أوضاع الفلسطينيين في رفح كارثية.. لعنة الله على هذا العالم الحقير
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
رفضت أم أحمد، وهي أم فلسطينية لخمسة أطفال، التزحزح عندما أخبرها المسؤولون أنه لا يوجد مكان لهم في مدرسة تابعة للأمم المتحدة تُستخدم كمأوى للنازحين في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة على الحدود مع مصر، بحسب تقرير لصحيفة "فياننشال تايمز" البريطانية (Financial Times) ترجمه "الخليج الجديد".
"أين يمكن أن نذهب؟".
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى مساء الأحد 17 ألفا و997 شهيدا و49 ألفا و229 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
ويحذر مسؤولو الأمم المتحدة من أن رفح أصبحت مكتظة، بعد أن دفعت الحرب وأوامر الإخلاء الإسرائيلية 85% من سكان غزة، البالغ عددهم نحو 2.4 مليون نسمة، إلى المدينة الحدودية، وهي هي أبعد ما يمكنهم النزوح إليه، لكن الحدود مع مصر مغلقة.
وبحسب الصحيفة، يعيش الآلاف في شوارع المدينة، معرضين لطقس الشتاء، وبالكاد يمكنهم الحصول على الغذاء أو الماء أو مرافق النظافة.
ويقول مسؤولو الإغاثة إن بنية رفح التحتية لن تتمكن من استيعاب عدد النازحين الذي قد يصل إلى مليون شخص.
وبالفعل، تجاوزت مدارس الأمم المتحدة، التي تعمل كملاجئ في رفح، طاقتها الاستيعابية عدة مرات.
اقرأ أيضاً
برنامج الأغذية العالمي: الجوع يتزايد في غزة.. 97% من النازحين لا يجدون الطعام
جوع ومرض
واصفة الظروف في رفح بـ"الرهيبة"، قالت الصحيفة إنه في المدرسة التي تأوي أم أحمد، يُحشر نحو 70 امرأة وفتاة في كل غرفة، وينامون على مراتب على الأرض، بينما يقضي الرجال والفتيان لياليهم في ملاجئ مؤقتة في الساحات".
وتابعت: "يوجد القليل من الطعام والمياه النظيفة والكهرباء، وتطهو العائلات في ممرات يملؤها الدخان على نار مشتعلة بالكرتون أو بخشب الأشجار المقطوعة، ويستخدم حوالي 700 شخص مرحاضا واحدا، ويصطفون لساعات حتى يأتي دورهم".
وقال مدير وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة توماس وايت، عبر منصة "إكس" الجمعة الماضي، إن "الناس في حاجة ماسة للحصول على كيس من الدقيق.. الجوع والمرض يطاردان الجميع".
وقبل وصولها إلى رفح، كانت عائلة أم أحمد تلجأ إلى مدرسة تابعة للأمم المتحدة في خان يونس، أكبر مدينة في جنوب قطاع غزة، لكنها أصبحت الآن الهدف الرئيس للهجوم العسكري الإسرائيلي، كما لفتت الصحيفة.
وأردفت أنه منذ انتهاء هدنة إنسانية استمرت 7 أيام حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، كثفت القوات الإسرائيلية هجماتها الجوية والبرية على خان يونس؛ مما أدى إلى موجات جديدة من النزوح نحو رفح.
اقرأ أيضاً
وول ستريت جورنال: خان يونس تضع إسرائيل على "مسار تصادمي" مع إدارة بايدن
خط أحمر
ويحذر مسؤولو الأمم المتحدة من أن النظام المدني ينهار في غزة، مع تدهور الوضع الإنساني.
وقالت أم أحمد إن الناس في "وضع كارثي. بلا ماء أو طعام.. جميع الأطفال وكبار السن مرضى. جميعهم يعانون من السعال والأمراض الجلدية وجرثومة المعدة.. النظافة الشخصية مستحيلة".
ومتفقة معها، قالت هبة ياسين، وهي جدة كانت تعد الشاي على نار صغيرة، إن صوت سعال حفيدها الرضيع كان مثل سكين يخترق قلبها، منددة بعدم توفر الطعام أو الحفاضات.
أما محمد أبو سعدة، وهو أب لسبعة أطفال، فنصب خيمة خارج مدرسة الأمم المتحدة في رفح؛ لأنه لم يكن هناك غرفة في الداخل، وقد اختار هذا الموقع حتى تتمكن الأسرة من استخدام الحمام المجاور.
وقال أبو سعدة إن استخدام الحمام "يتطلب ساعات من الانتظار في الطابور.. هل هذه حياة؟! لعنة الله على هذا العالم الحقير".
ولم يعثر آخرون على مكان في مدارس الأمم المتحدة، فخيموا في موقع بناء مستشفى قريب، ومن بينهم أم محمد دغمش، التي يعد هذا هو النزوح الرابع لها منذ بدء الحرب.
وبينما تجلس على مرتبة ممزقة، قالت وهي تبكي: "لم نأكل منذ أيام.. ثلاثة من أبنائي قُتلوا والرابع مفقود.. فقدت عقلي، ولم أعد أستطيع التحمل".
وقد أثار خطر تدفق اللاجئين قلق مصر، التي أعلنت مرارا معارضتها لما تصفه بخطة إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء، كما زادت الصحيفة.
وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر (حكومية) ضياء رشوان أواخر الأسبوع الماضي إن هذا "خط أحمر لن تسمح مصر بتجاوزه". وتحذر القاهرة من أن تهجير سكان غزة سيعني تصفية القضية الفلسطينية.
اقرأ أيضاً
بين رفض التهجير ومواصلة للحصار.. مصر عالقة في "التخبط" إزاء حرب غزة
المصدر | فياننشال تايمز- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: نزوح أوضاع كارثية نازحون فلسطينيون رفح مصر إسرائيل أم أحمد فی رفح
إقرأ أيضاً:
الصيام.. مدرسة إيمانية تهذب النفوس وتسمو بالأخلاق
في كل عام يهلّ علينا شهر رمضان المبارك، شهر عظيم بكل ما فيه من نفحات إيمانية ودروس إسلامية وعبادات وصلوات مباركة، شهر من أجمل أوقات العام التي تقربنا فيها إلى الله تعالى، فخلال أيامه العطرة تتهذب الأخلاق وتصفو النفوس وتستقيم السلوكيات، ويحرص المسلمون أينما كانوا ووجدوا على اغتنام الفرص الذهبية التي يقدمها لهم هذا الشهر الفضيل ويستمتعون بتجليات الفضائل والمكارم والمحاسن التي تتنزل عليهم من كل أبواب الخير ويشعرون بالسعادة الغامرة.
ومما يحمله شهر التوبة والمغفرة في كنفه أنه يعلمنا الكثير من الدروس المهمة التي يمكن أن ننساها في خضم تسارع الأيام وكثرة المشاغل في حياتنا اليومية، وعندما يأتي إلينا رمضان نأخذ من سماته وآثاره الطيبة طريقا يدلنا على عظمة هذا الخالق سبحانه وتعالى، ويوضح لنا الحكمة والموعظة الحسنة التي منحها الله لجميع البشر من أجل أن يدركوا قيمة الحياة الدنيا وما فيها من متاع ومفردات لا يمكن إغفالها أو إنكارها أو نسيانها عن قصد.
وليس سرا أن نقول إن شهر رمضان الفضيل هو عبارة عن مدرسة جامعة يتعلم المؤمن العارف بربه الكثير من الدروس الإيمانية التي تعينه على نيل رضا الله تعالى فهو الخائف من عقابه تعالى، والراغب دوما لغفرانه من الذنوب والخطايا التي يرتكبها الإنسان بسبب نزعات الشيطان ووساوسه التي لا تنقضي.
لذا فالصوم ليس مجرد تجسيد فردي لطقوس رمضانية تنتهي سريعا، وإنما يعد هذا الشهر المباركة وحدة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يجتمعون على الخير والعطاء وعلى العبادة والطاعة والتقوى، والسير على منهج إسلامي راسخ منذ عهد البعثة المحمدية وحتى يومنا هذا.
إننا نعلم جميعا بأن الله تعالى شرع لعباده ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، وأمد خيوط السعادة الأبدية في أخراهم، وقد امتحن الله عز وجل عباده بما شرع لهم من العبادات والمعاملات والواجبات، وذلك ليمحص من يعبد عن رشده، ويسلك طريق الظلالة جراء اتباعه هواه.
لقد حدثنا الله تعالى في كتابه العزيز عن فريقين من الناس، الأول هو الذي يمتثل لشرعه ويقف عند حدوده بصدر منشرح وقلب مخلص، ونفس مطمئنة، سينال الفوز والفلاح من لدنه سبحانه، أما الفريق الثاني فهو من يتخذ طريقا معوجا يلائم رغبته، ويصادف هوى في نفسه، ونبذ ما سوى ذلك وراء ظهره سوف يخسر الدنيا والآخرة».
أما من الناحية الواقعية التي يستخلصها المؤمن من رمضان نجد أن الصيام مدرسة خلقية كبرى متعددة الجوانب والفوائد -وهذا أمر لا جدال فيه - والسبب في ذلك هو أن المؤمن يتدرب عمليا في كل عام على الإكثار من الطاعات والتمسك بالخصال الحميدة، والتخلق بالصفات الإنسانية الجميلة، ومنها ما هو مثبت في كتب الفقه والدراسات الإسلامية التي تؤكد بأن «الصوم يعد جهادا للنفس البشرية ومقاوما بشدة لكل الأهواء النفسية، ويدرب المؤمن على الحفاظ على الأمانة، ومراقبة الله في السر والعلن، إذ لا رقيب على الصائم إلا الله سبحانه وتعالى، وكفى به رقيبا».
وقد ورد في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه) رواه البخاري ومسلم.
إذن الصيام كما نراه ويراه الناس من حولنا عبارة عن «مدرسة خصبة للعطاء يجدد فيها المسلم عرى إسلامه ويتمسك بتطبيقها في حياته»، وربما تكون دورة تدريبية يتخرج منها ملايين المسلمين في هيئة ثوب إيماني جديد، يدخلون بها أبواب المستقبل ويواكبون تغيرات الزمن بهمة قوية وإصرار على كسب الخير، وعلاج ما يلم بهم من خلل بشري كالنقص في أداء الواجبات أو ارتكاب الخطايا والذنوب وغيرها».
وفي الجانب البدني، نرى في شهر رمضان المبارك الكثير ممن نعرفهم ومن لا نعرفهم يحرصون على ممارسة «الرياضة» وخاصة «المشي» في أوقات مختلفة،لاقتناعهم بأهمية هذا الشهر من الناحية الصحية التي يكتسبها الجسم من الصيام والقيام، فقد أثبت الطب الحديث بأبحاثه وتجاربه وما توصل إليه من نتائج مثبته أن الصوم «أفضل وسيلة للإنسان للتخلص من كثير من الأمراض والمعاناة التي عجز الأطباء عن علاجها، ولذا يحاول الكثير من الناس استغلال هذا الشهر الفضيل في ممارسة الرياضة والتقليل من العادات الغذائية الخاطئة».
وهكذا نرى أن الله تعالى جعل شهر الصوم موسما سنويا تكرم به على عباده ليكون لهم مناسبة ذات خصوصية متفردة، يحطون عنهم الأوزار والآثام وما اقترفته أيديهم من الذنوب والخطايا، وبعضهم من يتخذ رمضان سلوك حياة طيلة العام، والبعض الآخر يراه وقتا مناسبا لتصحيح المسار في حياته، فعندما ينتهي رمضان يخرج الصائمون منه بصحائف بيضاء لا تشوبها شائبة، ولكن علينا أن نعي بأن هذه المميزات يختص بها عباد الله الذين يلتزمون بتعاليم الدين ويصومون بـ«جميع جوارحهم عما حرم الله» وهم بذلك يجمعون بين صوم «الظاهر والباطن»، فيستحقون ما لا يستحقه غيرهم من الناس، فقد ورد في الحديث الشريف أن الرسول صلى الله عليه سلم قال: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». أخرجه البخاري.
والله سبحانه وتعالى لا يقر شيئا لا وبه حكمة عظيمة، فقد ورد في كتب التفسير وأقوال العلماء والفقهاء حول أبواب العبادات فمثلا فيما يتعلق بصحة البدن فأوجب علينا سبحانه «الصلاة» كتمرين يومي في اليوم خمس مرات ما بين ركوع وسجود، أما فيما يتعلق ببذل المال فأمرنا الله عز وجل بـ«الزكاة» والإنفاق في سبيل الله كلاًّ حسب طاقته وإمكانياته، أما فيما يستوجب كف النفس عن الأشياء المحببة إليهم والمشهية فشرع الله علينا «الصيام»، الذي يذكر الصائم بنعم الله عليه إذ منحه القدرة على هذه العبادة التي ينال بها جزيل الثواب في وقت حُرم فيه آخرون من الحياة في هذا العام بعد أن توسدت رؤوسهم أديم الأرض، ومن المؤكد تماما أن لكل هذه العبادات حكما بالغة أوجدها الله تعالى للبشرية ليجزي من يلتزم ويعاقب من يحيد عن رشده.