مقال بهآرتس: من حيث أرادت إسرائيل الإمعان بإهانة غزة أذلت نفسها
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
وكأن آلاف الأطفال الذين قضوا نحبهم، وحصيلة الموتى التي تقترب من 20 ألفا، والآلاف الذين شُرِّدوا من ديارهم، وعشرات الآلاف من الجرحى، والمجاعة والأمراض والدمار في غزة، كل ذلك لم يكن كافيا، فالأهم أنه لابد من إذلالهم حتى النخاع لكي يتعلموا.
بهذه المقدمة التي تنطوي على سخرية ونقد لاذع، استهل الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي مقالا له في صحيفة "هآرتس".
وواصل سخريته ناطقا بلسان القادة وغالبية الإسرائيليين حين يقولون "يجب أن نُظهر لهم ولأنفسنا من هم، ومن نحن. ونثبت لهم مدى قوتنا ومدى ضعفهم. فهذا جيد للروح المعنوية، كما هو جيد للجنود وللجبهة الداخلية. إنها هدية عيد الحانوكا "عيد الأنوار" عند اليهود للفلسطينيين المذلولين، فأي شيء يمكن أن يسعد القلب أكثر من هذا؟"
وينطلق الكاتب اليساري من هذا الاستهلال منتقدا، ويقول "ليس هناك برهان يدل على أننا ضللنا الطريق أكبر من المحاولات الدنيئة لإذلال الفلسطينيين على مرأى من الجميع. وليس ثمة دليل على الخور الأخلاقي أعظم من إهانتهم وهم مهزومون".
"حتى يستسلموا"وتابع ليفي "وبعد أن أزهقنا أرواح أهالي غزة، ودمرنا ممتلكاتهم ومنازلهم، وقضينا على أطفالهم، سنسحق الآن أيضا ما تبقى لهم من كرامة. سنجبرهم على الركوع حتى يستسلموا".
وأوضح أن الصور ومقاطع الفيديو التي التُقطت الأسبوع المنصرم أظهرت عشرات الرجال جاثين على رُكبهم، يرتدون سراويل داخلية فقط، وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم، وأعينهم معصوبة وينظرون إلى الأسفل.
ومضى ليفي واصفا ما تحتويه تلك الصور، وقال إنها تظهر عددا قليلا من الجنود الإسرائيليين ملثمين "ربما لأنهم يشعرون بالخجل من سلوكهم"، مضيفا أن ضحاياهم من الشباب وكبار السن أيضا، بعضهم بدناء، وبعضهم الآخر هزيل، وآخرون منهم بشرتهم شاحبة واسمرَّ لون بعضهم من أهوال الحرب. ربما كان أطفالهم يشاهدون هذا المنظر، وربما زوجاتهم، ومن شأن ذلك أن يزيد من عظمة الإنجاز".
"نُقلوا من ملجأ"
وبحسب التقارير، فقد نُقل أولئك الأسرى من ملجأ تابع لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في بيت لاهيا واحتجزوهم للاستجواب. وقال ليفي إن لا أحد يعرف على وجه اليقين ما إذا كان أي منهم عضوا في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وبعد التقاط "صورة النصر" نُقلوا إلى مكان مجهول، ولم يعرف مصيرهم.
فما الجدوى من كل ذلك؟ يتساءل الكاتب ويقول إن هذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها الجيش الإسرائيلي بتجريد الفلسطينيين من ملابسهم بهذه الطريقة بهدف إذلالهم، فقد حدث ذلك إبان المسيرات التي نُظمت في الماضي في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان.
وأكد الكاتب أن الرجال المطلوبين وغير المطلوبين يرتدون السراويل الداخلية ليراهم الجميع. هذا ما تفعله إسرائيل، ومن المهم تسجيل الحدث ونشر الصور. لكن الحقيقة -بحسب مقال هآرتس- هي أن الصور تهين جيش الاحتلال أكثر بكثير مما تهين ضحاياه العراة.
حطموا الآثارومضى إلى القول إن القوات الإسرائيلية دمرت مبنى البرلمان ومقر المحكمة في غزة. وفي مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية، حطموا جميع الآثار، منها "مفتاح العودة" عند مدخله.
كما دمر الجيش الإسرائيلي و "نهب" الحصان الكبير المصنوع من الصفيح عند مدخل المستشفى، والذي شيده نحات ألماني من بين حطام سيارات الإسعاف الفلسطينية المدمرة، وهو نصب تذكاري للموتى. وفي طولكرم هدمت النصب التذكاري لـياسر عرفات. "وقريبا سوف نحرق وعيهم"، قالها ليفي بنبرة ساخرة.
"وفي ذروة السخرية، يتباهى قائد الكتيبة 932 في لواء مشاة ناحال -في مقطع فيديو لوحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ببطاقة ائتمان إسماعيل هنية، التي انتهت صلاحيتها في عام 2019″.
وختم الكاتب مقاله بتهكم لاذع قائلا "النصر العظيم بات أقرب من أي وقت مضى".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. تشرين الطفولة
#تشرين_الطفولة
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 18 / 10 / 2008
طفولة الشتاء، وكهولة الصيف. .هو تشرين.. فيه يتعالى صوت إغلاق النوافذ الغربية ،وسقوط الأواني المركونة على الجدار، فيه يذوب الطبشور على باب الدار مع زخة ليل عابرة ..
فيه يضجر حبل الغسيل من ضيوفه المبللين ،وفيه يكشف الشجر كل أوراقه دفعة واحدة ..
في تشرين يصبح للسماء مزاجها المختلف ، والغيم الأبيض الهارب من وسادة النهار يرسم أشكالاً تشبه الأحلام على زرقة السماء الغامقة..كان حمام الدار يدور حول نفسه سبع لفات ، عندما كانت تغربل أمي القمح استعداداً للشتاء،كان يهدل، يبرقم ، ثم يسرق عود قشّ بمنقاره ويطير ليصلح عشه في كوّة الطين..دقائق ويعود من جديد، يدور حول نفسه سبع لفات أخرى، ثم يغافلنا ويسرق قشّة أخرى ويطير..لم يكن يعنيه القمح كثيراً بقدر ما كان يعنيه القشّ..لقد أخبرته ساعته البيولوجية باقتراب الشتاء..فلم يعد يفكر برزق يومه..
يقولون أن الشمس لا تغطّى بغربال.. أمي كانت تغطّي الشمس بغربالها ، تمضي ساعات طويلة تجلس في ظل بيتنا القديم ، توجه غربالها نحو الريح. .تصفي القمح من التبن الدقيق والحجارة..تفرغها بكيس آخر ، تجمع الحب الساقط في حضنها أثناء الغربلة ..وتعيده للكيس ..كانت تخجل الشمس من مثابرة أمي، فكانت تتوارى خلف غربالها مثل صبية خجولة أعجبتها أنوثتها..
بعيد المغرب ، ومع تحليق أفواج السنونو الفرحة ، كتلاميذ عائدين من مدرسة مسائية ،كانت تتفقّد أمي خم الجاجات ، تغطي أكياس الاسمنت ،تدخل قرامي الشجر الى بيت الطابون، تلم ملابسنا من على الحبل تجمعها على كتفها واحداً تلو الآخر، تنكت ثوبها وتعود من حوش الدار..
مقالات ذات صلة وظائف شاغرة و مدعوون للمقابلة الشخصية 2024/11/07* حتى اللحظة، ما زلت أشتم رائحة تشرين الطفولة، حيث دفاتري المسطّرة ،وصوت اهتزاز لقن الغسيل في الخارج.
والى اللحظة أحتفي بتشرين على طريقتي. .أشق نافذتي قليلاً كل مساء.. فيتسلل نسيم الغروب الى ذاكرتي..أراقب اوكازيون الشجر الهزيل..أراقب حَمَام العمر وهو يدور حول نفسه سبع لفات بينما أغربل الذكريات..فيغافلني و يسرق لحظة من عمري ويطير..تشرين يا طفولة الشتاء وكهولة الصيف..طوّق مسائي..برائحة القمح، وباستدارة غربال الحجة
..ahmedalzoubi@hotmail.com
أحمد حسن الزعبي
#129يوما
#أحمد_حسن_الزعبي
#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن
#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي
#الحرية_لأحمد_حسن_الزعبي