منتدى الدوحة يناقش حلولا مبتكرة لحاجات النساء الحرجة بمناطق النزاع
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
سلطت جلسة نقاشية بمنتدى الدوحة الذي انطلق أمس الأحد ويختتم اليوم الاثنين، الضوء على التحديات الصحية التي تواجه النساء في أماكن النزاع، وركز النقاش على ضرورة إيجاد حلول مبتكرة تلبي الاحتياجات الصحية الحرجة للنساء، وذلك من خلال توفير الوصول الشامل للرعاية الصحية، واستخدام التكنولوجيا الصحية وتنفيذ برامج التوعية.
وشارك في الجلسة التي حملت عنوان "استكشاف الحلول المبتكرة لتلبية الاحتياجات الصحية الحرجة للنساء في حالات النزاع"، رئيسة مجلس إدارة الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا روزلين موراوتا، والمدير الإقليمي المنتخب لإقليم شرق المتوسط/ منظمة الصحة العالمية حنان بلخي، والرئيس التنفيذي لمؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية (ويش) سلطانة أفضل، ورئيسة منظمة الطوارئ غير الحكومية روسيلا ميتشيو، والمدير العام لصندوق قطر للتنمية خليفة جاسم الكواري.
وأكد المشاركون أن المرأة في مناطق النزاع تعد هدفا رئيسيا للعديد من المخاطر الصحية، بما في ذلك نقص الرعاية الصحية الأساسية، وارتفاع معدلات الوفيات النسائية، والعنف الجنسي والجسدي، ونقص الإمكانيات والموارد الصحية.
وأكدت روزلين موراوتا أن استكشاف الحلول المبتكرة لتلبية الاحتياجات الصحية الحرجة للنساء في أماكن الصراع يعد أمرا حيويا، مشددة على ضرورة التعامل مع هذه التحديات الصحية بشكل جاد وفعال.
وتشير رئيسة مجلس إدارة الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، إلى أن تكنولوجيا الرعاية الصحية تلعب دورا هاما في تحسين حياة النساء بأماكن النزاع، مضيفة أنه "يجب أن نستثمر في استخدام التكنولوجيا الصحية المبتكرة لتحقيق تقدم حقيقي في تلبية احتياجاتهن الصحية الحرجة".
وتنوه موراوتا لأهمية برامج التوعية باعتبارها تلعب دورا حاسما في تعزيز الصحة والوعي الصحي بين النساء، داعية إلى ضرورة العمل على تعزيز هذه البرامج وتوفير الموارد اللازمة لتحقيق أقصى فائدة منها.
ومن جهتها أوضحت رئيسة منظمة الطوارئ غير الحكومية روسيلا ميتشيو أن النساء في حالات النزاع تواجه مخاطر صحية كبيرة، بما في ذلك العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والأمراض المنقولة جنسيا، والحمل غير المرغوب فيه، والولادة غير الآمنة، مشيرة إلى أن هذه المخاطر يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة على صحة النساء وصحتهن الإنجابية، بما في ذلك الوفيات والإصابات والعقم.
ولفتت إلى أن المنظمات الإنسانية تواجه تحديات كبيرة في تلبية الاحتياجات الصحية الحرجة للنساء في حالات النزاع، وأبرزها الوصول المحدود إلى الرعاية الصحية، ونقص الموارد المالية، والقيود المفروضة من قبل الأطراف المتحاربة.
وإلى جانب استخدام التكنولوجيا كأحد الحلول المبتكرة في تلبية الاحتياجات الصحية الحرجة للنساء في حالات النزاع، فإن ميتشيو تؤكد أهمية التعاون مع المجتمعات المحلية حيث يمكن أن يساعد التعاون في ضمان أن تكون الخدمات الصحية ملبية لاحتياجات النساء المحلية.
حلول مبتكرةوضربت رئيسة منظمة الطوارئ غير الحكومية بعض الأمثلة للحلول المبتكرة التي تم تنفيذها لتلبية الاحتياجات الصحية الحرجة للنساء في حالات النزاع:
في سوريا، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) تطبيقا للهاتف المحمول يسمى "صحة الأم والطفل"، ويقدم التطبيق معلومات صحية عن الحمل والولادة ورعاية الطفل. في جنوب السودان، تستخدم منظمة الصحة العالمية طائرات بدون طيار لتوصيل الأدوية والمستلزمات الطبية إلى المجتمعات النائية التي تعاني من النزاع. في جمهورية الكونغو الديمقراطية، تعمل منظمة "أطباء بلا حدود" مع المجتمعات المحلية لإنشاء مراكز صحية متنقلة توفر الرعاية الصحية للنساء والفتيات.من جانبه أكد مدير صندوق قطر للتنمية خليفة جاسم الكواري أن "الصحة مصدر قلق في حياة كل فرد، وأن توافر الرعاية الصحية حق أساسي من حقوق الإنسان"، مشيرا إلى أنه رغم ذلك فإن هناك العديد من النساء يتعرضن للموت بسبب مشاكل يمكن الوقاية منها أثناء الحمل ورعاية الأطفال، ويتم تشخيصهن بشكل متأخر عن الرجال، لافتا إلى أن "تزايد عدم المساواة في الصحة يعطل حياة الناس وسبل عيشهم".
ويوضح الكواري في حديثه للجزيرة نت، أنه رغم التقدم الكبير الذي تم إحرازه، لا تزال ملايين النساء في وضع صعب مع عدم كفاية فرص الحصول على الرعاية الصحية، مشددا على أن تلبية احتياجات المرأة الصحية وتحسين المساواة بين الجنسين ليس فقط ضرورة أخلاقية؛ ولكنه حل ذكي شامل للمجتمعات وتحقيق الازدهار الاقتصادي.
ويضيف أن صحة المرأة تضع الأساس لأطفالها وصحة أسرتها ومجتمعها المحلي على مدى الأجيال، وتعزيز عملها ضد عدم المساواة بين الجنسين.
وأكد الكواري أن صندوق قطر لديه التزام واضح تجاه معالجة الأمراض المعدية، مع التركيز على النهوض بصحة المرأة منذ إنشاء الصندوق وتقديم خدماته لمكافحة الإيدز عام 2012 حتى نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مضيفا أن صندوق قطر للتنمية ساهم بأكثر من مليار دولار في أكثر من 55 بلدا في أفريقيا وآسيا، إضافة للتعاون مع العديد من الكيانات الأخرى في قطاع الصحة.
وأكد أن الصندوق يدرك أهمية الشراكة الإستراتيجية عند معالجة التحديات الصحية عالميا، ويؤمن بقوة التكنولوجيا في تقديم الرعاية الصحية. ولفت إلى أن النساء في أماكن الصراعات يتأثرن أكثر من الآخرين، فضلا عن احتياجهن لمستلزمات مهمة يتم تجاهلها مجتمعيا بسبب الأعراف والتقاليد، موضحا أن الصندوق يدرس هذه الاحتياجات لتوفيرها للنساء في أماكن النزاع.
وفي هذا الصدد، يوضح الكواري أن دولة قطر أقامت العديد من المشاريع في أماكن النزاع، سواء في أفغانستان واليمن وسوريا، وكان التركيز الأكبر فيها على النساء بسبب الدور الاجتماعي لهن باعتبارهن الشريحة الأكثر تحملا للأعباء والمسؤوليات والواجبات الأسرية، لا سيما في حال تعرض الزوج أو الأب للقتل أو الإصابة أثناء الصراعات.
وشدد مدير صندوق قطر للتنمية على ضرورة التوعية بالاحتياجات الصحية للنساء في ظل تعرضها للعنف الجسدي والجنسي أثناء الحروب، مشيرا إلى أن هذه التوعية من شأنها أن تدفع الجهات الفاعلة والمعنية إلى البحث عن جذور المشكلات وإيجاد حلول لها.
وإلى جانب المخاطر التي تتعرض لها النساء في أماكن الصراع، تحدثت الرئيس التنفيذي لمؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية (ويش) سلطانة أفضل عن حماية الأطفال خلال الصراعات. وقالت للجزيرة نت: إن حماية صحة الأطفال في أماكن النزاعات تصبح أكثر صعوبة عندما يصعب الوصول إلى العاملين في مجال الرعاية الصحية والأدوية.
وتابعت "يُعد تأثير إصابات الانفجارات على الأطفال أمرا خطيرا للغاية، لذا أعدت منظمة إنقاذ الطفولة دليلا لإصابات الانفجارات هدفه تزويد العاملين في مجال الرعاية الصحية بالمعلومات الأساسية عن كيفية علاج ضحايا النزاعات من الأطفال. وتمت ترجمة هذا الدليل إلى اللغة العربية بواسطة قمة ويش وتم توزيعه في سوريا وقطاع غزة".
وعن الوضع في غزة التي تتعرض لعدوان إسرائيلي منذ 66 يوما، تقول أفضل: "لا يوجد في غزة الآن ما يكفي من العاملين في مجال الرعاية الصحية، ولا إمكانية الوصول إلى الدواء، لذا نعمل حاليا على ترجمة أحدث بطاقة تم إعدادها من قبل منظمة إنقاذ الطفولة وشركائها، وهي بطاقة مكونة من صفحتين للمستجيبين العاديين للسماح لهم بمعالجة النزيف الذي يهدد الحياة في مكان الإصابة -وبالتالي توفير المعلومات والرسومات التوضيحية الأساسية التي يسهل على أي شخص اتباعها، حيث يعد النزيف الذي يهدد الحياة أبرز مسببات الوفاة الذي يمكن تفاديه ضمن إصابات النزاعات.
وإلى ذلك أكدت المدير الإقليمي المنتخب لإقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية حنان بلخي أن النساء في أماكن الصراعات يواجهن تحديات كبيرة في الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والمأوى، كما أنهن يتعرضن للعنف والاستغلال الجنسي، مما يزيد من مخاطر صحتهن الجسدية والنفسية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المساواة بین الجنسین صندوق قطر للتنمیة الحلول المبتکرة الرعایة الصحیة بما فی ذلک إلى أن
إقرأ أيضاً:
معلومات الوزراء يستعرض تقرير منظمة العمل الدولية حول تأثير الرقمنة على سوق العمل
سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الضوء على التقرير الصادر عن منظمة العمل الدولية (ILO) بعنوان "مواكبة التحوّل الرقمي وثورة الذكاء الاصطناعي في أسواق العمل العربية: الاتجاهات والتحديات والفرص"، والذي أكد أن الرقمنة والذكاء الاصطناعي، المدعومان بالاستثمارات وتدابير السياسات الفعالة، لهما تأثير إيجابي على الوظائف والنمو في منطقة الدول العربية، كما أبرز التقرير ضرورة اعتماد البلدان لسياسات شاملة لا تترك أحدًا يتخلف عن الركب في الانتقال إلى الاقتصاد الرقمي.
أكد التقرير أيضاً أن ما يقرب من 14.6% من الوظائف بالمنطقة (ما يعادل حوالي 8 ملايين وظيفة) يمكن أن تستفيد من التعزيز الناتج عن الذكاء الاصطناعي، حيث تُعزّز التكنولوجيا العمل البشري بدلًا من أن تُحلّ محلّه.
في المقابل، يُحتمل أن تُصبح حوالي 2.2% من الوظائف (ما يقارب 1.2 مليون وظيفة) في جميع أنحاء المنطقة مُعرّضة لخطر الأتمتة نتيجة الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وبحسب تقرير منظمة العمل الدولية، تستفيد دول مجلس التعاون الخليجي من مرونة اقتصادية نسبية وارتفاع معدلات التوظيف، غير أن أسواق عملها تبقى مجزأة بفعل الاعتماد الكبير على العمالة الوافدة والنفط.
وفي هذا السياق، تسعى هذه الدول إلى تنويع اقتصاداتها نحو قطاعات غير نفطية مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والسياحة، والطاقة المتجددة، إلا أنّ الحاجة لا تزال قائمة لمزيد من الجهود لتوسيع الفرص أمام المواطنين وتسريع وتيرة التقدم.
وأبرز التقرير أن التحول الرقمي يمثّل فرصة كبرى يمكن أن تعزز التنويع الاقتصادي والابتكار وخلق فرص العمل، لكنه في الوقت نفسه ينطوي على مخاطر واضحة. فإذا أُدير بشكل شامل، فقد يفتح المجال أمام تمكين النساء والشباب والفئات الهشة، أما إذا غابت البنية التحتية القوية والمهارات والحوكمة، فإن الرقمنة قد تؤدي إلى تعميق التفاوتات وتجزئة أكبر لسوق العمل.
بيّن التقرير أن دول مجلس التعاون الخليجي أحرزت تقدمًا ملحوظًا في استغلال الرقمنة لتقليل الاعتماد على النفط، مستفيدة من استثمارات ضخمة في التكنولوجيا والبنية التحتية ومنظومات الابتكار. وتتمتع هذه الدول بانتشار شبه شامل للإنترنت، وأنظمة متقدمة للأمن السيبراني، واعتماد واسع للخدمات الحكومية الإلكترونية. وتدخل التقنيات الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، في مجالات التجارة الإلكترونية والرعاية الصحية والتعليم والتكنولوجيا المالية، فضلًا عن دعم الابتكار في المدن الذكية والتقنيات الخضراء. ومع ذلك، تختلف وتيرة التقدم بين دول المجلس.
وأشار التقرير إلى أنّ الدول غير الخليجية تنظر إلى الرقمنة باعتبارها محركًا محتملًا للنمو والإدماج، خصوصًا عبر دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال وتعزيز الاندماج في سلاسل القيمة الإقليمية والعالمية. غير أن هذه الدول تصطدم بعوائق كبيرة مثل ضعف البنية التحتية، والفجوات في الأمن السيبراني، والاضطرابات السياسية والاقتصادية، رغم وجود نماذج مشجعة في الأردن ولبنان في مجالات التجارة الإلكترونية والمدفوعات الرقمية والخدمات العامة الإلكترونية.
لفت التقرير الانتباه إلى أنّ التكنولوجيا أعادت صياغة التوظيف على مدى العقود، حيث خلقت وظائف جديدة وألغت أخرى. واليوم، يعجّل التحول الرقمي السريع المدفوع بتطورات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الذكاء التوليدي والنماذج اللغوية الكبيرة، هذه التحولات بشكل غير مسبوق.
كما يسلط التقرير الضوء على تفاوتات حادة بين الفئات الديموغرافية، حيث تشغل النساء أكثر من ثلاثة أضعاف نسبة الوظائف المعرضة لخطر الأتمتة بسبب الذكاء الاصطناعي التوليدي (5.3%) مقارنةً بالرجال (1.6%)، وهو ما يعكس تركيز النساء في الأدوار المكتبية الروتينية. ومع ذلك، يُتوقع أن تستفيد النساء أكثر من غيرهن من إمكانات التمكين الناتجة عن الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث يُحتمل أن تُحسّن تقنيات هذا الذكاء 22.7% من الوظائف التي تشغلها النساء مقارنةً بـ 13% من الوظائف التي يشغلها الرجال. والجدير بالذكر أنه حتى بعد مراعاة إمكانات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية في خلق فرص عمل جديدة، من المتوقع أن تواجه النساء فرص عمل أقل بحلول عام 2035 ما لم توضع سياسات مُصمّمة لمعالجة أوجه عدم المساواة بين الجنسين ولتعزيز توظيف المرأة بشكل فعّال.
أوضح التقرير أنه من المرجح كذلك أن يستفيد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا من اعتماد الذكاء الاصطناعي، لا سيما في المهن الجديدة المعتمدة على التكنولوجيا، بينما يواجه العمال الأكبر سنًا الذين تزيد أعمارهم عن 55 عامًا مخاطر إقصاء أكبر بسبب تحديات إعادة تأهيل المهارات، كما تواجه فئات أخرى، مثل العمال ذوي المهارات المحدودة والمهاجرين واللاجئين والأشخاص ذوي الإعاقة، خطر التخلف عن الركب ما لم يحصلوا على دعم مُستهدف.
وأوضح التقرير في ختامه مجموعة من التوصيات، من بينها: ضرورة الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وبناء قوة عاملة ماهرة وتعزيز التعلم المستمر، وتطوير نظم حماية اجتماعية وخدمات توظيف فعالة، وتحسين نظم معلومات سوق العمل، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مسار الرقمنة، مع وضع أطر تشريعية وتنظيمية شاملة، وتعزيز الحوار الاجتماعي، وأخيرًا توسيع التعاون الإقليمي والدولي في مجال الرقمنة والذكاء الاصطناعي.