تمكن فريق بحثي بقيادة علماء من جامعة أوريغون الأميركية من التوصل إلى حيلة بسيطة يمكنها توفير أطنان من القهوة عالميا؛ المشروب الذي يُستهلك منه نحو ملياري فنجان يوميا، ويؤمن أكثر من 125 مليون وظيفة ما بين عامل بسيط في حقول البن، وصولا إلى مدير أحد فروع شركات القهوة الشهيرة.

وبحسب الدراسة التي نشرها هذا الفريق في دورية "ماتر"، فإن احتكاك حبوب البن الجافة مع بعضها البعض أثناء الطحن يؤدي إلى توليد كهرباء ساكنة تتسبب بتجمع جزيئات القهوة معا والتصاقها ببعضها البعض وبالمطحنة.

رشة ماء

وأجرى الباحثون عددا من التجارب لتقليل تلك الخاصية، حيث قاموا بقياس كمية الكهرباء الساكنة المنتَجة عند طحن حبوب البن بمختلف أنواعها، وفي سياق ظروف مختلفة مثل درجة التحميص ودرجة الرطوبة ودرجة الخشونة وآلية الطحن نفسها.

واكتشف الباحثون أن هناك رابطا واحدا فقط كان ذا علاقة بهدر القهوة في آلات الطحن، وهو الرابط بين رطوبة حبات البن وكمّ الكهرباء الساكنة الناتج والمتسبب بالتصاق القهوة، فكلما كانت كمية الرطوبة أكثر كانت الكهرباء الساكنة أقل.

إضافة كمية صغيرة من الماء لحبوب البن أثناء الطحن قلل الكهرباء الساكنة وخفّض من التصاق الحبوب بالماكينة (شترستوك)

وبحسب الدراسة، فإن إضافة كمية صغيرة من الماء (رشة صغيرة) لحبوب البن أثناء الطحن قلل الكهرباء الساكنة بشكل واضح، وبالتبعية خفّض من التصاق الحبوب بماكينة الطحن.

وإلى جانب ذلك، ظهر أن رش الماء على حبوب البن رفع من جودة القهوة، بحيث يمكن أن تصل إلى تركيزات أعلى من النكهات المفضلة بنسبة 10 إلى 15% لنفس كتلة القهوة.

وقام الباحثون بتجربة هذه الطريقة في تحضير الإسبريسو (قهوة إيطالية الصنع مُركزة وقاتمة اللون)، ووجدوا أن الطحن بالماء أدى إلى وقت استخلاص أطول ومشروب أقوى.

والغريب في الأمر أن استنتاج تلك العلاقة جاء مبنيا على جانب من علوم البراكين، فالباحث الرئيسي للدراسة هو متخصص علوم البراكين من جامعة أوريغون يهتم بدراسة البرق الناتج أثناء ثورانها، وهو ينتج بنفس طريقة تكون الكهرباء الساكنة أثناء طحن القهوة.

ففي أثناء ثوران البراكين، تتفتت الصهارة إلى الكثير من الجزيئات الصغيرة التي تخرج بعد ذلك من البركان، وخلال هذه العملية تحتك تلك الجزيئات ببعضها البعض ويتم شحنها بالكهرباء حتى ينتج البرق، وهذا هو ما يحدث أثناء طحن القهوة، حيث تتحول لجزيئات صغيرة تحتك معا لإنتاج الكهرباء.

حجم سوق صناعة القهوة يبلغ أكثر من 100 مليار دولار سنويا ويؤمّن أكثر من 125 مليون وظيفة (شترستوك) مشكلة القهوة

بحسب الدراسة، فإن هذه التحسينات في طريقة طحن القهوة سيكون لها آثار اقتصادية هائلة على صناعة القهوة، وهي سوق يبلغ حجمها أكثر من 100 مليار دولار سنويا.

ويأتي ذلك في سياق آخر أكثر أهمية، حيث تواجه القهوة مشكلات كبيرة حاليا بسبب التغير المناخي، فمع احترار الكوكب تُزهر أشجار البن في غير موعدها وتتحمل درجات أكبر من الإجهاد مما يقلل إنتاجها وجودتها.

وإلى جانب ذلك فإن ارتفاع متوسط درجات الحرارة عالميا يجعل أراضي القهوة بيئة خصبة للكثير من مسببات المرض. ومع موجات الحر والجفاف التي تزداد في الوتيرة والشدة بسبب تغير المناخ، فإن نسبا هائلة من المحصول تُباد عاما بعد عام.

وترى الدراسات في هذا النطاق أن 60% من أنواع البن البري في العالم معرضة لخطر الانقراض بسبب تغير المناخ، وهو ما يعرض القهوة بالكامل للانقراض، وحتى لو لم يحدث ذلك، فإن العلماء يؤكدون أن جودة القهوة ستنخفض مع الزمن، وستصبح النكهات المميزة أندر وبالتبعية أغلى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: أکثر من

إقرأ أيضاً:

وصيّة مهرة بنت فارس النعمانيّة الساكنة قرية الأفلاج

قد تكون نظرية المركز والأطراف حاضرة فـيما أبقته لنا المدونة التاريخية العُمانية، ونعني بذلك أن مراكز الحكم من الحواضر الكبرى وجوارها هي التي نالت شيئًا من التدوين التاريخي، بينما بقيت القرى والبلدات النائية عن تلك الحواضر طيَّ النسيان، فلا تكاد تجد ذكرًا لبعضها حتى بمجرد الإشارة ولو فـي بيت من الشعر أو فـي نص من غير كتب التاريخ.

يطالعنا كتاب (قاموس الشريعة) - وهو كتاب موسوعي فـي الفقه ألفه أبو محمد جُمَيِّل بن خميس بن لافـي السعدي (ت:1278هـ) - بجواب طويل منقول عن الفقيه العالم سعيد بن بشير الصبحي (ت:1150هـ) أحد أبرز الفقهاء فـي عهد اليعاربة، وصورة الجواب تعليقاتٌ منه على نص وصية لامرأة من بلدة الأفلاج التي تتبع اليوم ولاية المضيبي بالشرقية من عمان. ويظهر أن الوصية عُرِضت عليه فـي صيغتين سابقة ولاحقة، فجاءت بعض تعليقاته على ما فـي الصيغتين أحيانًا إن كان بينهما اختلاف، وأول تعليقاته على اسم الموصية الذي جاء مختلفًا بين «مهرة» و«سلامة» وأول نص جواب الصبحي: «(أوصت مهرة) - وفـي موضع: (سالمة)- وهي امرأة واحدة، فهذا لا يضرّ إذا صحّ أنّها تدعى بهما جميعا، ولا يبين لي فـي هذا الموضع اختلاف، (بنت فارس بن سعيد النعمانيّة، الساكنة الأفلاج)». ولئن كانت وصية مهرة أو سالمة بنت فارس بن سعيد النعمانية معروضة على الفقيه الصبحي الذي عاش فـي آخر القرن الحادي عشر حتى نحو سنة 1150هـ فهذا يؤكد أن بلدة الأفلاج عامرة قبل ذلك الزمان، وأن الموصية وقومها هم سُكّان تلك البلدة حينذاك.

وخلاصة ما جاء فـي الوصية ما يوصى به للجَهاز حتى الدفن، ثم وصية الأقربين الذين لا يرثون، ثم الحقوق والواجبات، والكفارات، والضمانات. والنقد المتداول المذكور فـي الوصية: اللاريّة، والمحمديّة، والشاخة، وقد تقدم فـي مقالة سابقة أن اللاريّة نقد فارسي من الفضة سُمِّي نسبة إلى مملكة لار بسواحل فارس، ولعل المحمدية نقدٌ أصغر وأقلَّ قيمة، والشاخة أصغرها كلها، ومما جاء فـي الوصية: «وبثماني محمديات فضة لربيبيها سالم ومسعود ابني سعيد بن مسعود النعمانيين من ضمان عليها لهما»، «وبمحمدية فضة من مالها لإصلاح فلج بوحمار من قرية الأفلاج، من ضمان لزمها منه»، «وبِسِتِّ شاخات لإصلاح فلج بوحمار، والمسجد الجامع، والمسجد الحدري»، «وبمحمدية فضّة من مالها؛ لإصلاح الفلج الحنظلي من قرية سناو من ضمان لزمها منه». أما الربيبان هنا فهما ابنا زوجها من غيرها، وأما الأفلاج والأماكن المذكورة فهي معروفة، إذ فلج بوحمار بقرية الأفلاج معروفٌ باسمه حتى اليوم، وتنص عليه جملة من صكوك البيع والشراء القديمة، وكذا فلج الحنظلي فـي سناو. ولفظ: «الحدري» المضاف إلى أحد المسجدين معناه عند أهل الشرقية: الجنوبي، أي هو واقع فـي القرية من الجنوب، وممن جاء ذكره فـي آخر الوصية زوجها سيف بن عامر بن عبدالله، ووصيها سعيد بن مسعود، ويُحتمَل أن هذا الأخير أحد ربيبَيْها المذكورَين: سالم ومسعود ابني سعيد بن مسعود النعمانيين.

مقالات مشابهة

  • منظمة إسلامية: مصرع أكثر من 700 مصل أثناء صلاة الجمعة إثر انهيار مساجد بسبب زلزال ميانمار
  • الخضيري: تناول رواسب القهوة ليس له أي ضرر بل يجعلها صحية أكثر
  • متبقيات المبيدات يفحص أكثر من 1200 عينة في أول وثاني أيام أجازة عيد الفطر
  • إطلاق أشغال إنجاز أكبر محطة لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية بغارا جبيلات
  • روسيا: انقطاع الكهرباء عن أكثر من 9 آلاف مستهلك في منطقة بيلجورود
  • روسيا: انقطاع الكهرباء عن أكثر من 9 آلاف مستهلك في منطقة بيلجورود نتيجة هجمات أوكرانية
  • خبراء "الفاو" يحلون بتونس لتقييم مدى انتشار الجراد الصحراوي جنوب البلاد
  • يا ليلة العيد أنستينا| «الوقفة» روحانيات وفرحة.. علماء: تتميز بالبهجة والسعادة أكثر من العيد
  • اليمن يسلم "اليونسكو" ملف "البن" لإدراجه ضمن قائمة التراث العالمي
  • وصيّة مهرة بنت فارس النعمانيّة الساكنة قرية الأفلاج