفارّين:
إلى ذلك أظهرت مقاطعُ مصوَّرة نشرها مستوطنون صهاينة في مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل إعلام صهيونية، لحظات مرور الصاروخ اليمني وفشل المنظومات الاعتراضية الصهيونية في التصدي له.
وأظهرت المقاطع المصورة، والأخبار والتقارير التي تناولتها وسائل إعلام العدوّ، أن صافرات الإنذار دوَّت بشكل كبير في يافا الفلسطينية المحتلّة التي يسميها العدوّ “تل أبيب”، جراء تشغيلِ جميع منظومات الدفاعات الصهيونية.
وقد أظهرت المقاطع حتمية الفشل الصهيوني الدفاعي، ورغم تمكّن منظوماته في رصد الصاروخ وتفعيل الصافرات ورفع الاستنفار لباقي المنظومات، إلا أن جميع الخطوط الدفاعية فشلت في اعتراض الصاروخ الذي وصل لهدفه بنجاح، فكانت مهمة تلك الدفاعات هي نشر حالة الرعب والخوف والهلع في صفوف المستوطنين الغاصبين بما سبّبته من ضجيج بعد تشغيلها لصفارات الإنذار.
كما أظهرت المقاطع المصورة لحظةَ الهروب الجماعي للمستوطنين، والذين فروا إلى الملاجئ بأعداد مليونية.
ووفق ما نشرته وسائل إعلام العدوّ، فقد دوّت صافرات الإنذار أَيْـضًا في قاعة المحكمة التي يدلي فيها المجرم نتنياهو بشهاداته، على خلفية محاكمته في قضايا فساد، وهو ما يضاعفُ التهديداتِ لمُجْرِمِ الحَرْبِ.
وقد أكَّـدَ إعلامُ العدوِّ أنَّ المُجْرِمَ نتنياهو وصل للمحكمة المركزية في “تل أبيب” للإدلاء بشهادته في مِلَفّات الاتّهام بالفساد الموجهة إليه لليوم الثالث في إطار جلسات الاستماع، مشيرةً إلى أن شهادته التي تتمحور حول القضية المعروفة بـ”الملف 4000″، قد تستمر “6 ساعات، ما لم يحدث طارئ” وفق القناة الـ12 العبرية؛ أي إن التأكيدات تشير إلى تواجد المجرم نتنياهو في تلك اللحظات خلال تفعيل صافرات الإنذار وتفشِّي حالة الرعب إلى كُـلّ المرافق “الإسرائيلية”؛ ما دفعه للهروب الطارئ والاختباء في مكان محصِّن في المحكمة.
وما يزيد فاعلية العملية في إرباك المجرم نتنياهو وجعل الرعب مقرونًا به، هو تصاعد مخاوفه من استمرار الزخم العملياتي اليمني، لا سيما أن مجرم الحرب قرّر عدم حضور المحكمة الثلاثاء؛ أي في اليوم التالي للعملية، ما يؤكّـد فعلًا أن الرعب اليمني بات يطال كُـلّ الغاصبين في فلسطين المحتلّة، سواء مستوطنين أَو مسؤولين.
وفي السياق ذاته سبَّبَ الصاروخُ اليمني حالةَ اضطراب كبيرة في أوساط العسكريين الصهاينة، حَيثُ أدلى متحدِّثُ جيش العدوّ بتصريحات أكّـد فيها وصولَ الصاروخ اليمني إلى هدفه وقد تسبب بحالةِ رعب كبيرة في “تل أبيب”، وزاد من إظهار التخبط عندما أكّـد أن جيش العدوّ وجَّه بجُملةٍ من الإجراءات للتحقيق في باقي التفاصيل عن وصول الصاروخ.
وأيضًا ذكر الإعلامُ الصهيوني أن الرحلات الجوية من وإلى “مطار بن غوريون” في يافا المحتلّة، توقفت بشكل مؤقت، مع تداعيات الضربة اليمنية؛ ما يؤكّـد أن هذه العملية قد أربكت كامِلَ المنظومة الصهيونية داخل “تل أبيب”.
الكثيرُ من الأحداث صاحبت العمليةَ اليمنية، وقبلها الكثير من التكهنات بشأن التحَرّكات الصهيونية، فكانت صنعاءُ على لسان قياداتها قد أكّـدت استعدادَها التام لمواكبة أي تحَرّك معادٍ، وأكّـدت هذا الاستعدادَ بصاروخ أربك المشهدَ الصهيوني داخليًّا، وقد يكون فاتحةً للمرحلة الجديدة القادمة الموازية للتحَرّكات “الإسرائيلية” المعادية، لتكونَ النتيجة هي معادلة يمنية إضافية تنهي زمنَ الجمود أمام الاعتداءات الإسرائيلية، بل أضافت هذه المعادلةُ رقمًا لم يسبق له مثيلٌ طيلة تاريخ الصراع مع هذا العدوّ، حَيثُ يتضمَّنُ هذا الرقمُ سُرعةَ السبق في ضرب الكيان وتكرار الصفعات؛ ما يجعلُه تائهًا بين خيارات متضائلة وملخبطة، تنوَّعت بين التفرج ثم تحريك الأدوات الدولية وتوكيلها، وُصُـولًا إلى إجباره على الخروج بعيدًا عن الوكالات السابقة، وقد بات خروجُه مريضاً من البداية بفعل توالي صفعات أيادي اليمن الطولى.

المسيرة – نوح جلّاس

مقالات مشابهة

  • معادلة ردع استباقي جديدة تُربِكُ حسابات العدوّ وتحبِطُ تحَرّكاته
  • النرويج تعلن عن تقديم مساعدات بقيمة 242 مليون دولار لأوكرانيا
  • أحمد بن سعيد: المطارات محرّكات اقتصادية للمجتمعات
  • رئيس اقتصادية النواب : الحكومة جادة في خفض الدين العام الخارجي
  • مزايا التحديث الجديد لنظام التشغيل iOS 18 في ماسنجر
  • السيسي: نسير في الطريق الصحيح الأمر الذي انعكس في ثقة مؤسسات التمويل الدولية
  • التخطيط القومي:مصر تمتلك مزايا تؤهلها لتصبح مركزا دوليًا للتصنيع الزراعي
  • “فرص اقتصادية جديدة”.. تركيا تعتزم رفع حجم صادراتها إلى سوريا إلى أكثر من مليار دولار
  • السيسي يبحث مع مسؤولين أميركيين هدنة في غزة
  • وزيرة التخطيط: لا يمكن تحقيق تنمية اقتصادية بدون الاستثمار في الطاقة