الليكود الإعلامي العربي في ورطة
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
يبدو أن الجيش الإسرائيلي ليس وحده في ورطة مستنقع غزة، وهو الذي يدلف إلى الشهر الثالث في عدوانه هناك، مواجها حركة مسلحة، بعد أن كان يواجه جيوشا عربية مجتمعة فيهزمها في غضون ستة أيام أو ست ساعات؛ لا فرق. فثمة جهة أخرى تفرك يديها وتعض على شفتيها بانتظار ما ستسفر عنه المعركة فهي معركتها، إذ إنها ترى في هزيمة الصهاينة هزيمتها، وفي فوزهم فوزا لها.
إنه الليكود الإعلامي العربي، الذي يتسابق في بث الأراجيف والأكاذيب والافتراءات على أمل أن يصحو يوما وقد ابتلعت غزة حماس ومقاومتها، تماما كأحلام شامير حين قال أتمنى أن أستيقظ يوما وأرى غزة وقد ابتلعها البحر، ولكن يبدو أن البحر الذي أمام المقاومة، ليس كما تريده هذه الكتلة السرطانية في الأمة، إنه البحر بإذن الله الذي كان أمام موسى عليه السلام يوم انفلق، فنجى الله بذلك موسى وأهلك فرعون وجنوده.
المعركة لم تعد معركة إسرائيل وإنما معركة الليكود الإعلامي العربي الذي يرى أن خسارته للمعركة إنما هي خسارة لوجوده، لا سيما وقد قدم كل ما يملك وما لا يملك من أجل الصهاينة الذين يرى فيهم مشروعه اليوم في مواجهة المقاومة، والأنكى من ذلك كله أن ترى عناصر وأدوات هذا الليكود الإعلامي العربي وهي تهاجم كل من لا يقف في وجه المقاومة
هل تذكرون يوم تسابقت فضائيات عربية حاملة اسم العروبة فقط إلى بث مقاطع الفيديو التي تصور فلسطينيين وقد عرّاهم الاحتلال من ثيابهم لينقلهم بشاحناته المكشوفة أمام الكاميرات، حالما أن تكون كسرا لشوكة المقاومة وحاضنتها، فأعلنت هذه الفضائيات يومها وبكل وقاحة وصلافة وبعنوانها العريض: مقاتلو حماس في قبضة الجيش الإسرائيلي، وهو الأمر الذي لم تتجرأ عليه كثير من وسائل الإعلام الصهيونية نفسها، لنجد بعد أيام صحيفة صهيونية مثل يديعوت أحرنوت وهي تكذب الرواية الإسرائيلية وتقول إن المقبوض عليهم ليسوا من حماس ولا القسام، وإنما من الفلسطينيين العاديين، ويظهر أن أحد المقبوض عليهم والتي حلمت بها فضائيات الليكود الإعلامي العربي هو مراسل لصحيفة العربي الجديد، وآخر يعمل في منظمة الأونروا التابعة للأمم المتحدة.
كتّاب وصحافيون منهم من كان موقفه معروفا ضد المقاومة وحماس قبل العدوان الأخير، ومنهم من كان كامنا ليظهر الله خبيئته في هذه الرجفة التي تعرضت لها الأمة وهي رجفة العدوان الصهيوني على غزة، فجرّد كل إمكانياته وقدراته وتاريخه وعلمه من أجل محاسبة المقاومة وكأنه يحاسب خصيمه لعقود، إنه يحاسب المظلوم الساعي إلى رد الظلم عن نفسه، بعد أن ترك الظالمَ المحتل المجرم الذي يهلك الحرث والنسل ليحاسب المقتول والجريح والمشرد، وبدأ يفتش ويبحث عن إبرة وسط ركام وأكوام من القش ليحيك بها ثوب أكاذيبه وترهاته؛ فيُحمّل المقاومة مسؤولية ما جرى للشعب الفلسطيني من قتل وتهجير وإبادة على أيدي الماكينة العسكرية الصهيونية والغربية بشكل عام، ويتجرأ أكثر فيتهم كل من ينال من الأنظمة التي صمتت عن قتل الفلسطينيين، فيحمل المسؤولية للمقاومة التي لم تحسن تقديراتها للموقف بحسب فذلكاته وترهاته، أما الأنظمة العربية التي فشلت في الصمود بحروب لست ساعات فهذا "فرفور ذنبه مغفور".
على مواقع التواصل الاجتماعي تجد الذباب الالكتروني وقد جرّد كل أسلحته من أجل دعم الصهاينة والغزاة في حربهم على العزّل من أهل غزة، فالمعركة لم تعد معركة إسرائيل وإنما معركة الليكود الإعلامي العربي الذي يرى أن خسارته للمعركة إنما هي خسارة لوجوده، لا سيما وقد قدم كل ما يملك وما لا يملك من أجل الصهاينة الذين يرى فيهم مشروعه اليوم في مواجهة المقاومة، والأنكى من ذلك كله أن ترى عناصر وأدوات هذا الليكود الإعلامي العربي وهي تهاجم كل من لا يقف في وجه المقاومة، وأمامه اليوم الجزيرة وقطر وإعلامها، وهو الأمر الذي ذكرنا تماما بسرديات وروايات النظام السوري مع بداية الثورة السورية حين كان يتهم هذه الدولة أو تلك بأنها وراء المظاهرات ودعمها.
كلمة السر في موقف الليكود الإعلامي العربي على ما يبدو إنما تكمن كلها في خشيته من هذا الانتصار بأن يكون له ما بعده على صعيد الربيع العربي وثوراته، مما ستدفع ثمنه الأنظمة الاستبدادية القمعية التي تراهن على فشل حماس، إذ إن نجاحها سيمنح دفعة معنوية قوية للثورات العربية والمعارضين للأنظمة العربية
الليكود الإعلامي العربي اليوم في ورطة ومأزق حقيقي، وهزيمة الصهاينة في المعركة ستكون هزيمته، بل وربما خروجا من اللعبة الإعلامية العربية، لا سيما ونحن نرى التفاف الأمة حول غزة ومقاومتها، بل والتفاف الإنسانية حول أهلنا في فلسطين، بدعمهم ومساندتهم عبر المظاهرات في عواصم القرار الغربي، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ المظاهرات العالمية، بل وصل الأمر إلى أن يُضحي رؤساء جامعات عريقة في أمريكا بمناصبهم من أجل غزة والتصدي للعدوان الصهيوني، في حين نرى الليكود الإعلامي العربي يضحي بنفسه ومؤسساته لصالح العدوان الصهيوني، مصرّا بذلك على دعمه ومساندته للحملة الصهيونية في إبادة الفلسطينيين والقضاء على حماس.
إن كلمة السر في موقف الليكود الإعلامي العربي على ما يبدو إنما تكمن كلها في خشيته من هذا الانتصار بأن يكون له ما بعده على صعيد الربيع العربي وثوراته، مما ستدفع ثمنه الأنظمة الاستبدادية القمعية التي تراهن على فشل حماس، إذ إن نجاحها سيمنح دفعة معنوية قوية للثورات العربية والمعارضين للأنظمة العربية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة المقاومة الاحتلال الاستبدادية غزة الاحتلال المقاومة العالم العربي الاستبداد مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من أجل
إقرأ أيضاً:
“هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق
وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.
ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “صهيوني” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى صهاينة في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.
تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على الكيان استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.
وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية في كيان الاحتلال” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.
وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – صهيونية وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.
وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء الكيان الصهيوني.