حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

توصل سلطنة عُمان في سداد الدين العام الذي سجل خلال السنوات الأخيرة تراجعًا لافتًا، وأدى إلى تحسين التصنيف الائتماني للبلاد، إلا أنه نتج عن ذلك انكماش في أنشطة وأعمال المؤسسات والشركات التجارية الكبيرة للقطاع الخاص العماني بسبب تراجع أعداد المشروعات الحكومية السنوية.

لقد أدى الالتزام المالي للدولة تجاه الدين العام إلى تحسُّن التصنيف الائتماني للسلطنة وارتفاعه نتيجة لتلك الإجراءات، وما تقوم به الحكومة في هذا الشأن من خطوات يهدف إلى الإصلاح الاقتصادي من جهة، وضبط الإنفاق العام،  بجانب استغلال الإيرادات الإضافية في دفع الدين من جهة أخرى. ومن المتوقع أن يتراجع هذا الدين  بصورة أكبر خلال السنوات المقبلة.

والدين العام يتحمله كل فرد في المجتمع وهو ثقل على كاهل الدولة، وتلتزم الحكومات بإيفائه مهما كانت الظروف الاقتصادية والمالية لها، وعدم الالتزام بدفعه يخلق مشاكل كبيرة للحكومات ولأفراد المجتمع أيضًا، الأمر الذي يدفع الحكومات لتخصيص جزء كبير من الإيرادات المالية السنوية لدفعه، مع دفع الفوائد السنوية المستحقة عليه، وهذا يؤدي إلى رفع التصنيف الائتماني للبلاد، والذي تقوم به الوكالات المتخصصة لتقييم صلاحية وأهلية الدول والشركات وكذلك الأفراد للحصول على قروض معينة، وجدراتهم وقدرتهم في تسديدها في فترة زمنية معينة. ومن خلال تلك التقييمات تعطى درجة تقييم التصنيف الائتماني وتقدير درجة الملاءة لمؤسسات الحكومة والقطاع الخاص، ومدى استعدادها للحصول على القروض الجديدة من مصارف أو مؤسسات مالية أخرى.

مستوى التصنيف الائتماني الأخير للسلطنة وفق كالة موديز تم رفعه  من "Ba2" إلى"Ba1"، كما تم تغيير النظرة المستقبلية من إيجابية إلى مستقرة؛ الأمر الذي يُعطى فرصة أكبر للحكومة والمؤسسات في الحصول على القروض وتمويل المشروعات الكبيرة متى شاءت وتضمن حقوق الدائنين، بجانب ذلك تكون تكلفة التمويل الذي تحصل عليها الدولة المقترضة ومؤسساتها عند حدودها الدنيا المتعارف عليها، والعكس صحيح في حال كون الجدارة الائتمانية للدولة ضعيفة.

إنَّ تحسُّن السياسات المالية للحكومة العمانية سوف يُساهم في تعزيز المركز المالي للبلاد، فيما تبذل الحكومة جهودًا مضنية نحو تعزيز التنويع الاقتصادي وتنشيط الاستثمارات الداخلية، وهذا ما حدا بوكالة موديز أن تتوقع تراجع المديونية العامة للدولة إلى نحو 35% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الثلاثة المقبلة.

والتزام الحكومة العمانية وتوجهها لدفع الدين العام منذ عام 2019 وحتى اليوم، حقق نتائج إيجابية وعاد بالنفع على سمعة السلطنة المالية، وتحسين التصنيف الائتماني، وإعطاء القدرة لها في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية للبلاد، إلّا أن ذلك تسبب في تأثير سلبي على أعمال القطاع الخاص الذي ما زال يشعر أن مجموع قيم إنشاء المشاريع الاقتصادية الكبيرة قد قلّ كثيرًا، وأن حركة الدوران الاقتصادي تباطأت نتيجة التحكم في الأموال العامة، وتخصيص الجزء الأكبر منها لدفع الدين العام؛ الأمر الذي أدى إلى تراجع أعمال الشركات والمؤسسات الكبيرة، وإفلاس بعضها، وتسريح عدد من العُمانيين العاملين لديها، وخاصة شركات النقل والمقاولات وغيرها. كما أدى ذلك الى ترحيل عدد كبير من العمالة الوافدة التي كانت تعمل في تلك المؤسسات، وبالتالي تأثر قطاع العقار والسياحة وقطاع بيع التجزئه بتراجع أعمال تلك المؤسسات التجارية الكبيرة.

لقد واجهت السلطنة هذه المعضلة في وقت شهدت فيه أسعار النفط العالمية تراجعًا ملحوظًا، فيما كان الجميع يواجه معضلة التخلص من وباء "كوفيد-19" الذي أدى إلى تراجع الحركة التجارية العالمية. وتتوقع وكالة موديز أن يبلغ متوسط أسعار النفط العالمية نحو 80- 85 دولارًا أمريكيًّا للبرميل خلال السنوات 2024- 2025 قبل أن تتراجع تدريجيًّا بين 55 و75 دولارًا أمريكيًّا للبرميل خلال المدى المتوسط.

لقد تبنت الحكومة خلال السنوات الماضية خططا طموحة للاقتصاد العماني والتنويع الاقتصادية في إطار الرؤية المستقبلية "عُمان 2040" لاستغلال الموارد المالية والكفاءات البشرية بصورة جيدة في الفترة المُقبلة. ويأتي تنفيذ سياسة الحماية الاجتماعية في هذا الإطار من أجل تمكين مختلف فئات المجتمع العماني من الحصول على موارد مالية نقدية إضافية، الأمر الذي سوف يعزز من قدرات العائلات والمجتمع العماني ماليًا، ويؤدي إلى تحريك الاقتصاد العماني وأعمال القطاع الخاص بصورة أكبر، بجانب تعزيز جوانب الادخار الفردي لدى الأشخاص.

ولا شك أنَّ اكتشاف كميات جديدة من النفط والغاز واستغلال الموارد الطبيعية الأخرى سوف يُعزِّز من الايرادات السنوية للبلاد، ويُحقِّق مزيدًا من الفوائض المالية؛ الأمر الذي سوف يساعد على تعزيز دفوعات مبالغ الدين العام لتصبح عمان خلال السنوات القليلة القادمة قادرة على تأسيس مشاريع ضخمة وتعزيز الجوانب الأخرى للاقتصاد العماني، وزيادة الرفاهية للمجتمع العماني.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تحفيز مشاركة القطاع الخاص .. توجيهات رئاسية جديدة (فيديو)

وجه  الرئيس عبد الفتاح السيسي باستمرار العمل على تطوير منظومة الطيران بشكل متكامل، بما يحقق الأهداف المطلوبة للاستفادة منها في خطط التنمية الاقتصادية، مع العمل على تحفيز مشاركة القطاع الخاص في تلك الجهود بما يتفق مع توجهات الدولة لدعم دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني.

اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، مع محمد صلاح الدين وزير الدولة للإنتاج الحربي، والدكتور سامح الحفني وزير الطيران المدني، والفريق أحمد الشاذلي رئيس هيئة الشئون المالية للقوات المسلحة، واللواء أحمد العزازي رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والسيدة سهير عبد الله القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة شركة مصر للطيران للخدمات الجوية.

موقف تطوير منظومة الطيران المدني

وأوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الرئيس السيسي اطلع على موقف تطوير منظومة الطيران المدني بجميع مكوناتها، سواءً على مستوى الملاحة الجوية وأسطول الطائرات والمطارات، أو تنمية مهارات الكوادر البشرية، حيث شهد الاجتماع متابعة برنامج تطوير الطيران المصري من خلال تحديث البنية التحتية للمطارات، وزيادة طاقاتها الاستيعابية، وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للركاب.

أحمد موسى: الرئيس السيسي كان شايف اللي بيحصل من بدري ورفض طلب مرسيالرئيس السيسي يتابع منظومة الطيران المدني ..ويوجه بـ تطويرهارسالة الرئيس السيسي لـ المصريين.. ويحذر من مخطط هدفه إسقاط الدولةبرلماني: تصريحات الرئيس السيسي عن الشائعات والأكاذيب المحيطة بمصر تتطلب التكاتف لدحضها
وأضاف السفير محمد الشناوي المتحدث الرسمي أن الاجتماع تناول كذلك الدور الذي يمكن أن يقوم به النقل الجوي في دعم برامج التنمية الوطنية، من خلال تحويل مصر إلى مركز لوجيستي عالمي، بما يعزز الاستثمارات ويسهم في زيادة معدلات التصدير والتبادل التجاري، ومواكبة النمو المستمر في السياحة الوافدة إلى مصر. 

استمرار العمل على تطوير منظومة الطيران بشكل متكامل

وقد وجه الرئيس السيسي باستمرار العمل على تطوير منظومة الطيران بشكل متكامل، بما يحقق الأهداف المطلوبة للاستفادة منها في خطط التنمية الاقتصادية، مع العمل على تحفيز مشاركة القطاع الخاص في تلك الجهود بما يتفق مع توجهات الدولة لدعم دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني.

رسائل الرئيس السيسي للمصريين وتحذير من مخطط الأكاذيب

قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، أثناء حضوره اختبارات الطلبة الجدد المتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة أمس السبت، إن تكاتف الشعب المصري هو صمام الأمان، محذرا من "مخططات لنشر الشائعات والأكاذيب وهدم الدول".

وأضاف الرئيس السيسي أن الخطة التي استهدفت دول المنطقة قبل أعوام "كانت خطة جديدة" يتم فيها لأول مرة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في "التحريك"، محذرا من تداول حجم ضخم من الشائعات والكذب وإحكامها بخلطها بجزء من الحقائق بهدف تعظيم ضررها.

وأكد الرئيس السيسي أن "هذه الخطط لم تنته بعد، وتم على مدار السنوات الماضية إطلاق حجم ضخم جدا من الأكاذيب والافتراءات وتضخيم بعض الأحداث، مثل تداول أحداث عن اختطاف الأطفال والنساء أو الهجوم على منازل بما يوحي بعدم توافر الأمن".

وأكمل الرئيس لسيسي: "بافتراض أنها صحيحة، هل التعامل الصحيح مع هذه الوقائع هو الهدم (للدولة)؟ فتزيد هذه الوقائع بدلا من أن تكون بنسب قليلة". وشدد الرئيس السيسي، على أن نشر وتداول هذه الشائعات ومخططات الأكاذيب ليس أمر داخليا، ولكنه بواسطة أجهزة مخابرات، متابعا: "دا شغل أجهزة مخابرات، ومن حقهم التفكير في تخريبنا، ففي المباريات يريد الخصم هزيمتنا ودورنا هو التدريب جيدا والاستعداد لإفشال مخططاتهم".

وواصل الرئيس حديثه قائلا: "نحن لنا خصوم، وهؤلاء ليس من مصلحتهم أن تكون مصر في وضع جيد"، مؤكدا أن "مصر التي بها تعداد سكاني يصل إلى 120 مليون نسمة، إذا استمرت بنفس وتيرة الحركة والنمو الحالي فإننا سننتقل خلال 10 أو 15 عاما قادمة إلى وضع آخر".

وطالب بالحفاظ على مصر وعدم المساهمة في هدمها "فمصر هي الباقية بمواطنيها وعليهم أن يحافظوا عليها لا أن يهدموها".

مقالات مشابهة

  • وزير النقل يفتتح مشروع التكسي الوطني
  • أمير الحدود الشمالية يستقبل رئيس اتحاد الغرف السعودية
  • كامل الوزير: مصر منفتحة على التعاون مع القطاع الخاص الدولي والمحلي
  • تحفيز مشاركة القطاع الخاص .. توجيهات رئاسية جديدة (فيديو)
  • إنتاج النفط العماني 332.6 مليون برميل والغاز 51.8 مليار متر مكعب بنهاية نوفمبر 2024
  • البنك الدولي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد المصري لـ 4.6% خلال 2026
  • المجلس الاستشاري للرؤساء التنفيذيين لاتّحاد مصارف الإمارات يستعرض أداء القطاع المصرفي خلال 2024
  • مؤسسات أجنبية كبرى تشارك فى الطرح الخاص لـشركة «كاتليست بارتنرز»
  • طرح شركات الجيش فى البورصة يعزز ثقة القطاع الخاص
  • بيرييلو يناقش مع لعمامرة الدور الحاسم الذي يجب أن تلعبه الأمم المتحدة في حل الأزمة بالسودان