ما أهداف زيارة رئيس حكومة النظام السوري إلى إيران؟
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
تثير الزيارة التي يجريها رئيس حكومة النظام السوري، حسين عرنوس، على رأس وفد اقتصادي لإيران، تساؤلات بشأن أهدافها غير المعلنة، خاصة أنها تأتي في توقيت تشهد فيه المنطقة زيادة في التوتر على خلفية الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة.
وخلال الزيارة، وقع النظام السوري وإيران اتفاقيات للتبادل التجاري بالعملتين الوطنيتين، وإعادة تأهيل مصافي النفط السورية، بالإضافة إلى مذكرات تفاهم ضريبية وجمركية.
وأكدت مصادر النظام، السبت، أنه "جرى التوقيع على ملحق اتفاقية التجارة الحرة السورية الإيرانية الموقعة بين البلدين في 2011"، إلى جانب مذكرات تفاهم للتعاون بين مصرف سوريا المركزي والمصرف المركزي الإيراني، ومذكرات تفاهم أخرى في مجال السياحة والتعاون في مجال الآثار والمتاحف والرياضة.
وعن الجانب الإيراني، أكد رئيس ديوان الرئيس الإيراني للشؤون السياسية، محمد جمشيدي، أن المحادثات تشمل "التعاون الاقتصادي المكثف في مجالات الجمارك والمصارف ومناطق التجارة المشتركة والسياحة والطاقة وإمدادات الطاقة".
ما أهداف الزيارة؟
وعن أهداف الزيارة، يقول الخبير والباحث الاقتصادي يونس الكريم، لـ"عربي21"، إن إيران تريد تأكيد نفوذها "الإداري" في سوريا، بعد تثبيت وجودها العسكري، موضحاً أن "عرنوس بمنصبه يمثل مؤسسات الدولة".
أما على الصعيد الاقتصادي، يعتقد الباحث أن زيارة عرنوس تهدف كذلك إلى وضع حلول لمشكلة الديون الإيرانية المستحقة على النظام السوري، ويضيف أن "إيران تريد إحكام السيطرة على المزيد من الاستثمارات، وكذلك تريد إنشاء بنية اقتصادية مستقلة من خلال المناطق الحرة للتحكم بالموانئ الجافة في سوريا".
وفي السياق ذاته، يقول الباحث الاقتصادي رضوان الدبس، إن إيران تعد من أقوى الشركاء الاقتصاديين للنظام السوري، وطهران اليوم تعتبر المتنفس شبه الوحيد لاقتصاد النظام، لذلك من الطبيعي ألّا تتوقف الزيارات الاقتصادية المتبادلة بين الجانبين.
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف الدبس أن إيران قدمت للنظام في العقد الأخير الكثير من القروض وخطوط الائتمان وشحنات النفط، واليوم تحاول استرجاع بعض ديونها من خلال الحصول على عقود استثمارية طويلة الأمد، وكل ذلك يحتاج إلى ترتيب اقتصادي، وهذا ما يجري في الزيارات.
لكن المستشار الدولي هادي دلول رفض في حديثه لـ"عربي21" الحديث عن ديون إيرانية على النظام السوري، وقال: "الزيارة معتادة، علماً أن الوفود الاقتصادية الإيرانية والسورية تجري زيارات دورية".
وكانت وثائق مسربة من قبل مجموعات معارضة إيرانية أكدت أن مجموع ما أنفقته إيران منذ العام 2011 تجاوز 50 مليار دولار، في حين أن الاتفاقيات التي تم إبرامها مع النظام السوري لاستعادة هذه الأموال لا تتجاوز 18 مليار دولار، لكن لم تعلق أي مصادر إيرانية رسمية على دقة الوثائق.
إيران تترقب انفتاحاً على النظام
من جانب آخر، أشار الباحث الاقتصادي رضوان الدبس إلى ما يبدو تسريعاً من جانب إيران لوتيرة النشاط الاقتصادي في سوريا، وقال: "قد يُفسر ذلك زيادة الانفتاح العربي على النظام، خاصة بعد تعيين الأخير سفيراً له في المملكة العربية السعودية، والأنباء عن إجراء مماثل من قبل الرياض، مطلع العام الجديد".
واعتبر أن طهران تترقب تحسناً على الصعيد السياسي في سوريا، وهو ما يمكنها من جني المكاسب الاقتصادية.
ولفت الدبس إلى تصريح رئيس حكومة النظام حسين عرنوس من طهران، الذي قال فيه إن "دمشق ستحاول بالتأكيد أن تجعل إيران الشريك الرئيسي والدولة الأولى في إعادة إعمار سوريا".
وعلى حد تأكيد الباحث المختص بالشأن الإيراني مصطفى النعيمي، تحاول إيران الهيمنة على مصادر الثروة في سوريا لأسباب عديدة، أهمها تحصيل ثمن شحنات النفط للنظام السوري بشكل مستمر.
ويضيف لـ"عربي21" أن إيران ماضية في تعزيز مكتسباتها في سوريا، من خلال إبرام الصفقات الاقتصادية لتمكين وصولها إلى سوريا، وخلق مصادر تمويل لمشروعها طويل الأمد.
يذكر أن حسين عرنوس التقى، السبت، رئيس مجلس الشورى الإسلامي، محمد باقر قاليباف، في مبنى البرلمان، وقالت وكالة "مهر" للأنباء إن قاليباف استقبل عرنوس في مراسيم رسمية أقيمت في مبنى البرلمان بالعاصمة طهران.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية النظام السوري حسين عرنوس اتفاقية التجارة الإيرانية إيران النظام السوري اتفاقية التجارة حسين عرنوس سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری على النظام فی سوریا
إقرأ أيضاً:
مسؤول أممي يدعو لبدء عملية التعافي الاقتصادي في سوريا دون انتظار رغم العقوبات
شدد الأمين العام المساعد في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عبد الله الدردري على ضرورة إطلاق عملية التعافي الاقتصادي في سوريا من دون انتظار رفع العقوبات عنها، داعيا إلى "نتائج سريعة" تنعكس على حياة السوريين اليومية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الدردري قوله على هامش زيارته دمشق إن العقوبات هي من أبرز التحديات التي تواجهها السلطات الجديدة في عملية البناء وإعادة الإعمار عقب الإطاحة بنظام الأسد.
وقال الدردري إن رفع العقوبات هو "أمر يجب أن نعمل عليه، وفي الوقت نفسه يجب أن نبدأ عملية التعافي الاقتصادي حتى في ظل العقوبات".
وأضاف "انتظار رفع العقوبات لن يجدي، يجب أن نعمل بالتوازي"، متابعا "عندما تتاح الخطة الواضحة والأولويات الواضحة وعندما يتم رفع العقوبات التمويل سيتدفق على سوريا".
وتكرر السلطات السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع الدعوة إلى رفع العقوبات التي فُرضت في عهد نظام بشار الأسد، لإنعاش الاقتصاد المنهك جراء النزاع.
وخففت بعض الأطراف -بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي– بعض هذه العقوبات، لكنها رهنت القيام بخطوات أكبر باختبار أداء السلطات الجديدة في مجالات عدة، مثل مكافحة "الإرهاب" وحماية حقوق الإنسان والأقليات.
إعلانوحذر تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة في فبراير/شباط الماضي من أنه في ظل معدلات النمو الاقتصادية الحالية لن تتمكن سوريا من استعادة مستوى الناتج المحلي الإجمالي لفترة ما قبل ثورة 2011 قبل حلول العام 2080.
وقدرت المنظمة الدولية مجمل خسائر الناتج المحلي بنحو 800 مليار دولار خلال نحو 14 عاما من انطلاق الثورة.
معدل الفقروأبرز التقرير أن 9 من كل 10 سوريين يعيشون اليوم تحت خط الفقر، وأن واحدا من كل 4 عاطل عن العمل، في حين انخفض الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من نصف مستواه في عام 2011.
كما أظهر التقرير تراجع مؤشر التنمية البشرية -الذي يشمل الصحة والتعليم ومستوى المعيشة- إلى ما دون مستواه في 1990، وهو ما يعادل أكثر من 30 عاما من التقدم التنموي المهدر بسبب الحرب.
ورأى الدردري أن "الخسارة الكبرى في الاقتصاد السوري هي خسارة الفرق ما بين ما كان يجب عليه أن يكون الاقتصاد السوري سنة 2025 وأين هو الآن".
وتابع "كان من المفترض أن يصل الاقتصاد السوري إلى ناتج محلي إجمالي بنحو 125 مليار دولار في عام 2025 مقارنة بـ62 مليارا عام 2010، نحن اليوم لا نتجاوز 30 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي".
نتائج سريعةواعتبر الدردري أن أولى مراحل التعافي هي "الإنجازات السريعة التي يشعر بها المواطن، مثل بناء مستوصف أو افتتاح محل حلاقة أو مركز رياضي".
ونبّه إلى ضرورة أن يعمل المجتمع المدني على توسيع نشاطه لتقديم الخدمات للمساهمة مع السلطات، وتحسين خدمات الحكومة بشكل سريع" لكي يشعر "المواطن بأن الشوارع أنظف، وحركة السيارات والمرور أفضل"، خصوصا في هذه الظروف الصعبة، وفق تعبيره.
وأسفر النزاع في سوريا عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص ونزوح الملايين.
وأكدت الأمم المتحدة مطلع مارس/آذار الماضي أن أكثر من 900 ألف نازح داخل سوريا عادوا إلى ديارهم منذ الإطاحة بالأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
إعلانورأى الدردري أن "التدمير المادي" الذي تعرضت له سوريا كان ضخما جدا، والجزء الأكبر كان "في قطاع السكن، 375 ألف منزل دمرت بالكامل وأكثر من 1.5 مليون منزل تضررت جزئيا".
إعادة الإعماروقدّر الدردري تكلفة إعادة بناء هذه المنازل بعشرات مليارات الدولارات، لافتا إلى أنه في ظل تراجع التمويل الدولي للتنمية منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض "لا بد من اجتراح أدوات تمويلية جديدة وفعالة من أجل أن يتمكن السوريون من العودة إلى منازلهم وبنائها".
ومن المقرر أن يشارك وفد سوري يضم وزيري الخارجية والمالية وحاكم المصرف المركزي الأسبوع المقبل في اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن.
وأكد مصدر مواكب للاجتماعات أن البحث سيشمل كيفية مواكبة عملية إعادة الإعمار والنهوض بالاقتصاد السوري، وهي عملية يتطلب تحقيقها "مسارا طويلا".
وبحث الدردري في دمشق مع مسؤولين سوريين التعاون بين الحكومة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وردا على سؤال عن تبدل عمل البرنامج في سوريا بعد الإطاحة بالأسد، قال المسؤول الأممي إنه خلال الحرب كانت الأولوية لعمل المنظمات الإنسانية "أما الآن فنحن في المقعد الأمامي إلى جانب السائق وخلفه، والسائق هو الحكومة".
وأكد الدردري -وهو المدير المساعد ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية- أن برنامج الأمم المتحدة وضع "مخططا للطاقة ومستقبل الطاقة في سوريا"، وقدّم نحو 30 مليون دولار لتطوير دير علي الواقعة جنوب دمشق، وهي إحدى أهم محطات إنتاج الطاقة الكهربائية في سوريا.