8 أشهر على الاشتباكات في السودان.. لا سيطرة لأحد
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
بعد نحو 8 أشهر من الحرب في السودان بين الجيش بقيادة الفريق عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) لم تحسم معركة العاصمة الخرطوم بعد، إلا أن الوضع في إقليم دارفور يشهد تقدما ملحوظا لصالح قوات حميدتي في عدة مدن رئيسية بالإقليم.
ورغم زعم حميدتي سيطرة قواته على 90% من الخرطوم، إلا أن القتال ما زال متواصلا في أكثر من جبهة، خاصة في المدخل الجنوبي للعاصمة عند منطقة جبل أولياء، الذي توجد بها قاعدة النجومي الجوية، وسد جبل أولياء الاستراتيجي، الذي يوجد به جسر على نهر النيل الأبيض يربط أم درمان بالخرطوم، وتعرض لقصف وتدمير جزئي.
ويزعم الطرفان سيطرتهما على قاعدة النجومي الجوية التي استولت عليها قوات الدعم السريع في بداية الحرب واستعادها الجيش لاحقا، لكن القتال ما زال متواصلا لإحكام السيطرة عليها، لأهميتها الاستراتيجية في المعارك.
ويتبادل الطرفان الاتهامات بقصف جسر سد جبل أولياء، الذي تسيطر عليه "الدعم السريع"، والأمر ذاته بالنسبة لجسر شنبات شمالي الخرطوم، والذي يربط مدينتي أم درمان وخرطوم بحري.
ويمثل تفجير الجسور مرحلة جديدة في معارك الخرطوم، بعدما كانت السيطرة على الجسور العشرة الرابطة بين مدن الخرطوم الثلاث (الخرطوم، خرطوم بحري، أم درمان) أبرز معالم القتال في الأشهر الستة الأولى.
اقرأ أيضاً
تضارب بشأن مخرجات قمة إيغاد حول السودان.. والبرهان يضع شروطا للقاء حميدتي
وعملية تفجير المنشآت الاستراتيجية في الخرطوم لم يتوقف عند الجسور، بل طال أكبر مصفاة جيلي الأكبر في البلاد، والتي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وتوفر لها أغلب الوقود المستخدم لتشغيل آلياتها وعرباتها المسلحة، وفق ناشطين محليين، وتبادل الطرفان الاتهامات بالوقوف وراء تفجير المصفاة بالكامل.
ويحافظ الجيش السوداني على تمركزاته وسط الخرطوم، وبالأخص في القيادة العامة للجيش، ومعسكر سلاح المدرعات ومعسكر سلاح المهندسين، رغم المعارك العنيفة ولجوء قوات الدعم السريع لاستعمال المدفعية.
ويمثل تسيد الجيش السوداني لسماء المعركة أحد الأسباب الرئيسية لصمود قواته وسط الخرطوم، خاصة في ظل إخفاق "الدعم السريع" في تحييد "قاعدة وادي سيدنا" الإستراتيجية شمالي أم درمان.
يشار إلى أن عدم قدرة قوات "الدعم السريع" على حسم المعارك في الخرطوم، دفعها لرمي ثقلها في إقليم دارفور (غرب)، الذي يعد معقلها الرئيسي، الذي تنحدر منه قياداتها وأغلب عناصرها، وتنتشر بها القبائل الداعمة له.
وتمكنت "الدعم السريع" خلال الشهرين الأخيرين من السيطرة على عواصم أربع ولايات من أصل خمسة مشكلة لإقليم دارفور، وهي: نيالا مركز ولاية جنوب دارفور، وثاني أكبر حواضرها، والضعين مركز ولاية شرق دارفور، وزالنجي مركز ولاية وسط دارفور، بالإضافة إلى الجنينة مركز ولاية غرب دارفور.
اقرأ أيضاً
تسهم في استقرار السودان.. البرهان: نريد بعثة أممية محايدة
وتتهم الولايات المتحدة ومنظمات حقوقية، "الدعم السريع" ومسلحين متحالفين معها، بتنفيذ تطهير عرقي ضد قبيلة "المساليت" الإفريقية في مدينة الجنينة.
ولم يتبق أمام "الدعم السريع" سوى مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، بل عاصمة الإقليم وأكبر مدنه، وتضم قاعدة عسكرية جوية رئيسية محاذية للمطار المدني.
وتجد "الدعم السريع" صعوبة في اقتحام الفاشر، بالنظر إلى تحالف مجموعات مسلحة (متمردين سابقين) مع الجيش في الدفاع عن المدينة، خاصة وأن هذه المجموعات المسلحة ما زالت تقف على "الحياد" النسبي، واستفزازها من شأنه أن يفتح أكثر من جبهة على قوات حميدتي.
فيما تكمن أهمية إقليم كردفان في أنه يتوسط الخرطوم وإقليم دارفور، ويمثل نقطة عبور بين المنطقتين سواء الإمدادات اللوجستية أو المقاتلين، كما يستخدم الجيش مطاراته وخاصة قاعدة الأبيض في قصف خطوط إمداد "الدعم السريع" ونقاط تمركزها.
ويضم الإقليم ثلاث ولايات رئيسية، وهي شمال كُردفان وعاصمتها الأُبيض، وجنوب كُردفان وعاصمتها كادوقلي، وغرب كُردفان وعاصمتها الفولة.
اقرأ أيضاً
على خطى ليبيا.. السودان مهدد بالتقسيم بعد 7 أشهر من الصراع
ويسيطر الجيش على جميع المدن المركزية في كردفان، رغم تعرض عدة مدن وبلدات في الإقليم لهجمات عنيفة من قوات الدعم السريع، خاصة في ولاية غرب كردوفان.
حيث سبق لها أن زعمت السيطرة على مطار بليلة التي تبعد 55 كلم جنوب غرب الفولة، عاصمة غرب كردوفان، والتي يوجد بها حقل نفطي كان ينتج 22 ألف برميل يوميا قبل الحرب.
كما أعلنت "الدعم السريع" سيطرتها على بلدة "أم روابة" الاستراتيجية بولاية شمال كردوفان، الواقعة على الطريق الرئيسي بين دارفور والخرطوم، لكنها انسحبت منها، وفق سائل إعلام محلية.
لكنها أخفقت مرارا في تحييد قاعدة الأُبيض الجوية الاستراتيجية بشمال كردوفان.
لكن المعارك تقترب من منطقة آبيي، بولاية جنوب كردوفان، الغنية بالنفط والمتنازع عليها مع دولة جنوب السودان، بحسب تحذير أممي، حيث يسعى كل طرف للسيطرة على حقول ومصافي النفط، لتشغيل آلياته وحرمان الطرف الآخر من أي موارد.
ولا تملك "الدعم السريع" حاضنة شعبية واسعة في كردوفان، ما يجعل هجماتها على مدن وبلدات الإقليم أشبه بغارات قبلية يتم فيها قتل العسكريين وترويع المدنيين ونهب الأسواق والمتاجر، ثم الانسحاب مع "الغنائم".
اقرأ أيضاً
السودان.. 25 مليون شخص بحاجة لإغاثة عاجلة وحماية من تفشي الكوليرا
أما الولاية الشمالية الحدودية مع مصر، والولايات الشرقية المنفتحة على البحر الأحمر أو الحدودية مع إريتريا وإثيوبيا، فتخضع جميعا للسيطرة الكاملة للجيش.
فالولاية الشمالية حاولت قوات الدعم السريع" منذ اليوم الأول للحرب في 15 أبريل/نيسان الماضي، السيطرة عليها وبالأخص على قاعدتها الجوية الاستراتيجية في مروي، لقطع أي إمداد عسكري مصري للجيش السوداني، لكنها لم تتمكن من السيطرة عليها لفترة طويلة، واستعادها الجيش بسرعة، مع عدم استبعاد وجود دعم خفي من الجيش المصري، الذي يعتبرها حديقته الخلفية.
أما في المنطقة الشرقية، فتمثل بورتسودان، المدينة الأكثر أهمية في البلاد بالنسبة لرئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ليس فقط بسبب مينائها الذي تصل عبره مختلف الإمدادات اللوجستية والعسكرية ولا إلى مطارها الدولي، بل أيضا بعدما تحولت إلى مقر مؤقت لقيادة الدولة.
وبعد خروج البرهان، من مقر قيادة الجيش المحاصر من قوات الدعم السريع، وانتقاله إلى بورتسودان، تمكن من التحرك بحرية إلى الخارج، وتمثيل بلاده في المحافل الدولية، وبالتالي اكتساب اعتراف دولي بشرعيته، ما أزعج ذلك حميدتي، وهدد بإعلان حكومة موازية من الخرطوم.
وعلى العموم يسيطر الجيش بالكامل على جميع الولايات الشرقية والشمالية، بالإضافة إلى إقليم كردوفان، الذي يشهد معارك عنيفة، أما إقليم دارفور في الغرب، فسقطت معظم مدنه الرئيسية بيد قوات الدعم السريع باستثناء عاصمة الإقليم.
بينما تفرض قوات الدعم السريع سيطرتها على أحياء واسعة من الخرطوم، فيما يحافظ الجيش على تمركزات قوية على الأرض، ويهيمن على سماء المعركة بالكامل.
اقرأ أيضاً
بات أقرب للشر المطلق.. الأمم المتحدة تجدد تحذيرها من تصاعد العنف في السودان
المصدر | الأناضولالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السودان اشتباكات السودان الجيش السوداني الدعم السريع البرهان حميدتي قوات الدعم السریع إقلیم دارفور مرکز ولایة اقرأ أیضا أم درمان
إقرأ أيضاً:
الدعم السريع تقتل عشرات المدنيين في شمال دارفور
الفاشر- أعلنت حكومة ولاية شمال دارفور في غرب السودان، مقتل العشرات من المدنيين جراء هجوم شنته قوات الدعم السريع على عشر قرى تقع شرق مدينة الفاشر، عاصمة الولاية.
بينما استأنفت هذه القوات قصفها المدفعي، صباح يوم الثلاثاء، على مخيم زمزم، الذي يكتظ بالنازحين في جنوب المدينة، فقد أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية هناك، حيث أصابت القذائف عددًا من منازل المدنيين، وفقًا لشهود عيان.
وتأتي هذه الهجمات في إطار سلسلة من الاعتداءات تشنها قوات الدعم السريع منذ عدة أشهر على مدينة الفاشر، التي تُعتبر آخر معقل رئيسي تحت سيطرة الجيش السوداني في دارفور، وتعد نقطة ارتكاز حيوية للعمليات الإنسانية نظرًا لوجود الآلاف من النازحين فيها.
وقال مدير عام الصحة في الولاية، إبراهيم خاطر، في حديثه للجزيرة نت، إن وزارته سجلت 18 قتيلاً وأكثر من 25 جريحًا في هجمات جديدة نفذتها قوات الدعم السريع على قرى دار سميات شرق الفاشر.
وأشار إلى أن من بين القتلى نساء وأطفال. وأوضح أن، "غالبية الإصابات خطِرة بفعل استخدام أسلحة ثقيلة في مناطق مأهولة بالسكان"، محذرًا من تداعيات ذلك على الوضع الصحي والإنساني في المنطقة.
وضع إنساني صعب
وحذر مكتب الأمم المتحدة المعني بتنسيق الشؤون الإنسانية من أن الحصار المستمر لمخيم زمزم، يفاقم معاناة آلاف المدنيين النازحين الذين يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة بعد أشهر من إعلان المجاعة بالمخيم.
إعلانوقال نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق، في مؤتمر صحفي، أمس الاثنين، إن الأزمة في المخيم تفاقمت خلال شهر رمضان، حيث زادت حدة نقص الغذاء، وارتفعت أسعار السلع الأساسية كثيرا، مما جعل المواد الأساسية غير ميسورة التكلفة بالنسبة لمعظم العائلات.
#عاجل | برنامج الأغذية العالمي: أرغمنا على تعليق توزيع المساعدات في مخيم زمزم بالسودان مع احتدام القتال في المنطقة pic.twitter.com/UqlqdLvjMm
— قناة الجزيرة (@AJArabic) February 26, 2025
وذكر، أن شركاء الأمم المتحدة على الأرض يفيدون بتزايد علامات الجوع في المنطقة، حيث تستمر الهجمات المسلحة على طول الطريق بين زمزم والفاشر، مع الإبلاغ عن وقوع وفيات ومصابين.
وأضاف، أن أحد شركاء العمل الإنساني في زمزم حذر من وجود عبوات ناسفة يدوية الصنع داخل المخيم، ما يشكل أيضا مصدر قلق متزايد.
واستدرك، على الرغم من التحديات الكبيرة في الوصول، تقدم فرق العمل الإنساني الغذاء والماء والرعاية الطبية العاجلة، لكن الاحتياجات تفوق بكثير الموارد المتاحة.
وبحسب عصام هارون أحد المتطوعين في مخيم زمزم، فإن الحصار المفروض على مدينة الفاشر والمخيمات المجاورة أدى إلى إغلاق العديد من المطابخ الجماعية التي كانت تقدم المساعدات الإنسانية للمحتاجين.
وقال للجزيرة نت، إن هذه الخطوة تمثل ضربة قاسية للجهود المبذولة في إنقاذ الأرواح.
ويواجه المتطوعون تحديات متزايدة، ليس فقط نتيجة لإغلاق المطابخ، بل أيضًا بسبب الهجمات المتزايدة عليهم من قوات الدعم السريع.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، تفرض قوات الدعم السريع حصارًا على مدينة الفاشر التاريخية.
وفي مايو/أيار الماضي، تصاعدت حدة المعارك في محاولة للسيطرة على الفاشر، ولكنها واجهت مقاومة قوية من الجيش وحلفائه.
إعلانوكانت الدعم السريع قد بدأت في الأول من ديسمبر/كانون الأول الماضي بشن هجمات بالمدفعية الثقيلة على مخيم زمزم، مستندة إلى مزاعم بوجود عناصر من القوة المشتركة للحركات المتحالفة مع الجيش داخل المخيم.