شراء الهدوء.. كيف استغلت حماس خطة نتنياهو؟ وما علاقة قطر؟
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
اعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن استمرار تدفق الأموال القطرية على غزة من شأنه أن يشتري للاحتلال "الهدوء" مع القطاع، ويبقي تركيز حركة "حماس" على الحكم وليس القتال، لكن كل هذا انهار في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ذلك ما كشف عنه مارك مازيتي ورونين بيرجمان، في تقرير مطول بصحيفة "ذا نيويورك تايمز" الأمريكية (The New York Times) ترجم "الخليج الجديد" خلاصته، نقلا عن أكثر من عشرين مسؤولا إسرائيليا وأمريكيا وقطريا حاليين وسابقين، بالإضافة إلى مسؤولين من حكومات شرق أوسطية أخرى.
وردا على اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى، شنت "حماس" في 7 أكتوبر الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في محيط قطاع غزة.
وقتلت "حماس" في هجومها نحو 1200 إسرائيلي وأصابت حوالي 5431 وأسرت قرابة 239 بادلت العشرات منهم، خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، مع الاحتلال الذي يحتجز في سجونه 7800 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.
وقالت الصحيفة إن قطر ولسنوات كانت ترسل ملايين الدولارات شهريا إلى غزة، وهي أموال ساعدت في دعم حكومة "حماس"، ولم يتسامح نتنياهو مع هذه المدفوعات فحسب، بل شجعها.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، وصل رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية (الموساد) ديفيد بارنيا إلى العاصمة القطرية الدوحة، لعقد اجتماع مع مسؤولين قطريين، وسُئل بارنيا آنذاك: هل تريد إسرائيل أن تستمر المدفوعات؟، فرد: نعم لا تزال الحكومة الإسرائيلية ترحب بالأموال القادمة من الدوحة.
اقرأ أيضاً
صدمة البنتاجون.. تحقيق مطول عن هزيمة حماس لتكنولوجيا إسرائيل
أهداف إنسانية
وكان للأموال القطرية أهداف إنسانية، مثل دفع رواتب الحكومة في غزة وشراء الوقود للحفاظ على تشغيل محطة توليد الكهرباء، كما أضافت الصحيفة.
ويعيش في غزة نحو 2.4 مليون فلسطيني يعانون حتى من قبل الحرب الراهنة أوضاعا كارثية؛ جراء حصار إسرائيلي متواصل للقطاع منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.
الصحيفة استدركت: "لكن مسؤولي المخابرات الإسرائيلية يعتقدون الآن أن الأموال القطرية كان لها دور في نجاح هجوم 7 أكتوبر، ولو من باب أن التبرعات سمحت لحماس بتحويل بعض ميزانيتها الخاصة نحو العمليات العسكرية".
وتابعت أن "المخابرات قدرت منذ فترة طويلة أن قطر تستخدم سرا قنوات أخرى لتمويل (كتائب القسام) الجناح العسكري لحماس".
غير أن مسؤولا قطريا قال إنه "لا أساس من الصحة لأي محاولة لإلقاء ظلال من عدم الشك بشأن الطبيعة المدنية والإنسانية لمساهمات قطر وتأثيرها الإيجابي".
اقرأ أيضاً
جيروزاليم بوست: حماس مارست "خداعا مثاليا" للاستخبارات الإسرائيلية
مقامرة نتنياهو
والسماح بمدفوعات لـ"حماس"، بلغت مليارات الدولارات على مدى نحو عقد من الزمن، كانت مقامرة من نتنياهو، الذي اعتقد أن من شأنها "شراء الهدوء" من الحركة، وفقا للصحيفة.
ويقول منتقدو نتنياهو إن هذه الأموال هي جزء من استراتيجية تمر الآن بعملية إعادة تقييم قاسية في أعقاب هجوم "حماس". فيما وصف نتنياهو الإيحاء بأنه حاول تمكين حماس بـ"السخيف".
وقال مسؤول في مكتب نتنياهو إن "حكومات إسرائيلية متعددة سمحت بوصول الأموال إلى غزة لأسباب إنسانية، وليس لتقوية حماس".
وشدد على أن "رئيس الوزراء نتنياهو عمل على إضعاف حماس بشكل كبير، وقاد ثلاث عمليات عسكرية قوية ضد الحركة".
وقال الصحفي الإسرائيلي دان مارجاليت إن نتنياهو أبلغه في ديسمبر/ كانون الأول 2012 بأنه من المهم الحفاظ على قوة "حماس" كثقل موازن للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وأن وجود خصمين قويين يقلل الضغط على إسرائيل للتفاوض من أجل إقامة دولة فلسطينية. لكن مسؤولا في مكتب نتنياهو نفى أن يكون الأخير قد أدلى بهذا التصريح.
غير أن منتقدي نتنياهو يقولون إن نهجه في التعامل مع "حماس" كان في جوهره يرتكز على أجندة سياسية ساخرة، وهي الحفاظ على هدوء غزة كوسيلة للبقاء في السلطة دون معالجة تهديد حماس أو الاستياء بين الفلسطينيين.
وبينما اعترف قادة الجيش والمخابرات الإسرائيليين بالمسؤولية عن إخفاقات أدت إلى هجوم "حماس"، يرفض نتنياهو أن يعترف بتحمله مسؤولية في هذا الشأن، ويلقي اللوم على الجيش والمخابرات.
وتتصاعد تقديرات داخل إسرائيل بأن تحقيقات مرتقبة بشأن المسؤولية عن إخفاق 7 أكتوبر من شأنها أن تنهي الحياة السياسة لتنياهو، وهو أطول رئيس وزراء بقاءً في السلطة في تاريخ دولة الاحتلال، وحكم لمدة 13 عاما خلال الأعوام الـ15 الأخيرة.
وفي ما تبدو محاولة لتفادي هذه النهاية، يُصر نتنياهو على استمرار حرب مدمرة يشنها جيش الاحتلال على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، على أمل إنهاء حكم "حماس" المتواصل لغزة منذ صيف 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة، التي تؤكد أنها تقاوم الاحتلال المستمر لفلسطين منذ عقود.
وحتى مساء أمس الأحد، خلّفت الحرب الإسرائيلية في غزة 17 ألفا و997 شهيدا و49 ألفا و229 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
اقرأ أيضاً
يعرف نقطة ضعفها.. صحيفة أمريكية: هكذا يضغط السنوار على إسرائيل
المصدر | مارك مازيتي ورونين بيرجمان/ ذا نيويوك تايمز- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: خطة نتنياهو حماس قطر أموال غزة
إقرأ أيضاً:
مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة تواجه تعنت مجرم الحرب نتنياهو
يمانيون ـ تقرير| عبدالعزيز الحزي
رغم الجهود المبذولة عربياً وأمريكياً لإنجاح مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزّة والظروف التي تمر بها المنطقة، لكن يبدو أن المحاولة تشبه سابقاتها وستفشل وسيستمر العدوان على غزّة، لأن مجرم الحرب رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو تمكّن من “تفخيخ” هذه المفاوضات بمطلب أساسي وهو الوقف المؤقت وليس الدائم لإطلاق النار، الأمر الذي سيُمكّنه من العودة إلى العدوان بعد تبادل الأسرى.
ويؤكد الكثير من الخبراء أن نتنياهو لا يريد وقف الحرب، وكان واضحاً منذ البداية أن شرط استكمال الحرب بعد انتهاء فترة الهدنة أساسي ولا عودة عنه، وللتأكيد عليه، تحدّثت معلومات عن طلبه ضمانة خطّية من الولايات المتحدة تؤكّد “حقه” بالعودة إلى القتال بعد انتهاء تبادل الأسرى، وبالتالي بات جلياً أن الكيان الصهيوني الغاصب يُريد الاستمرار حتى تحقيق أهداف بعيدة الأمد في غزّة.
وفي هذا السياق، كشف رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الصهيوني السابق تامير هيمان، السبت، عن الخطوط العريضة لمبادرة أمريكية محتملة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وفيما يتعلق بالاتفاق المحتمل بشأن هدنة في غزة وتبادل أسرى، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك ساليفان: “نتطلع إلى إبرام اتفاق لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة”، وذكر أن “التوصل إلى اتفاق في غزة بات أمرا ملحا من أجل إطلاق سراح الرهائن”.
واعتبر أن “موقف حماس عدّل نفسه بعد وقف إطلاق النار في لبنان، وذلك لأنها انتظرت منذ أشهر الجهات الفاعلة لنجدتها”، في تبنٍ مباشر للرواية الصهيونية.
ذكر أنه “منذ اللحظة التي توصلنا فيها إلى وقف إطلاق النار (بلبنان)، كان للمفاوضات طابع مختلف، ونعتقد أن هذا قد وضعنا على الطريق نحو إتمام الاتفاق”.
وأضاف ساليفان: إن “اتفاق وقف إطلاق النار، سيسمح بإطلاق سراح الرهائن، وإدخال المساعدات الإنسانية لغزة”.. معتبراً أن “اغتيال “إسرائيل” قادة في حماس، قد ساعد أيضا في وضع محادثات وقف إطلاق النار على المسار الصحيح لتحقيق نتائج”، علما بأنه لا جديد بشأن اغتيال أي من قادة الحركة، خلال الآونة الأخيرة.
وتابع: “أعتقد أننا اقتربنا مرة أخرى من صفقة لإطلاق الرهائن، وسنواصل العمل للتوصل إليها سريعا” مؤكدا أنه سيتوجه للدوحة والقاهرة، لسد الثغرات النهائية بشأن صفقة غزة، وقال: “عندما أزور الدوحة والقاهرة، سيكون هدفي هو التوصل لاتفاق، خلال هذا الشهر”.
وأشار ساليفان إلى أنه “بعد اجتماعي مع رئيس الحكومة الصهيونية، لدي شعور أنه مستعد للتوصل لاتفاق”.. مُشدداً على أن “كل يوم يأتي بمخاطر متزايدة، وهناك حاجة ملحة لإبرام الاتفاق”.
ويعتقد المراقبون أن الكيان الصهيوني سيكرر تعنته مع كل مفاوضات، ويتزامن تعنته مع مرونة من “حماس” لإنجاح المفاوضات، وضغط ومحاولات تذليل عوائق من الوسيطين قطر ومصر، لكن أفخاخ نتنياهو كانت كالأرانب، يُخرجها من قبعته كلما تقدّمت المحادثات وتذيّلت عوائق، فتارة يُثير مسألة محور فيلادلفيا، وطوراً محور نتساريم، ليؤكّد أن الكيان الصهيوني هو الطرف الذي يُعرقل نجاح المفاوضات، لا “حماس”.
ولا يُمكن نعي الاتفاق من اليوم، ومن المرتقب أن تستمر المحادثات، لكن بعض المراقبين يقولون إن “الضرب بالميت حرام”، في إشارة إلى أن مُحاولات التوصّل إلى اتفاق “شبه ميت”، حتى أن نتنياهو نعاها حينما نقلت عنه هيئة البث الصهيونية “تشاؤمه” بشأن إمكانية إتمام صفقة التهدئة في غزة وقوله: إنه “لا يوجد احتمال كبير لنجاحها”.
ويري المراقبون، أن نتنياهو المُهدّد بالفشل السياسي والملاحقة القضائية فور انتهاء الحرب ليس مستعجلاً لوقف إطلاق النار، لا بل يُريد الاستمرار في مُحاولة لتحصيل أي مكاسب سياسية وعسكرية تحمي مستقبله، وهذه المكاسب قريبة وبعيدة الأمد، منها ما هو مرتبط بمُحاولة تدمير الحد الأقصى من قدرات “حماس”، ومنها ما هو مرتبط بـ”اليوم التالي” لغزّة ومعادلات الرد ضد إيران.
كما يرى المراقبون أن إفشال نتنياهو مفاوضات الهدنة سيعني العودة إلى التصعيد، ومن الواضح أن نتنياهو يُريد التصعيد الإقليمي ولا يخشاه، لأن فرص تفاديه متاحة أمامه لكنه رافض تماماً لكل الاقتراحات التهدئة، لا بل يسعى للتصعيد، وقد صدرت تعليمات صهيونية لزيادة حدّة القتال في غزّة.
إذاً، المنطقة ستصبح على صفيح ساخن جداً، لن يُبرّده التفاؤل الأمريكي، ومن المرتقب أن يعود الحديث عن تصعيد واحتمال وقوع اشتباك إقليمي أوسع ولن يكون بمنأى عن الحريق الذي سيحمل نتائج مدمّرة على غزّة والكيان الغاصب وعواصم عربية أخرى.
المصدر: وكالة سبأ