موسى الفرعي يكتب: تجلّي القوة العمانية في صورها العديدة
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
أثير- موسى الفرعي
إن القوة تكمن في تحررها من إلزام المحيط القسري، الذي يحيلها إلى خنوع وضعف وانصياع لرغبات الآخرين وأفكارهم. أما عمان فهي تنادي بالسلام منذ أن كانت لكنه سلام الأقوياء كما أشار إلى ذلك السلطان الخالد -رحمه الله- في مطلع القرن المنصرم، وهذا التحرر يقوم على وضوح المبادئ وثباتها، وعُمان لا تعمل بأجندات خفية، بل ترى الحق وتتبع سبيله، وما يشهده عالمنا من انتهاك للآدمية وسقوط للإنسانية جراء الفاشية الصهيونية يشير إلى السلام القوي ويفضح الاستسلام الخانع والتواطؤ المخزي، فقد تجلى خلال هذه الأحداث موقف سلطنة عمان من القضية الفلسطينية وقولها للحق في وجه أكبر الدول دون انتظار مباركة من أحد أو خشية منه، فمبادئ السياسة العمانية مبنية على السلام القادر والعدالة المستحقة للإنسان في هذا العالم، فالسلام لا يعني المحاباة والمساومة بل التأكيد على ثوابت ومفاهيم غير قابلة للتناقض أو الازدواجية وذلك السلام الذي أشار إليه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله- في افتتاح دور الانعقاد السّنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان مؤكدا المبادئ الثابتة لإقامة الدولة الفلسطينيةِ وعاصِمَتُها القُدس الشرقية، ورفضه لما يتعرض له الفلسطينيون، مؤكدا ضرورة تَحَمُّل المجتمعِ الدولي مسؤولياتِه والتزاماتِه تجاه القضية الفلسطينيةِ، والمسارعة في إيجاد حلولٍ جذرية لتحقيق آمالِ الشعب الفلسطيني في إقامة دولتِه المستقلة، وبذلك يَعُمُّ السلامُ في منطقتِنا ويَنعمُ العالم أجمع بالأمن والأمان.
كما دعا معالي السّيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية المجتمع الدولي إلى إجراء تحقيق مستقلّ حول العدوان الإسرائيلي ومحاكمته على استهدافه المتعمّد للمدنيين في قطاع غزة ومنشآتهم وحرمانهم من احتياجاتهم الإنسانية، وأكد في موضع آخر أن حماس حركة مقاومة وأبعد ما تكون عن الإرهاب وبذلك يكون أول وزير عربي يصرح بمثل هذا، وهو أمر لا يتأتى إلا لمن يقف على أرض قوية وثابتة من المبادئ والقيم، وأبدى أسفه الشديد لاستخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض ( الفيتو ) في مجلس الأمن أمام مشروع القرار الأممي الداعي لوقف إطلاق النار على قطاع غزة ووصف ذلك بأنه إهانة مخزية للمعايير الإنسانية وتضحية بأرواح المدنيين الأبرياء من أجل القضية الصهيونية.
هذه هي القوة المتحررة القادرة على إبداء (لا) الرفض أو المباركة دون خشية، وهذه الرؤية الصافية والانتصار للحق هي صفة ملازمة متناغمة في الدولة العمانية ممثلة في بعدها السياسي والديني وتطلعات الإنسان ويقينه، وهذا الموقف القوي يدعو إلى التأمل في إمكانات تحقق سيناريوهات عدة كخطوة موازية لهذا الحضور المشرِّف للحكومة العمانية، وفي ظل هذا الحراك العماني في المنطقة تجاه القضية الفلسطينية علينا الاعتراف بأنها لن تكون مؤثرة إن كان المحيط السياسي حولها واقفا على حياد ولا يؤدي واجبه، فالتكامل الفعّال هو ماء الحياة للنتائج الكبرى. كما أن خارطة العمل العمانية تتجه بوصلتها تجاه روسيا والهند والصين وسنغافورة باعتبارهم قوى كبرى في العالم، فلا يخفى على أحد بأن الهند خامس أقوى اقتصاد في العالم بناتج محلي إجمالي قيمته 3.39 تريليونات دولار، حسب بيانات عام 2022، التي أظهرتها قاعدة بيانات البنك الدولي، وهذا ما يجعل الانفتاح على التجارة الحرة معها قيمة مضافة للاقتصاد العماني سواء بالصادرات العمانية أو الواردات، وسنغافورة التي يعد اقتصادها حرا ومتطورا وُصنف بأنه الأكثر انفتاحا على العالم. كما تُعدّ روسيا لاعبًا رئيسًا في أسواق النفط والغاز، وهي واحدة من أكبر ثلاثة منتجين للنفط في العالم، وتأتي في المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، بينما تستحوذ على المرتبة الثانية في الصادرات، وتمتلك أكبر احتياطيات غاز في العالم، وهي ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي بعد الولايات المتحدة، وذلك ما أشار إليه صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم بن طارق أثناء لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين من اهتمام سلطنة عمان بالاستثمار في الاقتصاد الروسي، كما أكد أن النظام العالمي الظالم القائم حتى الآن يحتاج إلى التغيير، ومن الضروري وقف “هيمنة الغرب” وبناء علاقات جديدة. كما أن الصين التي تعدّ ثاني أكبر اقتصاد عالمي له حضور كبير وبالغ الأهمية في الخارطة العمانية، وقد تناقلت الكثير من الصحف الغربية دراسة سلطنة عمان إمكانية إعطاء الصين قاعدة عسكرية، وذكرت وكالة “بلومبرغ” أنه تم إطلاع الرئيس الأمريكي بايدن، على خطة صينية لبناء منشأة عسكرية بعُمان، وأن المسؤولين العسكريين الصينيين ناقشوا الأمر مع نظرائهم العمانيين الذين أعربوا عن استعدادهم للموافقة على هذه الصفقة.
بهذه المعطيات يمكن أن نقرأ الزيارتين المرتقبتين لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -أبقاه الله- إلى سنغافورة والهند، إضافة إلى زيارة صاحب السمو السيد ذي يزن هيثم بن طارق إلى روسيا، وفي ذلك مجموعة من الرسائل لا يمكن إغفالها، وهي أن سلة الاقتصاد العماني لم تعد حصرا على الغرب بل منفتحة مع الشرق أيضا وبصورة كبيرة، وبفارق هذه المرة، وأن القوة العمانية وحضورها لا يقرأ فقط في مسارها السياسي بل هو موازٍ للمسار الاقتصادي، وذلك كله دون التخلي عن المبادئ والقيم، إذًا؛ فإن عُمان تقدم درسا كبيرا في إمكانية تحقيق النجاح والتنمية والسلام والعدالة دون الحاجة إلى تقديم تنازلات. هذه هي عمان المؤمنة بالسلام القوي.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: هیثم بن طارق فی العالم
إقرأ أيضاً:
مدرب منتخب فلسطين: مواجهة عمان حاسمة بـ6 نقاط
اعتبر التونسي مكرم دبوب، المدير الفني لـ منتخب فلسطين الأول لكرة القدم، أن مواجهة الفدائي أمام نظيره عمان المقرر لها غدا الخميس ضمن منافسات التصفيات المؤهلة لبطولة كأس العالم، حاسمة ومصيرية، وكأنها من ست نقاط، مشددا أن هدفهم تحقيق نتيجة إيجابية تعطيهم حافزا لبقية المشوار.
وتقام مباراة منتخب فلسطين ومستضيفه العماني على ملعب مجمع السلطان قابوس الرياضي، غدًا الخميس، في إطار الجولة الخامسة من التصفيات الآسيوية المؤهلة لبطولة كأس العالم 2026.
وقال مكرم دبوب في المؤتمر الصحفي الخاص بمباراة عمان، والذي عقد اليوم الأربعاء في مسقط، إن المنتخب العماني قوي على أرضه، ويقدم أداء فنيا عاليا، وفي المقابل، فإن منتخب فلسطين قادر على تحقيق الفوز.
وأشار مدرب منتخب فلسطين إلى غياب اللاعبين تامر صيام وكاميلو سالدانا عن المباراة بداعي الإيقاف مؤكدا أن بقية اللاعبين جاهزون وقادرون على حصد الثلاث نقاط رغم صعوبة المنافس.
كما قال عدي خروب، لاعب منتخب فلسطين إن المباراة ضد الأحمر العماني صعبة ومهمة، حيث اللعب أمام منتخب قوي على أرضه، لكنهم قادمون لحصد النقاط الثلاث وتحسين مركزهم في جدول ترتيب المجموعة الثانية.
الاجتماع الفني لمباراة فلسطين وعمان
وأقيم صباح اليوم الأربعاء، الاجتماع الفني لمباراة فلسطين وعمان، في تصفيات بطولة كأس العالم عن قارة آسيا. وأسفر الاجتماع عن ارتداء فلسطين الزي الأبيض في المباراة، في حين يخوض عمان اللقاء بالزي الأحمر.
وشارك وسام أبو علي مهاجم الأهلي، في مران منتخب فلسطين مساء أمس الثلاثاء، استعدادًا للقاء عمان مساء غد الخميس، في الجولة الخامسة، لتصفيات بطولة كأس العالم عن قارة آسيا، وانتظم وسام في المران الجماعي حيث كثف الفريق تدريباته استعدادًا للقاء المرتقب.
ويحتل منتخب فلسطين المركز السادس للمجموعة الثانية برصيد نقطتين، في حين يمتلك منتخب عمان 3 نقاط في الترتيب الثالث.