بينما تتصاعد حملات المقاطعة الشعبية للمنتجات والخدمات التابعة لشركات أو دول داعمة للاحتلال الإسرائيلي، تواصل حكومات عربية علاقاتها التجارية مع الكيان الصهيوني، دون مؤشرات على احتمال استخدام هذه العلاقات للضغط عليه لوقف حرب مدمرة يشنها على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 5 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية وترتبط باتفاقيات تجارية مع إسرائيل، التي تحتل منذ عقود أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان.

وتواصل مصر، التي ترتبط مع غزة بمعبر رفح البري، استيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل؛ لتلبية جزء من الطلب المحلي، وتصدير الفائض على شكل غاز طبيعي مسال إلى أوروبا بشكل أساسي، عبر مصانع التسييل في مدينتي إدكو ودمياط، بطاقة إنتاجية 2.1 مليار قدم مكعب يوميا.

وبلغ متوسط الاستيراد المصري اليومي للغاز من إسرائيل في الشهور التسعة الأولى من العام الجاري 837 مليون قدم مكعب يوميا، مقارنة بـ575 مليون قدم مكعب يوميا خلال الفترة المماثلة من العام الماضي، بحسب ما نقلته وكالة "بلومبرج" عن مسؤول حكومي مصري لم تكشف عن هويته.

وبعد اندلاع الحرب على غزة، هوت واردات مصر من الغاز الإسرائيلي إلى 150 مليون قدم مكعب يوميا نهاية أكتوبر الماضي، قبل أن ترتفع إلى 350 مليون قدم مكعب يوميا مطلع ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

وللمرة الأولى، بدأت مصر استيراد الغاز من إسرائيل في عام 2020، عبر صفقة بقيمة 15 مليار دولار.

وعلى الرغم من ارتباط مصر بمعاهدة سلام مع إسرائيل منذ عام 1979، إلا أن الشعب المصري يرفض التطبيع مع دولة الاحتلال، وهو ما تجسد في حملة المقاطعة الراهنة لمنتجات و/ أو خدمات أي شركة يتردد أنها تدعم إسرائيل.

وبينما اتهمت القاهرة إسرائيل بعرقلة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ بداية الحرب، اتهم مصريون حكومة بلدهم بالرضوخ لتل أبيب وعدم السماح بتدفق المساعدات إلى القطاع عبر معبر رفح المصري- الفلسطيني.

ويشن جيش الاحتلال حربا مدمرة على غزة، خلّفت حتى مساء أمس الأحد 17 ألفا و997 شهيدا و49 ألفا و229 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.

وفي غزة يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني يعانون حتى من قبل الحرب الراهنة أوضاعا كارثية؛ جراء حصار إسرائيلي متواصل للقطاع منذ أن فازت حركة "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.

اقرأ أيضاً

إيران تعبر عن امتعاضها لاستضافة الإمارات لرئيس إسرائيل في قمة المناخ

خضار وغاز

ومنذ اندلاع الحرب، لم تتوقف رحلات تجار إسرائليين إلى منطقة الأغوار الأردنية، وهي سلة غذاء المملكة، وذلك للتعاقد على شراء كميات كبيرة من الخضار، بينها الطماطم والخيار، لتعويض ما كانت تنتجه مستوطنات محيط قطاع غزة، وفقا لما نقلته وكالة "قدس برس" عن مصدر مطلع.

وردا على اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى، شنت "حماس" في 7 أكتوبر الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في محيط قطاع غزة.

وقتلت "حماس" في هجومها نحو 1200 إسرائيلي وأصابت حوالي 5431 وأسرت قرابة 239 بادلت العشرات منهم، خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، مع الاحتلال الذي يحتجز في سجونه 7800 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.

وقال المصدر، لم تكشف الوكالة عن هويته، إن "عدم تمكن دولة الاحتلال من جني محاصيل غلاف غزة ونقص العمالة دفعها للتوجه إلى الأردن لتأمين احتياجاتها، وقد تعاقد تجار إسرائيليون مع سمامرة (وسطاء) أردنيين لشراء منتجات زراعية".

المصدر شدد على أنه في المقابل "انعكس التصدير إلى دولة الاحتلال سلبا على المواطن الأردني؛ إذ ارتفعت أسعار الخضار في الأسواق المحلية إلى مستويات غير مسبوقة".

ووفقا لوزارة الزراعة في الأردن، الذي يرتبط بمعاهدة سلام مع الاحتلال منذ عام 1994، فإن صادرات المملكة إلى إسرائيل من الخضار تبلغ 1300 طن شهريا، من أصل 12 ألفا و500 طن تُصدر خارج الأردن.

وخلال الأسبوع الماضي، استوردت إسرائيل 500 طن طماطم من الأردن و700 طن من تركيا، بعد ارتفاع أسعارها في السوق الإسرائيلية؛ إذ لا يلبي المعروض سوى 30% من احتياجات السوق، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أمس الأحد.

لكن إسرائيل، وفقا للصحيفة، قررت تقليل الاعتماد على السوق التركية في المستوردات؛ بعد تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المنتقدة لإسرائيل بحدة على خلفية حربها في غزة، على أن تعتمد بدلا من ذلك على السوق الأردنية.

ومثل مصر، يستورد الأردن الغاز الطبيعي مع إسرائيل، لكن عبر اتفاقية بقيمة 10 مليارات دولار.

اقرأ أيضاً

مع تراجع المخاطر.. زيادة تدفقات الغاز الإسرائيلي إلى مصر 60%

تجارة وسلاح

وفي عام 2020 وبوساطة أمريكية، وقَّعت كل من الإمارات والبحرين والمغرب اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وتبعتها سلسة من الاتفاقيات الثنائية المكثفة في مجالات متعددة بينها التجارة، على الرغم من الرفض الشعبي في هذه الدول للتطبيع.

وبعد عامين فقط، تجاوزت قيمة التبادلات التجارية بين الإمارات وإسرائيل 2.5 مليار دولار، باستثناء المنتجات المعلوماتية والخدمات، ما وضع الدولة الخليجية في المرتبة 16 بين أكبر الشركاء التجاريين لدولة الاحتلال.

فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين البحرين إسرائيل في العام نفسه نحو 20 مليون دولار فقط، وتسعى المنامة إلى توقيع اتفاقية تجارة حرة مع تل أبيب كتلك التي وقَّعتها الأخيرة مع أبوظبي.

وفي العام ذاته، بلغ حجم التبادل التجاري بين المغرب وإسرائيل 500 مليون دولار، وزار 200 ألف سائح إسرائيلي المملكة، بحسب أرقام رسمية إسرائيلية.

وإلى جانب تجارة مع إسرائيل، تتجاوز وفقا لتقديرات 30 مليار دولار سنويا، اشترت دول عربية في العام الماضي 25% من إجمالي صادرت أسلحة إسرائيلية قياسية بلغت 12.5 مليار دولار.

ويرى مراقبون أن إلغاء اتفاقيات التعاون، لاسيما التجاري، بين هذه الدول العربية وإسرائيل من شأنه أن يخلق ضغوطا شديدة على اقتصاد إسرائيل وربما يدفعها إلى تغيير في سياساتها، وفي المقابل سيشجع الدول العربية على تعميق التعاون البيني، بدلا من الاعتماد على دولة الاحتلال.

اقرأ أيضاً

حتى لو طالت حرب غزة.. مصر والأردن بحاجة شديدة لغاز إسرائيل

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: شعوب العرب مقاطعة إسرائيل حكومات تجارة ملیون قدم مکعب یومیا دولة الاحتلال ملیار دولار إسرائیل فی مع إسرائیل

إقرأ أيضاً:

خبير: إسرائيل تواصل عدوانها على الأراضي السورية تحت ذرائع واهية

قال الخبير السياسي محمد صادق، إن إسرائيل تواصل عدوانها على الأراضي السورية تحت ذرائع أمنية واهية، وتوسع عملياً سيطرتها العسكرية على أجزاء من الجنوب السوري.

وأضاف أنه بعد 4 أشهر من سقوط نظام الأسد لم تسلم البلاد من الاجتياحات البرية والغارات الجوية، وهو ما ينذر بتحويل المنطقة العازلة إلى أرض محتلة، وإفراغ الاتفاقيات الدولية السابقة من مضمونها.

إعلام عبري: إسرائيل ستواصل التفاوض مع حماس مع استمرار الحربباحث: إسرائيل لديها أهداف فى لبنان تريد استكمالها بالحربأستاذ علوم سياسية: إسرائيل وكالة خاصة لتشجيع الفلسطينين على الهجرةأستاذ علوم سياسية: إسرائيل تستأنف الحرب حتى النهاية ولن تتوقف

وأضاف صادق، خلال بيان صادر عنه أن إسرائيل لم تكتف بقصف جميع مقدرات الجيش السوري السابق من أنظمة دفاع جوي وصواريخ وقوى برية وبحرية، بل تجاوزت ذلك إلى احتلال قرى في محافظتي القنيطرة ودرعا، في انتهاك صارخ لاتفاقية فصل القوات لعام 1974.

واوضح أن الأخطر هو تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، بأن بلاده لم تعد ملزمة بالاتفاقية بعد سقوط نظام الأسد، وهو تبرير يفتقر إلى الشرعية الدولية، ويكشف النوايا التوسعية.

مناشدة المجتمع الدولي للتحقيق

وتابع صادق، أن وزارة الخارجية السورية ناشدت المجتمع الدولي للتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية ووقف إعتداءاتها المستمرة على سوريا، مشيرةً إلى أن الهجمات الأخيرة جزء من سياسة ممنهجة لتهجير المدنيين وفرض وقائع جديدة على الأرض.

وأضاف أنه استشهد 7 سوريين وأصيب آخرون في الأول من أمس جراء توغل إسرائيلي تبعه قصف مكثف على بلدة كويا في ريف درعا الغربي، وأدى الى نزوح أهالي البلدة هرباً من الموت.

وأوضح صادق، أنه بينما تستمر الضغوط الأمريكية في مجلس الأمن لتعطيل أي إجراء جاد تجاه الإعتداءات الإسرائيلية، أعرب بوليانسكي نائب مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، خلال جلسة مجلس الأمن، عن إدانة موسكو للضربات التي يشنها الجيش الإسرائيلي، التي أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من 20 شخصا خلال الأيام الأخيرة، في الوقت الذي أضاف فيه أن لقيادة السورية الجديدة أعلنت مرارا عن استعدادها لبناء علاقات سلمية مع جميع جيرانها دون استثناء، إذ تعمل إسرائيل بأفعالها على شطب هذا الموقف وتعزيز أصوات القوى المتطرفة داخل سوريا، وأن هذا لن يؤدي إلى تعزيز أمن إسرائيل على المدى الطويل.

وأكد صادق، أن الولايات المتحدة باعتبارها الداعم الأهم لإسرائيل وفي الآونة الأخيرة لسياسة نتياهو فيما يتعلق بغزة وسوريا ولبنان، فإنها لن تحرك ساكناً بما يكبح جماح الإسرائيليين في سوريا، على العكس من روسيا، التي يهمها استقرار سوريا نظراً لوجود قواعدها الجوية والبحرية فيها، مضيفا أن موسكو قادرة على ضبط الساسة الإسرائيليين إذا ما كان هناك تعاون متبادل ما بين الحكومة السورية الجديدة وروسيا.

واستطرد:" سوريا أبدت استعدادا للتفاوض مع روسيا في محاولة لتعويض الخسائر التي تكبدتها البلاد خلال النزاع المسلح، خصوصا في مجالات إعادة البناء والاستثمارات، وأنه لم يقتصر الروس والسوريون على مناقشة القضايا الاقتصادية فقط بل امتدت المحادثات لتشمل تعزيز الروابط العسكرية بين البلدين".

علاقات تعاون بين البلدين

وقال إن هناك مؤشرات بالفعل على بناء علاقات تعاون مهمة ما بين البلدين في الفترة الأخيرة، وأن من أبرز هذه المؤشرات، تقديم موسكو نحو 23 مليون دولار للعملة السورية إلى البنك المركزي في دمشق الشهر الماضي، وهي خطوة أثارت قلق بعض الدول الغربية التي تتجنب دعم الاقتصاد السوري بسبب المخاوف من العقوبات، مضيفا أن المفاوضات بين روسيا وسوريا بدأت في يناير الماضي، بعد وصول نائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف، ومبعوثها الخاص إلى سوريا لافرينتيف، حيث ناقشا مستقبل القواعد العسكرية الروسية في حميميم وطرطوس، إلى جانب فرص الاستثمار في حقول الغاز والموانئ السورية. 

وأشار إلى أنه بعد المكالمة الهاتفية بين فلاديمير بوتين وأحمد الشرع في الفترة الانتقالية، سافر وزير الخارجية السوري إلى موسكو لمناقشة إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في عهد الأسد، بما في ذلك المشاريع التي تم تعليقها مثل بناء ميناء طرطوس وتطوير امتيازات الغاز الطبيعي في سوريا.

ولفت إلى أنه سبق وأن قال المتحدث باسم الكرملين بيسكوف، إن روسيا ترغب برؤية سوريا دولة موحدة ومزدهرة ومتطورة وصديقة، في الوقت الذي أكد فيه على دعم موسكو لسلامة الأراضي السورية، مضيفا أن بلاده تسعى من أجل استقرار سوريا والمنطقة بأسرها، محذرا من أن زعزعة استقرار أو تفكك أحد دولها قد يؤدي إلى نتائج سلبية على المنطقة بأكملها، قائلاً: "نريد أن نرى سوريا دولة موحدة ومزدهرة ومتطورة وصديقة.. ونحن على اتصال مع دول أخرى بشأن سوريا ومستعدون لمواصلة هذا التعاون".

مقالات مشابهة

  • الخزعلي: مشروع تقسيم سوريا يُنفذ بأيادٍ عربية لخدمة إسرائيل
  • خبير: إسرائيل تواصل عدوانها على الأراضي السورية تحت ذرائع واهية
  • كوريا الجنوبية: تخصيص 6.8 مليار دولار لمواجهة حرائق الغابات وتهديدات التجارة
  • كوريا الجنوبية تخصص 6.8 مليار دولار لمواجهة حرائق الغابات وتهديدات التجارة
  • كوريا الجنوبية تعتزم تخصيص 6.8 مليار دولار لمواجهة حرائق الغابات وتهديدات التجارة
  • حزب الله: لن نقبل أن تواصل إسرائيل استباحة لبنان
  • حزب الله يؤكد أنه لا يمكن أن يقبل أن تواصل إسرائيل استباحة لبنان
  • الهيئة العامة للنقل: أكثر من 26 مليون شحنة خلال رمضان 1446هـ بنمو 18% عن العام الماضي
  • بنسبة نمو 18 % عن العام الماضي.. شركات نقل الطرود تنقل أكثر من 26 مليون شحنة وطرد بريدي خلال رمضان الجاري
  • فلسطين: إسرائيل تواصل استخدام أسلحة فتاكة ومتفجرة في غزة