الوعي المُجتمعي والتنمية
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
حمد الناصري
يقول المُفكر الفرنسي إدغار موران "إنني من أولئك الذين يعتقدون أن التطورات التقنية والاقتصادية لحضارتنا مرتبطة بتخلف سيكولوجي وأخلاقي".
وحين سُئل عَقِب ثورات الربيع العربي، قال "الآن يتم التحرر من الاستعمار الفكري، ويبقى الاستعمار الاقتصادي، الذي يجب تحريره". والفيلسوف موران، من أصول يهودية إسبانية "السفارديم" المُؤيدة لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة خاصة به، وفي عام 2004 كتب موران في صحيفة " لوموند Le Monde" الفرنسية، مُندّدًا بالسياسة الإسرائيلية داعيًا إلى عدم كراهية العدو.
أسُوق مُقدّمتي هذه وأنا استذكر ما جاء في مُحاضرة قيّمة ومُهمّة للأستاذ حاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية العُمانية، في مسجد العُذيبة حول الأحداث الجارية في فلسطين المُحتلة، وكان من أهم محاورها مِحور سلاح الإيمان الأهم لدى المقاومة الفلسطينية ممثلة في كتائب القسام. والمِحور الآخر، كان حول طريقة بناء الإنسان الفلسطيني وفيها يكمن سِرّ الانتصار والمِحور الثالث هو فعاليّة سِلاح المُقاطعة الاقتصادية في دعم القضية الفلسطينية.
ويرى الطائي أنّ وسائل التواصل الاجتماعي كشفت عن مدى التضليل والخداع الذي مارسه الصهاينة ومن خلفهم من الماكينات الدعائية والإعلامية والمنصّات الاجتماعية الضخمة لثمانية عقود تقريبًا وكيف تمكّنوا من تحريف نظرة العالم نحو إسَاءة فهم القضية الفلسطينية وشيطنة نِضال الشعب الفلسطيني، وأشار حاتم الطائي، إلى أنّ إسرائيل أخيرًا خسرت المعركة الإعلامية نتيجة للاستخدام المِثالي لوسائل التواصل الاجتماعي العربي والفلسطيني رغم مَحدوديّتها وتمكّن الفلسطينيين وبعض وسائل الإعلام غير المُنحازة من نقل الصورة الحيّة لما يَحدث حقيقة وبلا رتوش وخصوصًا قناة الجزيرة.
ولإحساسها بمرارة الهزيمة قامت إسرائيل بقتل أكثر 70 إعلاميًا وصحفيًا بشكل مُباشر أو غير مباشر لدفن الحقيقة ومنها قتل أسرة مُراسل الجزيرة وائل الدحوح الذي كان ينقل لنا الصُورة الحيّة للأحداث بالقصف الهمجي الإسرائيلي.
وخاطب الطائي الحضور في مُحاضرته في مسجد العذيبة متحدثًا باللهجة العُمانية "لا تعتقدوا ما يحدث في غزة بعيدا عنكم بالعكس نحن في قلب المعركة كعرب ومُسلمين، كل إنسان موجود على هذه الأرض الطيبة، له دور، ما بالضرورة أن تُقاتل ولكن قد يكون دورك بالكلمة قد يكون ما يحدث الآن في كل الدول العربية والإسلامية سلاح المُقاطعة، ليس بالضرورة تروح ستار باكس.. ولا بالضرورة تشتري من بيتزا هت، ولا من ماكدونالدز، ترا هذي فلوسهم تروح لتصنيع آلة القتل الإسرائيلية التي تقتل العرب والمُسلمين والفلسطينيين، سلاح المُقاطعة سلاح في غاية الأهمية، لا تُخففوا أو لا تقللوا من قيمته، لو ما حَد راح ستار بكس اليوم وبكره بعد 30 يوماً سيغلق .. لأن هذي الفلوس بتروح خارج البلد. احنا بالله عليكم ما عندنا رواد أعمال شباب، يقدروا يسووا، ستار أوف عُمان.. يُسّووا مقهى يسووا كابتشينو وقهوة، هذي المكينة قيمتها أساسًا ألفين ريال ما قيمتها مليون ريال ولا شي، معقولة احنا ما قادرين انصَنّع فطيرة البيتزا اللي هيّه عبارة عن فطيرة وجبن وطماطم لازم نجيب بيتزاهت".
وهنا نتساءل جميعًا وعلى لسان الطائي لماذا لا يُتم تفعيل وتنشيط الاقتصاد من خلال دعم العلامات التجارية العُمانية سواء القديمة أو الشابة؟
ونتساءل أيضًا أين دور وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وأين هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمُتوسطة، وأين دور وزارة العمل؟ فتشغيل الأيدي العاملة العُمانية يعني زيادة التنمية الاقتصادية والتنمية الاقتصادية تعني نمو الدخل ويعني ذلك تحسين وتوفير حياة مُرفهة تستند على قوة بشرية كُفوءة وذات دخل مُرتفع، وتحسين مُستوى المَعيشة ومن ثُم توسيع الاقتصاد، مِما سيؤدي إلى مظاهر إيجابية قد تكون غير محسوسة حاليًا منها أنّ ارتفاع مُستوى المعيشة سيخفض مُستوى الفقر والجريمة والأُمّية ويُؤدي إلى زيادة في الدخل بزيادة المُخرجات الإنتاجية وتقليل الاعتماد على المُنتجات والخدمات المُستوردة.
النشاط الاقتصادي، يَعتمد على الموارد البشرية وعلى الإمكانيات المُتاحة وعلى تنمية المُؤسسات الصغيرة والمتوسطة اللتين تعتبران من أهم أعمدة الاقتصاد والإنتاج.
والسؤال المُوجه إلى شبابنا الباحثين عن عمل، لماذا لا يقومون بمبادرات لتوسيع وتنويع المِهن والحِرف الموجودة ومُحاولة تشغيل أنفسهم ذاتيًا من خلال طرح أعمال بديلة وإن كانت بسيطة حاليًا، فبالعمل الدؤوب والمُثابرة ستنمو وتكبُر غدًا بإذن الله. وكما طرحها الأستاذ حاتم الطائي في مُحاضرته، وأوّل الغيث قطرة.
الخلاصة.. أنّ ما أشار اليه الأستاذ حاتم الطائي حول دور المُواطن العربي عمومًا والعُماني خصوصًا في أيّ قضية أو تحدٍّ هو دور حاسم ومُهم وفي الحرب الدائرة في فلسطين يقوم الفلسطينيون بالدور الأكبر والتضحيات الجِسَام ويبقى علينا نحن أن ندعمهم بما يُمكننا من وسائل أهَمّها سلاح المُقاطعة للمنتجات والعلامات الداعمة للكيان المُحتل وهو تحدّي له منافع منها تغير لهجة الإعلام الغربي ومنها وهو الأهم دعم الاقتصاد الوطني ودعم المُنتج المحلي وهو ما ركّز عليه المُحاضر.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بنك مسقط يواصل جهود تعزيز الوعي حول الثقافة الماليّة ضمن مبادرة أكاديمية "ماليات"
مسقط- الرؤية
يُواصل بنك مسقط- المؤسّسة الماليّة الرائدة في سلطنة عُمان- تعزيز ريادته في مجال الشمول المالي ونشر الوعي حول الثقافة الماليّة، مؤكدا التزامه بدعم التنمية المُستدامة وتمكين مختلف شرائح المجتمع. وبالتزامن مع فعاليات حملة أسبوع المال العالمي الذي أقيم خلال الفترة من 20-24 أبريل الحالي وبمناسبة اليوم العربي للشمول المالي الذي يصادف 27 أبريل من كل عام، نظّم البنك مؤخّرا بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم عددا من الورش التدريبيّة لطلبة وطالبات مدارس مختلفة من محافظات السلطنة وذلك ضمن مبادرة أكاديمية "ماليات" من بنك مسقط.
ويأتي تنظيم الورش في إطار التزام البنك بنشر الثقافة المالية لدى الطلبة والطالبات بهدف تعزيز مهاراتهم في إدارة الموارد المالية واتخاذ قرارات مالية سليمة، إذ تعد هذه المبادرة جزءاً من استراتيجية البنك الشاملة لتعزيز الوعي المالي وتقديم حلول مصرفية مبتكرة تدعم الشمول المالي وتساهم في بناء مجتمع أكثر وعياً واستقراراً مالياً.
ويعدّ تعزيز الوعي بالثقافة المالية ضرورة من ضرورات الحياة وأحد أبرز مفاتيح الاستقرار المادي لأفراد المجتمع عامّة، في عالم تتسارع فيه وتيرة التغيرات الاقتصادية وتتنوع فيه مصادر الدخل والإنفاق. وتساهم الثقافة الماليّة في تمكين الأفراد من إدارة شؤون الحياة بإدارة ماليّة صحيحة واتخاذ قرارات مالية حكيمة وتمهيد السبل والطرق المختلفة للادخار والاستثمار.
ولا تقتصر الثقافة المالية على معرفة أساسيات الحساب أو القدرة على إعداد ميزانية شهرية، بل تتعداها إلى فهم أعمق لمفاهيم مختلفة مثل العائد والمخاطرة، وأهمية التخطيط المالي، ومهارات الادخار الذكي، وخيارات التمويل الآمن، بل وحتى آليات التعامل مع الأزمات المالية الشخصية. ولعل من أبرز أوجه أهمية الوعي المالي أنه يُسهم في بناء مواطن اقتصادي واعٍ، يدرك أثر قراراته الفردية في عجلة الاقتصاد الوطني، ويُشارك بفعالية في تنمية مجتمعه عبر إنفاق واستثمارات مدروسة.
وتأتي الورش التدريبية ضمن التعاون الفاعل القائم بين بنك مسقط ووزارة التربية والتعليم للعام الثالث على التوالي ضمن مبادرات أكاديمية "ماليات"- وهي إحدى مبادرات المسؤولية المجتمعية لبنك مسقط- والذي أفضى منذ إطلاقه في عام 2023 إلى تدريب أكثر من 130 مدرباً ومدربة من المعلّمين وأخصائي ومعلمي التوجيه المهني ممّن يمثلون جميع المحافظات التعليمية بالسلطنة. ودرّب هؤلاء الأخصّائيّون زملاءهم في المدارس التي شملها البرنامج ليتجاوز عددهم 488 معلماً ومعلمة ممن قدّموا البرنامج إلى أكثر من 23 ألف طالب وطالبة في أكثر من 400 مدرسة من مختلف ولايات ومحافظات السلطنة.
وقال طالب بن سيف المخمري مدير العلاقات المجتمعية والإعلامية ببنك مسقط: "سعداء بهذه الشراكة مع وزارة التربية والتعليم في تنفيذ واحد من أهم برامج المسؤولية المجتمعية للبنك، لما له من أثر كبير في تنمية المعرفة لدى طلبة المدارس وتعزيز مهاراتهم في الثقافة والإدارة المالية، كما أن ترسيخ مفاهيم الثقافة المالية يساهم في إعداد الأجيال الصاعدة إعدادا جيّدا منذ سن مبكرة بما يمكنهم من تحمل مسؤوليات الحياة المالية بثقة وذكاء ويحدّ من السلوكيات الاستهلاكية السلبية ويعزز من قدرة الأفراد على تحقيق الاستقلال المالي، لذلك يحرص بنك مسقط على غرس هذا المفهوم لدى الأفراد وتعريفهم بالأساليب الحديثة في تنمية وإدارة الأموال بالشكل الصحيح بحيث تتحسن مقدرة الأفراد مع مرور الوقت على إدارة مخصصاتهم المالية بطريقة أفضل".
وأضاف المخمري أن نشر الوعي المالي وتعزيزه من خلال المناهج التعليمية، ووسائل الإعلام، والبرامج التثقيفية، هو استثمار طويل الأمد في الفرد وأساس لبناء لمجتمع قويّ اقتصاديًا، متزن ماليًا، قادر على مواجهة التحديات وبرؤية بعيدة المدى، موضّحا أن تنظيم الورش التدريبية تأتي لتضيف بعدا آخر للمبادرة من خلال الاستثمار في تدريب المدربين من معلمين وأخصائيي التوجيه المهني من مختلف المحافظات، ونحن نتطلّع هذا العام إلى تحقيق الأهداف المرجوّة للمبادرة من خلال مواصلة تقديم المزيد من الورش التدريبيّة في مختلف مدارس محافظات السلطنة.
وتُعد مبادرة أكاديمية "ماليات" إحدى مبادرات الاستدامة والمسؤوليّة الاجتماعيّة من بنك مسقط وتركّز على تعزيز الثقافة المالية لفئة الصغار وإمدادهم بالمهارات الأساسية اللازمة لإدارة الشؤون المالية المختلفة واتخاذ قرارات إنفاق حكيمة منذ وقت مبكّر، حيث يساعد امتلاك مفاهيم الثقافة الماليّة على إعداد أنفسهم للمستقبل، خاصة في ظل المتغيرات الاقتصادية الحاليّة والتي يترتّب عليها انعكاسات على الاستقرار المالي للأفراد والأسر.
بالإضافة إلى ذلك، يوفّر بنك مسقط برنامج "ماليات" وهو منصة إلكترونية مجانية معنيّة بتقديم دورات حول الثقافة المالية وتستهدف أفراد المجتمع من مختلف الفئات العمريّة بما فيها الأفراد من ذوي الإعاقة السمعيّة والبصريّة. وهذا البرنامج أحد مبادرات الاستدامة والمسؤوليّة الاجتماعيّة من بنك مسقط ويركّز على تعزيز الثقافة المالية لمختلف شرائح المجتمع، وذلك ضمن برامج ومبادرات المسؤولية الاجتماعية والاستدامة أحد أبرز الركائز الأساسيّة التي يهدف البنك إلى تنفيذها وتطويرها بشكل دائم. واستفاد من البرنامج حتى الآن أكثر من 32700 فردٍ من فئات اجتماعية مختلفة.