بعد أن أفشل العراقيون أول عملية للموساد في تاريخه.. هل ستكون نهايته على أيديهم أيضاً ؟
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
بقلم: فالح حسون الدراجي ..
منذ عشرات السنين، وعقل المواطن العربي يستسلم لصورة متوارثة، لا يراد لها أن تتغير، وهي ليست صورة فحسب، إنما تحولت إلى رؤية، و قضية حتى باتت كاليقين الذي لا يصل اليه الشك، ومفاد هذا (اليقين)، أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) هو جهاز مرعب، مخيف، قوي، متمكن، يستطيع فعل ما لا يستطيع غيره أن يفعله، حتى أن كاتباً عربياً كبيراً وصفه بـ( الجهاز الأسطوري)، وأنه أحد أفضل ثلاثة أجهزة مخابرات في العالم إن لم يكن الأفضل على الإطلاق !
وأنا لا أنكر هنا أن جهاز (الموساد) هو جهاز مرعب ومخيف ومتمكن فعلاً، ولا انكر نجاحه في تنفيذ عمليات استخبارية مهمة وخطيرة أيضاً، رغم أنه فشل في عشرات العمليات والفضائح في عواصم الدول العربية ومختلف دول العالم.
وإذا كانت وسائل الإعلام، وسرية الوقائع قد أخفتا الكثير من هزائم الموساد عبر مراحل تاريخه الطويل، فإن هزيمته في طوفان الأقصى يوم السابع من تشرين الاول (اكتوبر) أكبر من أن تخفى أو تتستر، خاصة وقد أصبحت (فضيحة بجلاجل) كما يقول الأخوة المصريون..!
وعلى إثر هذا السقوط الصهيوني، يتوجب اليوم الاعتراف بالحقيقة الجديدة التي أسقطت بموجبها صورة الجهاز (المرعب) والمخيف..
فالنجاح الكبير الذي تحقق في عملية طوفان الأقصى، لم يسقط صورة الموساد فحسب، إنما كشف أيضاً عن زيف هذه الأسطورة التي خدعنا بها سبعة عقود، وكشف أيضا عن سذاجة العقول التي صدقت هذه الكذبة، وآمنت بزيفها، وعششت في تلابيبها دون مراجعة أو تمحيص، حتى جاء (طوفان الأقصى)، ليقصي والى الأبد ذلك الوهم..!
لذا أقول اليوم وبضرس قاطع، إن كل (عقل عربي) يظل متشبثاً بذات الرؤية، ومصراً على نفس صورة الموساد القديمة، لا يستحق الانتماء لهذا العصر قطعاً، وقد أصفه بالتخلف، او ربما بالتحيز للكيان الصهيوني، وهو لعمري يستحق مثل هذا الاتهام، إذ ليس من المعقول أبداً، أن يعترف قادة الموساد، وزعماء الكيان الصهيوني، بفشل الموساد وهزيمته في عملية طوفان الأقصى، بينما يظل هذا (المواطن العربي) مفتوناً بالموساد، ومتغنياً بعبقريته الفذة !!
إن جهاز الموساد الذي أنشئ بعد تأسيس الكيان الصهيوني عام 1948 بأربعين موظفاً لا أكثر، وأصبح اليوم يضم 7000 موظف، يتوزعون على المكتب الرئيسي في تل أبيب وبقية المقرات الخارجية، فضلاً عن نصف مليون آخرين من عملاء وضباط ومندوبين ووكلاء ينتشرون في دول العالم، وينطقون بمختلف اللغات، وبميزانية سنوية تصل إلى أربعة مليارات دولار تقريباً، والذي يعد من أكبر وكالات التجسس العالمية التي تتكفل بالمهام الاستخباراتية، والعمليات الخاصة- أي العمليات القذرة التي تقع خارج حدود إسرائيل – و يحظى بدعم عدة وكالات وأجهزة استخبارية عالمية بما فيها بعض الأجهزة العربية، ناهيك من تعاون جيوش عديدة، وتسهيلات حكومات دول كثيرة له، مثل أمريكا وأوربا وتركيا وقطر والأردن وغيرها ..
ورغم كل هذه الامكانات، ونفوذ هذه الإمبراطورية المتغلغلة في بقاع العالم، فإن الموساد لم يستطع التغلب، بل ولا حتى المواجهة مع فتية حديثي السن والتجربة والخبرات، فتية لا يمتلكون (واحداً بالمليون) من الامكانات التي يملكها خصمهم، فكان السقوط المدوي لهذا الجهاز الصهيوني، ولكل من يقف خلفه ويدعمه، ولمن (يحتمي) به من العرب أيضاً..!
لقد كشف يوم السابع من تشرين (اكتوبر) عن عدم استعداد جهاز المخابرات الإسرائيلية لمواجهة عمليات بهذا الحجم الفذ وبهذا التنسيق العالي، فأطاح بالصورة الخرافية لهذا الجهاز المجرم الذي ارتكب جرائم إنسانية واخلاقية يخجل من ذكرها المؤرخون، لاسيما عمليات الاغتيال والقتل التي طالت كبار الادباء والإعلاميين والسياسيين العرب، فضلاً عن جرائم الابادة التي ارتكبها بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني، وما جريمة (صبرا وشاتيلا) التي قام بها الموساد قبل حوالي أربعين عاماً، بالتعاون والتنسيق مع حزب الكتائب اللبناني، بقيادة السفاح إيلي حبيقة، إلا واحدة من أقذر العمليات الدموية التي تشهد على وحشية هذا الجهاز، ولا آدمية القائمين عليه، وجريمة صبرا وشاتيلا وحدها كافية لأن تكون شهادة تاريخية صارخة على وساخة سجل جهاز الموساد الإجرامي !!
وأود أن الفت نظر القارئ الكريم هنا إلى أني لا أتبنى مجمل تفاصيل عملية (طوفان الأقصى)، لاسيما الشق المتعلق بالضحايا المدنيين، فمن يرفض قتل الإطفاء والنساء والمواطنين المدنيين في غزة، سيرفض حتماً قتل الأطفال والنساء المدنيين في (غلاف غزة)، وفي أي بقعة في الكون البشري ..
لذا أود أن أوضح بأني أتحدث هنا عن سقوط (خرافة الموساد) أمام بسالة وعقلية ومهارة المقاومة الفلسطينية وليس عن غير ذلك .. محاولاً قدر الامكان تنبيه المواطن العربي إلى قوة الامكانات التي تحتفظ بها الشعوب المؤمنة بحقوقها، والى القدرات العالية لشعبنا العربي، عسى أن أسهم مع غيري في رفع العصابة السوداء عن العيون التي لم تزل معصوبة حتى اللحظة، عسى أن ترى كيف سقط الوحش الصهيوني الذي لم يتوقعوا يوماً سقوطه !
إن الموساد الذي نفذ على مدى سبعة عقود، عمليات اغتيال وتصفية بحق القيادات الفلسطينية والعربية إلى جانب السياسيين والعلماء العرب والإيرانيين، ودمر مشروع المفاعل النووي العراقي، وساهم بإنهاء البرنامج النووي السوري، وساعد في تهريب اليهود من الدول العربية وأثيوبيا والأرجنتين إلى إسرائيل وغيرها من العمليات الأخرى.. قد نسج حتماً على منوال نجاح هذه العمليات النوعية، الكثير من قصص الخيال، ونظم بالتعاون مع الإعلام الغربي المتنفذ جملة من الأكاذيب المغلوطة التي تعظم من قوة هذا الجهاز في إطار الحرب النفسية المستمرة مع أعداء إسرائيل في المنطقة والعالم.. بينما يتجاهل جميع هزائم الاستخبارات الاسرائيلية وفضائحها التي لا تعد، بل ويتجاهل حتى المرور على تورط الموساد بعمليات تجسسية ضد الدول الصديقة والحليفة للكيان الصهيوني، وهذا يوضح بعض (اخلاقية) الموساد، وازدواجية الاعلام الغربي..
ولعل من بين مميزات وصفات و(اخلاق) هذا الجهاز أيضاً : الوحشية الفائقة، والغدر، وشراء الذمم، واستخدام جميع الوسائل الوسخة، وهذا ليس غريباً عليه أبداً، فالجميع يعلم أن الموساد غير معني بالقيم والمبادئ الإنسانية، وهو لا يلتزم قطعاً بالمواثيق والعهود والاتفاقات، ولا يعترف بشيء اسمه الثقة، أو الأمانة، أو الشرف المهني، فالموساد تاريخياً وباعتراف قياداته الموثقة لا يهتم بغير الأهداف الصهيونية التي يسعى لها، ولا معنى عنده لمفردات الضمير، او الطفولة، أو الجمال، أو ما يسمى بالاعمال المشروعة وغير المشروعة، كما لايفهم عملياً أي قيمة أو دلالة لكلمات الحق، والعدل، والقانون، وبقية المعاني والقيم النبيلة الأخرى..
أما كيف أفشل العراقيون أولى مهمات الموساد، فالتاريخ الذي كتبه اليهود أنفسهم، وكذلك الوثائق المتوفرة تشير إلى أن الموساد قام بتأسيس شبكة في العراق هدفها اختراق المناصب العسكرية العليا والاشراف على عملية سرية للهجرة، وإحضار اليهود العراقيين الى اسرائيل، وقد تم ذلك في أيار عام 1951، أي بعد تسعة شهور من تأسيس الموساد، لكن رجال الأمن العراقيين كشفوا المخطط، وشنوا حملة شديدة على هذه الشبكة، واعتقلوا اثنين من العملاء الاسرائيليين وعشرات من اليهود العراقيين.. كما تم اتهام 28 شخصاً آخر بالتجسس وحكم على (العميلين) بالموت و17 بالسجن المؤبد.
وبذلك يكون العراقيون قد أفشلوا أولى عمليات الموساد، وباكورة أنشطته التجسسية، ليهرب بعدها إلى بلدان وبؤر أخرى.. والسؤال: هل ستكون نهاية هذا الجهاز على أيدي العراقيين أيضاً، بعد أن أجهزوا على بداياته ؟
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات طوفان الأقصى هذا الجهاز
إقرأ أيضاً:
رئيس جهاز حماية المستهلك: تلقينا 30 ألف شكوى من الشراء الإلكتروني عن بعد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال ابراهيم السجيني رئيس جهاز حماية المستهلك إن الجهاز تلقى 180 ألف شكوى على مدار العام المنصرم 2024 نسبة 50% منها كانت تخص السلع المعمرة بقرابة 90 ألف شكوى أما النسبة الباقية كانت حول شكاوى من السلع الغذائية والمنتجات المختلفة.
وأشار رئيس جهاز حماية المستهلك، أن الجهاز لديه آليات وخط مباشر مع الشركات للربط ضمن منظومة شكاوى المواطنين من خدمات ما بعد البيع للسلع المعمرة بجانب التطبيق الإلكتروني لربط كل الأطراف في منظومة واحدة.
أضاف السجيني أن الجهاز أيضا تلقى مايقرب من 30 ألف شكوى من الشراء الإلكتروني عن بعد وهو الأمر الذي دفع الجهاز للعمل مع المجلس الأعلى للإعلام لوضع ضوابط وبروتوكول تعاون لضبط أداء سوق البيع الاليكتروني وإقرار اشتراطات إعلانات المنتجات سواء الغذائية أو الكهربائية أو ما تندرج تحت بند الأدوية بهدف ضبط سوق البيع الإلكتروني.
جاء ذلك خلال لقاء رئيس جهاز حماية المستهلك، مع المهندس أيمن عطية، محافظ القليوبية، صباح اليوم بديوان عام المحافظة، بحضور النائب الدكتور محمد عطية الفيومي، رئيس الغرفة التجارية بالمحافظة، لبحث آليات ضبط الأسواق وأسعار السلع بالمحافظة.
وكذلك المتابعة الميدانية لتوافر السلع الإستراتيجية بأسعار مُخفضة وذلك بالتزامن مع قُرب حلول شهر رمضان المُعظم.
أوضح رئيس جهاز حماية المستهلك أن اللقاء يأتي في إطار المتابعة الميدانية للتوجيهات الصادرة عن دولة رئيس مجلس الوزراء بشأن ضبط الأسواق وأسعار السلع، والقرار رقم 3071 ، بشأن السبع سلع الإستراتيجية، وتوجيهات وزير التموين والتجارة الداخلية بشأن متابعة توافر السلع الأساسية التي تهُم المواطنين، وضبط الأسواق، وضمان استقرار الأسعار بما يُلبي احتياجات المواطنين.